فيلم «لهون وحبس» يكرم الإعلام الساخر من دون ضغينة

يشارك فيه كوكبة من مقدمي البرامج والفنانين اللبنانيين

جاد بوكرم وهشام حداد في لقطة من فيلم «لهون وحبس»
جاد بوكرم وهشام حداد في لقطة من فيلم «لهون وحبس»
TT

فيلم «لهون وحبس» يكرم الإعلام الساخر من دون ضغينة

جاد بوكرم وهشام حداد في لقطة من فيلم «لهون وحبس»
جاد بوكرم وهشام حداد في لقطة من فيلم «لهون وحبس»

انشغل اللبنانيون، منذ فترة، بتسجيل صوتي لجاد بو كرم، أحد المشاركين الأساسيين في البرنامج التلفزيوني الساخر «لهون وبس»، ويومها اهتزت ثقة مشاهدي البرنامج المذكور به. فقد اعتبروا أنه يحضر لانقلاب ضد هشام حداد مقدّم «لهون وبس»، بعد أن أكد في التسجيل أنه يستطيع أن يديره، وأن يحل فيه مكان حداد، كونه يتمتع بإمكانيات إبداعية تخوله القيام بهذه المهمة على أكمل وجه. وليكتشف اللبنانيون بعد أقل من 48 ساعة بأن هذا الشريط التسجيلي ليس سوى «برومو» ترويجي لفيلم «لهون وحبس»، الذي يقوم على هذه الفكرة الخيالية.
وفي حفل إطلاق هذا الفيلم، ليل أمس، في الصالات اللبنانية، تحدث هشام حداد عن موضوعه، ليؤكد أنه من نوع فانتازيا سينمائية ارتكزت على فكرة خيالية كتبها وأخرجها شادي حنا.
ويجتمع في هذا الشريط السينمائي، ومدته نحو 90 دقيقة، باقة من الإعلاميين ومقدمي البرامج في عالم المرئي، إضافة إلى عدد من الفنانين رواد المسرح الساخر في لبنان، مثل الشيف أنطوان وزين الأتات مقدمي برامج تلفزيونية، اللذين يشكلان مواد دسمة لهشام حداد في برنامجه «لهون وبس»، على شاشة «إل بي سي آي»، كذلك حضرت فيه مشاركة إعلامية لافتة تمثلت بنانسي السبع وراشيل كرم وإيلي أحوش وديما صادق وزملاء غيرهم لطالما وجه لهم حداد في برنامجه انتقادات لاذعة ينتظرها المشاهد من أسبوع لآخر ليضحك عليها.
وتدور أحداث فيلم «لهون وحبس» ضمن إطار اجتماعي كوميدي حول إلقاء القبض على هشام حداد، وعدم نجاحه بالخروج من السجن بعد أن رفعت ضده دعاوى قضائية كثيرة من قبل سياسيين وإعلاميين سخر منهم في برنامجه التلفزيوني. ولتبلغ قيمة الكفالة التي تخوله الإفلات من هذا المأزق مليون دولار. وأمام استحالة تأمين هذا المبلغ لإطلاق سراحه يستولي جاد بو كرم على مكانه في برنامج «لهون وبس»، ليتعرض بعدها هشام لوعكة صحية صعبة تشكل نقطة الانطلاق لأحداث كوميدية متلاحقة.
حبكة الفيلم كما نصّه المكتوب ومجرياته طبعت هذا الشريط السينمائي بقالب «لايت كوميدي». فهو وعلى الرغم من تضمنه الإثارة والأكشن بأسلوب خفيف بعيد كل البعد عن الذي نتابعه في الأفلام الأميركية، فقد قدّم من خلاله هشام حداد تحية تكريمية لإعلاميين وفنانين سخر منهم في برنامجه، وعلى الرغم من ذلك وافقوا على المشاركة فيه للتأكيد أنهم لا يحملون الضغينة له.
فالفيلم يمرر رسائل مباشرة وعكسها، ليؤكد أن هذا النوع من البرامج الانتقادية الساخرة التي تستقطب نسبة كبيرة من المشاهدين في لبنان، وعلى عكس ما يعتقده البعض، تسهم في شهرة إعلاميين ومقدمي برامج يعملون في تلفزيونات أخرى.
فلولا «لهون وبس» الذي يتصدر أعلى نسب مشاهدة على لائحة البرامج التلفزيونية الترفيهية في موعد عرضه مساء كل خميس عبر شاشة «إل بي سي آي» الرائدة في الإعلام المرئي، لما كان هؤلاء يتمتعون بنسبة الانتشار ذاتها التي يحظون بها اليوم. صحيح أن هؤلاء بنوا ركيزة ثابتة لهم في عالم الإعلام بحيث يتابعهم الآلاف عبر شاشات تلفزيونية اتخذوا منها منصة أساسية لتحقيق نجاحاتهم، إلا أن «لهون وبس» وضعهم في الواجهة وصاروا من الوجوه المعروفة جداً في لبنان.
وينطبع الفيلم بأسلوب إخراجي سلس يعرف به شادي حنا الذي سبق أن تابعنا له «خبصة» و«يللا عاقبالكن شباب» و«أسأل فيلم». ويقدم من خلاله شريطاً سينمائياً خفيفاً يتطلب من المشاهد اكتشاف مكامن الضحك فيه المخبأة هنا وهناك بلقطات سريعة. فيتابع قفشات حنا في مجرياته من خلال عبارات وتركيبات كلامية وتلميحات عن شخصيات معروفة طيلة عرض الفيلم، مما يزوِّده بنكهة كوميدية خاصة، فلمساته هذه النابعة من خفة الدم التي يتمتع بها على الصعيد الشخصي تحفر في ذاكرة مشاهد أعماله، بحيث يخرج من الفيلم وهو يبتسم بصورة لا شعورية، بعد أن تعلق هذه الصور في ذهنه.
ويؤدي المشاركون في الفيلم أدوارهم بطبيعية، كونهم جميعهم يتعاملون مع الكاميرا ويعرفون أسرارها. فمثل الفنانين طوني أبو جودة وجنيد زين الدين وبونيتا سعادة والرياضي وليد دمياطي والمنتج المنفذ للفيلم فراس حاطوم والمراسلة راشيل كرم في نشرات أخبار قناة «الجديد»، والشيف أنطوان، وغيرهم من الوجوه المعروفة المشاركة في الفيلم، بدوا وكأنهم خاضوا تجارب سينمائية سابقة بفعل أدائهم الحقيقي. أما هشام حداد الذي يهوى الكشف عن شوائب شكله الخارجي بشكل دائم، فهو لم يتوانَ في إظهار المزيد منها في فيلم «لهون وحبس»، فأفصح عنها من خلال لقطات تظهر تفاصيل جسمه السمين، وملامح نافرة في وجهه، مؤكداً مرة جديدة أنه وعلى الرغم من كل ذلك، فهو شخصية إعلامية ناجحة وأن المشاهد يهمه المضمون وليس الشكل. ويعد هذا الفيلم تجربة سينمائية لبنانية بامتياز تؤمن بها منتجته تانيا نصر، وهي التي استعانت في مجال الصوت باستوديوهات «360 ميديا» لصاحبها أنطوان حداد مالك حقوق نظام «دولبي العالمي للصوتيات» في لبنان والشرق الأوسط، ولتؤكد مرة أخرى أن لبنان منارة الشرق في مجالات مختلفة.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».