«الشرق الأوسط» أيام على الأوسكار (1)‬: «روما» يعقّد ما كان بسيطاً

منافسة الساعات الأخيرة تكشف عن مفاجآت كبيرة

صورة تجمع المرشحين لجوائز الأوسكار على هامش حفل الغداء السنوي لهم (غيتي)
صورة تجمع المرشحين لجوائز الأوسكار على هامش حفل الغداء السنوي لهم (غيتي)
TT

«الشرق الأوسط» أيام على الأوسكار (1)‬: «روما» يعقّد ما كان بسيطاً

صورة تجمع المرشحين لجوائز الأوسكار على هامش حفل الغداء السنوي لهم (غيتي)
صورة تجمع المرشحين لجوائز الأوسكار على هامش حفل الغداء السنوي لهم (غيتي)

‫تراجعت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية مانحة الأوسكار عن قرارها تغييب أربع مسابقات عن البث التلفزيوني واقتصار توزيعها على الحاضرين في القاعة. هذا العدول عن قرارها ليس إلّا نتيجة الانتقاد الإعلامي وتلويح نقابات وجمعيات الحرف السينمائية المهدّدة بعدم الظهور على شاشات التلفزيون نتيجة هذا القرار (وفي مقدّمتها «جمعية المصوّرين السينمائيين الأميركية») بالامتناع عن حضور الاحتفال.‬
لنعتبر أن هذه المحاولة البائسة من قِبل الأكاديمية لاختصار وقت البث التلفزيوني إذعاناً لطلب محطةABC) ) كما لو لم تكن لأنّ الأسئلة الأساسية ما زالت، وقبل خمسة أيام من إقامة الحفل الحادي والتسعين لجوائز الأوسكار، تتمحور حول من سيفوز ومن سيحرم من الفوز، علماً بأنه في عرف العديدين فإن مجرد الترشيح هو فوز وليس خسارة. ‬‬
- الأفلام… الرابح الأكبر ‬
كما ذكرنا في مقالات سابقة، فإنّ الذي يكاد يقضي على البهجة والحماس حقيقة أنّ كل الأفلام التي أُعلن عنها في ترشيحات الأوسكار وردت في ترشيحات الجوائز السنوية الأخرى المهمة مثل «بافتا» و«غولدن غلوبز». وبعضها فاز بالفعل، مثل «روما» الذي أنجز «غولدن غلوبز» أفضل فيلم أجنبي و«المفضلة» الذي فاز ببافتا أفضل فيلم.
البعض الآخر لم يفز بشيء أساسي حتى الآن، مثل «بلاك بانثر» و«مولد نجمة» و«نائب» لكنّها جميعاً، أي هذه الأفلام بالإضافة إلى «بلاكككلانسمان» و«بوهيميان رابسود» و«كتاب أخضر»، تردّدت قبل الأوسكار ما يجعل البعض يشعر بالفتور حيال احتمال فوز فيلم على آخر في هذا الحفل الأخير من بين احتفالات السينما الكبيرة.
الحقيقة هي أنّه، رغم أنّ الأوسكار يجيء بقائمة أفلام جربت حظوظها في أماكن أخرى، كمن يشتري سيارة تناوب على امتلاكها وقيادتها آخرون، إلّا أنّ المفاجآت المنحصرة في الأفلام والسينمائيين المرشحين متوفرة. على سبيل المثال، سيكون من المثير فعلاً لو مُيّز «بلاكككلانسمان» عن نظيره «مولد نجمة» أو لو فاز «كتاب أخضر» من حيث لم يتوقّع أحد خصوصاً أنه لم يفز حتى الآن إلّا بجائزة «غولدن غلوبز» كأفضل فيلم كوميدي. معظم جوائزه الأخرى حصل عليها فيغو مورتنسن (كممثل أول) وماهرشالا علي (كممثل مساند).
الأمر المحير في نطاق أوسكار أفضل فيلم ليس إذا ما فاز فيلم «كتاب أخضر» أو «بلاكككلانسمان» أو «ولادة نجمة»، بل إذا استمر «روما» في طرد الأفلام المنافسة وتنصيب نفسه الفائز الأكبر هذا العام. فهو خرج بجائزتي بافتا (الأكاديمية البريطانية للسينما والتلفزيون) وبجائزة «غولدن غلوبز» وبجائزة خاصة من «أميركان فيلم إنستتيوت» وبجائزة أفضل إخراج من «نقابة المخرجين الأميركية» وبجائزة لندن فيلم سيركل البريطانية علاوة عن نحو 60 جائزة نقدية أو من مؤسسات وجمعيات سينمائية أصغر شأناً.
