البدائل الصناعية للحوم تزداد انتشاراً

شرائح أسماك تُنتَج من الخلايا الحية داخل المختبرات

جانب من حفل افتتاح إنتاج شركة «بلو نالو» في أبريل الماضي
جانب من حفل افتتاح إنتاج شركة «بلو نالو» في أبريل الماضي
TT

البدائل الصناعية للحوم تزداد انتشاراً

جانب من حفل افتتاح إنتاج شركة «بلو نالو» في أبريل الماضي
جانب من حفل افتتاح إنتاج شركة «بلو نالو» في أبريل الماضي

الأمر أصبح رسمياً: اللحوم البديلة تنتشر في الأسواق. وقد أصبحت الابتكارات النباتية كالـ«بيرغر المستحيل (Impossible Burger)» الذي يبدو مثل البيرغر العادي شكلاً وطعماً، عنواناً رئيسياً لشركات كـ«بيوند ميت» و«إمبوسيبل فودز» اللتين تقودان هذه الصناعة. وسجلت هاتان الشركتان الناشئتان، خلال هذا الشهر وحده، مبالغ بمليارات الدولارات ووقّعتا صفقات هائلة مع سلاسل مطاعم للوجبات السريعة، معلنتين عن بداية عصر صناعة «التقنية الغذائية» التي تعتمد على النبات.
- أسماك مختبرية
ولكنّ مجالاً آخر في علم الغذاء يشهد نموّاً سريعاً بدوره وهو «اللحوم المطوّرة في المختبر»، وأحدث لاعبيها من منطقة سان دييغو الأميركية.
في مختبر صغير في وادي سورينتو، يستخدم باحثون في شركة «بلو نالو» الخلايا الحية لتنمية أجزاء الأسماك - العضلات والدهون فقط. وسوف تستخدم هذه الأنسجة في المستقبل للتعبئة في أشكال مألوفة مثل رائحة فيليه «الماهي - ماهي» الطازجة، والسمك الأحمر، أو التونة المقشورة، وذلك من خلال عملية أشبه بالطباعة الثلاثية الأبعاد، سيستخدم فيها الباحثون «الحبر» المصنوع من الخلايا، بدل الحبر البلاستيكي.
ولكنّ الأطعمة التي تصنعها هذه الشركات الناشئة تتجاوز بطموحها منتجات اللحوم المصنوعة في المصانع الدائمة الظهور في الوسائل الإعلامية والمصممة لتبدو كشيء ليست عليه أصلاً. إذ إنّ «الطعام البحري الصناعي البديل» من «بلو نالو» سيكون مصنوعاً من خلايا أسماك حقيقية، ولكنه نما خارج جسم السمكة.
يقول لو كوبرهاوس، المدير التنفيذي لشركة «بلو نالو» إنّ «الفرق الوحيد بين شرائح شركته وشرائح السمك العادي هو أنها خالية تماماً من العظام. فضلاً عن أنها خالية من الزئبق والطفيليات واللدائن الصغيرة، والبكتيريا التي تغطي هذه الأسماك عادةً».
كما أن المنتج الذي ستصنعه هذه الشركة لن يحتوي على الأعصاب والنظام الليمفاوي والأوعية الدموية الحيوانية، وهذا السبب الذي دفع علماء الغذاء ومسؤولي «بلو نالو» التنفيذيين إلى تسميته بـ«اللحم النظيف»، بينما يفضل بعض الباحثين أنّ يطلقوا عليها اسم اللحوم «المزروعة في المختبر» أو «المصنوعة من الخلايا». ولكنّ وسائل الإعلام والمستهلكين ابتدعوا لها أسماء أخرى أقلّ حماساً ربّما كأسماك «مطوّرة في المختبر»، و«شرائح أنبوب الاختبار» واللحوم الحمراء.
سجّلت هذه الفكرة الجديدة ردّة فعل متسرّعة وغير مدروسة. ولكن غريبة كانت الفكرة أم لا، الأكيد أن «بلو نالو» قد دخلت إلى صناعة ناشئة تعجّ بالنشاط ولسبب إيجابي، وحجزت لها مكاناً بين أهمّ اللاعبين الجدد.
تملك شركة «بلو نالو» هدفاً طموحاً لبناء منشآت صناعية كبيرة في مدن مختلفة حول العالم لإنتاج كميات كافية من الأطعمة المصنوعة من الخلايا تلبّي الطلبات الاستهلاكية لأكثر من 10 ملايين شخص. وهذه المهمّة ستسهم في الحدّ من صيد الأسماك المفرط وفي تعزيز الاستدامة وإيصال المأكولات البحرية الطازجة إلى مناطق غير بحرية في العالم.
