4 سلوكيات يومية للحفاظ على الذاكرة الحادّة

عمليات «التحصيل» و«التخزين» و«الاسترجاع» أهم وسائل تأمينها

4 سلوكيات يومية للحفاظ على الذاكرة الحادّة
TT

4 سلوكيات يومية للحفاظ على الذاكرة الحادّة

4 سلوكيات يومية للحفاظ على الذاكرة الحادّة

الذاكرة الحادّة من أجمل وأغلى القدرات التي يمتلكها المرء، ذلك أن بها يتمكن أحدنا من التعلم والتفاعل والنجاح والاستمتاع بجوانب حياته النفسية والبدنية والصحية والأسرية والاجتماعية والوظيفية والترفيهية. ولذا يحتاج الإنسان معرفة ما يُساعده في الحفاظ على كفاءة عمل قدراتها.
الذاكرة قدرة معقدة يمتلكها الإنسان، وحدّة الذاكرة تعتمد على كفاءة حصول 3 عمليات رئيسية في التعامل مع المعلومات المسموعة أو المرئية أو المقروءة أو المحسوسة، وهي: عملية «التحصيل» وعملية «التخزين» وعملية «الاسترجاع». وامتلاك الذاكرة الحادّة يتطلب من المرء «بذل الجهد» في تكوين «لياقة عالية» للذاكرة لديه، وذلك عبر العناية بإجراء عملية التحصيل، والجودة العالية في عملية التخزين، وإتقان كيفية إجراء عملية الاسترجاع. وعند الخلل في إجراء إحدى هذه العمليات، أو جميعها، تضطرب لدى المرء الذاكرة.

سلوكيات الذاكرة
ودون الإكثار من ذكر جميع ما ثبت علمياً جدواه في تحسين الذاكرة، قد يكون من العملي والأسهل تطبيقاً، التركيز على 4 سلوكيات يومية للحفاظ على ذاكرة حادة، دعمت نتائج الدراسات الطبية جدواها وتعتمد على الجهود الذاتية للمرء نفسه، وهي كالتالي:
> التغذية الدماغية. تبدأ الخطوة الأهم في تكوين ذاكرة حادة، من نوعية مكونات الغذاء اليومي الذي ينتقيه المرء. وثمة كثير من الدراسات الطبية التي جمعت لنا من نتائجها ملامح نمط التغذية الدماغية المفيدة.
> نمط تغذية البحر المتوسط (Mediterranean diet)، وهو من أفضل التغذية الدماغية المفيدة، الذي يتميز باحتوائه على تشكيلة من المنتجات الغذائية الطبيعية، وتغليب تناول الفواكه والخضراوات (خصوصاً الورقيات) والأسماك الدهنية والروبيان والمكسرات وزيت الزيتون والبقول وحبوب القمح الكاملة غير المقشرة (Whole - Grain)، وتقليل تناول منتجات الألبان الدسمة واللحوم الحمراء والسكريات والملح.
ودعمت نتائج الدراسات الطبية الواسعة على مدار العشرين عاماً الماضية، جدوى هذا النظام الغذائي في الحد من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، ومتلازمة التمثيل الغذائي، والخرف، ورفع مستوى الصحة العقلية. وضمن مراجعة علمية منهجية للدراسات الطبية التي بحثت في العلاقة بين تأثير التغذية في تدهور القدرات الذهنية والعقلية، والتي قام بها باحثون إيطاليون وتم نشرها في عدد 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي من مجلة علم الأعصاب الغذائي (Nutritional Neuroscience)، قال الباحثون: «تم إجراء بحث منهجي للدراسات التي قيّمت تأثير حمية البحر المتوسط، وأظهرت النتائج أنها تلعب تأثيراً وقائياً ضد التدهور المعرفي، ومرض ألزهايمر، ومرض باركنسون الشلل الرعاشي».
> أطعمة مهمة. وإضافة إلى الحرص على شرب كميات كافية من الماء، هناك أنواع معينة من الأطعمة ذات التأثيرات الإيجابية على تدفق الدم بكفاءة إلى الدماغ، وعلى سهولة تكوين المركبات العصبية الحيوية لعمل خلايا الدماغ والتواصل فيما بينها، ودعم البناء الهيكلي لخلايا الدماغ ووقايتها من التأثر سلباً بعوامل التقدم في العمر والتلف.
ومنها: ثمار الأفاكادو، وأنواع الفواكه التوتية (Berries)، ودهون أوميغا - 3 من مصادرها الطبيعية على وجه الخصوص (وليس الكبسولات الدوائية) كالأسماك والروبيان واللوبستر، والشوكولاته الداكنة الغنية بمضادات الأكسدة، والبيض، ولبن الزبادي الغني بالبكتيريا الصديقة، وزيت الزيتون البكر، والكركم، ومكسرات الجوز والفستق، والطحالب البحرية، والقهوة. هذا مع تقليل تناول السكريات والدهون المتحولة والشحوم الحيوانية وملح كلوريد الصوديوم.

