الانتصار على السّرطان... المعرفة وحدها لا تكفي

فيليب سالم لـ«الشرق الأوسط»: الطبيب الذي لا يحبّ مريضه لا يمكنه شفاؤه

جانب من ندوة البروفسور فيليب سالم في لندن (الشرق الأوسط)  -  المريض بحاجة لجرعات من الأمل تقيه من الإحباط الذي قد يعترض طريق شفائه
جانب من ندوة البروفسور فيليب سالم في لندن (الشرق الأوسط) - المريض بحاجة لجرعات من الأمل تقيه من الإحباط الذي قد يعترض طريق شفائه
TT

الانتصار على السّرطان... المعرفة وحدها لا تكفي

جانب من ندوة البروفسور فيليب سالم في لندن (الشرق الأوسط)  -  المريض بحاجة لجرعات من الأمل تقيه من الإحباط الذي قد يعترض طريق شفائه
جانب من ندوة البروفسور فيليب سالم في لندن (الشرق الأوسط) - المريض بحاجة لجرعات من الأمل تقيه من الإحباط الذي قد يعترض طريق شفائه

«الانتصار على السّرطان... المعرفة وحدها لا تكفي». عنوان كتاب صدر العام الماضي باللغة الإنجليزية، في العاصمة البريطانية لندن، للدكتور الأميركي اللبناني الأصل فيليب سالم. درس الطب في الجامعة الأميركية في بيروت حيث حاضر لسنوات، قبل أن يهاجر قسراً إلى الولايات المتحدة. سُجّلت له اكتشافات علميّة وأبحاث طليعيّة واختراعات أدوية في بيروت وهيوستن بولاية تكساس، حيث أدار ورأس وأسّس مراكز في معالجة السّرطان منذ العام 1987.
قد يجذبك عنوان الكتاب وقد يخيفك. فهو كتاب طبي يتحدّث عن مرض يتلازم اسمه والموت، لكنّ سالم يوضح، أنّه كتبه ليكون في متناول الجميع. وأنّ أسلوبه سهل القراءة والفهم وهو للجميع. ويستطرد في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ المعرفة وحدها لا تكفي تحديداً في معالجة الأمراض السرطانية، لأنّها تختلف عن معالجة أي مرض آخر. فطريق الشفاء من السرطان طويلة، ومطبّاتها كثيرة محفوفة بصعوبات جمّة وخوف وقلق يلازمان المريض الذي يكون بحاجة لأكثر من المعرفة، وعلى الرّغم من أهميتها فإنّها وحدها لا تكفي.
خلال زيارته لعاصمة الضباب، تلقت «الشرق الأوسط» دعوة لحضور ندوته الذي تحدّث فيها عمّا تحمله صفحات كتابه، وما واكبه من تطور علاج السرطان في مراحله المختلفة طوال نصف قرن، من خلال المعالجة الكيماوية وتفجر المعرفة بالأدوية الجديدة في العلاج الكيماوي، وبعدها مرحلة العلاج البيولوجي أي إعطاء دواء ليس غريبا عن جسم الإنسان، ومرحلة المعالجة بواسطة الأدوية المستهدفة، التي تستهدف الخلية السرطانية فقط، من دون أن تمسّ الخلية السّليمة بأذى كبير. والعلاج المناعي، الذي غيّر جذريا معالجة الأمراض السرطانية، وهو يستهدف جهاز المناعة في الجسم فيقويه ليصبح قادراً على تدمير الخليّة السرطانية.
في كتابه، يقدّم سالم خلاصة معرفته، وزبدة تجربته مع المرضى وكيفية معالجتهم من السرطان بكلمات ومصطلحات كُتبت بلغة مبسطة يسهل فهمها لغير المتخصّصين.
يعطي الدكتور سالم للأمل في كتابه مكانة مميّزة، فهو بنظره، قوت المريض اليومي الذي يقطع الطريق على كل شعور بالإحباط قد يعترض مسيرة شفائه. فالمريض بحاجة في كل يوم لجرعات من الأمل كي لا يشقّ الإحباط طريقه إليه بعد شهر من العلاج فيهزمه، ويستسلم للموت. وهنا يلعب الطبيب دوراً مهماً في إقناع المريض باستمرار العلاج، ومدّه بالصّبر والقوة للوصول به إلى شاطئ الأمان. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ الكتاب رسالة للطبيب وللمريض وعائلته معاً، وهم المستفيدون الأوّلون منه.
وفي حديثه يركّز الدكتور سالم على الإنسان ويقول إن «المريض الإنسان بحاجة لطبيب يحبه ويقدم له العناية والوقت اللازمين. إنّ الطبيب الذي لا يحبّ مريضه لا يمكنه شفاءه».
في نظره لا بدّ أن يرى الطبيب الإنسان ما وراء المرض، وهو القائل إنّ «الطبيب لا يطبب السرطان، بل هو يطبب إنسانا له اسمه وحياته وعائلته، يطبب إنسانا يعاني من المرض».