- بيرغر صناعي
ولكن هل حان دور العلم بعد؟ ليست «بلو نالو» الشركة الأولى التي تصنّع منتجات عمادها الخلايا. فقد كانت البداية مع شركة ألمانية اسمها «موسا ميت» مختصة بصناعة بيرغر من اللحم الأحمر المنتج في المختبر عام 2013 وصلت كلفتها إلى 280000 دولار لصناعة القطعة الأولى. ومنذ ذلك الحين، عملت الشركة على تحسين تقنيتها وإنتاجها لتخفيض هذه الكلفة إلى 10.30 دولار للقطعة الواحدة.
قد يبدو هذا السعر باهظاً الآن، ولكنّ الطلب على اللحوم المصنوعة في المختبر بات كبيراً اليوم في الصناعة الغذائية لأسباب كثيرة، أهمّها إمكانية الحصول على إنتاج أقلّ كلفة في المستقبل، فضلاً عن أنّ تنمية (وشراء) الأجزاء القيّمة فقط من الحيوان ستسهم في تقليل الهدر.
علاوة على ذلك، يمكن لإنتاج اللحوم المصنوعة من الخلايا أن يفتح الباب للحصول على بروتينات تنتجها حيوانات أو أطعمة بحرية نادرة، أو يتيح للعلماء تصميم منتجات حرفية.
في بحث حول موضوع اللحوم المصنوعة من الخلايا، كتب باحثون في مقال في دورية «ترندز إن فود ساينس آند تكنولوجي» عام 2018: «سيحصل كلّ منتج على فرصة لابتكار إصداراته الخاصة من السلع (كالمزارعين ومنتجي الأجبان وصانعي اللحوم المطهوة)، مما سيفتح الباب على التنوع والمنافسة في السوق».
رأت سارة لوكاس، مديرة قسم العمليات في «موسا ميت» أنّ العلم يزداد تطوّراً، وأنّ اللاعبين الجدد كـ«بلو نالو» يقومون بخطوات هائلة نحو تطوير أنواع مختلفة من المنتجات الحيوانية. صحيح أنّ «موسا ميت» لا تعمل في الخلايا السمكية، ولكن الفكرة من وجهة نظر لوكاس، تشكّل هدفاً ذكياً لأنّ خلايا السمك قابلة للنمو في درجة الحرارة المحيطة على عكس خلايا الثدييات (اللبائن)، «ما يعني أن عملية الإنتاج ستستهلك طاقة أقلّ».
- علوم دقيقة
ولكنّ ابتكار شرائح السمك المثالي يتطلّب علماً دقيقاً. يبدأ الأمر بتخدير السمكة حيّة حتى يتمكّن العلماء من جمع عينة من الخلايا الجذعية للعضلات. وأكّد الباحثون أنّ هذه العملية لا تعرّض السمكة لأي أذى، حتى إنّها تستطيع العودة لاستكمال حياتها الطبيعية كسمكة سعيدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ عينة واحدة قادرة على إنتاج مليارات الخلايا.
بعدها، يصار إلى وضع الخلايا الجذعية في مرق نباتي التركيبة مليء بالأغذية ويُطبخ في مفاعل حيوي بينما تنمو الخلايا وتتكاثر. والهدف الأساسي هنا هو «خداع» الخلايا لتظنّ أنها لا تزال تعيش في جسم حيّ، كي تكمل عملها في ابتكار النسيج. من هنا، تتكثّف الخلايا وتختلط مع سائل غذائي يعرف باسم «الحبر الحيوي» الذي يتحوّل بعدها عبر الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى التصميم المستهدف، كفيليه السمك أو اسكالوب المحار (سرطان البحر) أو أي ابتكار آخر لأي من ثمار البحر. مع نهاية هذا العام، تتوقع الشركة الناشئة أن تصنع قطعاً من الأسماك بحجم صدفة الاسكالوب، تلك الأنواع الموجودة في أوعية السمك النيئ. وتخطط «بلو نالو» لصناعة مجموعة متنوعة من الأسماك والقشريات والرخويات يوماً ما.
