«هدنة تجارية مؤقتة» أم «مكاسب صينية»؟

غياب التفاصيل يضفي ضبابية على الوضع

يضفي غياب التفاصيل الكاملة للاتفاق الأولي بين واشنطن وبكين مزيداً من الغموض حول مستقبل الاتفاق (أ.ف.ب)
يضفي غياب التفاصيل الكاملة للاتفاق الأولي بين واشنطن وبكين مزيداً من الغموض حول مستقبل الاتفاق (أ.ف.ب)
TT

«هدنة تجارية مؤقتة» أم «مكاسب صينية»؟

يضفي غياب التفاصيل الكاملة للاتفاق الأولي بين واشنطن وبكين مزيداً من الغموض حول مستقبل الاتفاق (أ.ف.ب)
يضفي غياب التفاصيل الكاملة للاتفاق الأولي بين واشنطن وبكين مزيداً من الغموض حول مستقبل الاتفاق (أ.ف.ب)

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نقلاً عن بعض المحللين، أن الصين بدأت تجني ثمار المحادثات التجارية التي أجرتها، هذا الأسبوع، حيث تخلت الولايات المتحدة عن رسوم جمركية جديدة كانت قد أصدرتها ضد بكين مؤخراً، بينما تركت كثيراً من المطالب للعمل عليها لاحقاً، في مقابل ضمان زيادة المشتريات الزراعية.
وقالت الصحيفة أمس إن البلدين اتخذا خطوة مبدئية نحو إعادة إبرام اتفاق تجاري كان قد خرج عن مساره لعدة أشهر... فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده ستلغي زيادة الرسوم الجمركية المقررة على السلع الصينية الأسبوع المقبل، بينما ستشتري بكين ما بين 40 و50 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأميركية، وهو ما لم تؤكده الصين علناً.
وأضافت أن «إبرام اتفاق تجاري كبير بين الصين والولايات المتحدة سيأتي بمرور الوقت على ثلاث مراحل، وفقاً لترمب نفسه، وبالتزامن مع معالجة المزيد من القضايا المثيرة للخلاف لاحقاً... وتشمل هذه القضايا ممارسات صينية تزعمها الولايات المتحدة، ولكن تنفيها بكين، مثل النقل القسري للتكنولوجيا الأميركية لمنافسين اقتصاديين».
ووفقاً لترمب، فسوف تتم معالجة هذه المسألة إلى حد كبير في الجولة الثانية من المحادثات... بينما يعتقد محللون أن قضايا أخرى، مثل دعم الصين للشركات المملوكة للدولة، ستقع في الجانب الآخر أيضاً من هذه المحادثات.
وأوضحت «وول ستريت جورنال» أن الهدنة بين واشنطن وبكين من شأنها أن تمنح الأخيرة فرصة للشروع في تنازلات كانت لا ترغب في تقديمها... لكن هناك تساؤلاً حول ما من شأنه أن يحدث إذا لم يتم حل هذه المشكلات الصعبة على الإطلاق.
بدوره، قال آرثر كرويبر، مؤسس شركة استشارات في بكين تحمل اسم «جافكال دراجومونيكس»: «إذا كنتَ مكان الصين، فسوف تسعد للغاية بهذه النتائج... فموقف الصين من المفاوضات دائماً كان ولا يزال يدور حول أنه كلما كان بإمكانك تمديد المحادثات، فسوف يعود ذلك عليك بشكل أفضل».
وتابعت الصحيفة الأميركية أن «الجانب الصيني لم يقدم تفاصيل عن المفاوضات حتى الآن، بما في ذلك أنه سيشتري ما يصل إلى 50 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأميركية، وهو المبلغ الذي أكد الفريق التجاري لترمب أن بكين ستلتزم به سنوياً... وإذا تحقق هذا الأمر، فسيكون أعلى بكثير من المستويات التي تقارب 21 مليار دولار، والتي كانت سائدة في عام 2017 قبل الحرب التجارية، ثم خفّضتها الصين لاحقاً مع تصاعد التوترات».
ويقول أشخاص على دراية باستراتيجية الصين إن مسؤولي بكين ما زالوا يصرون على أن المشتريات الزراعية يجب أن تتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للشركات الصينية، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة، وأن تمتثل لمعايير منظمة التجارة العالمية التي تحدّ من الممارسات المشوهة للسوق... في حين قال المفاوضون الصينيون إنه يجب ألا تضطر الصين إلى تحويل مشترياتها من دول أخرى مثل البرازيل لتلبية الطلب الأميركي.
وفي وجهات نظر أخرى، قال خبراء أميركيون إن توصل كل من الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق مبدئي بشأن القضايا التجارية الخلافية بينهما أقرب إلى كونه «هدنة مؤقتة» تساعد في منح الأسواق العالمية المتضررة من تداعيات تلك الحرب، متنفساً بعض الشيء، عن كونها بداية النهاية للصراع القائم بين الاقتصادين الأكبر على مستوى العالم.
ونقلت شبكة «سي إن بي سي نيوز» الأميركية عن رئيس مجموعة «يو بي إس» أرت كاشين قوله: «يساورني الشك في أن يدوم التفاؤل بشأن انفراجة الأزمة التجارية بين واشنطن وبكين طويلاً... فإنه شعور وليد اللحظة قد لا يدوم حتى قدوم موسم أعياد الميلاد»، موضحاً أن «الاتفاقات المبدئية لا تنهي حروباً تجارية أو تعدل من تقديرات تباطؤ النمو خلال 2020».
وأشار إلى أن رد فعل الأسواق العالمية والأميركية على وجه التحديد، عكس تفاؤلاً وترحيباً كبيراً فور الإعلان عن التوصل لاتفاق جزئي بين واشنطن وبكين خلال تعاملات الجمعة، لكنه سرعان ما خفَتَ، بعدما أدرك المستثمرون حقيقة أن الاتفاق يؤجل فقط العمل بالتعريفات الإضافية دون تحديد موعد لإلغاء العمل بالرسوم المفروضة سابقاً من قبل إدارة ترمب، حيث قلّص مؤشر «داو جونز» الأميركي مكاسب بداية التداولات من 500 نقطة لتصل إلى 200 نقطة في نهاية التعاملات.
في السياق ذاته، قال خبير الأسواق لدى مؤسسة «بانوكبرن غلوبال فوركس»، مارك شاندل: «إن الحرب التجارية ما هي إلا جبهة واحدة من جبهات عدة تتصارع خلالها الولايات المتحدة والصين، بمعنى آخر، ستظل الحرب الباردة بين القوتين العالميتين قائمة حتى وإن تخللتها هدنة مؤقتة لحرب التعريفات المتبادلة».
وهو ما أكده كريس كريوغر، كبير المحللين لدى مؤسسة «كاوين»، قائلاً إن «حرب التعريفات بمثابة رأس الحربة لنزاعات ترمب التجارية، لكنّ هناك كثيراً من الجبهات التي تظل مفتوحة، مثل تدفق رؤوس الأموال، وفرض مزيد من ضوابط التصدير وسلاسل التوريد، إضافة إلى السياسة الصناعية التي تشكل جميعها ركائز الاقتصاد الحقيقي».
ولفت تقرير شبكة «سي إن بي سي نيوز» إلى أن جعبة الإدارة الأميركية لا تزال تزخر بأدوات الضغط في حربها على الصين، على رأسها طرح شطب شركات صينية من سوق الأسهم الأميركية، حيث سبق أن تقدم نواب بالكونغرس الأميركي خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي بمشروع قانون يتم بمقتضاه شطب الشركات التي لن تمتثل للضوابط الأميركية لمدة 3 سنوات، مع تسليط الضوء على الشركات الصينية.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

