الصين تعلن توقفها عن التدخل في سعر العملة

التوافق مع أميركا يقرب حدوث اتفاق تجاري شامل

محافظ البنك المركزي الصيني خلال مؤتمر صحافي أمس (رويترز)
محافظ البنك المركزي الصيني خلال مؤتمر صحافي أمس (رويترز)
TT

الصين تعلن توقفها عن التدخل في سعر العملة

محافظ البنك المركزي الصيني خلال مؤتمر صحافي أمس (رويترز)
محافظ البنك المركزي الصيني خلال مؤتمر صحافي أمس (رويترز)

قال محافظ البنك المركزي الصيني أمس الأحد إن البنك توقف عن التدخل في سوق النقد الأجنبي، وإن سعر صرف اليوان ليس مبعث قلق أساسي عند وضع السياسة النقدية، مؤكدا في ذات الوقت أن الصين والولايات المتحدة ناقشتا قضية أسعار الصرف، وتوصلتا إلى توافق حول العديد من القضايا المحورية والمهمة خلال الجولة الأخيرة من المحادثات الاقتصادية والتجارية.
وقال يي قانغ، محافظ بنك الشعب الصيني في مؤتمر صحافي على هامش الاجتماع السنوي للبرلمان إن الصين لن تستغل أسعار الصرف لتعزيز الصادرات ولا كأداة في الخلافات التجارية. وأضاف أن الصين ستبقي اليوان مستقرا وستواصل الانفتاح المالي بكل تصميم وفقا لجدولها الزمني ومتطلبات الإصلاح.
وأكد يي أن بكين وواشنطن ناقشتا قضية أسعار الصرف، وتوصلتا إلى توافق حول العديد من القضايا المحورية والمهمة خلال الجولة الأخيرة من المحادثات الاقتصادية والتجارية.
وأضاف أن الجانبين ناقشا سبل احترام استقلالية السلطات النقدية لبعضهما فيما يتعلق برسم معالم السياسة النقدية. وتابع قائلا إن «المناقشات شملت كذلك التمسك المتبادل بآلية تحديد سعر الصرف على أساس السوق، والوفاء بالالتزامات التي قطعت في القمم السابقة لمجموعة الـ20 مثل عدم اعتماد خفض تنافسي لسعر الصرف، وعدم استخدام أسعار الصرف لأغراض تنافسية، والحفاظ على اتصال وثيق في أسواق النقد الأجنبي».
وأشار إلى أن الجانبين ناقشا مسألة أنه يتعين على كل منهما الالتزام بالكشف عن البيانات وفقا لمعايير شفافية الإحصاءات لصندوق النقد الدولي.
وكانت أميركا قد اتهمت الصين بتعمد خفض قيمة عملتها لإعطاء صادراتها ميزة. ومع ذلك يقول الخبراء إن الصين مهتمة بصورة أكبر بعدم انخفاض اليوان أمام الدولار. ومثلت هذه القضية جزءا من المفاوضات الحالية بين واشنطن وبكين التي تهدف لإنهاء نزاعهما التجاري.
وصرح يي: «العالم بأكمله يعترف بجهود وإنجازات الصين في الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف اليوان عند مستوى منطقي ومتوازن». وخلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة السابقة، تعرض سعر الصرف إلى ضغوط بهدف خفض العملة الصينية، بحسب يي الذي أضاف أن بكين استخدمت ما يصل إلى تريليون دولار من احتياطياتها من العملات الأجنبية لتحقيق استقرار العملة.
ومن ناحية أخرى، حذر يي من تنامي المخاطر المالية في الاقتصاد العالمي. وقال إن المخاطر تشمل «اقتصادا عالميا مضطربا للغاية»، والحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى مخاطر داخل النظام المحلي الصيني... وحذر من أن الصين تواجه هذا العام «المزيد من التحديات والتغييرات».
وقامت الولايات المتحدة حتى الآن بفرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 250 مليار دولار، وردت الصين بفرض رسوم على واردات أميركية بقيمة 110 مليارات دولار. وأدت الرسوم الجمركية إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي نما بنسبة 6.6 في المائة العام الماضي، وهو المعدل الأبطأ فيما يقرب من ثلاثة عقود.
وحول السياسات النقدية الصينية، أكد محافظ البنك المركزي الصيني أن بلاده ستواصل اعتماد سياسة نقدية حذرة سيتم تخفيفها أو تشديدها بدرجة مناسبة، وأوضح أن السياسة سترتكز على التعديل المضاد للتقلبات الدورية، وستعني أن الزيادات في المعروض النقدي والتمويل الكلي يجب أن يكون متسقا مع القيمة الاسمية لنمو إجمالي الناتج المحلي.
كما تعهد البنك المركزي الصيني أمس بمزيد من الدعم للاقتصاد الذي يتباطأ من خلال تحفيز الاقتراض وخفض تكلفته، في أعقاب بيانات أظهرت انخفاضا حادا للإقراض المصرفي في فبراير (شباط) جراء عوامل موسمية.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يعمد البنك المركزي إلى تيسير السياسة النقدية أكثر خلال العام الجاري لتشجيع الإقراض، لا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الأهمية الحيوية للنمو وخلق الوظائف.
وقال يي: «سيواجه الاقتصاد العالمي بعض الضغوط وتواجه الصين العديد من المخاطر والتحديات في الاقتصاد والقطاع المالي». وتابع أن ثمة مجالا لخفض نسب الاحتياطي الإلزامي للبنوك لكنه أقل مقارنة به قبل سنوات قليلة.
وخفض البنك المركزي نسبة الاحتياطي الذي ينبغي أن تحتفظ به البنوك التجارية خمس مرات العام المنصرم لتحفيز إقراض الشركات الصغيرة في القطاع الخاص. وتصل نسبة الاحتياطي بالنسبة للبنوك الكبرى إلى 13.5 في المائة، وفي البنوك الصغيرة والمتوسطة إلى 11.5 في المائة.
وقال يي إن فائدة قروض الشركات الصغيرة ما زالت كبيرة نسبيا بسبب علاوة المخاطر المرتفعة وإن البنك المركزي سيمضي في تنفيذ إصلاحات لتقليص علاوات المخاطر.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أمس أن القروض المصرفية الجديدة في الصين نزلت نزولا حادا في فبراير (شباط)، من مستوى قياسي في الشهر السابق، لكن من المرجح أن يكون الانخفاض لأسباب موسمية؛ بينما يواصل صناع السياسات الضغط علي البنوك لمساعدة الشركات التي تعاني من شح السيولة كي لا تنهار.
وبلغ صافي القروض الجديدة للبنوك الصينية في فبراير 885.8 مليار يوان (131.81 مليار دولار)، بانخفاض حاد من المستوى القياسي لشهر يناير (كانون الثاني) البالغ 3.23 تريليون يوان.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».