اللياقة البدنية
> التمارين الرياضية. ممارسة الرياضة البدنية في الطبيعة والهواء الطلق من عوامل بناء ذاكرة قوية. ولاحظت عدة دراسات علمية أن التمارين البدنية تُؤدي إلى زيادة مستوى «العامل العصبي المشتق من الدماغ» (BDNF) في الدم لدى الإنسان، وهي مادة بروتينية تقوّي الخلايا العصبية ومحاور الخلايا العصبية (Axons)، وتقوّي الروابط بين الخلايا العصبية وتنشّط تكوين الخلايا العصبية (Neurogenesis)، خصوصاً في منطقة «الحصين» (Hippocampus) الدماغية، التي هي أحد أهم مراكز الذاكرة في الدماغ.
والمطلوب لصحة الذاكرة ليس التمارين البدنية الشديدة، بل يتحقق ذلك من خلال المشي لمدة نحو ساعتين في كامل أيام الأسبوع. وكلما زادت شدة التمارين البدنية وتنوعت وزادت مدة ممارستها، كان ذلك أفضل. ويقول البروفسور بيتر ج. سنايدر، أستاذ علم الأعصاب بكلية ألبرت الطبية بجامعة براون: «بالفعل، يمكن أن تؤدي ممارسة تمارين الإيروبيك الهوائية القلبية إلى ظهور روابط جديدة بين الخلايا العصبية في منطقة الحصين الدماغية».
وضمن عدد 17 سبتمبر (أيلول) الماضي من مجلة الجينات (Genes)، قدم مجموعة باحثين إيطاليين نتائج مراجعتهم تأثيرات ممارسة الرياضة البدنية على الذاكرة والدماغ، وقالوا: «أظهر كثير من الدراسات أن ممارسة التمارين البدنية يمكن أن تسهم في تأخير شيخوخة الدماغ ومرض ألزهايمر. والأهم من ذلك أن ممارسة التمارين البدنية تعمل على تحسين عمليات الإدراك والوعي الدماغي والذاكرة، ولها تأثيرات مسكنة ومضادة للاكتئاب، بل إنها تستحث الشعور بالراحة».
ومن الدراسات السابقة دراسة الباحثين من جامعة بيتسبرغ وجامعة ولاية أوهايو بعنوان «التمرينات تزيد حجم الحصين وتحسن الذاكرة»، التي نشرت ضمن عدد 15 فبراير (شباط) 2011 من مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (The Proceedings of the National Academy of Sciences)، قال الباحثون: «يتقلص سنوياً حجم منطقة الحصين بالدماغ في مرحلة التقدم بالعمر، ما يؤدي إلى ضعف الذاكرة وزيادة خطر الإصابة بالخرف. ولاحظنا أن حجم منطقة الحصين أكبر في كبار السن المالكين للياقة بدنية أعلى، والتدريب البدني يزيد من تدفق الدم إلى منطقة الحصين ويزيد من حجم الحصين، ما يُعيد تعويض ما تمت خسارته (في مدة سنتين) من حجم منطقة الحصين بفعل التقدم سنتين في العمر، وأثبتنا أيضاً أن تلك الزيادة في حجم الحصين ترتبط بزيادة مستوى العامل العصبي المشتق من الدماغ BDNF».

