عمارة مكونة من 24 طابقاً في فيينا مشيدة بالخشب

تحتوي على 800 عامود خشبي من شجر التنوب

رسم للعمارة المصنوعة من الخشب
رسم للعمارة المصنوعة من الخشب
TT

عمارة مكونة من 24 طابقاً في فيينا مشيدة بالخشب

رسم للعمارة المصنوعة من الخشب
رسم للعمارة المصنوعة من الخشب

تبدو واجهة العمارة الموجودة في فيينا، تقليدية، بألواحها الحديدية «التي اضطررنا لاستخدامها للحماية من الحرائق»، حسب مطورة المشروع، كارولينه بالفي. أما الشيء اللافت في المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 84 متراً، والذي سينتقل إليه أول ساكن تجاري في الخريف المقبل، فهو أنه أقيم بدءاً من الطابق الأول فصاعداً بنسبة 75 في المائة من أجزاء خشبية.
ويساعد نحو 800 عمود خشبي من أشجار التنوب، أو الراتنج، النمساوية، في حمل هذه الطوابق، في حين أن عناصر الجدران صنعت من مواد خام تعاود النمو، وكذلك السقف الخشبي، تقول المهندسة بالفي إن هذا المبنى فريد من نوعه على مستوى العالم، من حيث إن مساحته الإجمالية تبلغ نحو 20 ألف متر مربع، وإنه مشيد من الخشب والفولاذ، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
تؤكد المهندسة بالفي (40 عاماً) أن هذا المبنى يعد بمثابة «بيان لاستخدام الخشب في بناء العمارات أيضاً»، كما تشدد المهندسة على أن الخوف من أن يتعرض مبنى مكون من الخشب بشكل أساسي، للاحتراق، هو خوف غير مبرر، «حيث إنه لا يجب أن تكون المادة القابلة للاحتراق ذات خصائص سيئة في حالة الحريق».
وتؤكد المهندسة أن الأعمدة الخشبية التي يبلغ سمكها 40 في 40، بل و40 في 124 سنتمتراً، متينة للغاية. كما أوضحت بالفي أنه تم اختبار العنصر الذي تصنع منه الجدران والأسقف من خلال وضعه لمدة 90 دقيقة في غرفة احتراق وتعريضه بهذه الطريقة لحرارة بارتفاع 1000 درجة مئوية: «وكانت النتيجة أن الطبقة الخارجية بسمك 4.‏8 سنتيمتر هي التي تفحمت، وظلت المادة قادرة على التحمل»، وتابعت المهندسة: «إحصائياً يمكن أن تفشل نصف الأعمدة الحاملة لمبنى، ولكن المبنى سيظل واقفاً... لسنا أكبر علبة عود ثقاب في العالم، حسبما كان المنتقدون يرون سابقاً».
وأصبح الخشب مطلوباً كمادة بناء عما كان عليه الأمر سابقاً، ووفقاً لمجموعة «هولتسباو» الألمانية للبناء الخشبي، المنبثقة من قطاع المعمار، ارتفعت نسبة البناء بالأخشاب في المباني السكنية، منذ عام 2014 من 1.‏15 في المائة إلى 8.‏17 في المائة، «ويدل مبنى فيينا الخشبي على الكفاءة المبتكرة للبناء بالخشب، وأنه يتناسب مع المستقبل»، حسبما رأى بيتر أيشر، رئيس مجموعة شركات «هولتسباو» العاملة في قطاع البناء الخشبي.
وكان مشروع «وودي» المعماري بمدينة هامبورغ، أحد المشروعات الهجين الكبيرة التي استخدم في الخشب في البناء إلى جانب الحديد. وكانت الشقق الصغيرة بالمبنى، البالغ عددها 371 شقة، قد أعدت مسبقاً عام 2017 في النمسا وجهزت للتركيب. وانتهى العمل، الربيع الماضي، في مبنى »سكايو» الخشبي في ألمانيا، وهو من 10 طوابق بمدينة هايلبرون (ولاية بادن فورتمبرج)، وانتقل السكان إليه بالفعل. ومن المقرر أن ينتهي العمل من مبنى «فيلد شبيتسه» الخشبي في هامبورغ عام 2021، وسيناطح مشروع فيينا. وافتتح أعلى مبنى من الخشب على مستوى العالم في مدينة بروموندال في النرويج في مارس (آذار) الماضي، ولكن مساحته الصافية أقل بكثير من مساحة مبنى فيينا.
وأصبح صناع القرار السياسي في ألمانيا، على سبيل المثال، يبدون انفتاحاً أكثر على هذا البناء، حيث وجهت حكومة بادن فورتمبرغ، على سبيل المثال، بمعرفة المشروعات العامة التي يمكن بناؤها باستخدام الخشب، وذلك لأن استخدام الخشب في البناء يصب في صالح المناخ، لأن الخشب الذي لا يحترق ولا يتعفن، بل يظل محفوظاً، لا يتخلص من ثاني أكسيد الكربون الذي بداخله. كما أن هناك ميزة أخرى هائلة للبناء بالخشب، ألا وهي أن الخشب خفيف بما يكفي لعمليات التوسع في أسقف الأبنية في المدن، حسبما أوضح بيتر أيشر، مشيراً إلى دراسة لباحثين بجامعة «دارمشتات» الألمانية أكدت إمكانية إضافة ما يصل إلى 7.‏2 مليون شقة فوق أسطح الأبنية في ألمانيا.
وأوضحت المهندسة بالفي أن الفكرة التي كانت تسيطر عليها عندما حصلت عام 2013 على المساحة التي ستقيم عليها مبنى «هوهو فيينا» الخشبي في فيينا هي أن «التقليد أصبح سقيماً»، وقالت إن المستثمر جونتر كيربلر، صاحب المشروع، لم يتردد في إنشائه، حتى وإن كانت تكاليف المشروع أعلى قليلاً من تكاليف إنشائه بالخرسانة التقليدية، وذلك بسبب الأوجه الريادية للمبنى الخشبي.
وبلغت التكلفة الإجمالية للمبنى الرئيسي المكون من 24 طابقاً، إضافة للمبنى المجاور المكون من خمسة طوابق، نحو 75 مليون يورو. ويقع مبنى «هوهو فيينا» في منطقة بارزة في فيينا، وهي منطقة زيشتات، شمال شرقي العاصمة النمساوية، وهو الحي الذي شهد في السنوات الماضية نشأة أحد أكبر مشروعات التخطيط العمراني في أوروبا.
ومن المنتظر أن تقام في هذا الحي شقق تسع 20 ألف إنسان، بأسعار في متناول الكثيرين، وهو ما سيوفر عدة آلاف من فرص العمل، ويؤكد القائمون على هذه المشروعات على أهمية مناخ المنطقة، وبالطبع الإشارة إلى جدواه البيئية، «حيث إن الخشب الذي نستخدمه لدينا قد عاود النمو في الغابات النمساوية خلال ساعة و17 دقيقة»، وفقاً لحسابات المهندسة بالفي.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.