ورداً على تدخل الطّب في تحجيم أمراض السرطان، يقول: «اليوم، من خلال المعرفة العلمية التي نملكها، نستطيع أن نمنع الإصابة بنسبة 75 في المائة من أمراض السرطان. فثلث الأمراض السرطانية لها علاقة بالتدخين، نستطيع منع التدخين. والثلث الآخر يحدث جراء الالتهابات المتكرّرة، هذه الالتهابات عند تكرارها وإهمال مداواتها بالمضادات الحيوية تتحوّل إلى أمراض سرطانية. وليس من سياسات صحّية في أي دولة في العالم تمنع هذه الأمور». من أهم الأمثلة على ذلك، سرطان عنق الرّحم الذي يسببه فيروس يصيب النساء من خلال العلاقة الجنسية، ومع تكرار الالتهاب يتحوّل إلى سرطان. يمكننا تجنّب هذا النوع من السّرطان، بإجراء لقاح يمنع هذا الالتهاب، ويمنع حدوث السرطان. يقول سالم: «المفروض على جميع السياسات الصحية في بريطانيا والولايات المتحدة والعالم، إخضاع كل فتاة لهذا اللقاح بين عمر 10 سنوات و30 سنة. كما أنّ هناك لقاحا يأخذه الإنسان وهو صغير السّن، يجنّبه الإصابة بسرطان الكبد. وهنا من خلال معالجة الالتهابات المتكرّرة نكون قد منعنا حدوث ثلث الأمراض السرطانية».
«حقوق الإنسان لا قيمة لها مقارنة بحقه في الحياة»، إنّها فلسفة سالم التي يرى من خلالها أنّ الأهم من حق الكلام والتعبير عن الرأي والمعتقد، هو حق الحياة والطّبابة، وهو «حق مقدّس»، حسب رأيه، ويضيف أن هذا الحق لا بدّ أن يكون في شرعة الأمم المتحدة.
كيف يقي الإنسان نفسه وعائلته من السرطان في بيئة ملوّثة سواء في الهواء أو المياه الجوفية وحتّى في الطّعام؟ يقول سالم، إنّ «المرض يأتي نتيجة عاملين الأول وراثي والثاني بيئي. والوقاية تكون بإجراء فحوصات سنوية. وليس من المنطقي في يومنا هذا أن تموت امرأة من سرطان الثدي. والتثقيف الصّحي يفرض نفسه هنا، كما أهمية العلم والمعرفة التي لا بدّ أن يتحلّى بهما الإنسان قبل الإصابة بالسرطان وبعدها، فالعلم جزء من العلاج». ويشرح قائلاً إن «المرضى مسؤولون عن مرضهم، 90 في المائة من المصابين بالسرطان لا يذهبون إلى مؤسسات مهمة. وغالبية ساحقة منهم تعرف أنّ التعرض للشّمس يضرّ، وكمية الأسبستوس المستخدمة في البيوت تؤدي إلى الإصابة بالسرطان». أمّا فيما يخصّ الغذاء فيقول: «إلى الآن لم نعرف بعد ما هو المكوّن أو العنصر الذي قد يسبب المرض في الطّعام.
الخطر الأكبر اليوم، هو التأثير المضر لتلوّث الهواء، الذي يُعتبر القاتل الأوّل للإنسان ولإصابته بالسرطان».
السرطان يعني الموت، هكذا تراه الغالبية الساحقة من البشر، بيد أنّ سالم يؤكّد من خلال تجربته في معالجة المرض أنّ الطّب يستطيع شفاء 60 في المائة من المرضى في حال توفر العلاج المناسب، وأنّ العلاج الحديث يشفي شفاء تاماً منه، والأمر يتوقف أيضاً، على قدرة الإنسان على الاحتمال والمثابرة في محاربة السرطان والموت.


مقالات ذات صلة

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فطر "الزر الأبيض" قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا (رويترز)

نوع من الفطر يبطئ نمو سرطان البروستاتا... تعرف عليه

أكدت دراسة جديدة أنَّ فطر «الزر الأبيض» قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا عن طريق إعاقة نمو الورم، ودعم الخلايا المناعية المقاومة للسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك حقن فيتامين سي عبر الوريد تتيح تحقيق مستويات مرتفعة لا يمكن الوصول إليها عبر الأقراص الفموية (جامعة أيوا)

فيتامين سي يحسن نتائج علاج سرطان البنكرياس

كشفت دراسة سريرية أميركية عن نتائج وُصفت بـ«الواعدة» لعلاج سرطان البنكرياس المتقدم باستخدام فيتامين سي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.