نظمت مصر، أمس، عدة احتفالات بمناسبة يوم «التراث العالمي»، حيث تم الإعلان عن كشفين أثريين جديدين بمحافظة الأقصر جنوب مصر، كما أزيح الستار عن تمثال للملك رمسيس الثاني الذي أعيد تجميعه وترميمه أمام معبد الأقصر، وافتتح معبد الأوبت بعد الانتهاء من ترميمه بمعابد الكرنك، بينما تم تنظيم مجموعة من المعارض والفعاليات الفنية بشارع المعز بالقاهرة الفاطمية، ومختلف المحافظات.
واحتفالاً بالمناسبة العالمية، فتحت المتاحف والمواقع الأثرية أبوابها مجاناً أمس، أمام الزوار من المصريين والعرب والأفارقة، والأجانب المقيمين بمصر.
وكانت مدينة الأقصر هي مركز الاحتفال حيث استضافت المحافظة الجنوبية، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، وعددا من الوزراء والشخصيات العامة وأعضاء مجلس النواب، وسفراء وممثلي 20 دولة من بينها البحرين، والتشيك، وأذربيجان، وكازاخستان، وكولومبيا، وتشيلي، والكونغو، والدومينكان، والكاميرون، ومالي، وناميبيا، وزيمبابوي، ومالاوي، للإعلان عن اكتشاف مقبرتين جديدتين بمنطقة «ذراع أبو النجا» بالبر الغربي بالأقصر، يصل عمرهما إلى 3500 سنة، في حفل نظمته وزارتا السياحة والآثار.
وقال مدبولي إن «مصر تحتفل بيوم التراث العالمي من الأقصر مهد الحضارة والإنسانية، التي تثبت باكتشافاتها ثراء أرض مصر»، وأضاف، خلال مؤتمر صحافي بالأقصر أمس، أن «الرسومات على جدران المقابر تظهر عظمة المصري القديم، وتؤكد أننا قادرون على استعادة عظمة مصر وبناء حياة جديدة».
وأعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف أكبر مقبرة «صفّ» بالأقصر، لشخص يُدعى «شد سو جحوتي»، أي «الإله جحوتي».
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «هذا الكشف يوضح بعض الأفكار والمفاهيم المتعلقة بتخطيط مقابر الأفراد بمنطقة ذراع أبو النجا»، مشيراً إلى أنه «تم الكشف عن هذه المقبرة شمال مقبرة (روي) رقم TT255، بعد أن قامت البعثة الأثرية المصرية بإزالة الردم الناتج عن الأعمال المتراكمة للبعثات الأجنبية منذ ما يزيد على 200 سنة الذي كان يغطى المنطقة بأكملها».
وتمكّنت البعثة من العثور على مقصورة كاملة من الطوب اللبن والبئر الخاصة بها داخل فناء مقبرة الصفّ، وقال وزيري: «هذه أول مقصورة كاملة يتم العثور عليها بجبانة طيبة، وتُمثل المقصورة نموذجاً كاملاً لمقبرة من الطوب اللبن، مقبية ذات فناء صغير من الحجر تتوسطه بئر عميقة، كما أثبتت الدراسات الأولية أنه من الأرجح تأريخ هذه المقصورة لفترة الرعامسة، نظراً لوجود أمثلة مشابهة لها بجبانة دير المدينة».
وأشار وزيري إلى أن «البعثة عثرت أيضاً على ست مقابر أخرى أسفل فناء مقبرة الصفّ وهو ما يمثل المستوى الثاني من المقبرة، حيث تم فتح مقبرة صغيرة منها والخاصة بشخص يدعى (شسب) كان يعمل كاتباً لمخزن الملك، كما تم العثور على كثير من اللقى الأثرية منها مجموعة كبيرة من تماثيل الأوشابتي المختلفة الأحجام والأشكال والمصنوعة من الفيانس الأزرق والخشب، وقناع مجمع من الكارتوناج، وأكثر من 50 ختماً جنائزيا لبعض الأشخاص الذين لم يتم العثور على مقابرهم حتى الآن».
وعثرت البعثة على بردية كاملة مكتوبة بالكتابة الهيراطيقية وملفوفة بخيط من الكتان، وعملة بطلمية من البرونز المخلوط بالنحاس من عصر الملك «بطليموس الثاني»، ومجموعة من الأوستراكات المصنوعة من الفخار، والجزء العلوي لغطاء آنية كانوبية مصنوعة من الحجر الجيري على شكل قرد يُمثل المعبود «حابي» أحد أبناء حورس الأربعة.
