اشتعال حرب التجارة الأميركية ـ الصينية يجهض «تحسنات يوليو»

بكين كثفت استيراد الصويا والنفط وتصدير العناصر النادرة لواشنطن

شهد شهر يوليو الماضي استيراد الصين شحنات كبيرة من فول الصويا الأميركي في ظل الهدنة المعلنة بين الطرفين (رويترز)
شهد شهر يوليو الماضي استيراد الصين شحنات كبيرة من فول الصويا الأميركي في ظل الهدنة المعلنة بين الطرفين (رويترز)
TT

اشتعال حرب التجارة الأميركية ـ الصينية يجهض «تحسنات يوليو»

شهد شهر يوليو الماضي استيراد الصين شحنات كبيرة من فول الصويا الأميركي في ظل الهدنة المعلنة بين الطرفين (رويترز)
شهد شهر يوليو الماضي استيراد الصين شحنات كبيرة من فول الصويا الأميركي في ظل الهدنة المعلنة بين الطرفين (رويترز)

أظهرت بيانات الجمارك الصينية أمس أن شهر يوليو (تموز) الماضي شهد نموا كبيرا في واردات رئيسية للصين من الولايات المتحدة، في مؤشر على أن حرب التجارة بين الطرفين كانت في طريقها للتحسن قبل التصعيد الأخير المتبادل بين الجانبين.
وأوضحت بيانات الجمارك الصينية أمس أن واردات الصين من فول الصويا الأميركي تضاعفت 3 مرات في يوليو مقارنة بالعام السابق، وذلك مع وصول شحنات البضائع التي طلبتها الشركات الصينية خلال مرحلة الهدنة التجارية، التي أعلنت بالتزامن مع إعادة المباحثات بين الجانبين.
واستوردت الصين، أكبر مشتر لفول الصويا في العالم، في يوليو أكثر من 911 ألف طن من البذور الزيتية من الولايات المتحدة، مقارنة بما يصل إلى 308 آلاف طن في الشهر المماثل من العام السابق، وبارتفاع نسبته 48.3 في المائة مقارنة بشهر يونيو (حزيران) 2019.
وفرضت بكين في يوليو من العام الماضي تعريفة بنسبة 25 في المائة على قائمة منتجات أميركية تضم فول الصويا، ردا على تدابير تجارية مماثلة فرضتها واشنطن على البضائع الصينية، ما أدى إلى شبه توقف لشحنات فول الصويا من أميركا إلى الصين.
لكن الشركات الحكومية الصينية استأنفت بعض عمليات الشراء بعد الهدنة الثنائية في ديسمبر (كانون الأول)، بيد أن التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم ما لبثت أن تصاعدت مجددا في الأسابيع الأخيرة، ما وضع الأسواق في حالة اضطراب.
وكانت وزارة التجارة الصينية قد أعلنت الأسبوع الماضي اعتزامها فرض رسوم إضافية على كمية من السلع الأميركية، قيمتها 75 مليار دولار، وقالت إنها ستفرض المزيد من الرسوم على سلع أخرى.
ومن جانبه، رد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ذلك برسالة قوية عبر موقع «تويتر»، حيث كتب أن هناك «كميات ضخمة من الأموال صنعتها وسرقتها الصين من الولايات المتحدة، سنة بعد سنة، على مدى عقود ويجب أن يتوقف هذا».
أيضا أظهرت بيانات جمركية يوم الأحد أن صادرات الصين من العناصر الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة انتعشت في يوليو مقارنة بالشهر السابق، حيث تراجعت المخاوف من أن بكين قد تحد من إمداداتها في إطار الحرب التجارية بين البلدين.
وبلغ إجمالي الشحنات إلى أميركا 447 طناً في الشهر الماضي، وفقاً لبيانات الإدارة العامة للجمارك، وهو أعلى إجمالي شهري في سجلات قاعدة البيانات الجمركية التي تعود إلى يناير (كانون الثاني) 2017 وارتفع الحجم بنسبة 8 في المائة عن شهر يونيو، عندما انخفضت الشحنات من أعلى مستوى في مايو (أيار) عند 431 طناً، ونحو 26 في المائة على أساس سنوي.
والصين هي المنتج المهيمن في العالم للعناصر الأرضية النادرة، والتي تستخدم على نطاق واسع في الأجهزة الطبية، والإلكترونيات، والصناعات الدفاعية. وقد لوحت سابقا باحتمال تقييد إمدادات العناصر النادرة إلى الولايات المتحدة، على الرغم من عدم الإعلان عن أي تدابير رسمية.
