قمة «وئام الأديان» تنطلق من كولومبو بحضور الرئيس السريلانكي

شهدت مشاركة الفاتيكان وقيادات دينية إسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية

القمة المهمة تؤكد عزيمة أتباع الأديان على إيضاح حقيقة الأديان الداعيةِ في أصلها للمحبة والسلام والوئام (واس)
القمة المهمة تؤكد عزيمة أتباع الأديان على إيضاح حقيقة الأديان الداعيةِ في أصلها للمحبة والسلام والوئام (واس)
TT

قمة «وئام الأديان» تنطلق من كولومبو بحضور الرئيس السريلانكي

القمة المهمة تؤكد عزيمة أتباع الأديان على إيضاح حقيقة الأديان الداعيةِ في أصلها للمحبة والسلام والوئام (واس)
القمة المهمة تؤكد عزيمة أتباع الأديان على إيضاح حقيقة الأديان الداعيةِ في أصلها للمحبة والسلام والوئام (واس)

أطلقت رابطة العالم الإسلامي في العاصمة السريلانكية كولومبو أعمال قمة «وئام الأديان» بحضور الرئيس السريلانكي مايثريبالا سيريسنا ومشاركة الفاتيكان، وعدد من القيادات الدينية من كافة الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية، إضافة إلى عدد من الشخصيات العالمية تجاوز الألفي شخصية من علماء الأديان والسياسيين والمفكرين والإعلاميين.
وقال الرئيس السريلانكي: «لم يكن المسيحيون وحدهم من تضرر من العمليات الإرهابية، ويهمنا الآن أن تتوقف لغة الكراهية بين أطياف الشعب، سريلانكا على مر العصور كانت تنعم بأمان وسلام ووئام بين المواطنين الذين ينتمون لأديان مختلفة، والتفجيرات الإرهابية حادث جبان وآثم والأمة السريلانكية تضررت منها، والمنظمة الإرهابية التي نفذت هذه الجريمة لا تؤمن بالحوار ولا تمثل الإسلام، المسلمون عانوا بعد التفجيرات بسبب أن المعتدين ينسبون أنفسهم للمسلمين، والسلام خيار العقلاء وهو خيار سهل، وأنا أؤمن أن هذه القمة ستنشر رسالة السلام والوئام والتعايش بين الناس في جمهورية سريلانكا».
وقدم الرئيس السريلانكي الوسام الأعلى بسريلانكا لأمين عام رابطة العالم الإسلامي، لدوره في تعزيز السلام بين الأديان و«يسرنا أن يكون سفيراً دائماً للسلام».
من جهته، قال أمين عام رابطة العالم الإسلامي كلمته خلال القمة: «يسعدني أن أكون في هذا الجمع المتميز في سياق هذه القمة التاريخية والتي جاءت على خلفية فاجعة مؤلمة تعرضت لها جمهورية سيريلانكا هذا العام على يد الغدر الإرهابي بإجرام مُروع طال دوراً للعبادة وغيرَها، وقبل ذلك وفي العام نفسه تعرضت مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا لهجوم إرهابي بشع على مسجدين للمسلمين، وكذلك ما تعرض له كنيس يهودي في كاليفورنيا الأميركية من اعتداء إرهابي وحشي، وقبله على كنيس في بنسلفانيا الأميركية». وأضاف: «هذه القمة المهمة حول (سلام الأديان) تؤكد عزيمة أتباع الأديان على إيضاح حقيقة الأديان الداعية في أصلها للمحبة والسلام والوئام، لم يكن الدين يوماً من الأيام شراً على البشرية، وفي الإسلام قال الله تعالى في القرآن الكريم عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، لكنَ الأشرار والمختطفين فكرياً لم يرضوا بذلك فجعلوا من الدين جسراً لتمرير أهدافهم، وواجبنا كقادة ومراجع وشخصيات دينية مواجهة هذا الادعاء الكاذب لنوضح الحقيقة للعالم بالشاهد الحي». وتابع: «لقد تعرضت عدد من الأماكن الآمنة المسالمة بما فيها دور العبادة لأعمال إرهابية فاجعة هزت العالم، لا تُعَبّر إلا عن أفكار وأهداف كل من كان وراءها، ولذا بادر الجميع، ومن ذلك قادة الأديان ومن بينهم الدين الإسلامي للبراءة من أعمالها الإجرامية التي لم يفجع إرهابها جهاتها المستهدفة فحسب بل فجعت العالم كله».
وأوضح الدكتور العيسى أن قمة كولومبو جاءت لتُشَخّص الحالة الراهنة وتضع الحلول لها، ولتعقد عزيمة المؤتمرين على العمل النوعي الفاعل لمواجهة قوى الشر الإرهابي، كما جاءت أيضاً لتكشف الحقائق بكل شفافية. وأشار إلى أن الجميع يتطلع إلى أن يتضمن إعلان كولومبو كل ما يصبو إليه المتابعون لأعمال هذه القمة المهمة منطلقة من جمهورية سيريلانكا التي تعرضت لعدد من العمليات الإرهابية. وقال: «سيظل عالمنا آمناً بإذن الله تعالى رغم ممارسات قوى الشر الإرهابية وستظل تلك القوى معزولة الفكر ومحاربة ومطاردة مهما تكن تدابيرها اليائسة ما دامت إرادتنا صلبة أمامها وهي كذلك بعون الله».
