شهرزاد خارج القصر في ميلانو

مؤتمر في «الجامعة الكاثوليكية» يبحث الفضاء الثقافي للمرأة العربية

شهرزاد خارج القصر
شهرزاد خارج القصر
TT

شهرزاد خارج القصر في ميلانو

شهرزاد خارج القصر
شهرزاد خارج القصر

يبدأ في «الجامعة الكاثوليكية» في ميلانو غداً الخميس، مؤتمر للغة العربية وثقافاتها بعنوان: «شهرزاد خارج القصر». المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام هو الرابع لقسم الأدب العربي في الجامعة، ويطمح لأن يلقي الضوء على التغيرات التي نجمت في المجتمعات العربية بفضل حضور المرأة في الفضاء العام في اللغة والآداب والفنون.
يحضر المؤتمر مجموعة من الأدباء والفنانين العرب والإيطاليين في حقول الكتابة والموسيقى والسينما وعلم الاجتماع. وحدّدت إدارة المؤتمر مجموعة من الأسئلة للبحث والنقاش، منها: متى اقتحمت المرأة العربية الفضاء الثّقافي العام للمجتمع الحديث في مجالات التعليم، والصحافة، والكتابة الأدبية، والمسرح، والسينما، والغناء والموسيقى؟ وما هو السياق الثقافي الذي حكم هذا الحضور، وما آثاره على اللغة العربية المعاصرة؟ وهل أدى إلى تغيير في صورة المرأة ورمزيتها في المخيال الجمعي وفي الأعمال الأدبية؟ ثم هل أثر كل ذلك على الموقف من حقوق المرأة، وأدى إلى تغيير في القوانين والدساتير؟
ومن حيث الاشتغال الثقافي، يتساءل المؤتمر عن العقبات اللغوية والثقافية التي تحول دون اندماج المرأة الكامل في المجتمع. كما يبسط على طاولة النقاش تساؤلاً قديماً شبع جدلاً، هو: هل يمكننا الحديث عن أدب عربي نسوي، وما الذي يميزه لغوياً وجمالياً عن غيره من الكتابات الأدبية؟
مقرر اللجنة المنظمة للمؤتمر هو الدكتور وائل فاروق، الأستاذ في «الجامعة الكاثوليكية». وتشارك في الدورة الحالية «هيئة الشارقة للكتاب»، حيث تساهم في نشاطات المؤتمر الذي سيكون بمثابة مهرجان ثقافي مفتوح على الأدب والموسيقى والسينما والندوات الفكرية وقضايا الترجمة. ويأتي المؤتمر مترافقاً مع فعاليات «معرض الكتاب العربي والكتاب الإيطالي عن العالم العربي»، الذي يقام في ميلانو بتنظيم من «منشورات المتوسط»، وبمشاركة عدد من دور النشر العربية ومنها: «الجديد، والساقي، والتنوير، والمدى، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، والفارابي، وممدوح عدوان، والعين، والمتوسط، ومكتبة كتيبات للتوزيع».
وتتضمن جلسة الافتتاح كلمات لكل من ماريا كريستينا جاتي، رئيسة معهد دراسات اللغة العربية، وجوفاني جوبر، عميد كلية الآداب واللغات الأجنبية، وأحمد بن ركاض العامري، رئيس «هيئة الشارقة للكتاب». تعقب ذلك أمسية شعرية أولى يقرأ فيها كل من نسرين خوري (سوريا)، ومهاب نصر (مصر- الكويت)، وميس الريم قرفول (سوريا)، وعبد الوهاب العريض (البحرين)، وخالد بن صالح (الجزائر)، وصالح زمانان (السعودية)، بمصاحبة موسيقية لهاني جرجي. وهناك أمسية ثانية يشارك فيها الشعراء عبده وازن (لبنان)، وأحمد يماني (مصر)، وغياث المدهون (فلسطين)، ومروان علي (سوريا)، وعماد فؤاد (مصر).
من ثمّ تتوالى الجلسات وتبدأ بندوة عنوانها: «التحديق في الصوت والإصغاء للصورة»، تتضمن شهادات لكل من فاطمة لوتاه من الإمارات، وميادة السويدي من البحرين، وكلمة للزميلة إنعام كجه جي عن ثلاث مغنيات في الذاكرة العراقية، كما يتحدث عماد أبو غازي عن المرأة والفنون التشكيلية، ويناقش مهاب نصر، من مصر أيضاً، مفهوم «الست» في ضوء النزعة القومية.
في جلسة: «لا تدعي القلم يبعدك عن نفسك»، يتحدث منتصر القفاش عن هجرة الكاتبة الدائمة، وتقدم صالحة عبيد بحثاً بعنوان «بين غرفة فرجينيا وولف وبرقع سلمى». بينما يبين أحمد عبد اللطيف «كيف شوهت الرقابة الذاتية أدب المرأة». أمّا الجلسة التي تتناول لغة الموضة والأزياء فستكون بمشاركة الباحثة ماريا تيريزا زانولا التي تتحدث عن «المرأة والأزياء في اللغة والمصطلح»، ويتناول خالد عزب موضوع الموضة والأزياء في التراث العربي الإسلامي، يليه إبراهيم فرغلي ببحث عن الأزياء كمدخل لفهم الأدب. ومن بين الأدباء العرب يشارك أيضاً كل من نوري الجراح وعزت القمحاوي ومي التلمساني وبسمة الخطيب ونجلاء والي وسعود السنعوسي وبثينة العيسى وأمل قرامي وأماني فؤاد ومنصور المرزوقي وسناء عون.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مصرف سوريا المركزي (متداولة)

سوريا: تكليف امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي لأول مرة

أكدت مصادر سورية، اليوم الاثنين، تكليف ميساء صابرين لتكون أول امرأة بمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي، في خطوة تُعد سابقة بتاريخ المصرف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة شابة تلتقط صورة بعلم «الثورة» السورية في دمشق (أ.ب)

تصريحات مسؤولة في الإدارة السورية الجديدة حول المرأة تثير جدلاً

أثارت تصريحات أدلت بها مديرة مكتب شؤون المرأة في الإدارة السورية الجديدة حول النساء جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات من المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا منظر للنوافذ في المباني السكنية بالعاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

«طالبان» تمنع النوافذ المطلة على أماكن تجلس فيها النساء

أمر المرشد الأعلى لـ«طالبان» بإغلاق النوافذ التي تطل على أماكن تجلس فيها النساء الأفغانيات وبالتوقف عن إنشائها في المباني الجديدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».