المطاعم التركية في مصر... نزهة في رحيق التوابل واللحوم

«التافوك» تنافس «إسكندر كباب»

المطاعم التركية في مصر... نزهة في رحيق التوابل واللحوم
TT

المطاعم التركية في مصر... نزهة في رحيق التوابل واللحوم

المطاعم التركية في مصر... نزهة في رحيق التوابل واللحوم

داخل فرن شديد الحرارة يسوى طاجن «كيما بينلي» المكون من خليط اللحم المفروم، وكثير من التوابل والخضراوات الطازجة بعد تغطيته بطبقة رقيقة من العجين، لمدة دقائق ليقدم مع بعض الأطباق المبتكرة. وطريقة عمل «كيما بينلي» تختلف عن تحضير «إسكندر كباب» و«طبق الأناضول»، ولكل من هذه الأصناف مذاق خاص تتميز به المطاعم التركية في مصر.
وتتنوع الأطباق التي تقدمها المطاعم التركية في مصر بين المشاوي والحلويات، وتزداد خصوصيتها في استخدامها القمح الذي يُعد جزءاً رئيسياً من وجبات الطعام اليومية، مثل قرص الخبز المسطح، المعروف باسم «خبز البايد أو اللاوش»، وكذلك الطحين الذي يستخدم لإعداد عجائن رقيقة جداً تُلف حول اللّحم أو الجبن أو الخُضراوات بطبقات عدة لتحضير «البوراك»، وهو أحد أصناف الفطائر، أو تُلف على طبقات محشوة بالمكسرات والكريمة لصنع البقلاوة، وهي مصطلح عام لوصف صنف من الحلويات، ومشهور بمصر.
وتتخصص بعض هذه المطاعم في تقديم طبق «الإسكندر كباب»، وهو عبارة عن شرائح لحم، مُضاف إليها صوص الطماطم فوق الخبز المقلي، كذلك صوص اللبن أو الزبادي، يمكن اعتباره قريب الشبه من فتة اللحمة، بعد ذلك يوضع عليه فص ثوم، وملعقة كبيرة من السمن، وأخرى صغيرة من الملح، ومثلها فلفل أسود، وبهارات، وفلفل أحمر.
ولقد أخذت الأكلات التركية في الانتشار على صفحات التواصل الاجتماعي، مدعومة بعشرات الفيديوهات الخاصة بالشيف «بوراك» التركي، الذي يتفنن في حشو الخروف بمحشي ورق العنب، إلى الدرجة التي تجعل المشاهد يشم رائحة الطعام من خلال البخار المتصاعد أمامه؛ مما زاد من شعبية الأكلات التركية في مصر.
وإذا ساقتك قدماك للسير في شارع جامعة الدول العربية بمنطقة المهندسين في مصر، فغالباً ما ستُشاهد الكثير من المطاعم التي تقدم المأكولات ذات الصبغة الشرقية الخالصة، لكنك ومع جولة أطول ربما سيتبادر إلى سمعك أغانٍ تركية صادرة من مطعم «أتاتورك» بشارع الرياض؛ حينها لا تندهش، فالعلاقة بين العربي والعثماني قديمة ومتأصلة، لدرجة أن بعض الألفاظ يتم تدوالها بين كلا الشعبين.
بجلوسك على إحدى طاولات «أتاتورك»، سيتقدم نحوك أحد العاملين بالمطعم، مرتديا زياً، حاول صانعه أن يكون قريب الشبه من الزي التركي، ثم يقدم إليك قائمة المأكولات، التي لكل طبق منها الموسيقى العثمانية الخاصة بها، ومن حولك ديكور يُحيلك إلى أزمنة مضت.
داخل قائمة الأسعار، هناك ركن «الأطباق الرئيسية» التي في مقدمتها وجبة «تافوك»، وهي عبارة عن دجاجة محشوة بالأرز والبسلة والبهارات التركية، ثم تليها بقية الوجبات، مثل «طاجن كيما بينلي»، و«إسكندر كباب»، و«طبق الأناضول».
«نحن أول مطعم للأكل التركي في مصر»... بهذه الكلمات استهل محمد طه، مدير مطعم «أتاتورك» حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن الحكاية بدأت عندما اصطحب صاحب المطعم أحد الطُهاة المصريين، وذهبا في زيارة إلى صديقه «الشيف» التركي بإسطنبول، للتفكير في إنشاء مطعم يقدم المأكولات التركية بمصر، ومن هناك أتيا بكل الخصائص والبهارات.
ويضيف مدير المطعم، أنه بعد مدة أصبح تواجد «الشيف» التركي يترتب عليه تكلفة مادية عالية، فكان اللجوء للطاهي المصري، الذي «شرب الصنعة» وبات هو الحل الأمثل، لافتاً إلى أن محاولات التجويد في الأكل التركي من الطاهي المصري نادرة، خصوصاً في «الأكلات التي قد تكون غير مستساغة للمتذوق العربي»، بحسب قوله.
