أميركا وزمن «الإرهاب الأبيض»

أصولية يمينية تنتقل من كرايستشيرش إلى تكساس وأوهايو

شرطي نيوزيلندي مسلح يقف أمام مسجد «النور» في كرايستشيرش 16 مارس الماضي (أ.ف.ب)
شرطي نيوزيلندي مسلح يقف أمام مسجد «النور» في كرايستشيرش 16 مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

أميركا وزمن «الإرهاب الأبيض»

شرطي نيوزيلندي مسلح يقف أمام مسجد «النور» في كرايستشيرش 16 مارس الماضي (أ.ف.ب)
شرطي نيوزيلندي مسلح يقف أمام مسجد «النور» في كرايستشيرش 16 مارس الماضي (أ.ف.ب)

عبر أقل من أسبوع واحد شهدت الولايات المتحدة الأميركي 3 حوادث إطلاق نار، غالباً ما ستسفر التحقيقات عن أنها نتاج لخطاب الكراهية والعنصرية، وارتفاع المد اليميني المتطرف، في ثلاثة أماكن مختلفة: غيلوري في كاليفورنيا، وإل باسو بتكساس، ودايتون بأوهايو.
تضيق الأسئلة التي يستدعيها المشهد الأميركي الآنيّ عن المسطح المتاح للكتابة، غير أننا باختصار مفيد نبدأ من عند إشكالية توافر الأسلحة في أيدي الأميركيين، ونمضي مع تطورات القوميات ونهوضها الضار حتى في الداخل الأميركي الواسع والفسيح، والذي هو في الأصل جماعة مهاجرة تجمعها بوتقة انصهار، وصولاً إلى كارثية وسائل التواصل الاجتماعي تلك التي جعلت بعض مرتكبي عمليات أميركا واقعين تحت التأثيرات الكارثية لمشاهد المذبحة التي جرت في كرايستشيرش قبل بضعة أشهر في نيوزيلندا، ومن دون أن نغفل الآثار الكارثية للأفكار الفاشية التي عادت لتضرب من جديد.
مَن المسؤول عما جرى حديثاً من العناصر الثلاثة المتقدمة، أم أنها، ومن سوء الطالع، باتت تمثل مختلطةً تركيبة مسمومة تنزع الحياة من الآمنين في الحل والترحال؟
بشيء من التفصيل، لطالما تشكّى الأميركيون من العنف المسلح، ذاك الذي سهّل من حدوثه الإجرامي توافر الأسلحة في يد الشعب الأميركي، ونظرة إلى الماضي منذ عام 2012 حتى الساعة نجد أننا أمام تصاعد خطير وغير مسبوق في تاريخ أميركا، ففي يوليو (تموز) 2012 وقع في سينما بمدينة أورورا بولاية كاليفورنيا 12 قتيلاً، وفي العام نفسه سقط 26 قتيلاً في مدرسة ساندي هوك في شمال شرق ولاية كونيتيكت، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015 قتل متطرفان من باكستان 14 شخصاً، أما جريمة نادي المثليين التي حدثت في أورلاندو في يونيو (حزيران) 2016 فقد أسقطت بـ49 قتيلاً، وفي 2017 راح 17 شخصاً ضحية أميركي أفغاني، وبالوصول إلى لاس فيغاس نجد 58 قتيلاً لا يزال سر قاتلهم ستيفن بادوك مجهولاً، أما هجوم كنيسة ساذرلاند في تكساس في العام نفسه فقد ذهب بـ25 قتيلاً غير الجرحى، والقائمة طويلة ومتسعة وصولاً إلى الأحداث الأخيرة.
محور النقاش هذا موصول بمدى حرية الوصول إلى السلاح في الفكر الشعبوي الأميركي، لكن يبقى التساؤل المقلق: «ألم تكن القوانين هي عينها من قبل، وإذا كان ذلك كذلك فأي سبب جعل هذه الأحداث تتصاعد على هذا النحو المخيف مقارنةً بالعقود الماضية؟».
الشاهد أن علماء الاجتماع الأميركيين في حيرة قوية من أمرهم، ولأن التفسيرات السيكولوجية بعيدة حتى الساعة عن منظورهم التحليلي، لهذا يبقى النقاش محشوراً ومحصوراً في دائرة شرعية امتلاك الأسلحة من عدمها، والكل يعرف أن التعديل الثاني الصادر عن الكونغرس الأميركي في سبتمبر (أيلول) 1789 جاء فيه أن «وجود قوات شعبية (ميليشيا) جيدة التنظيم ضروري لأمن أي ولاية حرة، حق الأفراد في اقتناء أسلحة وحملها لا يجوز انتهاكه».
غير أن البعض يحاجج بأن الظروف البيئية والحياتية قد تغيرت وعلى هذا الأساس لا بد من إعادة النظر في هذا البند، فهل يوافق الأميركيون على مثل هذا التوجه أم يرفضونه؟
حسب استطلاع رأي لمركز «بيو» للأبحاث جرى في الفترة بين سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) 2018، فإن 57% من الأميركيين يرون أن القوانين الخاصة بالسلاح ينبغي أن تكون أكثر صرامة، في حين يذهب 31% إلى أن القوانين الحالية كافية.
الانقسام الأميركي يتعزز حسب الانتماءات الحزبية، تجاه مسألة حيازة الأسلحة، وهي ركن أساسي في تسهيل عمليات القتل داخل المجتمع الأميركي.
يقول 80% من الديمقراطيين والمستقلين الذين يصوّتون لصالح الحزب الديمقراطي إن القوانين ينبغي تشديدها، في حين لا يوافقهم على ذلك سوى 28% من الجمهوريين والمستقلين الذين يصوّتون لصالح الحزب الجمهوري.
بل إن 76% من الجمهوريين يرون أن حماية حق الأميركيين في امتلاك أسلحة أهم من فرض قوانين حول حيازتها، في حين لا يشاطر ذلك الرأي سوى 19% من الديمقراطيين.

