رمضان يدق أبواب المصريين بـ«شوادر» الفوانيس والتمور والياميش

ملامح الميادين والشوارع تتبدل لاستقبال أيام الشهر الكريم

فوانيس مختلفة الأحجام والموديلات بميدان السيدة زينب في القاهرة
فوانيس مختلفة الأحجام والموديلات بميدان السيدة زينب في القاهرة
TT

رمضان يدق أبواب المصريين بـ«شوادر» الفوانيس والتمور والياميش

فوانيس مختلفة الأحجام والموديلات بميدان السيدة زينب في القاهرة
فوانيس مختلفة الأحجام والموديلات بميدان السيدة زينب في القاهرة

في حين يرفع قطاع كبير من المصريين أكفهم إلى السماء في هذه الأيام، داعين الله تعالى بأن يبلغهم شهر رمضان؛ بدأت بالفعل ملامح الشهر الكريم تغزو كثيراً من الشوارع والميادين بالقاهرة، ولا سيما الشعبية منها، فمع العد التنازلي لاستقبال رمضان يتبدل حال كثير من الأماكن، وتتغير معالمها استعداداً لاستقبال أيامه ولياليه.
ويعد الملمح الأبرز بالشوارع المصرية مع انتصاف شهر شعبان هو إقامة الشوادر ونصب الخيام، التي تتراص بداخلها البضائع المختلفة والسلع الرمضانية التي ترتبط بالشهر الفضيل، مثل الفوانيس والزينات، والتمور، والياميش (المكسرات والفواكه المجففة)، والمشروبات الطبيعية، والكنافة والقطايف، والمخللات، وهي الشوادر التي يقصدها الآلاف خلال هذه الأيام وطوال أيام رمضان بغية التسوق، بما يلبي احتياجاتهم منها خلال الشهر.
«الشرق الأوسط» رصدت ملامح الشوادر والخيام والأسواق، والاستعداد لاستقبال الشهر المعظم... فما أن يهلّ شهر شعبان إلا وتبدأ شوادر بيع فوانيس شهر رمضان في الانتشار، كأول المنتجات الرمضانية التي يقبل عليها المصريون، وتكثر هذه الشوادر على وجه الخصوص في أحياء السيدة زينب، والحسين، وباب الشعرية، والعتبة، كما تنتشر في ميادين أخرى وعلى الأرصفة في كثير من المناطق.
وتجتذب هذه الشوادر الفئات والطبقات والأعمار كافة، حيث تقدم الفوانيس مختلفة الأحجام والموديلات والأسعار، وكذلك الخامات، حيث تصنع من الصاج أو الخشب أو الورق المقوى أو أقمشة الخِيَام، لكي تلبي جميع الرغبات.
من داخل أحد هذه الشوادر بميدان السيدة زينب، يقول البائع طارق حسن لـ«الشرق الأوسط»: «هناك إقبال على جميع أحجام الفوانيس وأنواعها، وأسعار الفوانيس لجميع الأنواع تبدأ من 15 جنيهاً (أقل من دولار أميركي)، وتصل في الأنواع الصاجية كبيرة الحجم إلى 500 جنيه (أقل من 30 دولاراً)»، مبيناً أن شراء الفوانيس يزيد قبل شهر رمضان بأسبوعين تقريباً، ويبلغ ذروته في الأيام الخمس الأخيرة قبل حلول الشهر الفضيل.
وبخلاف الفوانيس؛ ينتظر تجار المواد الغذائية وأصحاب المحال التجارية قرب حلول الشهر الكريم لإقامة شوادر بيع التمور والمنتجات الرمضانية، التي يتم اللجوء إليها نظراً لمواجهة الإقبال المتزايد على هذه المنتجات، ونشاط حركة البيع والشراء في مثل هذا التوقيت سنوياً.
وتحظى شوادر بيع التمور بإقبال كبير، وفي القاهرة تخصص أماكن بعينها لإقامة شوادر التمور، أبرزها سوق الساحل الشهيرة على كورنيش النيل، وهي تصنف على أنها المركز الأهم لبيع التمور والياميش في العاصمة، وهي سوق سنوية لبيع أنواع التمور المختلفة، مجتذبة تجارها من مختلف البقاع المصرية لعرض بضاعتهم أمام رواد السوق، وبخلاف الشوادر المقامة بالسوق يمكن ملاحظة افتراش بعض التجار للأرصفة عارضين التمور أيضاً.
ومن أشهر أنواع التمور التي تباع بالسوق «الجنديلة» و«البارتمودا» و«الأبريمي» و«السكوتي»، أما الياميش فتتعدد منتجاته، مثل الزبيب، والفستق، وقمر الدين، والقراصيا، والمشمشية، والتين المجفف، وجوز الهند، والبندق، وعين الجمل.
من بين المتجولين بالسوق، يقول الشاب عبد الفتاح محمد، إنه يحرص على ارتياد السوق وتلبية احتياجات والدته من التمور والياميش، وبخاصة أنه يقطن بمنطقة الساحل بالقرب من السوق؛ وهو ما أكسبه خبرة في معرفة الأنواع الجيدة من الرديئة، لافتاً إلى أنه يشعر بروح رمضان بتواجده في هذه السوق المزدحمة بالزبائن، ومن خلفهم أصوات الأغنيات الرمضانية الشهيرة.
كذلك، تنشط الحركة التجارية في الشوادر المتخصصة في بيع منتجات العطارة، وبخاصة التي تحيط بالجامع الأزهر الشريف، ومسجد الحسين بالقاهرة الفاطمية، حيث تقبل السيدات، وبخاصة ربات البيوت على شراء التوابل لاستعمالها في إعداد أشهى المأكولات الرمضانية؛ لما تضفيه هذه التوابل من مذاق ورائحة طيبة على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان، وكذلك شراء المشروبات الطبيعية، مثل العرقسوس، والتمر الهندي، والكركديه، والسوبيا، والخروب، والدوم.
أنواع أخرى من الشوادر انتشرت في السنوات الأخيرة تتبع الحكومة المصرية، حيث تحاول من خلالها توفير جميع السلع الغذائية التي يزيد الإقبال عليها في رمضان للمواطنين، في ظل ارتفاع معدلات الاستهلاك خلال الشهر عن بقية أشهر السنة، وتتواجد هذه الشوادر في المدن والقرى والأحياء كافة، ويتم فيها طرح السلع الاستراتيجية التي تشمل السكر، والأرز، والزيت، والسمن، والفول، وكذلك الياميش بأنواعه، وتمتد إلى الخضراوات، واللحوم، والدواجن الحية والمجمدة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».