كنوز توت عنخ آمون في لندن نهاية العام

آخر جولة للفرعون الذهبي قبل استقراره في المتحف الكبير

لوحة من الخشب المذهب عليها رسم للملك توت عنخ آمون وزوجته (لابوراتوريوروسو)
لوحة من الخشب المذهب عليها رسم للملك توت عنخ آمون وزوجته (لابوراتوريوروسو)
TT

كنوز توت عنخ آمون في لندن نهاية العام

لوحة من الخشب المذهب عليها رسم للملك توت عنخ آمون وزوجته (لابوراتوريوروسو)
لوحة من الخشب المذهب عليها رسم للملك توت عنخ آمون وزوجته (لابوراتوريوروسو)

بدأ غاليري ساتشي البريطاني الاستعداد لاستقبال مقتنيات الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، التي ستعرض في لندن في الفترة من 12 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وحتى 3 مايو (أيار) 2020، في إطار جولة خارجية لأكبر عدد لمقتنيات توت عنخ آمون منذ اكتشاف مقبرته عام 1922.
وأعلن «ساتشي» عن المعرض الذي يقام تحت عنوان «توت عنخ آمون... كنوز الفرعون الذهبي»، موجهاً الدعوة لعشاق الفن المصري القديم لزيارته «والاستمتاع بالجولة الأخيرة لمقتنيات توت عنخ آمون خارج مصر، حيث ستعود بعدها للعرض في المتحف المصري الكبير الذي يجري إنشاؤه حالياً، ومن المقرر افتتاحه العام المقبل».
من جانبه، قال الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة معرض توت عنخ آمون إلى لندن مهمة، حيث تتزامن مع مئوية اكتشاف المقبرة، التي اكتشفها عالم بريطاني»، لافتاً إلى أن «هذه هي الجولة الأخيرة لآثار الفرعون الذهبي قبل عرضها كاملة في المتحف الكبير».
وأوضح عبد البصير أن «المعرض سيقام في باريس الشهر المقبل، وهناك احتفاء كبير بالفرعون الذهبي، خصوصاً أن آخر معرض لآثار توت عنخ آمون في فرنسا كان في عام 1967».
وقال «ساتشي»، في الإعلان الذي احتل الصفحة الأولى على موقعه الإلكتروني، إن «المعرض سيضم أكثر من 150 قطعة أثرية أصلية من كنوز الملك الشاب، بينها 60 قطعة تعرض خارج مصر للمرة الأولى»، مشيراً إلى أن «جولة كنوز الفرعون الذهبي تأتي في إطار الاحتفالات بمئوية اكتشاف مقبرته التي أسرت العالم منذ اكتشافها على يد العالم البريطاني هيوارد كارتر في الأقصر عام 1922».
وأضاف الغاليري: «اكتشِفْ أشهر ملوك الفراعنة، وشاهد جزءاً من مقتنياته التي اصطحبها معه في رحلته للعالم الآخر، قبل أن تعود هذه القطع إلى مصر لتعرض بشكل دائم في المتحف المصري الكبير».
ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قوله: «اذهبوا وشاهدوا المعرض قبل أن يعود إلى مصر إلى الأبد».
وتوت عنخ آمون، أصبح شهيراً بعد وفاته بنحو 3200 سنة، على عكس غيره من ملوك الفراعنة، مثل رمسيس الثاني، وكليوباترا، وهذا حوّله إلى ظاهرة ثقافية، تعرف بـ«هوس توت». ومقبرة توت عنخ آمون اكتشفت بكامل محتوياتها، وجعلتها هذه الكنوز إضافة إلى المعلومات القليلة عن صاحبها الذي توفي في ريعان شبابه، والإشاعات الخاصة بلعنة الفراعنة.
وجاء على موقع غاليري ساتشي أن «جولة مقتنيات توت عنخ آمون الخارجية في السبعينات من القرن الماضي جددت الهوس بالفرعون الشاب، حتى أن ستيف مارتن غنى أغنيته (الملك توت) عام 1978 على الهواء في البرنامج التلفزيوني الأميركي (Saturday Night Live)»، مشيراً إلى أن «قناع توت عنخ آمون الذهبي استخدم رمزاً في كثير من الأحداث والمناسبات، وحتى في الموسيقى».
وعرضت مقتنيات توت عنخ آمون للمرة الأولى في المتحف البريطاني عام 1972، وزاره نحو 1.7 مليون شخص وقفوا في طوابير طويلة لرؤية كنوز الفرعون الذهبي، ثم عادت مرة أخرى إلى لندن عام 2007.
ويضم المعرض 150 قطعة أثرية، كجزء من مقتنيات توت عنخ آمون البالغ عددها 5398 قطعة أثرية، من بينها عدد من تماثيل الأوشابتي المذهب (التماثيل المجيبة)، والصناديق الخشبية، والأواني الكانوبية، وتمثال الكا الخشبي المذهب، وأواني من الألباستر، وتابوتاً صغيراً مرصعاً بالذهب كان يوضع فيه الكبد المحنط للملك، وسريراً خشبياً مذهباً بأقدام منحوتة على شكل أسد صنع خصيصاً لجنازة توت عنخ آمون.
ويأتي المعرض ضمن جولة خارجية بدأت في مارس (آذار) 2018، بالمدينة الأميركية لوس أنجليس، وتستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافته في الفترة من مارس المقبل، وحتى سبتمبر (أيلول) 2019، قبل أن ينتقل للعاصمة البريطانية لندن. وجاءت فكرة الجولة بناء على طلب من جون نورمان رئيس شركة المعارض الدولية، والمجموعة الدولية للإدارة العالمية بالولايات المتحدة الأميركية، لإقامة جولة لكنوز الفرعون تشمل لوس أنجليس، وباريس، ولندن، وواشنطن، وسيدني بأستراليا، وكوريا الجنوبية، وفلادلفيا، وشيكاغو، وطوكيو وأوساكا باليابان، وبلغت القيمة التأمينية للمعرض 862 مليوناً و800 ألف دولار، وأثار المعرض كثيراً من الجدل في مصر فور الإعلان عنه اعتراضاً على الإجراءات التأمينية، والعائد المرجو منه.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».