مسجد «باصونة» ينقل فلسفة العمارة البريطانية إلى صعيد مصر

دخل القائمة القصيرة لجائزة عبد اللطيف الفوزان

المسجد من الداخل  -   مسجد باصونة من الخارج في سوهاج
المسجد من الداخل - مسجد باصونة من الخارج في سوهاج
TT

مسجد «باصونة» ينقل فلسفة العمارة البريطانية إلى صعيد مصر

المسجد من الداخل  -   مسجد باصونة من الخارج في سوهاج
المسجد من الداخل - مسجد باصونة من الخارج في سوهاج

للمرة الأولى ينافس مسجد مصري ضمن القائمة القصيرة لمسابقة عبد اللطيف فوزان لعمارة المساجد، إذ تم اختيار مسجد «باصونة» بمحافظة سوهاج، (جنوبي القاهرة)، ضمن القائمة القصيرة للجائزة، المقرر الإعلان عن الفائز بها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ومصمم المسجد هو مهندس مصري شاب يعيش في بريطانيا، يدعى وليد عرفة، درس العمارة في كلية العمارة في لندن «الأركيتكتشر أسوسيشن»، وتأثر بالعمارة التاريخية والقيم الدينية.
«الشرق الأوسط» تواصلت مع المعماري الشاب، الذي أبدى سعادته بترشيح المسجد ضمن القائمة القصيرة لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، وقال إن «تصميم مسجد آل أبو ستيت الكائن بقرية باصونة، مركز المراغة، بمحافظة سوهاج استغرق 6 أشهر، وتم تنفيذه على مدار أكثر من عامين»، مشيراً إلى أن «هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها مسجد مصري إلى القائمة القصيرة للجائزة، بعد منافسة مع عدد كبير من المساجد بينها مساجد مصرية، حيث تمكن مسجد (باصونة) من الصمود والوصول إلى التصفيات النهائية»، لافتاً إلى أن «الجائزة كانت مقتصرة على مساجد دول الخليج في الدورتين السابقتين، وتوسعت هذا العام لتضم مساجد من دول العالم المختلفة».
وأعلنت مسابقة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، عن القائمة القصيرة للدورة الثالثة من جائزة أفضل تصميم ونسق معماري، التي ضمت 27 مسجداً، بمختلف دول العالم، وقال الدكتور طالب الرفاعي، رئيس لجنة التحكيم بالجائزة، في بيان صحافي، إنه «تم اختيار الـ27 مسجداً، من بين 201 مسجد تقدمت للمسابقة، من 48 دولة».
وشرح عرفة كواليس بناء المسجد، التي بدأت «بلجوء أهالي قرية باصونة إلى النائب البرلماني وعضو المجلس الاستشاري للرئيس المصري الدكتور أسامة الأزهري، بعد فقدان مسجدهم الرئيسي»، على حد تعبيره.
وقال إن «الأزهري هو المحرك الأول للمشروع، فهو ابن القرية، ولذلك لجأ إليه الأهالي، وهو مَن تحمل مسؤولية تنظيم عملية بناء المسجد، واستدعاني من لندن، ووفر التمويل اللازم للمشروع».وبشأن سبب اختيار الأزهري له تحديداً أوضح عرفة أن «هناك علاقة صداقة قوية تربطه بالأزهري، حيث تتلمذ على يديه منذ عام 2003، حتى إنه ترجم بعض كتبه إلى اللغة الإنجليزية»، مشيراً إلى أن «تأثير كتب الأزهري وما تعلمه منه خلال جلساتهما العلمية والبحثية أثّر بشكل مباشر على اتجاهه المعماري، وانعكس على تصميم مسجد (باصونة)».
وقال إن «العمارة هي نتاج معرفة المجتمع الذي تسعى لخدمته، حيث تجب معايشة ومعرفة آمال ودوافع وطموحات المجتمع، والتعامل معها بفكر نقدي يتفهم الواقع الحالي، ويحاول تغييره، دون الاستسلام لسلبياته، ودون تسلط أو إملاءات متعالية».
وأضاف أنه «تعلم من الأزهري التعامل مع التراث وما تركه السلف، تمسكاً بالمنهج، لا بالمسألة، مستخدماً الوعي الروحي والديني في تطبيقات العمارة»، مشيراً إلى أنه «ركز في دراسته في لندن على الحفاظ على المباني التاريخية، والاستفادة من هذه العمارة في تقديم عمارة الحاضر والمستقبل، من خلال التعامل المباشر مع فلسفة القيمة، وتقنيات البناء، وعلم أمراض المباني، وخواص المواد، وتاريخ العمارة، والنظم الإنشائية التاريخية».
ويحمل عرفة رؤى فلسفية للعمارة، حيث ركز بحثه على دراسة محاولات المسلمين البريطانيين إنشاء عمارة مساجد بريطانية، وقال: «اعتبرت هذا مدخلاً يميز بين المطلق والنسبي في قيم التصميم، بين الثابت والمتغير، فنحترم المطلق والثابت ولا نتلاعب به فيحدث إفراط، ولا نجمّد النسبي والمتغير فنقع في الجمود والانفصال عن الظروف والمشخصات من زمان ومكان وثقافة ومزاج وتاريخ، وبالتالي لا تكون الاستفادة حكراً على بريطانيا، وإنما مدخلاً جيداً يمكّن المعماري المعاصر في مصر وغيرها من إعادة النظر في قيم التصميم للمساجد، فلا تنفصل عن الأصل ولا تتجمد في حلول بعينها». مشيراً إلى أن «مسجد (باصونة) يعد تطبيقاً عملياً لبحثي».
وضمَّت القائمة القصيرة لجائزة عبد اللطيف فوزان كلاً من مسجد «أرجون» بجمهورية الشيشان، ومسجد «الإمام رضا»، ومسجد «ولي العصر» بإيران، و«المسجد الكبير»، ومسجد «غرب سومطرة»، ومسجد «الأسرياد»، ومسجد «السفر»، ومسجد «بيتوالصبور» بإندونيسيا، ومسجد «مينور» بأوزبكستان، ومسجد «الملك حسين بن طلال» بالأردن، ومسجد «زهرة الله» بكازاخستان، ومسجد «توسيالي وهران» بالجزائر، ومسجد «شندغوان»، ومسجد «موهوربارا»، و«المسجد الأحمر»، ومسجد «بيت الروف»، ومسجد «أصغر علي شودوري» ببنغلاديش، ومسجد «سنجقلار»، ومسجد «موغن غولو» بتركيا، ومسجد «أمير شكيب أرسلان» بلبنان، ومسجد «الملك عبد الله المالي»، ومشاريع مركز التراث العمراني الوطني بالسعودية، وقاعة الصلاة بالسودان، ومسجد «باصونة» بمصر، ومسجد «سوراو نوسا أدامان» بماليزيا، ومشاريع مساجد مالي، ومشروع مساجد غانا.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».