الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: الأردن يتراجع بعد تقدمه عالمياً

الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: الأردن يتراجع بعد تقدمه عالمياً
TT

الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: الأردن يتراجع بعد تقدمه عالمياً

الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية: الأردن يتراجع بعد تقدمه عالمياً

بعد أن حققت الحكومة الأردنية قفزات كبيرة خلال العقد الماضي في مجال تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة المختلفة، واستخدام السيارات الكهربائية على نطاق واسع، شهد العام الحالي تراجعاً واضحاً في مواقفها. توقيف منح الموافقات الجديدة لمشاريع الطاقة المتجددة لأي مشروع تزيد استطاعته على ميغاواط واحد، وأُلغيت الإعفاءات الضريبية الخاصة على المركبات الكهربائية.
ورغم أن الأردن احتل المرتبة الثالثة بين 103 دول في عام 2018 لأفضل بيئة استثمار في مجال الطاقة المتجددة، وفق مؤشر «كلايمت سكوب» للأبحاث التابع لوكالة «بلومبرغ»، فإن العمل في هذا القطاع يواجه كثيرا من التحديات، من بينها محدودية قدرة الشبكات على استيعاب الأحمال الكبيرة، التي تنتجها مشاريعها على اختلاف أحجامها.
ويتلازم دعم الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بهدف تخفيض مستويات انبعاثات الغازات، مع التزامات اتفاقية باريس للمناخ، التي وقّعها زعماء 200 دولة في العالم، من بينها الأردن، للحد من متوسط ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين.
ويتخوف البعض من أن يؤدي قرار الأردن الأخير بشأن مشاريع الطاقة المتجددة إلى «ضرب التزاماته بموجب الاتفاقية المناخية عرض الحائط، كما أن التصريحات الحكومية تتناقض مع ما ورد في خطة تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً، التي أعلنت عن تفاصيلها العام الحالي»، وفق الناشطة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي. وهي استندت في رأيها إلى «ما ورد في الخطة من بنود تلزم الحكومة بالسعي نحو استقطاب الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، بينما تؤكد الشكاوي المتكررة من الشركات والمستثمرين عكس ذلك، إذ إنهم يشكون من التخبط في التشريعات وتطبيقها».
وكانت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أعلنت سابقاً أن الأردن سيرفع اعتماده على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء المستهلكة، ابتداء من عام 2019، لتصل نسبتها إلى 16 في المائة من الخليط الكلي، منها 10 في المائة من الطاقة الشمسية و6 في المائة من طاقة الرياح، أما النسبة المتبقية، أي 84 في المائة، فتنتج من الغاز الطبيعي.
«بداية العمل في مجال الطاقة المتجددة كانت ناجحة ووصلت إلى مستويات عالية، حيث أصبح الأردن نموذجاً يحتذى به في الدول المجاورة»، بحسب تأكيدات أمين سر جمعية الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة حسن صبح. لكن «الحال سرعان ما تبدل نتيجة التخبط في التشريعات وغياب وضوح الاستراتيجيات، أو عدم وجودها في بعض الأحيان». ولفت صبح إلى أن «الوضع الحالي للطاقة المتجددة في الأردن، بشكل عام، متردٍ للغاية، بسبب الصعوبة الشديدة في الحصول على موافقات تركيب أجهزة جديدة، ولا بد من أن تزيد هذه الإجراءات والقرارات العشوائية المقترحة الأمر سوءاً». ومن التدابير المقترحة، فرض ضريبة على الشمس، والتي اعتبرها صبح بأنها «أمر مستحدث على الشركات، وبالتأكيد ستهدد استمرارية ووجود قطاع الطاقة المتجددة في الأردن».
وكان من المفترض أن يكون إيقاف مشاريع الطاقة فوق ميغاواط واحد مؤقتاً، إذ كانت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي وعدت بتصحيح هذا الأمر والتوصل إلى استراتيجية جديدة خلال 6 أشهر. لكن المهلة انتهت من دون أي قرارات أو مؤشرات إيجابية.
وطالب صبح بـ«تكوين رؤية واضحة واستراتيجية طويلة الأجل لتحقيق الوصول إلى تغطية 80 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول سنة 2050، وهذا يتطلب أن تتوافق جميع الأهداف والخطط والإجراءات وفقاً لهذه الرؤية والاستراتيجية».
المآخذ على الحكومات المتعاقبة لا تقتصر على ملف الطاقة المتجددة، منذ إصدار قانونها عام 2007، بل تتجاوزها لتشمل القرارات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة كالسيارات الكهربائية. فقد قررت الحكومة في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وقف إعفائها من الضريبة الخاصة البالغة 25 في المائة، وعدم تجديد ذلك، وفق كتاب صادر عن دائرة الجمارك.
ويعدّ قطاع النقل ثاني أكبر مساهم في الانبعاثات في عمّان، إذ زاد عدد مركباتها الخاصة بشكل كبير ليتجاوز 1.2 مليون سيارة و7.5 مليون رحلة داخلية يومية، وارتفع نمو حركة مرورها بأكثر من 10 في المائة، سنوياً منذ عام 2005.
وقد كشفت البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة مستثمري المناطق الحرة أنه تم تخليص 32 مركبة كهربائية فقط في شهر يوليو (تموز) الماضي، في حين لم تسجل أي مركبات كهربائية خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران).
وذلك «يثبت بشكل قطعي لا يحمل مجالا للشك أن الحكومة الأردنية لم تأخذ في حساباتها الجانب البيئي، وإنما ارتكزت على تعظيم إيراداتها التي لم تتحقق. فقد عزف المواطنون عن امتلاك السيارات الكهربائية بسبب قرارها»، وفق رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان. ويضيف أنه «رغم أن قطاع النقل هو ثاني أكثر القطاعات مساهمة في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون»، فإن «صاحب القرار لا يلقي أي اهتمام لهذه الأرقام والحقائق».
ويرى الشوشان أن «النزعة الفردية في عملية اتخاذ القرار، وعدم إشراك المعنيين من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في إنتاج حلول إبداعية وإتاحة مساحة من الحوار الوطني حول الملفات الاقتصادية ذات الطابع البيئي، شكّلت حالة من التخبّط في إدارة هذه الملفات».
وكان صدر قرار عام 2015 يعفي السيارات الكهربائية من كامل رسوم التسجيل، من ضمن خطة لتوفير الوقود والمحافظة على البيئة. وقد ساهم هذا في ارتفاع عدد السيارات المستوردة العاملة على الكهرباء من 336 سيارة، إلى 885 سيارة عام 2016. وأكثر من 1500 سيارة عام 2017، لكن منذ بداية 2019 لم يتم التخليص في أي سيارة كهربائية وبيعها، بحسب رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة محمد البستنجي، الذي أضاف أن «هذا القطاع شهد تراجعاً في المبيعات بنسبة مائة في المائة». أما المركبات الكهربائية الـ32 التي تم تخليصها خلال يوليو «فقد استوردها أصحابها مباشرة، وهي تعود إلى ملكيات خاصة ولا علاقة لها بالحركة التجارية في المنطقة الحرة».
وقبيل القرار، وصل عدد السيارات الكهربائية التي يتم تخليصها شهرياً إلى نحو 800. لكن «إذا بقيت الحكومة متشبثة في قراراتها، فستتوقف عمليات البيع والشراء تماماً خلال الفترات المقبلة»، وفقاً للبستنجي.