تحفيز الدماغ
> تحفيز تنشيط الدماغ. ثمة طيف واسع من الوسائل التي بإمكانها تنشيط العمل الذهني للدماغ، وتنشيط قدرات الذاكرة، ورفع مستوى الوعي الذهني؛ منها وسائل تعليمية، كتعلم لغة جديدة، ووسائل يدوية كالعزف على إحدى الآلات الموسيقية، ووسائل ترفيهية كألعاب الكوتشينة وألعاب الكومبيوتر. والجانب الأهم فيها للحصول على فائدتها للذاكرة وعمل الدماغ، هو عدم تسببها في جوانب ذات تأثيرات صحية سلبية. ولذا فإن ممارسة تلك الوسائل مع مراعاة التواصل مع الأصدقاء والتفاعل اللغوي وتقليل فترات الجلوس والكسل البدني، قد يرفع من تنشيط قدرات الذاكرة.
ويقول الدكتور برادفورد ديكرسون، أستاذ مشارك في علم الأعصاب بكلية طب هارفارد: «قد يكون التواصل مع العائلة والأصدقاء مع لعب ورق الكوتشينة جيداً». وألعاب الورق التي تتضمن المشاركة الاجتماعية والتفاعل اللفظي، تخفف الملل والاكتئاب الذي يمكن أن يتسبب بركود الدماغ في كثير من الأحيان.
وكان باحثون من معهد ويسكونسن ألزهايمر قد عرضوا ضمن فعاليات المؤتمر الدولي لجمعية ألزهايمر عام 2014 في كوبنهاغن، دراستهم حول ارتباط ممارسة ألعاب الورق بتحسين الذاكرة وحجم الدماغ. وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين مارسوا ألعاب الكوتشينة في أغلب الأحيان كانت لديهم درجات أفضل في اختبارات الذاكرة ومهارات التفكير. وعلّق حينها الدكتور دوغ براون، مدير البحث والتطوير في جمعية ألزهايمر الخيرية: «هذا البحث يدل على وجود علاقة مثيرة للاهتمام بين حجم مناطق معينة في الدماغ، وأداء الذاكرة، والوقت الذي يقضيه المرء في تحدي الدماغ بالألعاب وحل الألغاز».

الراحة الذهنية
> الراحة والترفيه الذهني والنوم. وفق ما تشير إليه نتائج أبحاث مختبر التصوير العصبي بجامعة جنوب كاليفورنيا، ينشغل الدماغ لدى الشخص العادي (الذي يحتوي على نحو 100 مليار خلية) بنحو 48.6 (ثمانية وأربعين فاصلة ستة) فكرة في الدقيقة، أي نحو 70 ألف فكرة في اليوم الواحد. ويتم تشغيل الأفكار في الدماغ البشري بواسطة ناقلات عصبية مدعومة بكميات وفيرة من الدم المتدفق إلى الدماغ في كل دقيقة. ورغم أن الدماغ يواصل معالجة الأفكار في فترة النوم، فإن الناقلات العصبية التي تتحكم في أفكار الدماغ أثناء النوم تختلف عن تلك التي في فترة اليقظة، وهذا ربما أحد أسباب اختلاف الأحلام عن أفكار الدماغ خلال فترة اليقظة الذهنية.
لذا فإن قضاء الإنسان فترة من الراحة الذهنية هو جانب أساسي وحيوي لضمان عمل الدماغ بكفاءة طوال الوقت. وتتحقق الراحة الدماغية بوسائل عدة؛ من أهمها أخذ قسط كافٍ من النوم، وقضاء أوقات للاسترخاء التأملي، والانشغال بأنشطة ترفيهية تخفف من التفكير والتعب الذهني.
> التأمل الذهني. ويقترح مجمل نتائج الدراسات التي تمت حول استرخاء التأمل الذهني (Mindfulness Meditation) أنه قد يتسبب في حدوث تغييرات طويلة الأجل في الدماغ تعمل على تحسين الذاكرة. وكان مجموعة باحثين إيطاليين قد نشروا دراستهم تحت عنوان «ارتباط التأمل الذهني بالتغييرات طويلة الأمد في البنية الوظيفية لمنطقة الحصين الدماغية أثناء حالة الراحة: دراسة الدماغ المغناطيسي»، ضمن عدد ديسمبر (كانون الأول) الماضي من مجلة الليونة العصبية (Neural Plasticity). وقال الباحثون: «مع الأخذ في الحسبان دور منطقة الحصين الدماغية في عمليات الذاكرة، وفي الفيزيولوجيا المرضية لمرض ألزهايمر، قد يكون للتأمل دور محتمل في قائمة الاستراتيجيات الوقائية». ويقول الدكتور دارما سينغ خالسا، المدير الطبي ورئيس مؤسسة أبحاث ألزهايمر في توكسون: «التأمل يحسن تركيزك وحضورك الذهني، مما يفيد الذاكرة». بالإضافة إلى ذلك، فقد ثبت أن التأمل يقلل من إجهاد التوتر، الذي يمكن أن يُضعف الذاكرة.
> نوم كافٍ. وكذلك الأمر مع «أخذ قسط كافٍ من النوم الليلي»، أي نحو 8 ساعات، حيث يتفق الخبراء الطبيون على أن النوم أحد السلوكيات اليومية المهمة لتحسين الذاكرة. ويعلق الدكتور نيل بارنارد، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، بالقول: «إن النوم هو الوقت الأساسي لعقلك كي يُقوّي الروابط بين الخلايا العصبية فيه». وخلال النوم، يدمج الدماغ الذكريات وينظف نفسه من السموم ونواتج عمليات تفاعلات الأيض الكيميائية ويصلح ويعيد ترتيب نفسه. وبالمقابل ستؤدي قلة النوم الجيد إلى إضعاف الذاكرة وخفض قدرات الإبداع وتقييم الأشياء ودرجة الانتباه.

