{مهرجان بريغنز} في النمسا ينطلق بعرض على المسرح العائم لأوبرا «ريجوليتو»

المسرح العائم ببحيرة بودن سي بالنمسا حيث يقام مهرجان بريغنز السنوي (إ.ب.أ)
المسرح العائم ببحيرة بودن سي بالنمسا حيث يقام مهرجان بريغنز السنوي (إ.ب.أ)
TT

{مهرجان بريغنز} في النمسا ينطلق بعرض على المسرح العائم لأوبرا «ريجوليتو»

المسرح العائم ببحيرة بودن سي بالنمسا حيث يقام مهرجان بريغنز السنوي (إ.ب.أ)
المسرح العائم ببحيرة بودن سي بالنمسا حيث يقام مهرجان بريغنز السنوي (إ.ب.أ)

افتتح مهرجان بريغنز السنوي في النمسا برائعة جوسيب فيردي الأوبرالية «ريجوليتو»، التي أقيمت بالمسرح العائم ببحيرة بودن سي المشتركة بين النمسا وألمانيا وسويسرا.
تم تجهيز المسرح الفريد بتجهيز على هيئة رأس مهرج ضخم بارتفاع 14 متراً وهو ملون ومجوف ويسع بداخله عشرة أشخاص يمكنهم بمساعدة أحدث التقنيات تحريك معالمه بدقة متناهية ليبدو وكأنه يتحدث ويتفاعل مع كل المشاعر الإنسانية بصورة مذهلة.
بالإضافة للرأس الضخم هناك يدان كبيرتان تتحرك أصابعهما، إحداهما ممسكة ببالون ضخم قطره 13.5 متراً مملوء بـ1300 متر مكعب من غاز الهليوم فيما يبلغ قطر كل عين 2.70 متر ولهما 8 محركات بحيث تتحركان وتفتح الجفون وتغلق مقلدة الحركة الطبيعية للعين.
المهرج هو الشخصية الرئيسية كما تصورها فيردي في أوبراه التي يتم تقديمها للمرة الأولى في المهرجان الذي بدأ 1946. استلهم فيردي أحداث «ريجوليتو» من مسرحية «الملك المرح» للكاتب الفرنسي فيكتور هوغو. وتصور «ريجوليتو» في فصول ثلاثة كيف عاش مهرج حياة مزدوجة كبهلوان مهمته الإضحاك والترفيه داخل قصر دوق فيما هو في الحقيقة أب محافظ يعيش وأسرته حياة طبيعية أبعد ما تكون عن تلك البيئة التي تناسب عمله داخل القصر. يجسد العرض عملاً أوبرالياً بكل عناصره من دراما وحب وتراجيديا وخيانة وتضحيات، فموت غير متوقع، مع ملابس وزخم موسيقي وأغاني صاخبة تصور حياة ماجنة داخل قصر مرفه وحياة أخرى عكسها تماماً بسيطة في بيت المهرج وعائلته.
يبدو المهرج بملبسه ومظهره المميز كدعامة الضحك والمرح والترفيه في سهرات ساكن البلاط الثري الفتى الذي لا هم له غير السهر واللهو والنساء ومن حوله بطانة تبذل كل في وسعها لتهيئة أجوائه ونيل رضاه.
ولمزيد من الحبكة الدرامية يلمح الثري بنت المهرج الفتاة الغريرة الساذجة الجميلة التي بذل والدها كل ما في وسعه لصونها بعيدا عن تلك الأجواء. ويتبرع بعض أصحاب السوء بتتبع الفتاة وخطفها وإحضارها إلى القصر كهدية لصاحب القصر فجن جنون والدها وفكر في كيفية خلاصها ولم يجد غير قتل الثري فاستأجر قاتلاً واتفق معه على ذلك. ولكن حبكة القصة توقع الفتاة الغريرة في حب الثري وفي محاولة لإنقاذه تقتل هي بدلاً عنه.
يعتبر المسرح العائم في بريغنز تحفة معمارية فينة حيث تبرز خشبته عالية شاهقة من داخل ماء البحيرة فيما تواجهها المقاعد الدائرية من اليابسة.
من دون سقف يجلس المشاهدون في الهواء الطلق تحيط بهم طبيعة خلابة تستفيد من الأجواء الصيفية خاصة أن المهرجان يقام في الصيف من 17 يوليو (تموز) إلى 18 أغسطس (آب).
وتختار رئاسة المهرجان سنوياً أوبرا عالمية لتقديمها بذات الطريقة الأصلية التي كتبت بها أو بإدخال بعض التعديلات والتجديدات كما يراها المخرج الذي يقع عليه الاختيار من مختلف دول العالم، ويولي المسؤولون اهتماماً بالغاً بديكور وتصميم العمل الفني المختار لدرجة الإحساس بالخسارة عند الخلاص منه استعداداً للعمل القادم.
ومن العروض التي سبق تقديمها أوبرا «عايدة» وأوبرا «كارمن» وأوبرا «كسارة البندق» وأوبرا «المزمار السحري» و«دون كيشوت» و«ليدي بترفلاي» وغيرها.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».