البعض تساءل عن كيف يمكن لفيلم ناطق بالمكسيكية دخول الترشيحات الرسمية بمساواة أي فيلم ناطق بالإنجليزية. والجواب هو أنّ إنتاج الفيلم يخضع لشركة أميركية هي «نتفلكس»، وهذا يجيز دخوله هذه المسابقة.
وهو موجود، كما نعلم في تسع مسابقات أوسكار أخرى بينها مسابقة أفضل فيلم أجنبي.
في ذلك عدة احتمالات هي بترتيب قوّتها:
1 - فوزه بأوسكار أفضل فيلم وفوزه بأوسكار أفضل فيلم أجنبي أيضاً.
2 - فوزه بأوسكار أفضل فيلم وخسارته أوسكار أفضل فيلم أجنبي
3 - فوزه بأوسكار أفضل فيلم أجنبي وخسارته أفضل فيلم
4 - خسارته الأوسكارين معاً.
هذا الاحتمال الرّابع هو الأضعف بمسافات طويلة. بينما يتقارب الاحتمال الأول والثاني والثالث فيما بينها إلى حد كبير.
هنا قد يرغب أعضاء الأكاديمية بمنح الفرصة لأحد الأفلام الأخرى المنافسة على الأوسكار الرئيسي على أساس منح «روما» أوسكار أفضل فيلم أجنبي (وهذا هو توقعي الأول)، وربّما منحه أوسكارات أخرى في الإخراج والتصوير (وكلاهما لألفونسو كوارون) أو في عداد التمثيل (ولو أن ذلك مستبعد).
إذا ما أفرج التصويت عن نيّـة الاكتفاء بنيل «روما» أوسكار أفضل فيلم أجنبي فقط، فإنّ الأفلام الأجنبية الأخرى، بما فيها الفيلم اللبناني «كفرناحوم» طبعاً ستخرج من المولد بالذكر فقط. أمّا إذا فعلت العكس ومنحت الأوسكار لـ«روما» في المسابقة الرئيسية وحجبته عن مسابقة الأفلام الأجنبية فإنّ حظ «كفرناحوم» سيرتفع لكنّه لن يتجاوز - في تقدير هذا الناقد - حظوظ الأفلام الأخرى المتسابقة في هذا الركن.
‫- ترتيبان مختلفان‬
إذا لم يفز روما بالأوسكار الرئيسي فإنّ الاحتمالات ستغلي كحمم بركانية: لدينا «بلاكككلانسمان» لسبايك لي الذي لم يسبق له أن خاض سباق الأوسكار الرئيسي هذا ولو أنه ترشح مرتين من قبل فقط. سنة 1990 رشح في مسابقة أفضل سيناريو مكتوب خصيصاً للسينما عن فيلم «افعل الشيء الصحيح» وبعد ثماني سنوات رشح لأوسكار أفضل تسجيلي عن «4 فتيات صغيرات».
في عام 2016 نال جائزة أوسكار شرفية فقط، ما يعني أنّه في هذا العام يتطلع حثيثاً لكسر هذه القاعدة من الإهمال. وهذا ممكن جداً ليس بالنظر إلى أن BlacKkKlansman فيلم جيد (على بعض المآخذ) فقط، بل لأنّ هناك فيلمين آخرين يلعبان على الخط نفسه.
«بلاك بانثر» لرايان كوغلر، هو علاوة عن أنه فيلم جيد فنياً (وأنجح الأفلام المتسابقة تجارياً)، يتحدث عن الموضوع الأفرو - أميركي بوضوح. هو فيلم «كوميكس» و«سوبر هيرو» برسالة سياسية تتعلق بالهوية الأفريقية. وهذه الرسالة لها ملحق واضح نرى فيه حضوراً نسائياً إيجابياً وفاعلاً أكثر من حضور أي ممثلات أخريات في أفلام أكشن آخر… وكل هذا في عام اشتدت فيه ظاهرة المطالبة بالمساواة بين الجنسين.
الفيلم الآخر اللاعب على العصب نفسه هو «كتاب أخضر» الذي يلتف حول موضوع العنصرية بالطريقة التي التف بها فيلم «قيادة الآنسة دايزي» الذي نال الأوسكار قبل 30 سنة كاملة. نقاط التلاقي ملحوظة: كلاهما يتحدث عن «شوفير» خصوصي وراكب من لون بشرة أخرى. في فيلم بروس بيرسفور كان الأفرو - أميركي مورغن فريمان هو السائق وجسيكا تاندي هي الأرستقراطية البيضاء. هنا السائق أبيض (فيغو مورتنسن) والراكب الخاص هو أسود (ماهرشالا علي).
في الفيلم السابق يتبادل الاثنان المعرفة وفي هذا الفيلم أيضاً. وفي الخلفية سنة 1998 هي السنة التي لم يرشح بها سبايك لي عن فيلم «افعل الشيء الصحيح» بل تم تجاوزه في إطار أفضل فيلم ومنحه أوسكار أفضل سيناريو كما مر معنا.