«على طرف لساني»... نموذج لاضطرابات الذاكرة المحيرة
> في معظم الوقت، تبقى غالبية معلومات الذاكرة طويلة الأمد خارج منطقة «الوعي الفوري» (Immediate Awareness) في الذاكرة لدينا، وعند الحاجة إلى استخدام تلك المعلومة، تتيح له عملية «الاسترجاع» (Retrieval) إعادة دخولها إلى منطقة الوعي (Conscious)، ويصبح المرء قادراً على التعبير عنها أو وصفها.
والنسيان، بوصفه إحدى علامات اضطراب الذاكرة، شيء شائع جداً. وليس سببه الوحيد اضطراب قدرة «إعادة استرجاع» (Retrieval Failure) المعلومات التي تم خزنها في الدماغ، بل كما تضيف الباحثة الأميركية في مجالات الذاكرة الدكتورة إليزابيت لوفتس، ربما الخلل في التشتيت الذهني أثناء مرحلة «تحصيل» المعلومات (FailureInterference)، أو في طريقة «خزنها» وضمان دوام «حفظها» بالدماغ (Failure To Store)، أو حصول النسيان المُحَفّز (Motivated Forgetting) بالرغبة الذاتية لنسيان بعض الذكريات المؤلمة أو المزعجة.
ولدى الإنسان الطبيعي، ثمة أمثلة متعددة لاضطراب استرجاع المعلومات (Memory Retrieval Problem)، ومنها شعور المرء بأنه يعرف الإجابة عن السؤال، ويشعر أن الإجابة «على طرف لساني»، لكنه لا يستطيع أن يتذكرها تماماً. وتُعرف باسم الليثولوجيكا (Lethologica) أو ظاهرة «على طرف لساني» (Tip Of The TonguePhenomenon).
وهناك عدة عوامل تؤثر على كيفية استرداد ذكرى المعلومات، مثل مدى اهتمامنا بها عند تلقيها، ونوع المعلومات المستخدمة، وإشارات سهولة الاسترجاع (Retrieval Cues) الموجودة برفقتها منذ لحظة خزنها. وعلى سبيل المثال، عندما ينشغل ويتشتت الدماغ حين تلقي المعلومة، قد لا يتم خزنها في الذاكرة بشكل صحيح. ولذا من الممكن جداً، ولا يكون بالضرورة نتيجة وجود مشكلة في قدرة ذاكرة الدماغ، أن ينسى أحدنا المكان الذي وضع فيه مفاتيح السيارة أو اسم شخص ذُكر له اسمه أثناء حفلة، لأنه كان منشغلاً ذهنياً بأمور أخرى أثناء وضعه مفاتيح السيارة أو عند سماعه اسم ذلك الشخص في الحفلة. وثمة عدة أشكال لتطبيقات «نظرية التداخل» (Interference Theory) في مشكلة النسيان، لا مجال للاستطراد في عرضها.
كما أظهرت الأبحاث العلمية أن أحد العوامل الحاسمة التي تؤثر في فشل الذاكرة هو الوقت. وغالباً ما يتم نسيان المعلومات بسرعة، خصوصاً إذا كان الإنسان لا يراجعها أو يجربها بنشاط، ومنه قولهم «التكرار يعلم الشطار». ومن أقدم الدراسات حول علاقة النسيان بالوقت، تجارب الدكتور هيرمان إبينجهاوس، المنشورة ضمن مجلة الذاكرة (Memory) عام 1885، ومنها ظهر «منحنى إبينجهاوس للنسيان» (Ebbinghaus Forgetting Curve) لوصف تأثير مرور الوقت على مدى نسيان المعلومات.