- انقسام عميق حول حيازة السلاح
خلاصة المحور الأول الذي نحن بصدده أن الانقسام عميق بين الأميركيين أنفسهم، وسوف يظل إلى أجل أطول، وعليه سيكون الوصول إلى السلاح أمر متاح ومباح، وسقوط القتلى أيضاً وارد وبقوة، كما أن احتمالات فرض الكونغرس قيوداً على شركات السلاح المحلية أمر ضئيل من جراء النفوذ الذي تتمتع به، والسطوة التي تمثلها تبرعاتها لنواب وشيوخ الكونغرس الأميركي، في مقابل غض الطرف عن الإشكالية القاتلة المتقدمة.
والشاهد أنه كما يقول الروائي الروسي الكبير ليو تولوستوي: «إذا أشرت في الفصل الأول من روايتك إلى أن هناك بندقية معلقة على الحائط، فإنه على أبعد تقدير سوف تنطلق رصاصاتها في الفصل الثالث...». ماذا نعني بهذا الحديث؟
يضحى من الطبيعي أن حرية الوصول إلى السلاح تغري أصحاب النفوس الضعيفة بارتكاب ما يحلو لهم من جرائم، بعضها عرقيّ وغيرها دوغمائي ديني، لم يعد يقتصر على الأميركيين فقط، بل بتنا نرى جنسيات مهاجرة تُستغل كـ«كعب أخيل» الأميركي في تحقيق أهدافها الأصولية، وثالثها متصل بالجندر، أي النوع ذكر أو أنثى. ولعل الناظر إلى عمليتي إطلاق النار الأخيرتين يرى شابين تجمعهما الكراهية العمياء، الأول ضد المهاجرين خصوصاً المتحدرين من دول أميركا اللاتينية، والآخر ضد الجميع مع كراهية خاصة للنساء. بدأت أميركا كحلم للمهاجرين من دول العالم كافة، لا سيما الأوروبيين المضطهدين والهاربين من نيران الصراعات المذهبية والطائفية في أوروبا القرون الوسطى، وتالياً هاجرت جنسيات من مختلف دول العالم إلى الأرض الأميركية البكر، وبالتالي فإنه لا يوجد عِرق أميركي خالص، بل خليط من كل الأمم وكل الشعوب وكل القبائل، بلغة اليمين الأميركي المسيحي، وعليه فقد انصهر الجميع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أصحاب الأرض الأصليين من الهنود الحمر قد تعرضوا للإبادة من قِبل الرجل الأبيض، وعليه فإن قيام باتريك كروسيوس (21 عاماً)، مطلق النار في مدينة إل باسو، بنشر بيان له على شبكة الإنترنت يُظهر فيه عداءه للمهاجرين، أمر يؤكد وجود خلل نفسي ومجتمعي داخل دولة عمادها الرئيس المهاجرين.
في هذا السياق يمكننا أن نتساءل: «هل هناك مَن نجح في إصابة البنية الهيكلية الأميركية بخلل جسيم إذ بات المهاجر يعد خصماً من رصيد القوة الأميركية متعددة الصفات حول العالم؟».
في البيان الذي صدر عن مكتب المباحث الاتحادية بعد حادثة إل باسو، نجد التعبير التالي: «إن الهجوم يؤثر على التهديد المستمر الذي يشكله المتطرفون المحليون ومرتكبو جرائم الكراهية. يحتاج الحديث عن الأسباب التي دفعت وستدفع هذا الفصيل الأميركي المتنامي إلى دراسات مطولة بعينها يقوم عليها علماء النفس والاجتماع، ورجالات الدين والسياسة، عطفاً على خبراء المال والأعمال، وفي غالب الأمر فإن هناك تخوفات شديدة من انقلاب معدلات الموازين الديموغرافية في الداخل الأميركي، بمعنى أن الإحصاءات السكانية الأخيرة أضحت مقلقة للرجل الأبيض الأنغلوساكسوني، الذي كان ولا يزال يعرى نفسه السيد من دون منازع، أي أنها مخاوف «الواسب»، من البيض أصحاب الخلفيات الأوروبية البروتستانتية، من أن يصحوا ذات نهار ليجدوا أنفسهم أقلية وسط طوفان بشري من جنسيات أخرى لا سيما القادمين من أميركا اللاتينية.

