يعتبر «نوفمبر (تشرين الثاني)» من كل عام، شهر تعزيز صحة الرجال البالغين وتوعيتهم بأهم الأمراض الشائعة التي يتعرضون لها، والتي تشمل الاضطرابات الجنسية والعقم لدى الرجال والأمراض الاستقلابية والأمراض النفسية مثل الاكتئاب وقلة النشاط الجسدي، كما يتم التركيز بشكل خاص على أخطر أنواع السرطان التي تصيب الذكور وهما سرطان البروستاتا وسرطان الخصيتين.
عالميا، قامت أول حملة للتوعية بصحة الرجل في أستراليا ونيوزيلندا في عام 2004، وفي عام 2007 تم إطلاق الأحداث في آيرلندا وكندا وجمهورية التشيك والدنمارك والسلفادور وإسبانيا والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وتايوان والولايات المتحدة. واعتبارا من عام 2011، كان الكنديون أكبر المساهمين في الجمعيات الخيرية Movember من أي دولة في العالم، وسعوا لتحقيق هدف الحملة إلى أن يقوم الرجال بعمل الفحوصات اللازمة وإرشاد من حولهم بأهمية هذه الحملة، حيث إن الأرقام تشير إلى أن الرجال عادة لا يقبلون على الفحوصات الطبية بشكل كبير.
صحة الرجل
أما محليا، فقد تحدث إلى «صحتك» الأستاذ الدكتور صالح بن عبد الرحمن بن صالح رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لصحة الرجل (SSMH) أستاذ الجراحة واستشاري جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم، مشيداً بتدشين مدير جامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور بدران العمر فعاليات الحملة التوعوية «الأولى» لصحة الرجل والتي أطلق عليها اسم «موفمبر» والمعرض المصاحب لها. وقد جاءت هذه المبادرة من أجل التوعية بمخاطر بعض الأمراض التي تصيب الرجال وخاصة سرطان البروستاتا والأمراض النفسية مثل الاكتئاب وقلة النشاط الجسدي وعدة أمراض شائعة عند الرجال كالسمنة وداء السكري، وأيضا انتحار الرجال.
وأضاف أن هذه المبادرة الخيرية قد حملت شعار «الشارب» وهو أحد رموز الرجولة المعروفة عالمياً، مثل الشريط الوردي لمكافحة سرطان الثدي لدى النساء اللاتي يتخذن من شهر أكتوبر (تشرين الأول) شهراً لحملتهن ضد سرطان الثدي.
ومن أهم أهداف الحملة رفع المستوى الصحي عند الرجال عن طريق التثقيف المجتمعي، وتدريب الأطباء، وإصدار تقارير ودوريات حول صحة الرجل، وفتح النقاش المباشر مع «أطباء الرعاية الأولية» وتقديم أفلام توعوية قصيرة عن أسباب أمراض الذكورة وطرق تشخيصها وعلاجها، وزيادة الكشف المبكر عن السرطان والتشخيص والعلاجات الفعالة، وفي النهاية تقليل عدد الوفيات التي يمكن الوقاية منها. والجدير ذكره هنا أن هذه الجمعية هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة والمنطقة العربية.
سرطانات رجالية
> سرطان البروستاتا. وهو ينجم عن تكون خلايا غير طبيعية في غدة البروستات والتي توجد أسفل البطن وتحيط بالإحليل في مكان خروجه من المثانة. يحدث سرطان البروستات لأسباب لا تزال غير معروفة، وهناك مجموعة من العوامل المسؤولة عن تكون هذا المرض مثل تقدم السن، عامل الوراثة، التغذية. ومن الأعراض المهمة التي يجب التنبه إليها هي الصعوبة في التبول، أو خروج البول بشكل متقطع، بالإضافة إلى ظهور الدم في البول أو في السائل المنوي. ومن الصعب تشخيص سرطان البروستات خلال مرحلته الأولى لأن الأعراض عادة لا تكون ظاهرة فتشخيص المرض يتم بعد انتشاره.