الذاكرة... كيف يتم تكوينها؟
ثمة عدة مقترحات علمية لتفسير آليات تكوين الذاكرة وبنيتها ووظيفتها واستخدامها، ومن أحد أكثرها قبولاً «نموذج المرحلة للذاكرة» (Stage Model of Memory)، الذي يحدد وجود 3 مراحل منفصلة للتعامل مع المعلومات في الذاكرة: الذاكرة الحسية (Sensory Memory)، والذاكرة قصيرة المدى (Short - Term Memories)، والذاكرة طويلة المدى (Long - Term Memories).
> الذاكرة الحسية: هي المرحلة الأولى، وخلالها يتم خزن المعلومات الحسية، التي نستقبلها من البيئة حولنا، لفترة وجيزة جداً من الوقت، لا تزيد في الغالب على نصف ثانية للمعلومات المرئية، و4 ثوانٍ للمعلومات السمعية. ثم يُسمح فقط لبعض منها بالمرور إلى المرحلة التالية، وهي الذاكرة قصيرة المدى، والباقي يتم مسحه وإزالته ولا يُمكن أن نتذكره بالمطلق.
> الذاكرة قصيرة المدى. وتضم مجموعة المعلومات التي ندركها أو نفكر فيها حالياً لأننا إما فعلناها أو سمعناها أو رأيناها أو قرأناها للتو، وتُسمى أحياناً باسم ذاكرة العقل الواعي (Conscious Mind). وفيها يتم الاحتفاظ بمعظم المعلومات المخزنة ضمن الذاكرة النشطة لمدة بين 20 و30 ثانية تقريباً. وما يجعلها تبقى هذه المدة في حيّز الذاكرة النشطة هو اهتمامنا الشخصي بها. وكثير من هذه الذكريات الحسية يتم نسيانه بسرعة رغم معايشتنا أحداثها، وقليل منها يسمح لها بالاستمرار في المرحلة التالية وهي الذاكرة طويلة المدى.
> الذاكرة طويلة المدى: وهي مكان التخزين المستمر للمعلومات. وفي علم النفس، يُسمى حيّز الذاكرة طويلة المدى باللاوعي (Preconscious). وعبر السنين، يتراكم في حيّز الذاكرة طويلة المدى جميع المعلومات المخزنة، ولحسن الحظ ولراحة الإنسان تظل مخزونة في حيّز خارج نطاق إدراكنا ومعرفتنا المستمرة بها. ولكن يمكن استدعاؤها واسترجاعها إلى الذاكرة العاملة (Working Memory) ضمن حيّز الوعي لدينا من أجل استخدامها عند الحاجة إليها.
وتظل طريقة ترتيب وخزن المعلومات في الذاكرة طويلة المدى غير مفهومة جيداً، رغم أن الباحثين العلميين يعرفون أن هذه الذكريات مرتبة في مجموعات وأنها في الغالب على هيئة بروتينات. ولذا ثمة آفاق رحبة جداً للبحث العلمي في توسيع معرفتنا بالذاكرة.
وهذا الترتيب لمراحل الذاكرة مفيد جداً للإنسان، لأنه يتضمن حصول كل من:
> استخدام المعلومات الآنية في إتمام إنجاز المهام، مثل النجاح في قيادة السيارة والتنبه لجغرافية الطريق وما حوله من سيارات أخرى وحالة السيارة نفسها، ثم التخلص من غالبية ذلك الكم الكبير من المعلومات والإبقاء فقط على المهم منها في الذاكرة ليتم استخدامه لاحقاً.
> إتاحة الفرصة للتركيز في انتقاء المعلومات التي يود المرء خزنها، أو يدرك العقل أهميتها، لضمان سهولة استرجاعها عند الحاجة. والعامل الأهم في سهولة التخزين هو درجة اهتمامنا الشخصي الذي نلقيه على تلك المعلومة وتقليل تشتت الذهن أثناء ذلك.