ويوضح أن منتجاته تستهدف شريحة اجتماعية عالية؛ كون المطعم التركي معروفاً عنه كثرة اللحوم، بالإضافة إلى البهارات، وكلاهما يجعلان سعر الوجبة مرتفعاً على المستهلك العادي، مستكملاً: «مطعم أتاتورك لا يقدم مأكولات فقط، بل يأخذ الزائر في رحلة حسيّة إلى إسطنبول، تبدأ بالعين، من خلال مشاهدة أزياء وديكورات تركية، مروراً بالطعام ونكهاته، انتهاء بالحفل الموسيقي الذي يُعد أسبوعياً، باستدعائنا عازفين يقدمون ألحاناً شرقية قديمة».
ومن بين الأطباق الرئيسية في «أتاتورك» يبرز «الأناضول» وهو ببساطة عبارة عن باذنجان ملفوف بداخله قطع صغيرة من لحم الموزة، وعليهما من الخارج جبن الموتزاريلا، ويضاف إلى جانب الطبق قمح تم إعداده بصلصة وتتبيلة خاصتين بالمطعم، وذلك بديلاً عن الأرز الذي يقدم بجوار أغلب الأكلات.
ووسط زحام مول «كايرو فيستيفال سيتي» بالتجمع الخامس (شرق القاهرة)، يقع مطعم «تقسيم»، الذي لم يجد مُتسعاً لصنع طقوس تركية كما في غيره من مطاعم الفئة نفسها؛ لكنه يعد قائمة أكلات بصناعة مصرية، يشرف عليها الـ«شيف» التركي، على حد قول محمد علي، مدير المطعم.
وعن إقبال المصريين على الأكل التركي، يقول علي: «الزبون المصري لا يحب المغامرة، بالإضافة إلى خوفه من دفع مبلغ مادي كبير في صنف لا يعرفه، بخلاف الخليجي، الذي اعتاد في بلاده على أطعمة من بلدان مختلفة»، مشيراً إلى أن المواطن السعودي على سبيل المثال يعرف الكثير عن الأطعمة التركية؛ لأنها موجودة بكثرة هناك.
ويرى مدير مطعم «تقسيم» أن الكثير من المطاعم التركية بمصر لم تستمر في المجال؛ بسبب عدم الإقبال الكثيف، منوهاً بأن بعض هذه المحال أغلقت أبوابها لأسباب ترجع إليهم بالأساس، منها: «عدم الثبات على الجودة، وتقليل الكميات، وأخيراً، استبدال البهارات التركية بغيرها، وهو ما يكتشفه المتذوق بسهولة».
ولم تنحصر المطاعم التركية في مصر على العاصمة فقط، حيث أقيمت الكثير من المحال بالمحافظات الإقليمية المختلفة، مثل مطعم «شاشليك» الموجود بالدقهلية، تحديداً في مدينة المنصورة... وعن ذلك يقول أحمد بلده، الطاهي الرئيسي بالمطعم: «إقبال أهل الريف على الأكل التركي قليل نوعاً ما، لكن أصحاب الطبقة الأعلى، ومن جربوا السفر للخارج يميلون إلى التجديد فيأتون إلى شاشليك».
ويشير الشيف أحمد إلى أن اسم المحل مأخوذ من الأكلة التركية الشهيرة، التي تتكون من لحم الضأن، ومكعبات البتلو، قائلاً: «ذلك الصنف وغيره من الوجبات تعلمتها في السعودية على يد طُهاة من إسطنبول مقيمين بالدمام، وهناك حصلت على خبرة أعداد الأكلات التركية، قبل العودة إلى مصر وإقامة محلنا الموجود في المنصورة».
تجربة العمل المستقل لأحمد بلده، بعيداً عن مدربيه من الطُهاة الأتراك، لم تبدأ في مصر، بحسب قوله، فقد استهل العمل في المجال بالسعودية لسنوات عدة، قبل العودة لبلاده، واستقرار الحال به في محافظة الدقهلية.
وبالعودة إلى مصر لم يُفكر أحمد بلده ورفاقه في العمل بالقاهرة التي يعتبرها البعض الحلم الآمن ووسيلة الثراء الأسرع، خصوصاً في مجال المأكولات، نظراً لتنوع الطبقات الاجتماعية بها؛ لكنه أصر على إقامة محله بمحافظته التي نشأ فيها، رغم قلة زبائنها، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
TT

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)

الشيف غابريال في «إيميلي في باريس» (Emily in Paris) هو شخصية محورية في المسلسل، وهو شاب فرنسي وسيم يعمل شيفاً في مطعم في باريس. يُجسِّد دوره الممثل الفرنسي لوكاس برافو. غابريال هو جار إيميلي، ويسكن في نفس المبنى الذي تسكن فيه البطلة الأميركية، التي تنتقل من شيكاغو إلى باريس للعمل في شركة تسويق. تنشأ بينهما علاقة معقدة ومليئة بالتوتر العاطفي، حيث تنجذب إيميلي إلى الشيف غابريال، لكنه في نفس الوقت مرتبط بعلاقة حب مع كامي، وهي إحدى صديقات إيميلي.

