التوازن في اختيار المصادر... معايير موضوعية أم وسيلة للضغط؟

اليوم أصبح للمعلن والممول تأثير كبير على آلية عمل وسائل الإعلام
اليوم أصبح للمعلن والممول تأثير كبير على آلية عمل وسائل الإعلام
TT

التوازن في اختيار المصادر... معايير موضوعية أم وسيلة للضغط؟

اليوم أصبح للمعلن والممول تأثير كبير على آلية عمل وسائل الإعلام
اليوم أصبح للمعلن والممول تأثير كبير على آلية عمل وسائل الإعلام

تتعدد المصادر في فضاء الإعلام والصحافة، وتكتسب أهميتها من نظرة المتابعين لها كروافد مهمة موثوقة، تضيف للموضوع وتضيء جوانب مهمة فيه، بما يحقق الموضوعية في التناول والطرح وإثارة الأسئلة والرؤى حول القضية المثارة. لكن هناك من يرى أن تحقيق الموضوعية في اختيارها بمثابة حلم، وهناك من يؤمن بإمكانية تحقيقها إذا التزمنا بمجموعة من المعايير والشروط، ومن بينها الإلمام بالموضوع الذي تجري مناقشته، والاعتماد على المصادر الموثوق بها، ذات الصلة بالموضوع، وتحقيق التوازن بعرض الرأي والرأي الآخر.
في هذا السياق، أعرب الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، عضو الهيئة الوطنية للصحافة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن هناك «استحالة في تحقيق الموضوعية بالاعتماد على التوازن». وقال إن «ما نشاهده الآن أكبر دليل على ذلك، عبر ما تبثه قنوات تدعي المهنية، والتوازن؛ لكنها في النهاية تستضيف ضيفاً قوياً يعبر عن وجهة نظرها، مقابل ضيف آخر أضعف للتعبير عن وجهة النظر المغايرة».
وأشار علم الدين إلى أن «هناك إعلاماً متحيزاً ضد المنطقة العربية لدرجة العداء، وشاهدنا هذا في تغطية الأحداث في السودان، وعدم مراعاة معايير المهنية باستضافة جميع أطراف الأزمة، وفي تغطية تقرير منظمة (هيومان رايتس ووتش) عن مصر، ليتحول نمط التغطية إلى نوع من التضليل والتحريف والتوجيه».
لكن الإعلامي المصري الدكتور محمد سعيد محفوظ، أكد أن «التوازن مهم؛ لكنه ليس عمليات حسابية»، موضحاً أنه «في المؤسسات الصحافية الكبيرة من أهم شروط الصحافي توفر التقدير التحريري الذي يتيح له اختيار القصة الأهم، وحسن اختيار الضيوف، فلا تجوز استضافة ضيف لبق ومتحدث في مواجهة ضيف ضعيف يتلعثم؛ لأن هذا ينقل رسائل ضمنية مضللة، فالتوازن ليس عملية حسابية؛ بل مسألة يتدخل فيها ضمير الصحافي».
وأشار محفوظ إلى أنه في أثناء تقديمه برنامج «مقص الرقيب» قبل عدة سنوات، استضاف بإحدى الحلقات في أعقاب تحرير جنوب لبنان، ضيفاً يمثل «حزب الله»، وآخر موالياً لإسرائيل، وأثناء التسجيل فوجئ بضعف المسؤول عن عرض وجهة نظر «حزب الله» في مواجهة الضيف الآخر. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الحلقة اتصلت بـ(حزب الله) وقلت لهم إن الضيف غير مناسب، وطلبت منهم إرسال شخص آخر ليتحدث باسمهم، ويعرض وجهة نظرهم، وأعدت تصوير الحلقة».
وأضاف محفوظ: «هذا أمر ربما يكون سهلاً في البرامج المسجلة؛ لكنه صعب ومستحيل في البرامج المذاعة على الهواء مباشرة، وهي كثيرة». وإن كان محفوظ يرى أن المسألة يمكن تداركها على الهواء أيضاً. وذكر أنه «في القنوات الكبرى هناك شخص مسؤول عن تعريف الضيوف وميولهم، حتى تكون القناة على علم بقدراته؛ لأن الاختيار العشوائي للمصادر والضيوف يؤدي إلى نتائج سلبية... وإن كنت أعترف بأن هناك قنوات تتعمد اختيار ضيف أقوى من الآخر، وهنا لا يمكن الحديث عن مبدأ المهنية وتحقيق التوازن، فالضيف ليس سد خانة، والتوازن ليس عملية حسابية».
من جهته، قال الدكتور علم الدين، إن «فكرة الموضوعية في الإعلام فكرة صعبة التحقيق، في ظل اتجاهات المحرر، وضغوط الوسيلة الإعلامية، من جانب المالك والممولين أو الموجهين لها»، مشيراً إلى أن «هناك قنوات ترفع شعار التوازن في الرأي والتغطية الإخبارية، وتعتمد على أكثر من مصدر؛ لكن بمتابعة ما تنشره أو تبثه تظهر ضغوط الممول، أو المالك... واليوم أصبح للمعلن والممول تأثير كبير في ظل المشكلات المالية التي تعاني منها وسائل الإعلام التقليدية، والتي جعلت المعلن هو طوق النجاة بالنسبة للوسيلة».


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.