«ولد الغلابة»... دراما صعيدية عن انسحاق ذوي الضمير

أحمد السقا في دور معلم مثالي يتخلى عن مبادئه

أحمد السقا وتامر حسني أثناء تصوير ولد الغلابة
أحمد السقا وتامر حسني أثناء تصوير ولد الغلابة
TT

«ولد الغلابة»... دراما صعيدية عن انسحاق ذوي الضمير

أحمد السقا وتامر حسني أثناء تصوير ولد الغلابة
أحمد السقا وتامر حسني أثناء تصوير ولد الغلابة

يتحدى الفنان أحمد السقا نفسه في أداء شخصية الصعيدي لأول مرة في دراما تلفزيونية «ولد الغلابة» بعد أن قدم شخصية الصعيدي القوي الخارج على القانون في فيلم «الجزيرة» بجزأيه، فهل ينجح في أداء شخصية الصعيدي المغلوب على أمره؟... هذا ما يترقبه المشاهدون الذين عهدوا بالسقا إتقانه للأدوار التي يقدمها، من الحلقات الأربع الأولى بدا واضحاً امتلاك السقا مفاتيح شخصية (عيسى الغانم) مدرس التاريخ بإحدى مدارس ملوي بالمنيا صعيد مصر، صاحب المثل والقيم المتقن لعمله وبالتالي رفضه لاستغلال الطلاب وإعطاء الدروس الخصوصية. جاء المشهد الافتتاحي مكثفاً ومشوقاً وينطوي على أرضية جيدة للمشاهد ووضعه في أجواء العمل، هذا المعلم الذي يحرص على كتابة «بسم الله الرحمن الرحيم» على السبورة ويعلم الفتيات تاريخ بلادهم بأسلوب شيق ولا يخلو من المرح رغم معاناته اليومية، وينهي حصته بنصيحة اتقاء الله في كافة الأعمال «ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً».
ينهي عيسى عمله وسط محاصرة زميلته المعلمة تطالبه بسداد أموال الجمعية التي يشارك فيها لسداد ديونه. الشخصية مرسومة بدقة فهو الابن الأكبر في أسرة مكونة من 3 أولاد وفتاتين فقد جبل على تحمل المسؤولية منذ كان صغيراً ويتابع ذلك كواجب مقدس بعد أن أوصاه والده وهو على فراش الموت أن يرعى إخوته. ورغم ذلك أضفى السقا ومؤلف العمل لمحة كوميدية على الشخصية تخفف من وطأة تداعيات الأحداث الدرامية في حياة «عيسى» مع لفتة بتقبله للقدر.
يعمل عيسى سائقاً للتاكسي في الفترة المسائية ونتعرف خلال الحلقة الأولى على عدة خلفيات عن شخصيته تجبرنا على التعاطف مع الشخصية مع وجود المبررات المنطقية لذلك. يتعرف في الحلقة الأولى على (فرح) التي تشارك أحمد السقا البطولة وتلعبها الفنانة مي عمر زوجة المخرج محمد سامي التي حققت نجاحاً لافتاً في الفترة الأخيرة، حيث شاركت تامر حسني في فيلم «تصبح على خير» وغادة عبد الرازق في مسلسل «حكاية حياة» ويبدو من الحلقات الأولى أن هذه الشخصية ستكون هي المحركة للأحداث فهي الزوجة الشابة التي تزوجت من (الدكتور عزت) محور الشر في العمل، والذي يكبرها بعشرات الأعوام قام بتوريط والدها وسجنه، ويبدو أن معاناتها ستدفعها لتحول دراماتيكي تقلب شخصيات العمل على بعضهم وتحرضهم على القتل لتنجو هي دون أن تتورط في شيء.
تصاعد الأحداث بدأ منذ الحلقة الأولى بمرض والدة عيسى واكتشاف مرضها بتليف الكبد في مرحلة متأخرة ويتطلب إنقاذ حياتها عملية زراعة كبد تكلفتها 250 ألف جنيه، ويتزامن مع ذلك سرقة التاكسي الذي يعمل عليه أثناء اصطحابه لفرح لشراء سلاح، يبدأ مع هذه التداعيات عيسى في التخلي عن مبادئه شيئاً فشيئاً، في البداية ينساق لمسألة الدروس الخصوصية محاولاً كسب العيش لكنه يفشل، ثم يخضعه نقيضه المعلم ضاحي تاجر المخدرات الذي يلعب دوره محمد ممدوح للاتجار في «الأستروكس» المخدر ويخنع عيسى لذلك؛ إثر تورطه في التوقيع على إيصالات أمانة لإنقاذ شقيقه من السجن، ورغبته في سداد ديونه وإجراء عملية زراعة الكبد لوالداته وتزويج شقيقته. يكتشف عيسى أن (ضاحي) يود إذلاله حينما