لا نعرف بعد كيف سيكون طعم السمك على اعتبار أن الشركة ما زالت في مرحلة مبكرة من الإنتاج، ولكن كوبرهاوس أكّد أنهم سينجحون في إنتاج شريحة سمك بمذاق وتركيبة ترقى إلى توقعات المستهلكين. في الحقيقة، يعتقد الأخير أنّ التخلّي عن الأجزاء غير المرغوبة كالعظام والدم سيؤدي إلى بديل أفضل من «السمك الحقيقي» الذي يعيش في المحيطات.
تواجه «بلو نالو» اليوم تنافساً مع شركة واحدة في صناعة ثمار البحر تظهر في رادار صناعة التقنية الغذائية هي شركة «فينليس فودز» في منطقة «باي إيريا» التي جمعت 3.5 مليون دولار من مستثمرين في جولة تمويل أوّلي في الصيف الفائت، ولا تزال في مرحلة مبكّرة في الدراسة.
يعتقد مسؤولو «بلو نالو» التنفيذيون أنّ فريقهم قد يكون الأكثر تقدّماً في مجال ثمار البحر المصنوعة من الخلايا، فضلاً عن أنّهم يملكون هدفاً تسويقياً طموحاً. ففي الوقت الذي يتطلّب فيه معظم اللحوم المصنوعة من الخلايا أمصالاً (من الدماء) لتنمو، ابتكرت «بلو نالو» بديلاً من خواص النبات سيرضي معظم المستهلكين الذين تساورهم مخاوف حول القسوة في التعامل مع الحيوانات.
صحيح أن بدائل منتجات اللحوم متوفرة في الأسواق منذ عقود على شكل بيرغر الحبوب والتوفو، ولكنّ بروز اللحوم المزيفة المقنعة هو الذي أشعل نشاط هذه الصناعة، حيث صممت شركتا «إيمبوسيبل فودز» و«بيوند ميت» بيرغر مصنوعاً من النباتات يحمل شكل وطعم البيرغر الحقيقي نفسه، حتى إنّه ينزف.
ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الشركات خاضعة للأجهزة الرقابية المختصة، إذ إنّ أي نوع جديد من الأطعمة يجب أن يحصل على الترخيص قبل بيعه. لذا، وظّفت «بلو نالو» مسؤولاً تنفيذياً سابقاً في إدارة الغذاء والدواء الأميركية لمساعدتها في التواصل ووضع استراتيجيات التعامل مع الأجهزة القانونية.
وكتب هذا المسؤول في رسالة إلكترونية: «بما أننا لا نستخدم أي تعديلات جينية، ولا أي تمايز بيولوجي تحوّلي، فإننا لا نتوقع مواجهة أي تحديات استثنائية مع إدارة الغذاء والدواء».
- «سان دييغو يونيون تريبيون»
- خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك المستهلك يمكنه تجنب فقدان العناصر الغذائية والنكهة عن طريق اختيار لحوم البقر والدجاج المجمدة (رويترز)

6 أطعمة من الأفضل تناولها مجمدة وغير طازجة

خبيرة التغذية البريطانية ريانون لامبرت، كشفت هذا الأسبوع عن أن وجهة نظرنا السلبية تجاه الأطعمة المجمدة قد تحرمنا عناصر غذائية قيّمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العناصر الغذائية الدقيقة تؤدي أدواراً بالغة الأهمية في وظائف الخلايا والمناعة (رويترز)

7 عناصر غذائية أساسية لا نتناول ما يكفي منها

أكثر من 5 مليارات شخص لا يستهلكون ما يكفي من اليود أو فيتامين «E» أو الكالسيوم... وأكثر من 4 مليارات شخص لا يتناولون كمية كافية من الحديد والريبوفلافين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سمكة السمّ القاتل (أ.ف.ب)

طفلة يابانية تصبح أصغر المؤهَّلين لإعداد سمكة سامّة تُهدِّد بالموت

أصبحت يابانية، تبلغ العاشرة، أصغر شخص يحصل على تصريح لإعداد سمكة «فوغو» المنتفخة؛ وهي من الأطعمة الشهية التي قد تقتل الإنسان إذا لم تُزَل أجزاؤها السامّة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».