* سرطان الخصية. هو عبارة عن نمو غير طبيعي لخلايا الخصيتين، وقد يصيب المرض خصية واحدة أو الخصيتين معاً، ومما يميز هذا السرطان أنه لا يرتبط بتقدم العمر إذ إنه قد يصيب طفلا في سن الخامسة عشرة. ويتشابه مع سرطان البروستات في كون أسبابه أيضا غير معروفة، ويختلف عنه في إمكانية اكتشافه بشكل مبكر ما يجعل إمكانية الشفاء منه مرتفعة جداً. ومن الأعراض التي يجب التنبه إليها التغيير في شكل أو حجم إحدى الخصيتين أو كلتيهما مصحوبا بألم وثقل في الصفن وشعور بضغط أو ألم في منطقة أسفل الظهر والبطن أو في المنطقة الإربية أو جميعها.
الاكتئاب والسمنة
> الاكتئاب. تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدلات الانتحار عند الرجال مرتفعة جداً في كل دول العالم، حيث ينتحر رجل واحد في كل دقيقة بمكان ما من العالم. ويكمن وراء الانتحار أسباب كثيرة، من أهمها الاكتئاب.
والاكتئاب عند الرجل مشكلة شائعة عالميا، ويزيد من خطورتها وتعقيداتها عدم إفصاح الرجل عما يعاني من مشاكل وعدم طلبه العلاج. وتتنوع أعراض الاكتئاب عند الرجل بين القلق وعدم الشعور بالراحة جسدياً، واضطرابات النوم، قلة النشاط وانعدام الثقة بالنفس بالإضافة إلى الغضب والتوتر الدائمين. وقد يبدأ الاكتئاب بالشعور بآلام جسدية كالصداع، وألم العضلات وألم الظهر، وعسر الهضم.
> السمنة. تزداد معدلات السمنة بشكل مخيف حول العالم، وتعتبر دول الخليج من أعلى نسب الإصابة بالسمنة، وهي تؤثر على صاحبها من مختلف الجوانب الاجتماعية والعائلية والصحية مثل الضعف الجنسي، والإصابة بالأمراض المرتبطة بالسمنة والمهددة للحياة كأمراض القلب، والسكري، والكولسترول وارتفاع ضغط الدم.
ومن أهداف حملة «موفمبر» الحركة ضمن برنامج رياضي منتظم يساعد على خسارة الوزن الزائد والقضاء على السمنة من جهة، وزيادة معدل النشاط البدني والابتعاد عن الخمول، وما يرتبط به من أمراض.
الضعف الجنسي
> الضعف الجنسي. يعرف الأستاذ الدكتور بن صالح ضعف الانتصاب بأنه صعوبة في الاحتفاظ أو الوصول إلى الانتصاب، وأن ثلثي الرجال في العالم يصابون به في وقت معين من حياتهم. ويرتبط ضعف الانتصاب بمرض السكري الذي يؤدي إلى خلل وظيفي جنسي يبدأ باضطرابات في الشهوة الجنسية، ومشاكل في القذف، وينتهي بعدم القدرة على الانتصاب.
ويتم التشخيص من خلال مراجعة التاريخ الطبي، تقييم الأعراض، التحقق من وجود مشاكل عصبية محتملة في القضيب أو الخصيتين. كما وأن فحوصات الدم والبول تساعد في تشخيص المشاكل مثل السكري أو انخفاض هرمون التستوستيرون.
ولعلاج ضعف الانتصاب، بسبب السكري، يجب الالتزام بعلاجات ضعف الانتصاب وإدارة مرض السكري معاً، ولتحقيق أفضل النتائج ننصح بالآتي: - أولا: تناول أحد الأدوية بالفم (وهي أدوية تساعد على تحسين تدفق الدم إلى القضيب، ولا تتفاعل مع أدوية السكري)، يتم صرفها من قبل الطبيب المختص، وقد أحدثت هذه العقاقير ثورة في علاج الضعف الجنسي وتم التصريح باستخدامها منذ عام 1998، مثل فياغرا (Sildenafil) وهو أول هذه المجموعة من العقاقير المكتشفة، وسياليس (tadalafil)، وليفترا (vardenafil)، وحديثا تم التصريح لمادة الـ«تادلافيل» للتصنيع تحت اسم هيروكس (herox) بجرعتين مختلفتين، الجرعة البسيطة 5 ملليغرامات تُعطى كعلاج يومي لمدة شهرين إلى ثلاثة شهور للقضاء على الضعف الجنسي عند الرجال، والجرعة العادية 20 ملليغراما تمنح فعالية تامة لثلاثة أيام.
