لقاء الموناليزا في جولة افتراضية بمتحف اللوفر

بمناسبة مرور 500 سنة على وفاة ليوناردو دافنشي

لقطة شاشة لجولة موناليزا الواقعية مصمّمة لمرافقة معرض ليوناردو في متحف اللوفر
لقطة شاشة لجولة موناليزا الواقعية مصمّمة لمرافقة معرض ليوناردو في متحف اللوفر
TT

لقاء الموناليزا في جولة افتراضية بمتحف اللوفر

لقطة شاشة لجولة موناليزا الواقعية مصمّمة لمرافقة معرض ليوناردو في متحف اللوفر
لقطة شاشة لجولة موناليزا الواقعية مصمّمة لمرافقة معرض ليوناردو في متحف اللوفر

لا تزال ابتسامة الموناليزا الباهتة كما هي، لكنّها ستحصل على أول تغيير افتراضي من نوعه في متحف اللوفر، الذي كافح خلال العام الجاري مع شعبية تحفة ليوناردو دافنشي الباقية وحشود السياح الزاحفة.
ومع اقتراب ميعاد معرض ليوناردو الشهير، يحاول متحف اللوفر مع شركاء الإنتاج تحسين اللمسات الأخيرة على جولة الواقع الافتراضي ثلاثية الأبعاد، التي تتطلّع لما هو أبعد من الحشود العارمة، والصندوق الزجاجي المقاوم للكسر، مع طبقات التلميع الباهرة من أعمال الترميم الأخيرة والأكاسيد الملونة المتلاشية.
وأعيد الزيت الحقيقي على خشب لوحة الموناليزا في الأسبوع الماضي إلى منصة قاعة «سال ديزيتا» لتتزامن مع افتتاح المعرض يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) المواكب لمناسبة مرور خمسمائة سنة على وفاة ليوناردو دافنشي في عام 1519 سيد عصر النهضة الإيطالية بلا منازع. وخلال فصل الصيف، أثناء أعمال الترميم والتجديد في قاعة «سال ديزيتا»، جرى نقل لوحة الموناليزا إلى غاليري ميديسي، مما أدى إلى الازدحام الشديد للزوار بسبب محدودية الوصول إلى القاعة المؤقتة. واشتكى السياح من إحباطهم بسبب الزيارات المتسارعة والحواجز الموضوعة التي جعلتهم على مسافة 15 قدما من اللوحة التي يصل ارتفاعها إلى 30 بوصة.
من المتوقع لجولة الواقع الافتراضي أن تكون تجربة أكثر قربا وخصوصية. وهي مصممة لحل مشكلة تزاحم الزوار وبُعد المسافة عن اللوحة، وسوف تُجرى في غرفة عرض صغيرة بالقرب من معرض ليوناردو الرئيسي وبعيدا عن لوحة الموناليزا الأصلية.
وغرفة العرض الصغيرة مجهزة بـ15 سماعة رأس للواقع الافتراضي، وستعرض الجولات الافتراضية لمدة سبع دقائق تلك التي تبدأ بهجوم مألوف من الزوار بهواتفهم المحمولة. وتدور الجولة الافتراضية حول معرض من اللوحات انتهاءً بلوحة الموناليزا، قرينة تاجر الحرير الإيطالي.
وقالت دومينيك دي فونت، مديرة الوسائط والبرمجة الثقافية في متحف اللوفر: «سيرونها جالسة، وسيواجهونها وكأنّها تتحدث إليهم، وجها إلى وجه مباشرة».
وفي أرض ليوناردو دافنشي الافتراضية، يحلق المشاهدون في نهاية المطاف فوق أحد الوديان والتلال الوعرة على متن الطائرة الشراعية التي اخترعها الفنان الإيطالي القديم (والتي توجد في المعرض التقليدي). وأشارت دي فونت إلى أنّ القائمين على المعرض الرئيسي قد أجريا البحوث في كافة المعلومات التاريخية المتعلقة بأعمال الفنان دافنشي دعما للسرد المصاحب للجولة الافتراضية، بما في ذلك التفاصيل البصرية للوحة الموناليزا والأجواء المحيطة بها - من التموج اللطيف في شعرها إلى فستانها المخملي وحتى البلاط الفخاري الذي يعود إلى فلورنسا في القرن السادس عشر الميلادي.
وتعد التجربة الرقمية جزءا من الجهود المستمرة لتوسيع جاذبية متحف اللوفر وشعبيته، حيث تضع فرنسا الخطط الثقافية الجديدة للترويح وتعزيز كنوزها الفنية من خلال جولات الواقع الافتراضي وبعض من البدائل ذات التقنيات القليلة.
في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، كشف فرنك ريستر وزير الثقافة الفرنسي عن مشروع رائد لتطوير ألف من المتاحف الرقمية الصغيرة الجديدة على مدى ثلاث سنوات كاملة في المناطق الريفية والضواحي - بما في ذلك دور السينما، والمكتبات، والمراكز الاجتماعية، وحتى صالونات الكوافير. وتهدف فرنسا إلى إنفاق ثلاثة ملايين يورو على عروض الواقع الافتراضي والجولات ثنائية الأبعاد في عرض الأعمال الفنية الرئيسية لدى عشرات من متاحف باريس الكبرى، ومن بين ذلك جولة الموناليزا في متحف اللوفر.