- تطرف يميني عابر للقارات
هناك جزئية خطيرة باتت تفتّ في عضد المجتمع الأميركي، وهي أن الصراع الآن قومي عرقي أكثر منه إيمانياً أو دينياً، فالمعروف أن قارة أميركا الجنوبية عن بَكْرة أبيها هي قارة كاثوليكية، والمهاجرين منها إلى الولايات المتحدة الأميركية هم كاثوليك بالمولد والنشأة، لكنّ رجال «الواسب» يرون في هؤلاء أيضاً تهديداً مقلقاً بنفس القدر الذي باتوا يعاملون به المسلمين سواء من أصحاب الأصول الأفريقية، أو الوافدين من العالم العربي والشرق الأوسط، أو المسلمين الآسيويين.
يتبقى المحور الثالث في هذه السطور وهو الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي، وكيف أنها كانت سبباً رئيساً، وستكون كذلك من أسف في قادم الأيام، إن لم تتم معالجة الأمر على عجل، وإن كان المرء يظن أنه قد فات الأوان، فقد انطلق الجنّي من القمقم، وبات من العسير إرجاعه ثانية.
في بيان مكتب التحقيقات الاتحادية الأخير بعد هجوم إل باسو نقرأ تحذيراً من أن المتطرفين الذين يمارسون العنف المحلي في الولايات المتحدة قد يستلهمون هذه الهجمات، والهجمات البارزة السابقة، للقيام بأعمال عنف مماثلة.
في بيان الكراهية الذي نشره كروسيوس على الإنترنت قبل إقدامه على ارتكاب فعلته الشنعاء هذه، أشار إلى دعمه للمشتبه به في إطلاق النار في مسجد كرايستشيرش في نيوزيلندا، والذي قتل 51 شخصاً في هجومين متتاليين في شهر مارس (آذار)، مؤكداً أنه كان محقاً فيما فعله.
هل بات العالم على موعد مع كوارث قدرية أسوأ من هذا الذي حدث من جراء التواصل المعلوماتي غير المسبوق في التاريخ الإنساني؟ وإذا كان ذلك كذلك فأي قيمة إنسانية وأخلاقية لتواصل وابتكار يوقع آلاف الجرحى والقتلى ضحايا لخطابات الكراهية، التي تروَّج صباح مساء كل يوم بسرعة أسرع من البرق؟

- فكر «الاستبدال العظيم»
في خطابه الممجوج أكد كروسيوس أيضاً قناعاته واعتقاده الكبير بفكر «الاستبدال العظيم»، وهي النظرية التي تدّعي تفوق الرجل الأبيض، وترى أن الناس المتحدرين من أصل أوروبي حققوا القوة والانتشار في العالم، وأن هناك جنسيات أخرى حول العالم تسعى إلى طردهم من المراكز الحضرية والأساسية للحضارة، إلى التخوم والأطراف واحتلال أماكنهم بالتسرب السكاني أولاً، ثم بامتلاك ناصية القوة ثانية.
«الاستبدال الكبير» عنوان كتاب صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 لصاحبه الكاتب الفرنسي صاحب النزعات اليمينية المدعو رينو كامو، وقد أحدث خللاً فكرياً كبيراً في القارة الأوروبية، من جراء الترويج لفكر «أسلمة أوروبا»، وتعرُّض الحضارة الغربية والرجل الأبيض لحصار من أقوام وأجناس صفراء وسمراء، جلبتها موجات الهجرة الجماعية في العقدين الأخيرين، وقد تسببت في الكثير من العداءات، وصحوة خطابات الكراهية في نفوس الأوروبيين. هل قُدِّر للخطاب عينه أن يقفز إلى الجانب الآخر من الأطلسي؟
الكارثة أن الأفكار لها أجنحة، والغضب له ضحايا، وبينهما يبقى العالم قلقاً حائراً ومضطرباً، إلى حين إشعار آخر، أو كارثة أصولية يمينية أوروبية أو أميركية أخرى، وساعتها يتجدد الحديث الذي لا يشفع أو ينفع، إن لم يتم التنادي من أجل حلول جامعة مانعة، شافية وافية لاستئصال شأفة الإرهاب الأبيض.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».