مومياء تمساح مصري تبوح بأسرار موته قبل 2300 عام

نفق بضربة على الرأس واحتوت وجبته الأخيرة على الحشرات والبيض

التصوير بالسنكروترون كشف ما أخفته الضمادات (الفريق البحثي)
التصوير بالسنكروترون كشف ما أخفته الضمادات (الفريق البحثي)
TT

مومياء تمساح مصري تبوح بأسرار موته قبل 2300 عام

التصوير بالسنكروترون كشف ما أخفته الضمادات (الفريق البحثي)
التصوير بالسنكروترون كشف ما أخفته الضمادات (الفريق البحثي)

تمكن فريق بحثي من جامعة بول فاليري الفرنسية من كشف أسرار موت تمساح يعود إلى العصر الروماني في مصر قبل 2300 عام، وذلك بإجراء تشريح افتراضي له باستخدام تقنية تعرف باسم «التصوير المجهري متعدد السنكروترون».
والتصوير متعدد السنكروترون، تقنية غير مدمرة ثلاثية الأبعاد، يمكن للباحثين استخدامها في إجراء تشريح افتراضي للمومياء دون التأثير على العظام واللحم وضمادات الكتان، وتسمح بالتحليل الدقيق لعظام وأنسجة التمساح الذي يوجد في متحف كونفلوينس بليون بفرنسا؛ مما أتاح تحديد سبب وفاته وآخر وجبة تناولها.
وخلال الدراسة التي تنشر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بدورية «العلوم الأثرية» الشهرية، ونشر موقع «echosciences» العلمي الفرنسي تقريراً عنها أخيراً، توصل الفريق البحثي إلى أن السبب الأكثر احتمالاً للموت هو تلقيه ضربة على الرأس تسببت في كسر بالجزء العلوي من الجمجمة، وهذا هو أول دليل على استخدام هذا الأسلوب خلال العصر الروماني لقتل التماسيح، من أجل تحنيطه كمومياء.
وقدس المصري القديم التمساح، حيث كان يرمز للإله سوبك، الذي انتشرت عبادته في منطقة كوم إمبو، التي ينتمي لها التمساح موضع الدراسة، وعند موته بطريقة طبيعية أو قتله كان يعامل كحيوان مبجل، وتقام له طقوس التحنيط كاملة ويدفن في جبانة خاصة، وتدفن معه قرابين تخصه من أوانٍ فخارية مملوءة بالطعام.
ويقول الدكتور ستيفاني بورسييه، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير موقع «echosciences»: «كنا نعرف أن قتل التمساح أسلوب موجود في مصر القديمة من أجل تحنيطه كمومياء لأغراض عقائدية، لكن التصوير باستخدام إشعاع (السنكروترون) ساعدنا على توفير أول دليل عملي على ذلك، كما ساعدنا على معرفة أنه قتل بإحداث كسر في الجمجمة، بل وتمكنا من تحديد الوجبة الأخيرة التي تناولها قبل الوفاة.
ويشير حجم الكسر، وكذلك اتجاهه وشكله إلى أنه تم إحداثه بضربة واحدة من المفترض أنه استُخدم لإحداثها مضرب خشبي بسمك 2 سم، كما يؤكد بورسييه.
ويضيف، أن أول «سنكروترون» من الجيل الرابع عالي الطاقة في العالم، والذي تم استخدامه في الدراسة، كشف أيضاً عن أن محتوى المعدة محفوظ جيداً مما سمح بمعرفة الوجبة الأخيرة للتمساح، والذي سيطر عليها مكونان رئيسيان، حيث ظهرت بالمعدة قشور بيض يشير حجمها وسمكها إلى أنها تخص أحد السحالي الصغيرة أو الثعابين، أما المكون الثاني الأكثر شيوعاً فكان هو الحشرات، حيث تم تحديد إحدى حشرات الماء العملاقة، ونوع من أنواع الذباب.
وعن القيمة العلمية لمعرفة نوع الوجبة الأخيرة للتمساح، قال بورسييه في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: «معرفة الوجبة الأخيرة تعطينا فكرة عن ظروف معيشة هذا الحيوان، فمن الواضح أن التمساح موضع الدراسة عاش في بيئته الطبيعية ولم تتم تغذيته بواسطة البشر، حيث أظهرت تحاليل أخرى أن بعض التماسيح قد تمت تغذيتها من قبل البشر».
وكان الطلب على التماسيح في مصر القديمة كبيراً للغاية، ومن ثم كان يجري تربيتها ورعايتها حتى تتحول بعد ذلك إلى مومياوات، لكن التمساح موضع الدراسة تم قتله مباشرة بعد اصطياده، كما أوضح الباحث.


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».