إلى جانب جاذبيته الشخصية، غابريال موهوب جداً في الطهي، ويكرس وقته بالكامل لمهنته طاهياً وحلمه الحصول على نجمة ميشلان للتميز. في مواسم لاحقة من المسلسل، يلعب دورُه في إدارة المطعم والطموح لفتح مطعمه الخاص دوراً مهماً في تطور قصته. العلاقة بينه وبين إيميلي وكامي هي جزء أساسي من دراما الحب الثلاثي، التي تتكرر في سياق المسلسل.

الطاولة الشهيرة التي يجلس عليها الشيف غابريال (إنستغرام)

الشخصية تعكس الجوانب الرومانسية والمهنية للعالم الباريسي، حيث يتفاعل الشيف غابريال مع شغفه بالطهي وتحديات العلاقات العاطفية.

هذه هي باختصار قصة الشيف الوسيم الذي يعمل في مطعم «ليه دو كومبير» (Les Deux Compères)، وهو موقع حقيقي ومعروف في باريس، لكنه في الواقع لا يحمل هذا الاسم. المطعم الحقيقي يُدعى «Terra Nera»، وهو مطعم إيطالي يقع في الدائرة الخامسة في باريس بالقرب من البانثيون، تماماً كما في المسلسل.

ومن وراء شهرة «إيميلي في باريس» عالمياً أصبح «تيرا نيرا» وجهة شعبية للزوار والمعجبين بالمسلسل، بعد أن تم تصوير مشاهد كثيرة فيه. على الرغم من أن المسلسل يظهره مطعماً فرنسياً بإدارة غابريال، فإن المطعم الحقيقي يقدم أطباقاً إيطالية.

ويدور كثير من الأحداث والمشاهد في المسسل في هذا المطعم الذي يلعب دوراً محورياً، فهو ليس مكان عمل الشيف غابريال فقط، ولكنه نقطة التقاء شخصيات رئيسية كثيرة في القصة أيضاً.

يشتهر مطعم «تيرا نيرا» بأطباقه الإيطالية الأصلية، فهو صغير الحجم يقصده الذواقة الباحثون عن عنوان إيطالي في قلب العاصمة الفرنسية، كما يشتهر أيضاً بخدمته الجيدة. ويعمل فيه أعضاء من عائلة إيطالية واحدة. من أشهر أطباقه: أنتيباستي ميزون، واللينغويني ألي فونغولي، وساليتشي نابوليتانا، وتورتا ديلا نونا، أو «تورتة الجدة»، ولاكريما كريستي.

ميزة المطعم أنه يقدم مأكولات إيطالية تقليدية مع التركيز على الأطباق الكلاسيكية، مثل البيتزا والمعكرونة، بالإضافة إلى اللحوم والأسماك التي تحضر على الطريقة الإيطالية المتوسطية.

يشتهر «تيرا نيرا» بالأطباق الإيطالية بما فيها الأسماك (إنستغرام)

ومن الأسباب التي زادت من شهرة المطعم هو موقعه في منطقة سياحية، وقربه من معالم ثقافية كثيرة، مثل البانثيون وجامعة السوربون.

الديكور في المطعم بسيط وجميل بنفس الوقت، وأجواؤه دافئة جداً، يجذب كثيراً من الزوار بسبب المسلسل الذي تنتجه «نتفليكس»، ما زاد من شعبيته بين عشاق «إيميلي في باريس» والسياح عموماً، وخاصة عشاق الأكل الإيطالي.

وقبل ظهور المطعم في المسسل كان المطعم مقصد الذواقة الإيطاليين والفرنسيين الذين يعشقون الأكل الإيطالي.

مطعم «تيرا نيرا» الإيطالي في باريس (إنستغرام)

الطاهي الرئيسي في مطعم «Terra Nera» في باريس هو «Giovanni Lepori». يتميز «Lepori» بخبرته الواسعة في تقديم المأكولات الإيطالية الأصيلة، مع التركيز على إعداد الأطباق باستخدام مكونات طازجة وتقنيات تقليدية، تعكس روح المطبخ الإيطالي. ومن الضروري أن تقوم بالحجز المسبق نظراً لشعبيته المتزايدة، خصوصاً خلال المواسم السياحية على مدار العام.