وتتميز مقبرة الصف بوجود مجموعة من المناظر الملونة والواضحة على أعمدة مداخلها، وتحمل نصوصا سجل فيها اسم صاحب المقبرة، وألقابه، حيث يحمل صاحب المقبرة كثيرا من الألقاب؛ وهي الأمير الوراثي، والعمدة، ورئيس الخدم، وحامل ختم ملك مصر السفلى، وحامل ختم ملك مصر العليا، بالإضافة إلى مناظر أخرى لصيد الأسماك والطيور والتي تظهر محتفظة بألوانها الزاهية، وبقايا منظر لحملة القرابين ومناظر للوليمة، والموكب الجنائزيّ.
وقالت الباحثة الألمانية «فردريكا كامب»، المسؤولة عن تسجيل المقبرة، إن «المقبرة يتقدمها فناء كبير جداً بعرض 55 مترا يؤدى إلى مقبرة صفّ بها 18 مدخلاً وبذلك تكون المقبرة هي أول مقبرة في جبانة طيبة يوجد بها هذا العدد من المداخل، حيث إن أقصى عدد وُجد في مقابر الجبانة يصل إلى ما بين 11 أو 13 مدخلاً». لافتة إلى أن «هذه المقبرة تُعد أول مقبرة من نوعها يكون عدد مداخلها زوجياً وليس فردياً، وفي ركنها الشمالي بئر تصل عُمقها إلى نحو 11 متراً، وفي ركنها الجنوبي توجد بئر أخرى تقريباً على العمق نفسه».
وأضافت كامب أن «المقبرة معمارياً ترجع لعصر الأسرة 17. وأعيد استخدامها في بداية الأسرة 18 حتى عصر الملكة (حتشبسوت)، إلا أنه يوجد نموذجان من المقابر في جبانة طيبة تماثل هذه المقبرة معمارياً وأيضاً من خلال المناظر المسجلة عليهما، وهما: (TT81 - K - 150 - ) وترجعان لعصر الملك (تحتمس الأول)»، مُرجحة أن يكون صاحب هذه المقبرة قد خدم في فترة حكم الملك «تحتمس الأول».
وقال محمد يحيى، مدير آثار مصر العليا، لـ«الشرق الأوسط» إن «البعثة المصرية كشفت عن مقابر الصف التي سميت بهذا الاسم لأن لديها عدة أبواب؟ عادة ما تكون 8 أو 9 أبواب، وتتميز بنقوشها الجميلة».
وأضاف يحيى أن المقبرة الثانية التي تم الكشف عنها بمنطقة العياسيف في القرنة، وهي لشخص يدعى مري آمون أي محبوب آمون، وتضم 3 توابيت، وجد بالنواب الداخلي مومياء بحالة جيدة وتعود لعصر الرعامسة.
وأعلن الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري أنه «سيتم الانتهاء من مشروع تطوير منطقة الأهرامات مع نهاية العام الحالي، وقبل يوم التراث العالمي المقبل سيتم افتتاح جزء من متحف شرم الشيخ».
ويحتفل العالم بيوم التراث العالمي في 18 أبريل (نيسان) من كل عام، بهدف زيادة الوعي بأهمية التراث الثقافي للبشرية، ومضاعفة الجهود اللازمة لحمايته.
إلى ذلك، أزيح الستار أمس، عن تمثال الملك رمسيس الثاني بعد تجميعه وترميمه وإعادة نصبه في موقعه الأصلي أمام معبد الأقصر، وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن «البعثة الأثرية المصرية الأميركية المشتركة نجحت في تجميع، وترميم، وإعادة تركيب ورفع التمثال، ليكون آخر تمثال ضمن 5 تماثيل أخرى للملك رمسيس الثاني، تقف أمام المعبد، حيث انتهت وزارة الآثار من تجميع تمثالين من قبل».
والتمثال مصنوع من الغرانيت الوردي، ويصور الملك واقفاً، ويبلغ ارتفاعه نحو 12 متراً، ويزن ما يقرب من 60 طناً، واكتشف خلال حفائر البعثة الأثرية المصرية برئاسة الدكتور محمد عبد القادر، بين عامي 1958 و1960. ويرجح أنه دمر هو ومجموعة أخرى من التماثيل، نتيجة للزلازل في العصور القديمة.
في السياق نفسه، نظم متحف النسيج المصري بشارع المعز في القاهرة الفاطمية، احتفالاً أمس، تضمن معرضاً للحرف التراثية، والأزياء، وبعض الفقرات الفنية، في إطار الدورة الثالثة من مهرجان التراث المصري، وقالت إلهام صلاح رئيس قطاع المتاحف، إن «احتفال هذا العام تم تخصيصه للتراث الأفريقي، بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وإعلان 2019 عام أفريقيا في مصر».
مصر تحتفل بيوم التراث العالمي باكتشافات أثرية مميزة في الأقصر
إزاحة الستار عن تمثال رمسيس الثاني بعد ترميمه
مصر تحتفل بيوم التراث العالمي باكتشافات أثرية مميزة في الأقصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة