سيطرت ورش كتابة المسلسلات، على الساحة الدرامية في مصر أخيراً، وفي حين رأى البعض أنّها «حققت نجاحاً لافتاً» في أعمال بعينها، رأى آخرون أنّ زيادة الاعتماد عليها في المواسم الدرامية المزدحمة بالأعمال الفنية «ساهمت في تراجع جودتها»، فيما طالب نقاد بإعادة التفكير في الاستعانة بها مستقبلاً، والعودة مرة ثانية إلى «المؤلف الواحد».
ويلجأ غالبية منتجي الأعمال الدرامية إلى مجموعة من المؤلفين الشباب لكتابة سيناريوهات مسلسلاتهم، تحت إشراف مؤلف كبير في بعض الأحيان، لكن تراجع مستوى كتابة هذه الأعمال، خاصة الكوميدية، عرّض هذه الورش للنقد من الجمهور والفنانين أيضاً.
وقدم المؤلف تامر حبيب، دفاعاً مشروطاً عن هذه الورش، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «ضعف بعض الأعمال الدرامية في الآونة الأخيرة، لا يعني أنّ النظام كله فاشل، فالورش نظام معترف به، وممتاز، ولكن بشرط الحفاظ على شكل المعالجة الفنية للعمل الدرامي وعلى البناء العام، مستكملاً: «أنا مثلاً نفذت 3 مسلسلات بنظام الورش، وكانت من أنجح الأعمال التي قدمتها لأنّني أتبع نظاماً محدداً في الكتابة».
وتطرق حبيب إلى طريقة عمل الورشة: وقال: «نجلس سوياً ونتحدث مع بعضنا حول الفكرة، ثم أترك فريق الكتابة يخرجون كل الأفكار التي لديهم، ولكن أنا المسؤول النهائي عن العمل»، ورأى أنّ «التسرع والاستعجال في كتابة سيناريوهات الأعمال الدرامية كي تتم مشاركتها في الموسم سبب تراجع مستوى الورش».
وفي العامين الماضيين انتشرت ورش الكتابة بشكل واسع في سوق الدراما المصرية، بعد استعانة كبار النجوم بها، في كثير من المسلسلات، أبرزهم الفنان عادل إمام في «عوالم خفية»، و«الحساب يجمع» بطولة يسرا، و«هذا المساء» بطولة حنان مطاوع وإياد نصار وأروى جودة، و«ريّح المدام» بطولة أحمد فهمي وأكرم حسني ومي عمر.
وحققت كل هذه المسلسلات نجاحاً لافتاً بشهادة النقاد والجمهور، لكن ورش الكتابة فشلت في الحفاظ على نجاحها في موسم دراما رمضان الماضي، بسبب ما وصف بـ«الاستعجال وقلة الخبرة».
ويرى الناقد الفني طارق الشناوي، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «نظام ورش كتابة السيناريوهات متعارف عليه وموجود منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي ولكن بشكل غير معلن»، وذهب إلى أنه كان «هناك كتاب سيناريو يعمل لديهم أشخاص آخرون بالأجر، وكانوا يخرجون أعمالاً جيدة، وبالتالي فإن الورش لا تعني جودة المنتج النهائي أو رداءته، ولكن ما حدث بموسم دراما رمضان الماضي يعد استثناءً».
ويرى الشناوي أنّ «الاستسهال والاستعجال سيطرا على كتابة بعض الأعمال، خصوصاً الكوميدية، التي تعد من أصعب وأخطر أنواع الأعمال الفنية لأنّها بالأساس تقوم على الفكر الذي يأتي نتيجة مواقف اجتماعية في حياتنا، ولكن ما حدث أنهم استغرقوا أكثر من اللازم في التهريج والاسكتشات، والافيهات».
ويؤكد عدد من النقاد أن نظام ورش كتابة السيناريو معترف به عالمياً ويطبق بالفعل، ولكن تحكمه أصول وقواعد جوهرية.
ورغم أن ورش الكتابة أصبحت نظاماً مألوفاً في صناعة الدراما المصرية، فإنها تواجه انتقادات مستمرة من كتاب ومؤلفين مصريين كبار، مثل وحيد حامد، وبشير الديك وغيرهما ممن يدعون إلى ضرورة الاستعانة بمؤلف للعمل.
وقال السيناريست والصحافي المصري عمر طاهر، إنّ «ورش الكتابة في مصر عبارة عن افتتاح مصنع عظيم للغاية وفكرته رائعة، ولكن العمال الذين يعملون فيه ليس لديهم أي خبرة، أو معرفة بأصول المهنة، مما أدى إلى تراجع مستوى المسلسلات بشكل ملحوظ».
وأضاف طاهر لـ«الشرق الأوسط»: «وجدنا أعمالاً مهلهلة، بعدما وقع المؤلفون في فخ المط والتطويل من دون جدوى أو هدف، كما تاه البناء الدرامي الموحد»، متابعاً: «مع الأسف لم يتم انتقاء من يعملون في الورش».
وانتهى طاهر قائلاً: «من المفترض أن تكون الأعمال الناتجة عن ورش الكتابة من أفضل وأرقى الأعمال الفنية لأنّ وجود مجموعة كبيرة من الأشخاص معناه وجود أفضل منتج».
ورش كتابة المسلسلات المصرية... انتقادات للمستوى ودعوات لعودة المؤلف الواحد
نقاد قالوا إنّها «فشلت» في تعويض غياب الأدباء الكبار
ورش كتابة المسلسلات المصرية... انتقادات للمستوى ودعوات لعودة المؤلف الواحد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة