19 بنداً أمام القادة العرب على رأسها الجولان والقدس وتفعيل المبادرة العربية

قمة تونس تنطلق اليوم ودعوة لتأسيس آلية أممية لرعاية السلام والدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إطلاق المفاوضات

الرئيس السبسي مستقبلا نظيره الفلسطيني محمود عباس (رويترز) والمستشار السياسي لرئيس الحكومة خلال استقباله أنطونيو غوتيريش في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السبسي مستقبلا نظيره الفلسطيني محمود عباس (رويترز) والمستشار السياسي لرئيس الحكومة خلال استقباله أنطونيو غوتيريش في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

19 بنداً أمام القادة العرب على رأسها الجولان والقدس وتفعيل المبادرة العربية

الرئيس السبسي مستقبلا نظيره الفلسطيني محمود عباس (رويترز) والمستشار السياسي لرئيس الحكومة خلال استقباله أنطونيو غوتيريش في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السبسي مستقبلا نظيره الفلسطيني محمود عباس (رويترز) والمستشار السياسي لرئيس الحكومة خلال استقباله أنطونيو غوتيريش في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

تنطلق اليوم الأحد أعمال القمة الدورية العادية العربية الـ30 في العاصمة التونسية بحضور عدد كبير من زعماء الدول العربية، سيتدارسون ما تضمنه جدول الأعمال المؤلف من نحو 19 بندا، تتصدرها القضية الفلسطينية وقضية الاعتراف الأميركي بالجولان السوري المحتل أرضا إسرائيلية والأزمة السورية والوضع في ليبيا واليمن، إضافة إلى مشروعات القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ويدين مشروع قرار أعده وزراء الخارجية العرب ورفع إلى القمة، القرار الأميركي الصادر بتاريخ 25 مارس (آذار) 2019 بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ويعتبره «انتهاكاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يقر بالاستيلاء على أراضي الغير بالقوة ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».
ويؤكد المشروع أن القرار الأميركي لا يغير من الوضعية القانونية للجولان بوصفه أرضاً سورية احتلتها إسرائيل عام 1967 وليس له أثر قانوني. وتضمنت مشاريع القرارات الأخرى التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» مشروعا بعنوان متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية.
وشددوا على ضرورة التمسك بالسلام خيارا استراتيجيا، وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والقانون الدولي، ومبادرة السلام العربية لعام 2002 بعناصرها كافة، التي نصت على أن السلام الشامل مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، يجب أن يسبقهما إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967. بما فيها القدس الشرقية، واعترافها بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
ومن المنتظر أن يؤكد القادة العرب في قراراتهم «أن أي صفقة أو مبادرة سلام لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط، مرفوضة، ولن يكتب لها النجاح». ويعربون عن رفضهم لأي ضغوط سياسية أو مالية تُمارس على الشعب الفلسطيني وقيادته بهدف فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية لا تنسجم مع مرجعيات عملية السلام.
وسيطالبون بالعمل مع الأطراف الدولية الفاعلة لتأسيس آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة، لرعاية عملية السلام، بما في ذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة إطلاق عملية سلام ذات مصداقية ومحددة بإطار زمني، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وحل الدولتين، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ويعيد المشروع التأكيد على دعم وتأييد خطة تحقيق السلام التي قدمها الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين يوم 20/ 2/ 2018 بمجلس الأمن. كما يؤكد على اعتزام الدول الأعضاء اتخاذ جميع الإجراءات العملية اللازمة لمواجهة أي قرار من أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، أو تنقل سفارتها إليها، وذلك تنفيذا لقرارات القمم والمجالس الوزارية العربية المتعاقبة.
ويشدد على رفض وإدانة أي قرار من أي دولة، يخرق المكانة القانونية لمدينة القدس الشريف، بما في ذلك قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، ونقل سفارتها إليها، واعتباره قرارا باطلا، وخرقا خطيرا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، والفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية في قضية الجدار العازل.
وسيكون أمام القادة العرب مشروع قرار آخر حول التطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، يدعو جمهورية البرازيل إلى عدم اتخاذ أي مواقف تخل بالمكانة القانونية لمدينة القدس الشريف، حفاظا على أواصر الصداقة والعلاقات مع الدول العربية.
ويدين مشروع القرار ويرفض قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، ونقل سفارتها إليها، بما في ذلك دمج القنصلية الأميركية المعنية بالشأن الفلسطيني في القدس بالسفارة الأميركية، ومطالبتها بإلغاء هذه القرارات المخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تشكل عدوانا على حقوق الشعب الفلسطيني، واستفزازا لمشاعر الأمة العربية الإسلامية والمسيحية، وزيادة في توتير وتأجيج الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم، فضلا عما يمثله ذلك من تقويض للشرعية القانونية للنظام الدولي.
ويدين إقدام غواتيمالا على نقل سفارتها إلى مدينة القدس الشريف، مؤكدا على اعتزام الدول الأعضاء بالجامعة العربية اتخاذ الإجراءات المناسبة السياسية والاقتصادية إزاء هذه الخطوة غير القانونية ومثيلاتها.
كما يؤكد رفض فتح أي مكاتب أو بعثات رسمية لأي دولة في مدينة القدس، بما في ذلك قرار المجر فتح مكتب تجاري لها في مدينة القدس، كفرع دبلوماسي من سفارتها في تل أبيب، مما يعتبر انتهاكا للوضع القانوني لمدينة القدس، وانحيازا للاحتلال الإسرائيلي وخطوة ضارة بالسلام تدعم السياسات الإسرائيلية غير القانونية الهادفة إلى السيطرة على القدس الشرقية المحتلة.
كما يرفض ويدين قرار أستراليا الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، ودعوتها للتراجع عنه، ويوجه الشكر والتقدير إلى جمهورية إندونيسيا الشقيقة على جهودها الفعالة مع أستراليا في هذا الشأن.
ويعرب مشروع القرار عن تأييد ودعم قرارات وإجراءات دولة فلسطين في مواجهة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية، أو أي دولة أخرى، بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، بما فيها رفع دعوة أمام محكمة العدل الدولية ضد أي دولة تنتهك الاتفاقيات الدولية بما يمس المكانة القانونية لمدينة القدس، والعمل مع دولة فلسطين على تحقيق الهدف من تلك القرارات على الصعد كافة.
ويدين المشروع بشدة الاقتحامات المتكررة من عصابات المستوطنين المتطرفين والمسؤولين الإسرائيليين للمسجد الأقصى المبارك والاعتداء على حرمته، تحت دعم وحماية ومشاركة حكومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتحذير من توجه ما يسمى المحكمة العليا الإسرائيلية للسماح للمستوطنين والمقتحمين اليهود بالصلاة في المسجد الأقصى بعد سماحها لهم سابقا باقتحامه وتدنيسه، ضمن المخططات الإسرائيلية لتقسيم المسجد زمانيا ومكانيا، بما في ذلك ما يجري حول باب الرحمة من اقتحامات وصلوات تلمودية يهودية.
ويؤكد المشروع على الإدانة الشديدة والرفض القاطع لجميع السياسات والخطط الإسرائيلية غير القانونية التي تستهدف ضم المدينة المقدسة وتشويه هويتها العربية، وتغيير تركيبتها السكانية، وعزلها عن محيطها الفلسطيني، بما في ذلك مصادقة برلمان الاحتلال الإسرائيلي على ما سمي قانون «القدس الموحدة».
كما رفع الوزراء إلى القادة العرب بندا يتعلق بدعم موازنة دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني. ويدعو المشروع الدول العربية للالتزام بمقررات جامعة الدول العربية وبتفعيل شبكة أمان مالية بأسرع وقت ممكن بمبلغ مائة مليون دولار أميركي شهريا، دعما لدولة فلسطين لمواجهة الضغوطات والأزمات المالية التي تتعرض لها، بما فيها استمرار إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) باتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عقابية، بينها احتجاز أموال الضرائب وسرقة جزء كبير منها بما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية والاتفاقيات بين الجانبين.
ويدعو الدول الأعضاء لتنفيذ قرار قمة عمان التي عقدت في مارس 2017، بشأن زيادة رأس مال صندوقي الأقصى والقدس بمبلغ 500 مليون دولار أميركي.
أما مشروع القرار بشأن تطورات الوضع في سوريا، فيؤكد على الموقف الثابت بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري، وفقا لما ورد في بيان جنيف (1) الذي صدر في يونيو (حزيران) 2018، واستنادا إلى ما نصت عليه القرارات والبيانات الصادرة بهذا الصدد وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام، (2015) ودعم جهود الأمم المتحدة في عقد اجتماعات جنيف وصولا إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.
ومشروع قرار بشأن تطورات الوضع في ليبيا، يجدد الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وعلى رفض التدخل الخارجي أيا كان نوعه، ودعم الجهود والتدابير التي يتخذها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لحفظ الأمن وتقويض نشاط الجماعات الإرهابية، وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، وحماية حدودها والحفاظ على مواردها ومقدراتها. ويدعو المشروع الذي رفع للقادة العرب إلى حل سياسي شامل للأزمة في ليبيا، مؤكدين دعم المجلس للتنفيذ الكامل للاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات بتاريخ 17/ 12/ 2015 باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية السياسية في ليبيا. ويرحب مجددا باستراتيجية العمل التي أعدتها الأمم المتحدة والتي عرضها الممثل الخاص للأمين العام غسان سلامة لحل الأزمة في ليبيا.


