العاصوف... يوثق فتنة «جهيمان» رغم مقصلة «النقاد»

عائلة «الطيان» شاهد على الطفرة النفطية والتحولات المجتمعية في السعودية

لقطة من العاصوف
لقطة من العاصوف
TT

العاصوف... يوثق فتنة «جهيمان» رغم مقصلة «النقاد»

لقطة من العاصوف
لقطة من العاصوف

يغوص مسلسل «العاصوف» بجزئه الثاني في عمق التحولات الفكرية التي عصفت بالمجتمع السعودي أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، وهو ما يجعل هذا الجزء - الذي يُعرض حاليا في رمضان على قناة إم بي سي - أشد إثارة من الذي سبقه، حيث يكشف الستار عن حادثة اقتحام الحرم المكي المعروفة بـ«فتنة جهيمان»، ويوثق حركة الإخوان وبداياتها الانتهازية في التكسب من الأحداث التي شهدتها المنطقة آنذاك، الأمر الذي جعل «العاصوف» يقفز على قائمة أعلى الأعمال الدرامية متابعة في البلاد، بحسب تطبيقات قياس الرأي.
وتأتي عائلة الطيان في «العاصوف» كشاهد على أبرز التحولات المجتمعية والفكرية التي عاشها السعوديون في تلك الحقبة، بداية بالطفرة النفطية التي ازدهر على إثرها أبناء الطيان وانتقلوا معها إلى منازل فسيحة واقتنوا أحدث الأجهزة والسيارات الدارجة في تلك الفترة، مرورا بثورة الخميني في إيران وما أحدثته هذه الثورة من إرباك للمنطقة، وما تبع ذلك من تطرف مقتحمي الحرم المكي خلال رحلة عمرة خالد الطيان مع خاله إلى مكة المكرمة والتي جعلتهما مرآة لتلك التفاصيل التي حدثت آنذاك.
ولم يغفل «العاصوف» عرض ملامح من محاولات حركة الإخوان المسلمين المستميتة في خلق قاعدة لهم في السعودية من خلال التكسب من وراء هذه القلاقل، ففي كل أزمة يأتي مشهد الشيخ الإخواني مع جماعته داخل غرفة اجتماعاتهم السرية التي يفكرون فيها بحيلة جديدة للمداهنة والظهور، وذلك مع بداية تأسيس هذا الحراك المشبوه والذي أظهر «العاصوف» إصراره على التغلغل داخل المجتمع بحثا عن مصالح سلطوية بحتة.
ورغم كون «العاصوف» قفز إلى موضوعات يراها معظم السعوديين من المسكوت عنه، خاصة فتنة جهيمان التي تُعرض لأول مرة بعد مرور نحو 40 عاما على هذه الحادثة المفصلية فكريا، وكشف الستار عن الجهود العسكرية السعودية التي بذلت لتخليص الحرم المكي من جماعة المهدي المزعوم، عبر ثلاث حلقات شهدت أعلى نسبة مشاهدة «ترند» للمسلسل، إلا أن آراء بعض النقاد كانت قاسية تجاه العمل، ممن انقسموا حول تقييمه.
ويصف الناقد السعودي محمد العباس، مسلسل «العاصوف» بأنه «فاشل بكل المقاييس الفنية والموضوعية». وبسؤاله عن سبب هذا الحكم القاسي خاصة مع كون المسلسل يحقق نسب مشاهدة غير مسبوقة دراميا في السعودية، يقول «هو ليس رأيا قاسيا، فأنا كتبت مقالا لنقد المسلسل وكثيرون أيدوا رأيي فيه، لكن مع الأسف الإعلام يتعاطى بشكل احتفالي مبالغ فيه مع «العاصوف»، والقائمون على العمل كفنانين وإدارة وإنتاج لا يلتفتون للنقد».
ويتابع العباس «العاصوف» قُدم له دعم لم يُقدم لأي مسلسل عربي، لكن القائمين عليه لم يستفيدوا من هذا الدعم بالشكل المطلوب. ويردف «المسلسل أشغلنا بقضايا عائلة تعيش في حي ضيق، ولم يناقش أي لقطة من لقطات التاريخ الاجتماعي لتلك المرحلة». وحول العنوان الدعائي للمسلسل في كونه يتناول تحولات حقبة السبعينيات في السعودية، يقول «لو أزلناه لوجدنا أنفسنا أمام مسلسل عادي جدا، لا يختلف عن أي مسلسل خليجي يتكلم عن مشاكل عائلية».
ويشدد العباس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن المسلسل عمل مخيّب للآمال، بحسب وصفه. ويتابع «العاصوف» مسلسل يفترض أن يقدم التاريخ الاجتماعي والوجداني، لأن المشاهد يريد أن يرى ذاته وتاريخه ومزاج اللحظة التي عاشها أو لم يعشها الجيل الجديد، وهذا هو سبب المتابعة العالية للمسلسل.
من ناحيته، يرى ممدوح سالم، فنان ومخرج سعودي، أن «العاصوف» يقدم نقلة جديدة ونوعية في الدراما السعودية. قائلا «هذا المسلسل كشف مناطق كانت سابقا محظورة، خاصة قضية اقتحام الحرم المكي، التي تعد قضية كانت حساسة ومن الصعب تناولها إعلاميا، فتناول «العاصوف» لها سابقة تُحسب للمسلسل».
ويبدي سالم إعجابه بالمسلسل في نسخته الجديدة، قائلا «طريقة سرد الأحداث اختلفت، ففي الجزء الأول كان السرد اجتماعيا بسيطا، وفي الجزء الثاني اختلف إيقاع العمل وشاهدنا أحداثا أسرع ومليئة بالإثارة، وحتى في الفريق وجدنا مجموعة من المواهب السعودية الشابة التي ظهرت في العمل». ويرى سالم أن هذه المقومات أسهمت في رفع مشاهدات العمل ليحقق «ترند» لأيام متلاحقة.
إلا أن سالم يقول لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا نستطيع اعتبار «العاصوف» عملا كاملا 100 في المائة، فقد تكون هناك أخطاء، لكن في ظل الوضع الدرامي السعودي فكرة أن تقدم عمل بهذا الحجم، هو مجهود كبير ونقلة نوعية للدراما السعودية، فالدراما السعودية في السنوات الماضية كانت متكررة ومتشابهة، وكنا نمل منها بسبب التكرار والأداء الباهت، والآن جاء العاصوف ليضع سقفا جديدا للدراما السعودية».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.