مقتنيات نادرة توثق رحلات صيد أسرة محمد علي

تعرضها متاحف «المنيل» و«حديقة الحيوان» و«عابدين»

جانب من متحف الصيد بقصر المنيل
جانب من متحف الصيد بقصر المنيل
TT

مقتنيات نادرة توثق رحلات صيد أسرة محمد علي

جانب من متحف الصيد بقصر المنيل
جانب من متحف الصيد بقصر المنيل

احتل الصيد مكانة بارزة بقائمة الرياضات الترفيهية لأسرة محمد علي باشا، والتي حكمت مصر منذ عام 1805، وحتى ثورة 23 يوليو (تموز) 1952. وخلال 147 سنة، هم عدد سنوات حكم الأسرة العلوية، شهدت محافظة الفيوم (جنوبي غرب القاهرة)، ومناطق بالصحراء الغربية، تنظيم رحلات صيد ملكية، تستهدف البط، والطيور النادرة، والغزلان، وحتى الأفاعي، والحيوانات المفترسة.
ثلاثة متاحف مصرية، تحفظ سير وحكايات تلك الرحلات، هي متحف الصيد، الملحق بقصر الأمير محمد علي، بمنطقة المنيل، والمتحف الحيواني بحديقة حيوان الجيزة، والمتحف الحربي بقصر عابدين، بوسط القاهرة.
يقول ولاء بدوي، مدير متحف قصر المنيل، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أصدر قراراً عام 1963 بجمع عدد من المحنطات الخاصة بالأسرة العلوية، وعرضها في متحف خاص بالصيد بقصر الأمير محمد علي بمنطقة المنيل، وهذا ما تم بالفعل وفق أحدث طرق العرض المتحفية وقتها».
ويضم متحف الصيد، 3 مجموعات خاصة بثلاثة ملوك وأمراء، خلال فترة حكم الأسرة العلوية، على رأسهم الملك فاروق، الذي كان يهوى الصيد جداً، وخصوصاً صيد الطيور والبط بمحافظة الفيوم بالقرب من بحيرة قارون.
وكانت تصدر الأوامر الملكية بإقامة حفلة الصيد، ثم ينظم «التشريفاتي» الدعوات الخاصة بها، وفي الليلة السابقة للصيد ترفع عريضة إلى الملك مبيناً فيها موعد حضور المدعوين، وموعد تناول الإفطار، وموعد بدء الصيد، الذي يفتتحه الملك بطلقة من بندقيته، حتى موعد تناول الغداء، وفقاً لما ذكره موقع الملك فاروق الإلكتروني.
إلى ذلك قال بدوي: «خلال تلك الفترة التاريخية كانت الفيوم تضم عدداً من الطيور النادرة، التي حفظتها محنطات الصيد الخاصة بالملك فاروق»، مضيفاً أن «المتحف يضم أيضاً مجموعتين صيد هامتين لكل من الأمير محمد علي، صاحب القصر، والأمير يوسف كمال، الملقب بـ(أمير الصحراء)، نظراً لاهتمامه الكبير بدراسة الصحراء، فقد كان مهتماً بعلم الجغرافيا، حتى أن قصره الأثري بمنطقة المطرية (شرق القاهرة) يشغله الآن مركز بحوث الصحراء تكريماً له». ويلفت: «الأمير يوسف كمال، قام أيضاً بتأسيس مدرسة الفنون الجميلة عام1905، وجمعية محبي الفنون الجميلة عام 1924 بجانب مشاركته في تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون بروما».
متحف الصيد بالمنيل، يضم كذلك، مجموعة من الفراشات الملونة، والهياكل العظمية الخاصة بأحصنة الأمير محمد علي، التي كان مولعاً بها، وألّف عنها كتاب «نبذة على الخيول العربية»، وكان مولعاً أيضاً برسمها، كولعه بكافة الفنون وبخاصة التراثية منها، حتى أن قصره استغرق إنشاؤه نحو 40 عاماً، وتميز بالمزج بين الثقافة الإسلامية والفنون الحديثة، وأهدى قصر المنيل للحكومة المصرية قبل وفاته، ليتحول إلى متحف مفتوح للجمهور.
وفي حديقة حيوانات الجيزة، توجد نبذة أخرى عن رحلات الصيد الملكية، إذ تم تخصيص واجهة عرض بالمتحف الحيواني الخاص بالمحنطات، لعرض عدد من أدوات الملك فاروق، التي كان يستخدمها خلال رحلات صيده، بجانب خرائط وطيور محنطة أهداها الملك فاروق للحديقة عام 1943. على غرار طائر «إوزة الفول»، ومجموعة من بنادق الصيد الملكية. وتضم المجموعة أيضاً الملابس الخاصة بالصيد، وطاقم الشاي الملكي الأبيض بنقوش زرقاء، وصوراً تذكارية للملك خلال رحلات الصيد.
يذكر أن فاروق كان قد أهدى مقتنياته لحديقة الحيوان، التي كانت يطلق عليها وقتئذ «جوهرة حدائق الحيوان في أفريقيا»، لكونها أقدم حدائق الحيوان بالقارة، والتي أنشئت عام 1891 خلال عهد الخديوي توفيق.
ويعرض متحف الأسلحة الحربي، بقصر عابدين أيضاً عدداً من بنادق الصيد الخاصة بالملك فاروق الممهورة بختمه وإمضائه، إضافة إلى النياشين والأوسمة المرصعة بالماس والأحجار الكريمة، ومن أهم معروضاته سيوف وخناجر خاصة بمحمد علي باشا وابنه إبراهيم. وساهم الملك فاروق نفسه في تطوير القاعات المتحفية بقصر عابدين، لعرض المقتنيات الخاصة بالأسرة العلوية، ليكمل بذلك مجهودات والده الملك فؤاد، ويمنح الزائرين تفاصيل جديدة عن تلك الحقبة الغنية.


مقالات ذات صلة

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».