مقالات ذات صلة

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
TT

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة، كما يؤكد أحد الباحثين.

هذه العبارة التي استُحدثت للإشارة إلى منطقة من العالم يقال إن سكانها يعيشون لفترة أطول من غيرهم ويتمتعون بصحة أفضل من قاطني مناطق اخرى. وكانت جزيرة سردينيا الإيطالية أوّل منطقة تُصنّف «زرقاء» عام 2004.

أدت الرغبة في العيش لأطول مدة ممكنة إلى ظهور تجارة مزدهرة، مِن وجوهها نصائح غذائية، وأخرى لاتباع أسلوب حياة صحي، بالإضافة إلى كتب وأدوات تكنولوجية ومكملات غذائية يُفترض أنها تساهم في طول العمر.

لكنّ الباحث البريطاني في جامعة يونيفرسيتي كوليدج بلندن سول جاستن نيومان، يؤكد في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ البيانات المتوافرة عن الأشخاص الأكبر سنّا في العالم «زائفة لدرجة صادمة جدا».

ودقق بحثه الذي يخضع حاليا لمراجعة، في البيانات المتعلقة بفئتين من المعمّرين: أولئك الذين تتخطى أعمارهم مائة عام، ومَن يبلغون أكثر من 110 سنوات، في الولايات المتحدة وإيطاليا وإنكلترا وفرنسا واليابان.