طريقة طهي الخضراوات قد تزيد من خطر إصابتك بأمراض القلب

طهي الخضراوات على درجات حرارة عالية قد يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية (رويترز)
طهي الخضراوات على درجات حرارة عالية قد يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية (رويترز)
TT

طريقة طهي الخضراوات قد تزيد من خطر إصابتك بأمراض القلب

طهي الخضراوات على درجات حرارة عالية قد يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية (رويترز)
طهي الخضراوات على درجات حرارة عالية قد يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن طهي بعض الخضراوات في الزيوت على درجات حرارة عالية يمكن أن يؤدي إلى تكوين دهون غير صحية مرتبطة بخطر الإصابة بأمراض القلب.

وبحسب مجلة «نيوزويك»، فإن العلاقة الدقيقة بين الدهون غير الصحية وأمراض القلب محل جدال بين العلماء وخبراء التغذية، ولكنهم يتفقون على أن هناك نوعاً واحدا من الدهون مرتبط بشدة بأمراض القلب، وهو الدهون المتحولة.

ويمكن أن يؤدي تناول الكثير من الدهون المتحولة إلى رفع مستويات الكولسترول الضار (LDL) وخفض مستويات الكولسترول الجيد (HDL) في الدم، لذلك توصي جمعية القلب الأميركية الأشخاص بالحد من كمية الدهون المتحولة التي يتناولونها لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

وكان يعتقد في السابق أن الأطعمة فائقة المعالجة هي المصدر الوحيد لهذه الدهون المتحولة، إلا أن الدراسة الجديدة التي أجراها علماء تغذية في جامعة ميجو باليابان تشير إلى أن هناك مصادر أخرى لهذه الدهون في النظام الغذائي.

وتوصلت الدراسة إلى أن طهي بعض الخضراوات في الزيوت النباتية في درجات حرارة عالية يمكن أن يشجع الزيوت على التحول إلى دهون متحولة.

ووجدوا على وجه الخصوص أن هذا يحدث عندما يتم طهي الثوم والبصل والكراث في الدهون غير المشبعة، مثل زيت الزيتون، في درجات حرارة أعلى من 140 درجة مئوية.

ويمكن لطهي خضراوات أخرى مثل الكرنب والبروكلي والقرنبيط، أن يعزز أيضاً هذه العملية، والتي تسمى التحول المتماثل: عندما تتحول الأحماض الدهنية غير المشبعة الصحية (UFAs) إلى أحماض دهنية متحولة غير صحية (TFAs).

وخلص العلماء إلى أن هذا يرجع إلى أن هذه الخضراوات تحتوي على نسبة عالية من مركبات الكبريت الطبيعية.

وكتبوا في دراستهم، التي نشرت في مجلة «Food Research International»: «لقد وجدنا أن المركبات الغنية بالكبريت في بعض الخضراوات، وهي الأيزوثيوسيانات، الموجودة في الكرنب والبروكلي والقرنبيط، والبولي سلفيد، الموجود في الثوم والبصل والكراث، يمكن أن تولد الدهون المتحولة في درجات الحرارة العالية».

لكنهم أكدوا أن إطلاق الأحماض الدهنية المتحولة في ظل ظروف الطهي العادية ضئيل، مشيرين إلى أن الامتناع التام عن طهي هذه الأطعمة هو تصرف غير سليم.