«هرم اللاهون» يستقبل الزوار لأول مرة منذ اكتشافه قبل 130 عاماً

مصر تفتتح هرماً فرعونياً ومسجداً مملوكياً في الفيوم لتنشيط السياحة

هرم اللاهون بالفيوم
هرم اللاهون بالفيوم
TT

«هرم اللاهون» يستقبل الزوار لأول مرة منذ اكتشافه قبل 130 عاماً

هرم اللاهون بالفيوم
هرم اللاهون بالفيوم

بعد مرور 130 عاماً على اكتشافه، افتتحت وزارة الآثار المصرية، أمس، هرم اللاهون، بمحافظة الفيوم (92 كم جنوب غربي القاهرة)، وذلك في إطار إعادة تطوير المدينة ووضعها على الخريطة السياحية، نظرا لأهميتها التاريخية باعتبارها كانت عاصمة مصر القديمة خلال الدولة الوسطى.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في مؤتمر صحافي بهذه المناسبة إن «الفيوم غنية من الناحية الأثرية، لكنها لم تحصل على حقها سياحيا، واليوم تنهي الوزارة عملين بها، الأول افتتاح هرم سنوسرت الثاني رابع ملوك الأسرة الثانية عشرة من القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ومسجدا مملوكيا من القرن الـ15الميلادي». أضاف العناني أن «الوزارة تعمل على تطوير المناطق الأثرية بالمنطقة لوضعها على الخريطة السياحية».
وأوضح وزير الآثار أن «هرم اللاهون بني في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، واكتشفه علم آثار إنجليزي ودخله للمرة الأولى حيث وجد مائدة قرابين وكوبرا الصل الذهبية التي توضع على التاج الملكي، ثم أغلق الهرم، ليتم افتتاحه اليوم للزيارة ويكون نقطة جذب أثرية بعد مشروع للترميم والتطوير وإزالة الرديم»، مشيرا إلى أنه «تمكن للمرة الأولى من دخول حجرة دفن سنوسرت الثاني».
ويبعد هرم اللاهون نحو 22 كيلومترا عن مدينة الفيوم، وبناه سنوسرت الثاني أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة، من الطوب اللبن، فوق ربوة عالية ارتفاعها 12 مترا تطل على قرية اللاهون بالفيوم، ويبلغ ارتفاعه 48 مترا، وطول قاعدته 106 أمتار، وكان مكسوا بالحجر الجيري، وعام 1889 فتح عالم الآثار الإنجليزي ويليام فلندرز بتري الهرم وعثر بداخله على الصل الذهبي الوحيد الذي كان يوضع فوق التاج الملكي، وهو موجود الآن بالمتحف المصري بالتحرير، كما تم الكشف عن مقبرة الأميرة سات حاتحور بجوار الهرم، التي تعرض كنوزها بالمتحف أيضا.
وقال الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع بداية الدولة الوسطى انتقلت عاصمة مصر إلى منطقة قريبة من اللاهون عند مدخل الفيوم، كانت تسمى إيست كاي أي القابضة على الأرضين، لأنها مسيطرة على مصر من الشمال والجنوب، وتم عمل مشروعات ري كبيرة جدا وبدأ بناء الأهرامات، من بينها هرم اللاهون وهرم هوارة».
وأضاف عشماوي أن «هرم اللاهون يتميز عن باقي الأهرامات بوجود ممر دائري، ما يجعله مطابقا للعمارة الجنائزية في مصر القديمة والذي اعتمد الشكل الهرمي حتى عندما تم نقل المقابر في الدولة الحديثة إلى وادي الملوك في الأقصر (جنوب مصر) وأرادوا إخفاء المقابر بوضعها في جبل على شكل هرم»، مؤكدا «عظمة التابوت وحجرة الدفن المبنية من الجرانيت الأحمر داخل هرم اللاهون».