مقالات ذات صلة

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

العالم العربي الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

الاستقطاب العالمي والأمن الغذائي... ملفات مرتقبة في «القمة العربية» بالسعودية

تتواصل التحضيرات للقمة العربية الـ32 والمقرر انعقادها بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو (أيار) المقبل، ورأى مراقبون ومسؤولون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن «ملفات مرتقبة تفرض نفسها على أجندة القمة، استجابة لمتغيرات إقليمية ودولية ضاغطة على الساحة العربية، في مقدمتها القضية الفلسطينية، وبلورة موقف شامل إزاء تزايد حدة الاستقطاب الدولي بعد عام على اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية»، فضلاً عن ملفات الأمن الغذائي. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أكد في تصريحات صحافية خلال زيارته للبنان منتصف الشهر الحالي، أن مؤتمر القمة العربية سيعقد في شهر مايو المقبل في المملكة العربية

العالم العربي المندلاوي مستقبلاً جبالي في بغداد أمس (واع)

بغداد تحتضن أعمال المؤتمر الـ34 للاتحاد البرلماني العربي

تنطلق في العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في دورته الرابعة والثلاثين، وينتظر أن تشارك فيه معظم البرلمانات العربية. ويتوقع المراقبون والمهتمون بالشأن السياسي العراقي أن تساهم استضافة بغداد لأعمال المؤتمر، بعد غياب استمر لأكثر من ثلاثة عقود، في تعزيز دور العراق عربيا وإقليميا، و«تعزيز التعاون البرلماني العربي باعتباره مرتكزاً جوهرياً في التضامن العربي» كما تنص على ذلك ديباجة الأهداف التي تأسس الاتحاد بموجبها عام 1974.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الصيني شي جينبينغ بالرياض (الرئاسة المصرية)

السيسي وشي يناقشان التحديات الإقليمية والعالمية على هامش «قمة الرياض»

على هامش مشاركته في فعاليات «القمة العربية - الصينية» بالرياض، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، جلستَي مباحثات مع قادة الصين والعراق، تناولت المستجدات على الساحة الإقليمية والعالمية، والتحديات التي تواجه الشرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون الثنائي. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة المصرية، في بيان صحافي، إن «الرئيس المصري، اجتمع (الخميس)، مع نظيره الصيني شي جينبينغ، لتبادل الرؤى إزاء تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة». وأضاف راضي أن الرئيس الصيني «ثمّن الدور المصري الرائد في صون السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، سواء

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مؤتمر صحافي مشترك للأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية الجزائري في ختام القمة أمس (أ.ب)

«إعلان الجزائر»: تأكيد الثوابت ورفض التدخلات

أعاد البيان الختامي للقمة العربية، التي عقدت في الجزائر، التأكيد على ثوابت مركزية القضية الفلسطينية والعمل العربي المشترك ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. وأكد «إعلان الجزائر» تبني ودعم سعي دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، كما شدد على التمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وتبنتها قمة بيروت عام 2002 «بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية». وأعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان،

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي القمة العربية اختتمت أعمالها في الجزائر أمس (رويترز)

اختتام قمة الجزائر... والرياض تستضيف النسخة المقبلة

اختتم القادة والزعماء العرب أعمال القمة العربية الـ31 بجلسة ختامية تحدث فيها عدد من الزعماء العرب، عن قضاياهم الوطنية والقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك، فيما أعلن أن المملكة العربية السعودية سوف تستضيف القمة التالية. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول المتحدثين في الجلسة الختامية للقمة، وطالب السيسي بـ«ضرورة تعزيز وحدة الصف العربي لمنع التدخلات الخارجية ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية». وأوضح أن عدم الاستقرار في دول المشرق وفلسطين تمتد آثاره لدول المغرب العربي، مؤكدا أن مصر ترغب في الدعم العربي للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا في أسرع وقت.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».