اكتشاف خبيئة تضم 30 تابوتاً خشبياً في الأقصر

أخفاها الفراعنة لحمايتها وتعود للأسرة الـ22

اكتشاف خبيئة تضم 30 تابوتاً خشبياً في الأقصر
TT

اكتشاف خبيئة تضم 30 تابوتاً خشبياً في الأقصر

اكتشاف خبيئة تضم 30 تابوتاً خشبياً في الأقصر

أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف «خبيئة توابيت أثرية تعود لعصر الأسرة الـ22» بمنطقة العساسيف الأثرية بالأقصر (جنوب مصر) على مقربة من الدير البحري، وتم فتح تابوتين للمرة الأولى أمام عدسات الإعلام للكشف عن المومياوات بداخلهما.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في مؤتمر صحافي، أمس، إن «الخبيئة تضم مجموعة متميزة من التوابيت الآدمية الملونة، وفي حالة جيدة من حيث الألوان والنقوش»، مشيراً إلى أن «البعثة عثرت على التوابيت في الوضع الذي تركها عليه المصري القديم قبل آلاف السنين، حيث وُجدت مغلقة وبداخلها المومياوات، موضوع بعضها فوق بعض في مستويين، الأول ضم 18 تابوتاً، والثاني 12 تابوتاً».
وشرح وزيري كيفية بداية الكشف عن الخبيئة الأثرية، وقال إن «الحفائر بدأت منذ شهرين استكمالاً للأعمال التي بدأت العام الماضي، وأسفرت عن اكتشاف المدخل الأصلي لمقبرة (TT 28)، ومقبرتين أثريتين لكلٍّ من (ثاو ار خت أف) و(ميري رع)، من عصر الرعامسة»، مشيراً إلى أنه «في أثناء توسع نطاق الحفائر ليشمل الجزء الشرقي من الفناء الذي تم العمل به في الموسم السابق، تم الكشف عن (خبيئة العساسيف)».
وأوضح وزيري أن «الخبيئة تعود للأسرة الـ22، القرن العاشر قبل الميلاد، أي نحو 3000 سنة، وتضم توابيت لكهنة وكاهنات آمون، وخنسو، وعُثر عليها أعلى مقبرة (TT 28)، وتوضح التوابيت المكتشفة مراحل تصنيع التوابيت في تلك الفترة، حيث وُجد بعضها مكتملاً ومزيناً بالرسوم والألوان، والآخر في مراحل التصنيع الأولى، وبعضها منحوت من الداخل، بينما البعض الآخر غير منقوش، أو نقوشه غير مكتملة».
من جانبه قال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري في المؤتمر الصحافي، إن «الخبيئة تضم 30 تابوتاً، 5 منها لنساء، و2 لأطفال، ووُجدت على وضعها كما تركها المصري القديم، ولم يمسها أحد من قبل»، موجهاً الشكر إلى الأثريين والمرممين، والعمال الذين تحملوا الصعاب من أجل العمل الأثري.
وأكد العناني أن «هذه هي أول خبيئة تُكتشَف بأيدي أثريين مصريين»، نافياً ما يتردد عن أن هذه التوابيت دُفنت في العساسيف عام 1967، وقال إن «هذه محاولات للتشكيك في الكشف، أقل من أن يُلتفت إليها، ولا تتعدى أن تكون ضمن الإشاعات المغرضة التي ليس لها أي أساس من الصحة، والهدف منها النيل من أي نجاح تحققه الوزارة ويلفت انتباه العالم إلى مصر وحضارتها».
وفيما قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في تصريحات على هامش المؤتمر الصحافي، إن «هذه التوابيت تم تصنيعها في ورشة واحدة، وستكشف الدارسة عن المزيد من الحقائق بشأنها»، أوضح وزيري لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه هي أول خبيئة توابيت آدمية يتم العثور عليها كاملة منذ القرن التاسع عشر، بعد خبيئة الدير البحري، وخبيئة القساوسة أو باب الجس»، معرباً عن سعادته بالكشف «الذي يعد إضافة كبيرة، وتكليلاً لمجهود الأثريين الذي عملوا باجتهاد لاستخراج الخبيئة الأثرية».
وفكرة الخبيئة ليست غريبة على الآثار المصرية، فخلال القرن التاسع عشر شهدت الأقصر اكتشاف خبايا أثرية مهمة، وهي خبيئة المومياوات الملكية المعروفة بخبيئة الدير البحري، والتي اكتشفتها عائلة عبد الرسول عام 1871، وأُعلن عن اكتشافها بشكل رسمي في عام 1881، وضمت مومياوات لملوك وملكات مصر، وتُعرض حالياً بالمتحف المصري في التحرير، كما عُثر على خبيئة أخرى للمومياوات في مقبرة الملك أمنحوتب الثاني (KV35) عام 1898، إضافةً إلى خبيئة باب القُسوس المعروفة بخبيئة القساوسة عام 1891، والتي ضمت مجموعة من مومياوات الكهنة.
وأثار الكشفُ الجدلَ على مدار الأسبوع الماضي، منذ الإعلان المبدئي عن اكتشاف خبيئة توابيت أثرية، حيث شكّك البعض في حداثة الكشف، لأن الطريقة التي دُفنت بها التوابيت في الرمال غير متعارف عليها عند المصري القديم، الذي قدّس المومياء، وكان دائماً يخفيها في مقابر.
وقال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اكتشاف هذا العدد من التوابيت أمر مهم جداً، وإضافة للعمل الأثري في مصر»، مشيراً إلى أنه (الكشف) يطرح مجموعة من التساؤلات لا بد من الإجابة عنها من خلال الدراسة المتعمقة للكشف، وهي ما سبب وجود هذا الكم من التوابيت في حفرة مغطاة بالرمال؟ ولماذا لم توضع في مقبرة؟ ومَن هم أصحاب هذه التوابيت؟ وأين مقابرهم الأصلية؟ ولماذا وُضعت أمام المقبرة 33 التي استُخدمت كمخزن لتخزين الآثار في عام 1967؟ لافتاً إلى أن «واقعة نقل الآثار وتخزينها عام 1967 صحيحة ومسجلة في سجلات وزارة الآثار».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».