نيجيريا تنضم إلى مجموعة «بريكس» بوصفها دولة شريكة

أعلام الدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة «بريكس»: البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند (رويترز)
أعلام الدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة «بريكس»: البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند (رويترز)
TT

نيجيريا تنضم إلى مجموعة «بريكس» بوصفها دولة شريكة

أعلام الدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة «بريكس»: البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند (رويترز)
أعلام الدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة «بريكس»: البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند (رويترز)

أعلنت البرازيل، الرئيس الحالي لمجموعة «بريكس» للاقتصادات النامية، انضمام نيجيريا إلى المجموعة بوصفها «دولة شريكة».

وأصبحت نيجيريا الدولة الشريكة التاسعة في «بريكس»، بعد بيلاروس وبوليفيا وكوبا وكازاخستان وماليزيا وتايلاند وأوغندا وأوزباكستان.

وقالت الحكومة البرازيلية، في بيان صحافي: «تشترك نيجيريا في مصالح متقاربة مع غيرها من دول (بريكس)، وهي صاحبة سادس أكبر تعداد سكاني في العالمي، والأكبر في أفريقيا، كما أنها أحد الاقتصادات الكبرى في القارة».

وأضاف البيان: «تلعب نيجيريا دوراً فعالاً في تعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب، وفي إصلاح الحوكمة العالمية، وهي قضايا ذات أولوية قصوى خلال الرئاسة الحالية للبرازيل».

كانت المفاوضات انطلقت لتشكيل «بريكس» في عام 2006، وعقدت المجموعة أول مؤتمر قمة لها في 2009. وكان أعضاؤها: البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت إليهم جنوب أفريقيا في 2010.

وفي العام الماضي، ضمت المجموعة إليها مصر والإمارات وإيران وإثيوبيا، وتلقت السعودية دعوة للانضمام.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، العام الماضي، بفرض رسوم بواقع 100 في المائة على دول «بريكس»، حال حاولت تقويض التعامل بالدولار الأميركي. وأعرب قادة التكتل عن التزامهم بإدخال نظام دفع بديل لن يكون معتمداً على الدولار.