لا تساور الجميع السعادة البالغة بهذه الحملة لتحويل الواقع الافتراضي إلى جزء أساسي من تجربة زيارة المتحف. إذ قال ديديه ريكنيه، الناقد والمؤرخ الفني الفرنسي ومؤسس موقع «لا تريبيون ديلا آرت»: «أود لو أن متحف اللوفر زاد من تفاعله وارتباطه بالواقع الحقيقي الملموس»، ويضيف أنّه من الأفضل إنفاق أموال الدولة على الاستحواذ على المقتنيات الفنية، كما ينبغي على المتحف المشاركة الفعلية في الواقع مع التركيز على الأمور التنظيمية للحد من الزحام الواضح في ردهات المتحف.
واستدرك ريكنيه قائلا: «إنها تجربة متعجرفة، وذات ازدراء واضح. ففي كل مكان في فرنسا تستطيع العثور على المستخدمين، والكنائس، والمعالم الفنية والأثرية الكبيرة - مثل فيلازكيز وكارافاغيو. ومن خلال ثلاثة ملايين يورو يمكننا شراء ثلاثة أعمال فنية رئيسية أصلية تضاف إلى المتاحف الكبيرة في فرنسا، لتكون تعبيرا عن الفن الحقيقي في الواقع الحقيقي أمام الناس».
بيد أنّ هناك متاحف كبرى أخرى تنفذ بالفعل تجربة الواقع الافتراضي للمقتنيات الفنية وتمضي قدما على هذا المسار بناء على النتائج المتحققة. وفي وقت سابق من العام الجاري، حاول متحف «ميوزي دي لورانغيري» في العاصمة الفرنسية تجربة جولات الواقع الافتراضي المستوحاة من سلسلة «زنبقة الماء» للفنان مونيه، التي أغرقت المشاهدين في البحيرة الافتراضية للفنان الفرنسي من خلال الثلوج المتحركة وأيام الصيف الرائقة.
وكانت ردود فعل الزوار قد أثارت حماسة المسؤولين في متحف اللوفر. إذ قالت دي فونت: «لم يستخدمها الشبان فقط، بل كان هناك أناس تجاوزوا الستين من أعمارهم بمن فيهم والدي شخصيا الذي يبلغ 83 عاما. إنّها تجربة مثيرة للاهتمام للغاية، ونحن منفتحون على العروض الجديدة. ولكنّها لن تحل محل الأعمال الفنية الحقيقية. فالمحتوى الفني يأتي أولا، وهذا من الأهمية البالغة بالنسبة إلى متحف اللوفر».
وطوّر برنامج «إتش تي سي فايف آرتس»، الذي ساهم متبرعا بالخدمات، مشروع واقع الموناليزا الافتراضي في متحف اللوفر، بتنسيق جولة مونيه جنبا إلى جنب مع برنامج الواقع الافتراضي خلال العام الماضي لدى متحف «تأتي مودرن» الحديث في لندن والذي كان مصمما لمرافقة معرض مخصص للفنان الإيطالي الراحل «أميديو موديلياني».
واستعان الأمناء بالبحث التاريخي في إعادة تصور المناطق الداخلية في استديو موديلياني لعام 1919 في باريس، بكل تفاصيله الحية، وحتى السيجارة المشتعلة على الطاولة والأمطار المتدفقة من فتحة السقف العلوية إلى دلو مثبت على الأرض.
تقول نانسي إيرسون، أمينة معرض موديلياني إنّ «الأمر الرائع كان قضاء الناس لوقت أطول في متابعة الصور الذاتية لموديلياني في الغرفة الأخيرة من المعرض. وأدركوا ما كانوا يشاهدون. وظلوا لفترات أطول وكانت لهم مناقشات متعددة حول تلك الصورة».
يشعر المسؤولون في متحف باريس بالتفاؤل أن تجربة اللوفر ستفتح أبواب المتحف أمام جمهور جديد، قد لا يكون مهتما بالأعمال الفنية بقدر اهتمامه بتقنية الواقع الافتراضي، وفقا لدي فونت، التي أشارت إلى أنّ تمكن المشاهدين من تحميل الجولة الافتراضية بالكامل من المنزل، والتي يمكنها الانتقال إلى المستقبل عبر المعارض المنبثقة عن الندوات والصالونات الفنية.
ومن خلال الاستعدادات الأولى في شهر أكتوبر الجاري، يتخذ متحف اللوفر خطوات جيدة للتقليل من صفوف إلقاء النظرة على لوحة الموناليزا الحقيقية، حيث لا بد من الحجز المسبق قبل المجيء لزيارة المتحف.
- خدمة نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».