وقد أثبتت دراسات حديثة متعددة المصادر أن استخدام عقار التادالافيل 5 ملليغرامات بصورة يومية ومستمرة لمدة 12 أسبوعاً يفيد علاجياً مرضى الضعف الجنسي على مختلف الدرجات، ومهما كانت المسببات وفي كل الأعمار. وجدير بالذكر أيضاً أن مرضى السكري بصفة خاصة، وهم من الحالات الدقيقة، استفادوا من هذا العلاج وتحسن أداؤهم بنسبة لا تقل عن 69 في المائة. إضافة إلى استفادة كبار السن من الرجال الذين يعانون من التضخم الحميد لغدة البروستاتا BPH من خلال تطبيق هذا النظام العلاجي. وقد جاء ذلك في نتائج الدراسة التي قامت بها مجموعة من الباحثين وهم (إيجيردي Egerdie RB، أوروباخ Auerbach S، روربورن Roehrborn CG وزملاؤهم).
ثانيا: ممارسة الرياضة، فالتمارين المنتظمة تساعد على التحكم في مستويات السكر في الدم، وتحسين الدورة الدموية، وانخفاض مستويات التوتر، كل هذا يمكن أن يساعد في مكافحة ضعف الانتصاب.
ثالثا: الإقلاع عن التدخين، فالتدخين يضيق الأوعية الدموية ويقلل من مستويات أكسيد النيتريك في الدم، مما يقلل من تدفق الدم إلى القضيب، وتفاقم ضعف الانتصاب. رابعا: النوم، فالحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالضعف الجنسي.
خامساً: عدم التوتر والإجهاد، اللذين يتداخلان مع الإثارة الجنسية والقدرة على الانتصاب، عليك بممارسة تمارين التأمل، وتخصيص وقت للقيام بالأشياء التي تستمتع بها لتقليل مستويات التوتر بالتالي التخفيف من خطر الإصابة بالضعف الجنسي.
سادسا: التحكم بمستوى السكر في الدم من خلال الالتزام بالأدوية والنظام الغذائي السليم والتمارين الرياضية، بالتالي التقليل من كمية الأضرار التي تلحق بالأوعية الدموية والأعصاب. أخيراً، يؤكد الأستاذ الدكتور بن صالح رئيس الجمعية السعودية لصحة الرجل، على أن أفضل علاج للضعف الجنسي هو علاج الأسباب إن وُجدت وشُخصت، وقبل ذلك بالوقاية من حدوثها، وذلك باتباع الإرشادات الطبية التي ترتكز على محاربة السمنة وممارسة الرياضة اليومية والإقلاع عن التدخين والاستشارة الطبية الدورية مع إجراء التحاليل اللازمة وفحص العيون والقدمين والساقين ووظيفة الكلى وضبط معدل السكر في الدم، خصوصاً الهيموغلوبين السكري التراكمي، وعلاج ارتفاع الضغط وفرط معدل الكوليسترول والشحيمات.
الوصايا الخمس لمنظمة الصحة العالمية
> إجراء فحوص منتظمة، دوريا للكشف عن أي مشاكل مبكراً والبقاء بصحة جيدة.
> تناوُل الطعام بشكل أفضل، من حيث الكم والنوع وتقليل كمية الملح إلى ملعقة صغيرة في اليوم، والسكر إلى أقل من 5 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة، والدهون المشبعة إلى أقل من 10 في المائة مما تستهلكه من الطاقة.
> الحدّ من تناول الكحول، للوقاية من التعرض المباشر للإصابات والحوادث والتأثير السلبي على العائلة والمحيطين.
> الإقلاع عن التدخين، فهو من مسببات الوفاة المبكرة والسرطان والسكتات القلبية والدماغية والعجز الجنسي. وفي غضون 12 أسبوعاً، تتعزّز وظائف الرئة، وخلال عام، يقل خطر الإصابة بأمراض القلب فعلياً إلى نصف ما هو عليه لدى المدخِّن.
> كن أكثر نشاطاً، واحد من أصل كل 4 أشخاص غير نشط بما يكفي. وينبغي على البالغين القيام بما لا يقل عن ساعتين ونصف الساعة من النشاط البدني المعتدل في الأسبوع. فالنشاط البدني يساعدك على الاحتفاظ بوزن صحي، والحدّ من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري والسرطان، ويمكن أن يساعد في التغلُّب على الاكتئاب علاوة على ذلك.
* استشاري طب المجتمع