أنقرة تؤكد اتصالات بين الاستخبارات التركية والسورية

TT

أنقرة تؤكد اتصالات بين الاستخبارات التركية والسورية

اعترفت أنقرة بوجود اتصالات مع نظام بشار الأسد، لبحث وقف القتال في سوريا، في الوقت الذي تصعد فيه قوات النظام من هجومها على إدلب بدعم من روسيا.
وفي أول اعتراف واضح بهذه الاتصالات، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، إنه «لا عيب في عقد اجتماعات بين وكالة المخابرات التركية ونظيرتها التابعة للنظام السوري، لوقف القتال في سوريا».
وأضاف تشيليك، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، في مقر الحزب بأنقرة، ليل الأربعاء - الخميس، أن «وكالات المخابرات التابعة لنا، وعناصرها في سوريا، بإمكانها عقد أي اجتماع تريده، في الوقت الذي تراه مناسباً، لتجنُّب وقوع أي مأساة إنسانية، أو في ضوء بعض الاحتياجات».
وجاءت تصريحات تشيليك تعليقاً على ما ذكرته صحيفة «آيدينليك» التركية، حول ما أعلنه صحافيون أتراك التقوا رئيس النظام السوري بشار الأسد مؤخراً، من أن لجنة أمنية سورية التقت رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، في العاصمة الإيرانية طهران.
وجاء الكشف عن هذه الاتصالات بعد نحو 3 سنوات مما ذكره نائب رئيس الاستخبارات العسكرية، الدبلوماسي التركي الأسبق، نائب رئيس «حزب الوطن» التركي، إسماعيل حقي بكين، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في أغسطس (آب) 2016، عن وجود مفاوضات «غير مباشرة» بين بلاده ونظام الأسد على أكثر من مستوى، حول المصالحة بين البلدين بوساطة إيرانية، ولقاءات بين مسؤولي جهازي المخابرات التركي والسوري في طهران.
وقال بكين: «ذهبنا بصفتنا (حزب الوطن) إلى دمشق 5 مرات، منذ مايو (أيار) 2016، والتقينا عدداً من المسؤولين السوريين، وعلى رأسهم رئيس النظام السوري بشار الأسد، وركزت المباحثات في دمشق على أكثر من محور؛ حيث تم تناول القضايا الأمنية والسياسية والتعاون الاقتصادي والتجاري. كما عقدت لقاءات على مستوى أجهزة المخابرات في طهران. وهذه اللقاءات ستستمر».
وكان الجنرال إسماعيل حقي بكين، هو أحد أبرز الدبلوماسيين الأتراك، وأشرف على اتفاقية أضنة، المبرمة بين دمشق وأنقرة عام 1998، إبان أزمة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، المسجون منذ 20 عاماً بجزيرة إيمرالي التركية، والتي تنص على التعاون بين دمشق وأنقرة في «مكافحة الإرهاب» و«منع وجود عناصر حزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية».
وزار بكين دمشق في 27 مايو 2016، وكانت زيارته هي المحاولة الأولى التركية لفتح قناة تواصل مع دمشق، بالإضافة إلى محاولة أخرى جرت في الجزائر، مع مسؤول سوري كبير، وأحد الجنرالات الأتراك.
وتزامنت الزيارة مع تصريحات لينة لمسؤولين أتراك، وقتها، تجاه الأسد؛ حيث أقر رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، في تصريح نادر، بدور للأسد في المرحلة الانتقالية، فيما دعا الدول الكبرى، مثل روسيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى تركيا وإيران إلى العمل معاً من أجل فتح «صفحة جديدة» بشأن الأزمة في سوريا دون إضاعة الوقت.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد وصف الأسد، في أكثر من مناسبة، بأنه «إرهابي» وأن عليه أن يرحل؛ لكن الأسد تمكن بدعم من روسيا وإيران من استعادة السيطرة على أنحاء واسعة من سوريا.
وبالتوازي مع اعترافه بالاتصالات مع نظام الأسد، قال تشيليك إن «قوات النظام السوري تنفذ مجازر جديدة باستهداف الأحياء المدنية والمدارس، وهذا يعد دليلاً واضحاً على مساعي النظام لتخريب اتفاق إدلب (اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا)».
وتخشى تركيا موجة نزوح كبيرة لمئات الآلاف من المدنيين من مناطق الهجوم إلى مناطق أكثر أمناً قرب الحدود التركية، في خطوة يتوقع أن تعقبها محاولة الدخول إلى الأراضي التركية.
في سياق متصل، التقى المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، مساعد وزير الخارجية الإيراني كاظم سجاد بور، وأعلن أنهما بحثا عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وقال كالين، في تغريدة على حسابه في «تويتر» أمس، إن لقاءه مع المسؤول الإيراني تناول العلاقات بين البلدين، وقضايا المنطقة الإقليمية والتحديات المشتركة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».