يعلم من فرح أن ضاحي قام بتصويره وهو يقوم بتعبئة المخدرات، ويواجه ضاحي الذي نعلم فيما بعد أنه يحاول استغلال شقيقة عيسى الصغرى وإيهامها بأنه يحبها وسيتزوجها بعد أن حاول من قبل الزواج بشقيقته الكبرى ورفض عيسى. تيمة الصراع بين الخير والشر بين عيسى وضاحي ستكون عنصر تشويق كبيراً في العمل، حيث ستطلب فرح في نهاية الحلقة الرابعة من عيسى قتل ضاحي وزوجها الدكتور عزت للتخلص منهما ويبدو عيسى في ذهول من طلبها، فهل يتحول للنقيض التام من طبيعته وشخصيته؟.
يقدم مؤلف العمل أيمن سلامة حبكة مصنوعة ببراعة من خلال السيناريو والحوار ويهتم بإدخال المشاهد في لعبة تخيل الأحداث ومحاولة توقعها لكنه ما يلبث أن يفاجئه بما هو غير متوقع بـ«التويست». ونأمل أن تظل أحداث المسلسل مشوقة مثلما قدم لنا من قبل المسلسل الناجح «مع سبق الإصرار» الذي برع فيه بالتلاعب في ملامح الشخصيات مستنداً على علم النفس في رسم تقلبات شخوص العمل وملامح الشخصية بشكل مدروس ومحدد يحترم عقل المشاهد ويقنعه باللعبة الدرامية. اختيار أماكن التصوير عليه عامل كبير في تكامل العمل مع تصميم الملابس الذي يعكس أيضاً الواقع المعاصر للصعيد المصري الذي تغيرت قليلاً عاداته وتقاليده.
المخرج محمد سامي من المخرجين المحترفين في استغلال زوايا الكاميرا والتصوير والتركيز على لحظات تجلي الممثل مع تنقل بالكاميرا بخفة تجعل المشاهد يتوحد مع مكان وزمان الدراما ما يحقق التشويق والإثارة مع التنويع بين مواقع التصوير الداخلية والخارجية. قدم سامي من قبل الكثير من الأفلام والمسلسلات الناجحة، منها: فيلم «عمر وسلمى» بأجزائه، وفيلم «جواب اعتقال»، ومسلسل «مع سبق الإصرار»، و«الأسطورة» وغيرها.
اختيار فريق العمل بدا متوافقاً مع الشخصيات المرسومة بالسيناريو فيشارك في دور الشخصية محور الشر الفنان القدير هادي الجيار الذي تحفظ له الجماهير دوره في مسرحية «مدرسة المشاغبين» وأيضاً ترك علامة مميزة في مسلسل «المال والبنون».
بينما تلعب إنجي المقدم دور شقيقة عيسى الغانم (أحمد السقا) التي تسانده وتدعمه بالإنصات الدائم له وجبر خاطره وتدرك دوناً عن إخوته حجم المسؤولية الواقع عليه محاولة التخفيف عنه، حتى أنها تحاول تارة إقناعه ببيع شبكتها ثم التخلي عن إقامة حفل زفافها في موعده تخفيفاً عنه من الأعباء المالية التي تحاصره، والمقدم تلعب الدور باقتدار في تميز عن دورها العام الماضي كفتاة إيطالية في «ليالي أوجيني»، حيث تكشف ببراعة تنقلها بين الأدوار وعدم التقيد بنمط تمثيلي معين بعد أن ظلت فترة محصورة في أدوار الفتاة الأرستقراطية. كما يضفي الفنانان إدوارد وكريم عفيفي من أبطال مسرح مصر أدواراً مميزة تضفي أيضاً قليلاً من الكوميديا على «ولد الغلابة».
المسلسل أثار الجدل من الحلقة الأولى بأن تصدر هاشتاغ «تويتر» مصر بمشهد أحمد السقا وظهور المطرب تامر حسني في دور محمود شلبي (بائع جلاليب) ينصح السقا ويؤازره بعد أن جرحت ذراعه وسرق التاكسي الذي يعمل عليه ويهديه جلباباً حتى لا يثير قلق أسرته. المشهد يعكس هموم الطبقة الفقيرة ودنيا الوسطى من المجتمع المصري وحقق نجاحاً لملامسته المشاعر الإنسانية لغالبية المصريين وكذلك بطبيعة الحال شخصية (عيسى الغانم). نجح فريق العمل في الحلقات الأولى في تكثيف الأحداث وتقديم تتابع درامي مشوق يحترم المشاهد والمونتاج تم تنفيذه بمهارة تخدم العمل لكن نتمنى أن تستكمل الحلقات بنفس المنوال ولا يقع فريق العمل في فخ مماطلة الأحداث.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.