وفي نتيجة غير متوقعة، وجد أن «المعمّرين الذين تتخطى أعمارهم 110 سنوات» هم عموما من مناطق قطاعها الصحي سيئ وتشهد مستويات مرتفعة من الفقر فضلا عن أنّ سجلاتها غير دقيقة.

يبدو أنّ السر الحقيقي وراء طول العمر هو في «الاستقرار بالأماكن التي تُعدّ شهادات الميلاد نادرة فيها، وفي تعليم الأولاد كيفية الاحتيال للحصول على راتب تقاعدي»، كما قال نيومان في سبتمبر (أيلول) عند تلقيه جائزة «آي جي نوبل»، وهي مكافأة تُمنح سنويا للعلماء عن أبحاثهم التي تُضحك «الناس ثم تجعلهم يفكرون».

كان سوجين كيتو يُعدّ أكبر معمّر في اليابان حتى اكتشاف بقاياه المحنّطة عام 2010، وتبيّن أنه توفي عام 1978. وقد أوقف أفراد من عائلته لحصولهم على راتب تقاعدي على مدى ثلاثة عقود.

وأطلقت الحكومة اليابانية دراسة بيّنت أنّ 82% من المعمّرين الذين تم إحصاؤهم في البلاد، أي 230 ألف شخص، كانوا في الواقع في عداد المفقودين أو الموتى. ويقول نيومان «إن وثائقهم قانونية، لقد ماتوا ببساطة».

فالتأكّد من عمر هؤلاء الأشخاص يتطلّب التحقق من المستندات القديمة جدا التي قد تكون صحتها قابلة للشك. وهو يرى أن هذه المشكلة هي مصدر كل الاستغلال التجاري للمناطق الزرقاء.

* سردينيا

عام 2004، كانت سردينيا أول منطقة تُصنّف «زرقاء». وفي العام التالي، صنّف الصحافي في «ناشونال جيوغرافيك» دان بوتنر جزر أوكيناوا اليابانية ومدينة لوما ليندا في كاليفورنيا ضمن «المناطق الزرقاء». لكن في أكتوبر (تشرين الأول)، أقرّ بوتنر في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه صنّف لوما ليندا «منطقة زرقاء» لأنّ رئيس تحريره طلب منه ذلك، إذ قال له عليك أن تجد منطقة زرقاء في الولايات المتحدة.

ثم تعاون الصحافي مع علماء سكان لإنشاء «بلو زونز» التي أضيفت إليها شبه جزيرة نيكويا في كوستاريكا وجزيرة إيكاريا اليونانية.

إلا أنّ سجلات رسمية لا تنطوي على موثوقية كبيرة مثل تلك الموجودة في اليابان، أثارت الشك بشأن العمر الحقيقي للمعمّرين الذين تم إحصاؤهم في هذه المناطق.

وفي كوستاريكا، أظهرت دراسة أجريت عام 2008 أن 42% من المعمرين «كذبوا بشأن أعمارهم» خلال التعداد السكاني، بحسب نيومان. وفي اليونان، تشير البيانات التي جمعها عام 2012 إلى أن 72% من المعمرين ماتوا. ويقول بنبرة مازحة «بقوا أحياء حتى اليوم الذي يصبحون اعتبارا منه قادرين على الاستفادة من راتب تقاعدي».

ورفض باحثون مدافعون عن «المناطق الزرقاء» أبحاث نيومان ووصفوها بأنها «غير مسؤولة على المستويين الاخلاقي والأكاديمي». وأكد علماء ديموغرافيا أنهم «تحققوا بدقة» من أعمار «المعمرين الذين تتخطى اعمارهم 110 سنوات» بالاستناد إلى وثائق تاريخية وسجلات يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

لكنّ نيومان يرى أنّ هذه الحجة تعزز وجهة نظره، ويقول «إذا انطلقنا من شهادة ميلاد خاطئة منسوخة من شهادات أخرى، فسنحصل على ملفات مترابطة جيدا... وخاطئة بشكل تام».

ويختم حديثه بالقول «كي تعيش حياة طويلة، ما عليك أن تشتري شيئا. استمع إلى نصائح طبيبك ومارس الرياضة ولا تشرب الكحول ولا تدخن... هذا كل شيء».