من جانبه قال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في المؤتمر الصحافي، إن «المهندس إنبي الذي صمم الهرم اعتمد أسلوبا جديدا يخفي من خلاله الممر المؤدي إلى حجرة الدفن، بحفر بئرين عموديين خارج الهرم نفسه من الجنوب الشرقي أسفل أحد المقابر»، مرجحا أن «يكون مهندس الهرم قد لجأ إلى هذه الحيلة كمحاولة لتضليل اللصوص وعدم تمكينهم من الوصول لحجرة الدفن، ورغم ذلك تمت سرقة محتويات حجرة الدفن».
وشملت أعمال الترميم رفع الرديم الموجود داخل الممرات وحجرة الدفن، ووضع سلم في البئر الرئيسية به، وشبكة للإضاءة، كما تمت تقوية وتدعيم لبعض حجراته، وإعادة تركيب الأحجار المتساقطة بالصالة والممر السابقين لغرفة الدفن، وإعادة الكساء الحجري الذي كان يغطي الهرم من قبل، وترميم بعض البلاطات الحجرية بالأرضية والتي كانت في غير موضعها، ووضع لوحات إرشادية جديدة.
وأشار وزيري إلى أن «هذا الهرم كان المفترض أن يكون في منطقة دهشور، وهو أكبر وأضخم بناء من الطوب اللبن، ويصل عمره إلى أربعة آلاف سنة، وسوف يتم افتتاحه جزئيا للزيارة، حيث لا يزال العمل مستمرا بالموقع».
وتضم منطقة هرم اللاهون جبانة اللاهون، وبها مقبرة مهندس الهرم إنبي، و9 مصاطب كانت مقابر لأفراد الأسرة المالكة من بينها مقبرة سات حتحورات أيونت، ومقبرة مكت من الأسرة الـ12 بقرية اللاهون، كما تضم المنطقة مدينة عمال اللاهون المسماة كاهون، وهي أقدم المدن المصرية واضحة المعالم، إضافة إلى قاعدتي تمثالين لأمنمحات الثاني، من الحجر الجيري تقعان بقرية بيهمو على بعد 7 كم من الفيوم.
وقال وزيري إنه «أثناء أعمال تطوير الهرم عثرنا على مقبرة من الدولة الوسطى، أعيد استخدامها في العصور المتأخرة والعصر اليوناني الروماني والبطلمي، تضم مجموعة من اللقى الأثرية عبارة عن تابوت وبعض الأقنعة».
والمقبرة المكتشفة تقع بمنطقة الربوات الصخرية جنوب هرم اللاهون، وتعود للدولة الوسطى، ووصفها وزيري بأنها «نموذج فريد للمقابر الصخرية الموجودة في المنطقة، وهي خالية تماما من النقوش، وذات سقف شبه مقبي، وصالة طولية وثلاث مقصورات مستطيلة الشكل، وكانت شبه ممتلئة بالرديم، وبعد رفعه عثر على كسرات من الفخار وأجزاء من توابيت خشبية، وبقايا كرتوناچ ترجع إلى مختلف العصور».
وعثر داخل المقبرة على توابيت خشبية متنوعة لرجال ونساء وأطفال، منها ما هو في بحالة سيئة من الصنع والآخر على درجة عالية من الدقة في إظهار ملامح الوجه، وبعضها ملون، ووصف وزيري الوجوه بأنها «قطع فنية تبرز دقة وحرفية فن النحت عند المصري القديم». وفِي سياق متصل افتتحت وزارة الآثار مسجد «خوند أصلباي»، الشهير بمسجد قايتباي بعد الانتهاء من ترميمه بتكلفة مليوني جنيه، حيث أقيمت شعائر صلاة الجمعة الماضية بالمسجد.
وقال وزير الآثار إن «مسجد خوند أصلباني مغلق منذ سنوات، وتم ترميمه لإعادة افتتاحه استجابة لطلب أهالي الفيوم».
وبني المسجد في العصر المملوكي عام 1476 على يد خوند أصلباي زوجة السلطان الأشرف قايتباي، خلال عصر ابنها الناصر محمد بن قايتباي، ويقع المسجد على ضفاف ترعة بحر يوسف، شمال غربي الفيوم، ومن أهم معالمه دكة المقرئ، والباب والمنبر المطعم بسن الفيل المستورد خصيصا من الصومال.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».