اكتشاف أول منطقة صناعية فرعونية بالأقصر

تضم 30 ورشة لتصنيع الذهب والأثاث الجنائزي

زاهي حواس خلال الإعلان عن الكشف الأثري الجديد
زاهي حواس خلال الإعلان عن الكشف الأثري الجديد
TT

اكتشاف أول منطقة صناعية فرعونية بالأقصر

زاهي حواس خلال الإعلان عن الكشف الأثري الجديد
زاهي حواس خلال الإعلان عن الكشف الأثري الجديد

ما زالت رمال مدينة الأقصر (جنوب مصر) تخفي كثيراً من الأسرار، عن كيفية بناء مقابر الملوك والملكات في الواديين الغربي والشرقي؛ حيث أعلنت مصر أمس عن اكتشاف أول منطقة صناعية بالبر الغربي بالأقصر، تضم 30 ورشة لتصنيع الذهب والأثاث الجنائزي، إضافة إلى مقبرة أثرية مجهولة من الأسرة الـ18.
وأعلن الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في مؤتمر صحافي أمس بالوادي الغربي بالأقصر، المعروف بوادي القرود، عن «اكتشاف أول منطقة صناعية بالبر الغربي»، وقال إن «البعثة الأثرية التي بدأت العمل بوادي القرود عام 2017، عثرت على 30 ورشة للعمال الذين كانوا يعملون في تصنيع الأثاث الجنائزي وتجهيز المقابر، في المنطقة (ب) ـمن الوادي المقسم إلى أربعة أجزاء».
وأوضح حواس أن «هذه الورش تكشف سراً مهماً عن كيفية إعداد المقابر والحلي والأثاث الموجود بها، من خلال ورش لتصنيع الذهب، وتلوين الفخار، وصناعة الأثاث الجنائزي، وورشة بها إبر خياطة لحياكة الأثاث، وأخرى للخشب، وورش لطحن الحبوب، وفخار كبير لتخزين الأكل والمياه والحبوب، وبجوارها حفرة للتخزين أخذت ترقيم (KVT)، وأمامها تم الكشف عن فرن لحرق الفخار والمعادن، عثر بجواره على خاتمين من الفضة، وكميات كبيرة من العناصر الزخرفية التي استخدمت في تزيين التوابيت الخشبية في عصر الأسرة الثامنة عشرة، إضافة إلى رقائق من الذهب وبعض العناصر الزخرفية التي يطلق عليها أجنحة حورس».
كما كشفت البعثة المصرية برئاسة حواس عن مقبرة مجهولة تم منحها رقم «KV 65»، واستعملت لحفظ بعض الأدوات والأثاث الجنائزي.
وقال حواس إن «هذه المقبرة مماثلة للمقبرة (KV 54) المجاورة لمقبرة الملك توت عنخ آمون، التي تم العثور بداخلها على الأدوات التي استعملت في بناء المقابر الملكية»، موضحاً أن «البعثة عثرت داخل المقبرة على بقايا بصل، ودوم، وكتان، وبقايا تحنيط، وفرع شجرة من السنط، يقال إنها لإيزيس، وحامل خشبي ضخم عليه نقش كلمة (نبتاوي)، أي ملك الأرضين، وأوستراكا عليها قرد أغلق فمه».
وبهذا الكشف يصبح عدد المقابر المكتشفة في وادي القرود 6 مقابر؛ حيث يضم الوادي مقبرة الملك أمنحوتب الثالث، رقم 22، التي اكتشفت عام 1799، ومقبرة الملك آي رقم 23، التي اكتشفها بلزوني عام 1816، والمقبرة 25 التي كانت مخصصة للملك إخناتون؛ لكنه لم يدفن بها، إضافة إلى المقبرة «A».
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «منطقة وادي الملوك تضم 64 مقبرة، منها 26 مقبرة ملكية، اثنتان منها لملكتين حكمتا مصر، وهما حتشبسوت من الأسرة الـ18، وتا أو سرت من الأسرة الـ19» مشيراً إلى أن «وادي الملوك ينقسم إلى قسمين: الوادي الشرقي، والوادي الغربي المعروف بوادي القرود».
