مقاتلات أجنبيات يحاربن تنظيم «داعش» في الباغوز

شكلن {الكتيبة الأممية} وفرقاً طبية تتولى الإسعاف

المقاتلة الفنلندية {دلبخين} تشعر بالحزن  عندما تشاهد النساء الخارجات من الباغوز  - المقاتلة الألمانية {روجدا} جاءت إلى سوريا قبل 9 أشهر  للقتال في صفوف {وحدات حماية المرأة} (الشرق الأوسط)
المقاتلة الفنلندية {دلبخين} تشعر بالحزن عندما تشاهد النساء الخارجات من الباغوز - المقاتلة الألمانية {روجدا} جاءت إلى سوريا قبل 9 أشهر للقتال في صفوف {وحدات حماية المرأة} (الشرق الأوسط)
TT

مقاتلات أجنبيات يحاربن تنظيم «داعش» في الباغوز

المقاتلة الفنلندية {دلبخين} تشعر بالحزن  عندما تشاهد النساء الخارجات من الباغوز  - المقاتلة الألمانية {روجدا} جاءت إلى سوريا قبل 9 أشهر  للقتال في صفوف {وحدات حماية المرأة} (الشرق الأوسط)
المقاتلة الفنلندية {دلبخين} تشعر بالحزن عندما تشاهد النساء الخارجات من الباغوز - المقاتلة الألمانية {روجدا} جاءت إلى سوريا قبل 9 أشهر للقتال في صفوف {وحدات حماية المرأة} (الشرق الأوسط)

بلغة كردية ركيكة، ومفردات جمعت بين الألمانية والإنجليزية، تروي مقاتلة ألمانية تدعى روجدا البالغة من العمر (24) سنة، وهو اسم حركي كونها رفضت الكشف عن اسمها الصريح، قصة سفرها صيف العام الماضي من بدلها ألمانيا إلى سوريا أكثر البلدان سخونة في الشرق الأوسط منذ ربيع 2011، واختارت القتال إلى جانب «وحدات حماية المرأة» المنضوية في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
في بداية حديثها إلى «الشرق الأوسط»، ذكرت روجدا أنها هنا لمحاربة عناصر تنظيم داعش الإرهابي، الذي بث الرعب والخوف خلال الأعوام الماضية، وقالت: «جئت لقتال أكثر التنظيمات تطرفاً. أعمل في مجال الإعلام وتوثيق جرائم وانتهاكات عناصر التنظيم».
وكشفت أنه لا يوجد تواصل مع أسرتها منذ سفرها لكنها جاءت بموافقتهم. وأعربت بأنها تؤمن بالانتصارات التي حققتها هذه القوات في هزيمة التنظيم شرق نهر الفرات، وقالت: «أنا أؤمن بثورة روجا أفا. هذا الشعب قاوم أكثر عناصر التنظيم توحشاً». أثناء الحديث أبدت حماستها وعبرت عن مشاعرها كونها مشاركة في معركة القضاء على التنظيم، وأضافت: «عندما أشاهد فتيات وسيدات مشاركات في القتال ضد (داعش) يزيد إيماني بأنهنّ مدافعات عن حقوقهنّ وتخليص نساء العالم من إرهاب هذا التنظيم».
وبعد خروج عناصر «داعش» وفرارهم من نيران الاشتباكات العنيفة الدائرة في بلدة الباغوز الواقعة أقصى شرق سوريا، الذي يعد آخر جيب يسيطر عليه التنظيم شرق نهر الفرات، التقت روجدا مع سيدة ألمانية كانت زوجة جهادي ألماني قتل في المعارك قبل عام ثم تزوجت مقاتلا فرنسيا من أصول مغاربية، فتعاطفت معها في البداية لكنها تفاجأت عندما سألتها إذا كانت بحاجة لشيء، لتجيب بأنها «لا تريد شيئاً من الكفار والمرتدين»، حينها أيقنت أنها لا تزال متمسكة بفكر وعقيدة التنظيم، وموالية لتلك الأفكار السوداء المنتشرة بين أنصار (داعش) بالعالم».
وكثر الحديث عن المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، لكن في المقابل هناك مقاتلات ومقاتلون من دول أجنبية يحاربون هذا التنظيم ضمن صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا. المتطوعات بخبراتهن التي جمعنها أثناء خدمتهن في جيوش بلدانهم، من بينها المقاتلة الفرنسية آرين ميرخان، واسمها مستعار تيمناً بالمقاتلة الكردية التي نفذت عملية انتحارية، أثناء هجوم واسع نفذه عناصر التنظيم على مدينة عين العرب (كوباني) في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2014.
ذبح متطوعين شدني إلى القتال
وذكرت آرين (31 سنة) التي عملت مع الجيش الفرنسي لمدة 5 سنوات، أنها طالعت قبل عام ونصف خبراً بإحدى الصحف في بلادها، عن تحرير «قوات سوريا الديمقراطية» لمدينة الرقة أبرز معاقل التنظيم سابقاً في سوريا، الأمر الذي دفعها إلى السفر والالتحاق بهذه القوات للمشاركة في العمليات القتالية ضد مسلحي «داعش». تقول: «دفعني للمشاركة في القتال مشاهدة مقاطع ذبح صحافيين ومتطوعين في الإغاثة على يد عناصر التنظيم؛ حيث تركت أثراً عميقاً لدي ولدى الكثير من أمثالي. هذه الجرائم دفعتني لأكون هنا وبموافقة عائلتي».
وشدّدت آرين على أن وجودها مع بضعة مئات من المقاتلات الأجانب ضمن الجبهة المضادة لتنظيم داعش قد لا يكون أمراً ذا أهمية من الناحية العسكرية لكنها: «تدل على عدالة الحرب. أشعر بالخذلان لوجود فرنسيين في صفوف (داعش)، هؤلاء أرعبوا العالم. وجودي هنا لمواجهتهم».
وتدرس فرنسا التي كانت تعارض استعادة الجهاديين حالياً خيارات عدة لإخراج العشرات وبينهم نساء وأطفال من مراكز الاعتقال والمخيمات في سوريا، ويقول المسؤولون الفرنسيون، على نحو غير رسمي، إنه لن يكون أمامهم أي خيار سوى تغيير السياسة بشأن المواطنين الذين ذهبوا للقتال في الشرق الأوسط في صفوف المتشددين، وتحاول باريس بالفعل إعادة القاصرين بعد النظر في كل حالة على حدة.
وتعمل الكندية (27 سنة) التي أطلقت على نفسها اسم فيان، في نقطة طبية قريبة من الخطوط الأمامية في جبهة الباغوز، وبعد الانتهاء من دراستها الجامعية في مسقط رأسها ونيلها شهادة الطب العام، قررت السفر إلى سوريا منذ سنة، وأكدت أنها أول حرب تشارك فيها بوصفها طبيبة ميدانية. وقالت: «عندما أسمع هدير الطيران وصوت قذائف الهاون أشعر بالخوف، لكن عندما أفكر بأن هناك مقاتلة أو مقاتلا أو مصابا سقط جريحاً ويجب علاجه، أتحرر من هاجس الخوف لأقوم بواجبي».
وشرحت صديقتها سرخبون (28 سنة) القادمة من دولة السويد، أنها عندما وصلت إلى مناطق شرق الفرات، خضعت لدورة مدة ثلاثة شهور قبل التحاقها بالجبهة، وتدربت على كيفية الحياة وسط أجواء المعركة، وتعلمت اللغة الكردية لسهولة التواصل مع المقاتلين، وتضيف: «بعد إجراء عمل جراحي لمقاتلة أو مصاب ونقله لمكان وجود المرضى، أُشرف عليه وأتابع رعايته الصحية، مما يعطيني فرصة لسماع قصصهم».
وتوافد عدد كبير من المقاتلين والمقاتلات الأجانب القادمات من أوروبا والأميركتين للانخراط في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» تقاطروا إلى جبهات القتال لإسنادها في قتال مسلحي التنظيم داعش، حيث شكل عدد من أولئك المقاتلين كتيبة خاصة سموا نفسهم بالكتيبة الأممية، فيما شكل آخرون فرق طبية تتولى مجالات الإسعاف، إضافة إلى تطوع الكثير منهم في مجال الإعلام لتوثيق المعارك عبر كاميراتهم ومهارتهم الحرفية لرصد جرائم تنظيم داعش، وسقط الكثير منهم في جبهات القتال.
ويشير نوري محمود الناطق الرسمي باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى وجود أكثر من 200 مقاتل ومقاتلة أجنبية حالياً في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، وعن التدريبات التي يتلقاها أولئك المتطوعون والمتطوعات، يقول: «يخضعون للتدريب العسكري والنظري، ودورات تثقيفية لاطلاعهم على عادات وتقاليد المنطقة وثقافة المكونات وكيفية التعامل مع المجتمعات المحلية والاندماج فيها».
أما المقاتلة الفنلندية والتي سمت نفسها بلقب «دلبخين» فتعمل في صفوف «وحدات حماية المرأة»، وترتدي بدلة عسكرية وعلى كتفها شال زيتي اللون، لم تضع على وجهها وعينيها الزرقاوين أياً من أنواع مستحضرات التجميل، بينما كان شعرها منسقاً بعناية، حيث لفّته على شكل ضفيرة وشدت نهايته بربطة زهرية اللون، نقلت بأنها هنا في سوريا لأن نساء هذا البلد يستحققن الحرية والكرامة، وعبرت قائلة: «أشعر بالحزن عندما أشاهد النساء الخارجات من بلدة الباغوز وهن متشحات بالسواد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».