ومن بين التعريفات الانتقامية على 75 مليار دولار من البضائع الأميركية التي أعلنت في وقت متأخر من يوم الجمعة، فرضت وزارة المالية الصينية رسماً بنسبة 5 في المائة على واردات العناصر الأرضية النادرة الدائمة من الولايات المتحدة اعتباراً من 15 ديسمبر المقبل، على الرغم من أن هذه الواردات بلغت 4 أطنان فقط من الولايات المتحدة خلال النصف الأول من عام 2019، كما تم فرض تعريفة على واردات 11 مادة نادرة أخرى متعلقة بالأرض.
ومن المنتجات الأرضية النادرة الأخرى للولايات المتحدة اللانثانوم، والذي يستخدم في صناعة تكرير النفط. وأظهرت بيانات الجمارك أن صادرات الصين من أكسيد اللانثانوم إلى الولايات المتحدة بلغت 966 طناً في يوليو، وكان هذا هو أعلى إجمالي شهري منذ ديسمبر 2018، أي أكثر من ضعف المحقق في يونيو عند 433 طنا، وبزيادة 119.5 في المائة على أساس سنوي. وبلغت صادرات كربونات اللانثانوم 119 طناً، أقل بقليل من 120 طناً في يونيو، وبزيادة بنسبة 71.9 في المائة على أساس سنوي.
وارتفع إجمالي صادرات العناصر الأرضية النادرة في الصين، والتي يمكن أن تتقلب بعنف، بنسبة 32.2 في المائة في يوليو من الشهر السابق لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ ديسمبر.
ومن جهة أخرى، تضاعفت واردات الصين من النفط الخام من الولايات المتحدة إلى 1.53 مليون طن خلال شهر يوليو الماضي، بالمقارنة مع 769 ألف طن في يونيو السابق عليه، وذلك بحسب ما ذكرته البيانات الجمركية الصادرة الأحد.
وأفادت وكالة «بلومبرغ» بأن الرقم يأتي بالمقارنة مع الرقم الذي تم تسجيله في يوليو من عام 2018، والبالغ حجمه 1.06 مليون طن. غير أن الشحنات في أول سبعة أشهر من العام انخفضت 63.4 في المائة مقارنة بها قبل عام، إلى 3.65 مليون طن أو 125 ألفا و745 برميلا يوميا، مع استمرار تأثير الخلاف التجاري بين البلدين على تجارة النفط بينهما. وكانت أسعار التعاقدات الآجلة للنفط في التعاملات الأميركية قد تراجعت يوم الجمعة مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما أجج المخاوف من تراجع الطلب العالمي على الطاقة.
وفي سياق ذي صلة، أظهرت بيانات الجمارك الصينية أن واردات الصين من النفط الفنزويلي هبطت 62 في المائة في يوليو مقارنة بالشهر السابق، مع تنامي التوترات بين واشنطن وحكومة مادورو مما أثار قلق مشتري الخام من الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.
وأفادت بيانات الإدارة العامة للجمارك بأن كميات الخام التي استوردتها الصين من فنزويلا بلغت 703 آلاف و742 طنا في الشهر الماضي، أو 165 ألفا و720 برميلا يوميا، انخفاضا من 275 ألفا و646 برميلا يوميا في يونيو.
وتراجعت صادرات فنزويلا من النفط 17.5 في المائة في يوليو لتسجل ثاني أقل مستوى لها منذ أن فرضت واشنطن عقوبات في يناير، بحسب بيانات داخلية من شركة بي دي في إس إيه الفنزويلية التي تديرها الدولة ورفينيتيف أيكون. وأوقفت مؤسسة البترول الوطنية الصينية، أحد المشترين الرئيسيين للنفط الفنزويلي، عمليات التحميل في أغسطس (آب) الجاري وسط مخاوف من تعرضها لعقوبات. وأظهرت بيانات رفينيتيف لأبحاث النفط أن ثلاث شحنات تحمل 540 ألف طن من الخام غادرت فنزويلا للصين منذ بداية الشهر، أي نصف الرقم المسجل في يوليو.
وفي أول سبعة أشهر من العام تراجعت واردات الصين من الخام الفنزويلي 13.4 في المائة مقارنة بها قبل عام، إلى 9.37 مليون طن أو 322 ألفا و601 برميل. وارتفعت الواردات من إيران في يوليو إلى 926 ألفا و119 طنا، أو 218 ألفا و86 برميلا.
وظلت السعودية في مقدمة الدول التي تصدر النفط للصين في الشهر الماضي، إذ باعت لها 6.99 مليون طن أو 1.65 مليون برميل يوميا بحسب بيانات الجمارك، مقارنة مع 1.88 مليون برميل يوميا في يونيو. وبلغ حجم الواردات من روسيا 5.67 مليون طن أو 1.34 مليون برميل يوميا، بزيادة 6.5 في المائة على أساس سنوي، ولكن بانخفاض 23 في المائة مقارنة مع يونيو.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.