ولفت العيسى، إلى أن هذا المؤتمر يؤكد رسوخ الخير وثباتَهُ وسيادتَهُ، ولن نُنْكِر أن هناك تساهلاً حصل تجاه السماح بترويج المواد الأولوية للتطرف العنيف والإرهاب ويأتي في مقدمتها خطابُ الكراهية والعنصرية والاستعلاءِ المقيتِ على الآخرين بغطرسة الآيديولوجية الدينية والعرقية، وأول هذا التساهل يأتي من التحفظ على سن التشريعات المُجَرِمة لذلك الخطاب المفضي حتماً إلى الفعل الضار كما تدل على ذلك وقائعُ مادية مشاهدة لا مجردُ نظرياتٍ وأطروحاتٍ تخمينية. وأضاف: «لقد وجد البعضُ الذريعة السهلة عندما أتيحت له فرصة تصدير المواد الأولية لصناعة التطرف العنيف والإرهاب وذلك تحت غطاء الحريات، ليتضاعف الجرم في هذا من خلال تشويه المعنى الأخلاقي للحريات، والتسلل من خلال ذلك لتهيئة البيئة المناسبة للعنف والإرهاب، وإذا كانت الحكمة تقول إن توصيف المشكلة هو نصف الطريق لحلها فإن مشكلة الإرهاب تكمن في السماح لخطاب الكراهية والعنصرية دون تجريم، والسماح لازدراء أتباع الأديان والثقافات دون تجريم، وكذلك تغذية الأطفال والشباب بأوهام الحواجز النفسية ضد الآخر الذي هو النفس التي خلقها الله تعالى لتشاركه الأخوة الإنسانية وزمالة الحياة وما فيها من ضرورة التعاون والتبادل والتعايش، وقاعدة ذلك كله المحبة والتسامح والحكمة في القول والعمل». وتابع: «لكن كما نرى جميعاً غالباً ما تتطور تلك الحواجز المفتعلة إلى القناعة بعدم إمكانية التعايش مع الأخ في الإنسانية الذي كرمه الله تعالى وجعل وجوده من ضرورات الحياة، لتأتي المطالبة بعد ذلك بإلغاء وجود الآخر ليقف هذا العته الفكري متحدياً ومصادماً لسنة الخالق التي قضت بوجود الاختلاف والتنوع والتعدد، ومع هزيمة وخسارة أسلافه عبر التاريخ إلا أن العنف والإرهاب لا يتعظ في غالب أحواله إلا بنفسه، وله مع القدر الإلهي موعد حتمي».
وأكد أمين عام رابطة العالم الإسلامي، حاجة الجميع إلى الوعي الفكري المفضي إلى الوعي الوطني وما ينتج عنه من تعزيز الوئام والاستقرار، ومن ذلك احترام دساتير وقوانين وثقافة الدول التي يعيش فيها الجميع ويشمل ذلك احترام السائد الديني والثقافي الذي يعبر عن رأي الأكثرية في كل بلد ومن ذلك مراعاة مشاعرهم وعلى الجميع تفهم ذلك من خلال تبادل المحبة والاحترام والعيش بسلام ووئام.
وختم العيسى كلمته بمبادرة إنشاء صندوق خيري يخصص لأسر ضحايا الهجمات الإرهابية والمصابين حول العالم، وأعلن عن تبرع الهيئة العالمية للإغاثة والرعاية والتنمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمبلغ خمسة ملايين دولار لصالح الصندوق أياً كان مصدر هذه الهجمات ومكانها وضحاياها ومصابيها.
فيما تحدث المشاركون في القمة موضحين دعمهم الكامل لأهدافها وأنه يجب تفويت الفرصة على الإرهاب من خلال أمثال هذه القمة المهمة التي تعقد عزيمة المؤتمرين على العمل معاً في مواجهة الإرهاب والتأكيد على أنه لا يمثل إلا نفسه وأن الأديان كافة بريئة منه وأنه لا يعدو كونه آيديولوجية كارهة للجميع، مشيرين إلى أنه استهدف الجميع وأن من قام به فئات إرهابية تنسب نفسها للأديان كالذي حصل في فاجعة مسجدي كرايستشيرش بنيوزيلاندا، وكاليفورنيا وبنسلفانيا الأميركية، وما حصل في سريلانكا وبخاصة تفجير الكنيسة.
وقد التقى أمين عام رابطة العالم الإسلامي كلاً من رئيس وزراء سريلانكا، ورئيس البرلمان وعدداً من كبار القيادات الإسلامية والمسيحية والبوذية والهندوسية، الذين أكدوا جميعاً أن توقيت زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كان مهماً للغاية.
كما قام الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بزيارة للكاردينال السريلانكي راعي الكنيسة التي تعرضت للتفجير في كولومبو مقدماً له التعازي والمواساة فيما ثمن الكاردينال زيارة العيسى وتعازيه، مؤكداً أن «الإسلام بريء من هذه الأعمال وأن من قام بذلك إرهابيون لا يمتون للمسلمين بصلة وأن المسلمين في سريلانكا هم أصدقاء لنا ونتبادل مشاعر التقدير والمحبة والتعاون المستمر».


مقالات ذات صلة

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».