وأكد وزيري أن «منطقة وادي القرود لم تتم فيها حفائر منذ سنوات طويلة، لصعوبة العمل بها»، مشيراً إلى أن «الوادي ما زال يخفي كثيراً من الأسرار، والمقابر الملكية».
وأوضح حواس أن «الحفائر بالوادي الغربي بدأت مع الحملة الفرنسية، عام 1799. والذي سُجل وادي القرود، وبعض الشواهد الأثرية به، وجزء بسيط من ورش العمال»، مشيراً إلى أن «وادي القرود يعتبر من المناطق الصعبة في الحفائر، نظراً لكثرة الحجارة والرمال به».
وقال حواس إن «علماء المصريات كشفوا 4 ودائع أثاث جنائزي لمقبرة أمنحوتب الثالث، واستطاعت البعثة المصرية خلال الحفائر الأخيرة الكشف عن الوديعة الخامسة؛ حيث اعتاد الفراعنة عمل 5 ودائع أثاث للمقبرة»، مشيراً إلى أنه في عام 2017 تم عمل مجسات للوادي عن طريق بعثة من جامعة تورينو الإيطالية، والتي تم من خلالها الكشف عن مكان الوديعة الخامسة، وعن مدخل مقبرة.
وأضاف أن «البعثة رفعت 3 آلاف كتلة حجرية من الوادي الضيق، للكشف عن الوديعة الخامسة والمنطقة الصناعية التي تضم فرناً لحرق الفخار وخزان مياه، وخاتم نحاس عليه اسم أمنحوتب الثالث».
ويواصل حواس العمل بمنطقة وادي القرود، أملاً في العثور على مقبرة الملكة نفرتيتي، ومقبرة ابنتها، وزوجة الملك توت عنخ آمون، الملكة عنخ إس آمون. وقال حواس إن «المنطقة التي تقع بين مقبرة الملك أمنحوتب الثالث ومقبرة الملك آي، هي المنطقة التي من المتوقع أن تضم مقابر أفراد عائلة عصر العمارنة، وبينها نفرتيتي».
وأضاف حواس أن «البعثة الثانية التي تعمل بوادي الملوك الشرقي تعتبر أضخم وأكبر بعثة حفائر تمت في وادي الملوك، بعد الحفائر التي قام بها عالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون»، مشيراً إلى أن «البعثة عملت بجوار مقبرة الملك رمسيس السابع، ومقبرة الملكة حتشبسوت، وبجوار مقبرة الملك رمسيس الثالث، وخلف مقبرة الملك مرنبتاح، وبجوار مقبرة الملك توت عنخ آمون؛ حيث عثرت على كثير من القطع الأثرية، منها 42 كوخاً صغيراً كان يضع العمال فيها الأدوات التي كانوا يستخدمونها في بناء المقابر قبل أن يغادروا الوادي إلى دير المدينة، بالإضافة إلى كثير من اللوحات المنقوشة بالهيروغليفية، التي سوف توضح كثيراً من الموضوعات الأثرية، بالإضافة إلى أجزاء من مقابر منقوشة، وخواتم من عصر الرعامسة».
وعلى هامش الكشف الأثري، تفقد وزير الآثار المصري مقبرة توت عنخ آمون بوادي الملوك. وقال وزيري لـ«الشرق الأوسط»، إن «مومياء توت عنخ آمون في حالة سيئة ومقسمة إلى 13 قطعة، نتيجة محاولات مكتشفها كارتر نزع القناع الذهبي عنها».
وأضاف وزيري أن «هناك مطالب بنقل المومياء من المقبرة نظراً لسوء حالتها»، مشيراً إلى أن «الوزارة ستبحث في مؤتمر المصريات الشهر المقبل حالة المومياء، وهل يجب نقلها إلى المتحف الكبير أم لا، وبناء على رأي علماء الآثار سيتم اتخاذ القرار». من جانبه أكد حواس لـ«الشرق الأوسط» أن «المومياء في حالة سيئة جداً، ولا بد من نقلها إلى المتحف المصري الكبير».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».