متاحف مصرية توثق زيارات المشاهير

ويل سميث وبو حيرد وإنفانتينو في متحف التحرير... و«المنيل» يستهوي الدبلوماسيين

رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بالمتحف المصري
رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بالمتحف المصري
TT

متاحف مصرية توثق زيارات المشاهير

رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بالمتحف المصري
رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بالمتحف المصري

ذات يوم، سيتحول بعض مشاهير الحاضر إلى أسماء في كتب التاريخ، وتصبح خطابات وصور السياسيين والزعماء مادة تاريخية نادرة، تزداد قيمتها كلما تراكم عليها غبار الزمن، وربما تصبح صور وتوقيعات هؤلاء في المباني التاريخية والأثرية العالمية وثائق مميزة بمرور السنين. المتاحف المصرية تعمل على توثيق زيارات المشاهير لها، بحفظ صورهم الخاصة داخل المتاحف في ألبومات فوتوغرافية إلكترونية، بالإضافة إلى إبراز بعض المتاحف لتلك الزيارات عبر سجلات توقيع كبار الزوار. ويستخدم المتحف المصري بميدان التحرير (وسط القاهرة) صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لتسليط الضوء على زيارات المشاهير والشخصيات العامة في السنوات الماضية، عبر مشروع «ذاكرة المتحف»، بهدف تذكير المتابعين والجماهير بالزيارات التاريخية للمشاهير.
كما يُعد «سجل كبار الزوار»، الذي يوجد في معظم المتاحف المصرية، شكلاً من أشكال التوثيق الرسمي لزيارات المشاهير، فيما تعطي «الصور التذكارية» بعداً فنياً وتاريخياً أكثر تأثيراً. فذات يوم، قد تتحول الصور الفوتوغرافية في حد ذاتها إلى قطع فنية ذات قيمة تاريخية كبيرة.
صباح عبد الرزاق، مدير المتحف المصري بميدان التحرير، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف من فكرة (ذاكرة المتحف) هو تسليط الضوء على زيارات المشاهير من كل دول العالم للمتحف، عبر إعادة نشر الصور التذكارية التي نقوم بحفظها وأرشفتها إلكترونياً لتكون نوعاً من التأريخ الفني».
وتُضيف عبد الرزاق: «نقوم بحفظ الصور التذكارية على أسطوانات مدمجة، وعلى أجهزة الكومبيوتر، وأرشفتها وفقاً للتاريخ، كي يمكن الرجوع إليها في أي وقت، ولدينا عدد كبير من الصور التي تؤرخ لزيارات المشاهير والسياسيين والشخصيات العامة من كل بلدان العالم الذين زاروا المتحف خلال السنوات الماضية».
ومن بين المشاهير الذين زاروا المتحف المصري في السنوات الأخيرة الفنان الأميركي الشهير ويل سميث الذي زاره عام 2017، ووقع كلمة في سجل كبار الزوار، بجانب المُناضلة الجزائرية الشهيرة جميلة بو حيرد عام 2018، والعالم المصري مجدي يعقوب، والفنانة المصرية ليلى علوي، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو الذي زار المتحف في يوليو (تموز) الماضي، كما استقبل المتحف في مارس (آذار) الماضي أيضاً زيارة رسمية للرئيس البلغاري رومن رادف، بصحبة زوجته ووفد رسمي.
ويحرص كثير من الشخصيات السياسية والمسؤولين الأجانب على زيارة المتاحف المصرية، على هامش مشاركتهم في مؤتمرات وفعاليات سياسية في مصر. ويقول الدكتور ولاء الدين بدوي، مدير متحف قصر المنيل (جنوب القاهرة)، لـ«الشرق الأوسط» إن «المتاحف المصرية تهتم بجميع زوارها بشكل عام، لكن زيارات المشاهير، بحكم طبيعتها، تحظى بمزيد من الاهتمام، إذ يرافقهم عادة مدير المتحف في جولات خاصة، كما يتم التنسيق مع شرطة السياحة عندما يكون الزائر شخصية سياسية تتطلب إجراءات أمنية، وعادة ما يكون لدى السياسيين أطقم أمنية خاصة خلال الزيارة».
ويضيف بدوي: «يحرص المشاهير والشخصيات السياسية على تدوين أسمائهم، وكتابة كلمة في سجل كبار الزوار بالمتحف، كنوع من التوثيق. ومن جانبنا، نقوم بأرشفة الصور التذكارية التي نلتقطها لهم في أرشيف إلكتروني، كي تكون محفوظة للأجيال الجديدة، كجزء من تاريخ المتحف».
ويُقبل السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية العاملين في مصر على زيارة المتاحف بشكل منتظم. وقد استقبل متحف قصر المنيل في أغسطس (آب) الماضي سفير الدنمارك في القاهرة، توماس أنكر كريستنسن، بصحبة وفد من أعضاء البعثة الدبلوماسية. كما حرص كل من السفير الإنجليزي بالقاهرة السير جيفري أدامز، وسفير البرازيل راي أمارال، على زيارة المتحف، بصحبة الأمير عباس حلمي الثالث، أحد أمراء الأسرة العلوية، وحفيد الخديوي عباس حلمي الثاني، وغيرهما من الشخصيات السياسية المرموقة.
الزيارات الرسمية للمتاحف المصرية لها طابع خاص، إذ يتم إبلاغ إداراتها بمواعيد الزيارة بشكل مسبق، وفق الدكتور ممدوح عثمان، مدير متحف الفن الإسلامي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب إبلاغنا بها مسبقاً كي نتمكن من الاستعداد، وإجراء الترتيبات الأمنية، لكن كثيراً من المشاهير والشخصيات العامة يأتون فجأة، لذا نقوم بترتيبات عاجلة فور وصولهم، واصطحابهم في جولات خاصة».
وكشف عثمان عن عزمه طباعة صور الشخصيات الشهيرة التي زارت المتحف، ووضعها في ألبوم خاص، مشيراً إلى أن «قيمة هذه الصور سوف تزداد مع مرور الزمن، وتتحول إلى قيمة فنية، وجزء من تاريخ المتحف، لذلك فإن قيمتها تتجاوز فكرة التوثيق».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)