«كتاب أخضر» مثل «قيادة مس دايزي» يدور حول الوضع العنصري في زمن سابق إنما بتبسيط المفاهيم وتعميمها. هذا التبسيط نجح في تلك الآونة (لكن الفيلم لم يكن الأفضل بين منافسيه وهم «مولود في الرابع من يوليو» و«جمعية الشعراء الموتى» و«قدمي اليسرى» و«حقل الأحلام»).
الأفلام الأخرى لا تتحدث اللغة ذاتها. «المفضلة» فيلم ساخر من البلاط الملكي البريطاني في قرن مضى. «مولد نجمة» غنائي - درامي - عاطفي حول صعود وهبوط أهل الفن. «نائب» هو فيلم سياسي ضد شخصية ارتاحت من عناء السياسة ولو أن السياسة الأميركية الحالية هي امتداد لها.
تبعاً لكل ما سبق، فإنّ احتمالات الفوز الأعلى وما دون تتبلور على النحو التالي:
> في المرتبة الأولى: «بلاكككلانسمان» و«روما» على رأس الحربة، وإذا كان لا بد من التدقيق فإن فيلم سبايك لي يأتي أمام فيلم ألفونسو كوارون بفارق نصف ملم.
> «المفضلة» ليس «فنجان شاي» العديد من المصوّتين، لكنّه احتمال ثالث جنباً إلى جنب «بلاك بانثر» و«كتاب أخضر».
> «مولد نجمة» خسر معظم مواجهاته السابقة والغالب أنّه سيخسرها هنا أيضاً.
> «نائب» يأتي في احتمال ضعيف.
> «بوهيميان رابسودي» لا يأتي مطلقاً إن لم يكن بسبب رداءة الفيلم الفنية (هو ناجح كضجيج تقني) فبسبب المُـثار حول التهم الموجهة إلى مخرجه برايان سينجر من حيث تعرضه الجنسي لفتيان دون السادسة عشرة.
بترتيب الأولويات على أساس أفضل فيلم من دون أي عناصر أخرى:
1 «روما»
2 «بلاك بانثر»
3 «بلاكككلانسمان»
4 «نائب»
5 «المفضلة»
6 «مولد نجمة»
7 «كتاب أخضر»
8 «بوهيميان رابسودي».
‫المخرج الغالب‬
تأثير ما سبق على مسابقة الإخراج لا يقل تشابكاً وتعقيداً ولو أن أقل سعة كون المرشحين هم خمسة فقط، أي أنّ المقترعين أجروا تصفياتهم عندما ألّـفوا هذه القائمة.
وتتألف القائمة من أربعة مخرجين لديهم أفلام في مسابقة أوسكار أفضل فيلم وهم سبايك لي عن «بلاكككلانسمان» ويورغوس لانتيموس عن «المفضلة» وأدام مكاي عن «نائب» وألفونسو كوارون عن «روما».
بذلك يكون مخرجو الأفلام الأخرى في مسابقة أفضل أوسكار وهم بيتر فاريللي «كتاب أخضر» ورايان كوغلر «بلاك بانثر» وبرادلي كوبر «مولد نجمة» وبرايان سينجر خرجوا من سباق الإخراج مسبقاً. وكلهم - باستثناء رايان كوغلر - يستحقون التغييب إذا ما أخذنا عمق عملية الإخراج فنياً ومتطلباتها. الغالب هو أن اعتبار جهد كوغلر في «بلاك بانثر» كان تنفيذاً صناعياً، لكنّه في الحقيقة لم يكن كذلك فقط.
الاسم الخامس في قائمة مرشحي أفضل إخراج هو البولندي باڤل (أو باڤيو كما تُنطلق بالبولندية) باڤيوكوڤسكي مخرج «حرب باردة» وهو الفيلم الذي له حضور في مسابقة أفضل فيلم أجنبي.
الاحتمالات هنا معقدة بسبب ألفونسو كوارون وحظوظه في السباقات الأخرى. هو ذا مستوى أجمل عملاً وتأثيراً بين الآخرين، لكنّ الاحتمال عال في أن يُتوّج اليوناني يورغوس لانتيموس، خصوصاً إذا ما خسر المواجهة الأولى (مسابقة أفضل فيلم).
بالتالي الاحتمالات الأعلى بالترتيب هي:
> ألفونسو كوارون عن «روما»
> سبايك لي عن «بلاكككلانسمان».
> يورغوس لانتيموس عن «المفضلة»
> آدم مكاي وباڤل باڤيولوڤسكي (عن «نائب» و«حرب باردة» على التوالي).
يبقى بين المسابقات الأخرى، التي ستناولها تباعاً، ما يثير التساؤل عن مصائر ترشيحات تتداخل فيما بينها كما تؤثر وتتأثر باتجاهات الاحتمالات التي وردت أعلاه.


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».