هوس المصريين بالتنقيب عن الآثار يصل إلى أهرامات الجيزة

حفريات غير شرعية أسفرت عن اكتشاف مقبرة «نزلة السمان»

حرم منطقة الأهرامات يلاصق منطقة نزلة السمان السكنية (الشرق الأوسط)
حرم منطقة الأهرامات يلاصق منطقة نزلة السمان السكنية (الشرق الأوسط)
TT

هوس المصريين بالتنقيب عن الآثار يصل إلى أهرامات الجيزة

حرم منطقة الأهرامات يلاصق منطقة نزلة السمان السكنية (الشرق الأوسط)
حرم منطقة الأهرامات يلاصق منطقة نزلة السمان السكنية (الشرق الأوسط)

جدد إعلان شرطة السياحة والآثار المصرية عن اكتشاف مقبرة أثرية، نتيجة حفائر غير شرعية لمواطنين بجوار هرم خوفو، بالجيزة، التأكيد على ازدياد هوس المصريين بالآثار، الذي يدفعهم إلى الحفر أسفل منازلهم وتخريبها. في المقابل أكد عدد من الأثريين أن منطقة نزلة السمان المجاورة للهرم أقيمت فوق معبد الوادي، وهو جزء من المجموعة الجنائزية للملك خوفو، مطالبين بإصدار قرار سيادي لإخلاء المنطقة، وضمها لحرم الآثار.
وكانت الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار، قد أعلنت، أول من أمس، العثور على مقبرة أثرية، نتيجة حفائر غير مشروعة أسفل أحد المنازل بمنطقة نزلة السمان، وقالت، في بيان صحافي، إنها عثرت بداخل المنزل على حفرتين: الحفرة الأولى تصل لممر مستعرض، يؤدي لغرفة منحوتة في الصخر، لها باب وهمي أسفله بئر منحوتة في الصخر غير مكتملة، والثانية على شكل مستطيل تؤدي لممر يصل إلى بهو مستعرض، على جدرانه 6 تماثيل جدارية منحوتة في الصخر مُهشمة الرأس وبعض الأرجل، كما تبين وجود إناء فخاري بحالة سيئة مُهشم الفوهة.
من جانبه، قال أشرف محيي الدين، مدير منطقة آثار الهرم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الآثار أرسلت لجنة لمعاينة المنطقة، والتي أكدت بدورها أثرية المقبرة، وأنها مقبرة شخصية، تحوي تماثيل جدارية مهشمة من الرؤوس والأرجل، تقع أسفل منزل قديم؛ لكننا لا نستطيع أن نحكم ما إذا كانت مقتنيات المقبرة قد تعرضت للسرقة أم لا، فالمعاينة الأولية أظهرت وجود مدخل وصالة؛ لكنها لم تظهر بئر دفن»، مشيراً إلى أن «الوزارة ستبدأ الحفائر العلمية بالمقبرة بعد انتهاء التحقيقات».
من جانبه قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إنه اطلع على صور المقبرة المكتشفة، والتي توضح أنها تعرضت للسرقة والتدمير، حتى أنه تم تهشيم التماثيل الجدارية التي لا يمكن سرقتها. بينما أوضح الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، والذي عمل في منطقة الأهرامات سابقاً، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقبرة تعود إلى الأسرة الرابعة، وهي في منطقة سن العجوز، التي تشهد حالياً حملة لإزالة التعديات على المنطقة الأثرية».
وتتكون المجموعة الهرمية للملك خوفو من المعبد الجنائزي، ومعبد الوادي، وتربطهما طريق صاعدة إلى الهرم، إضافة إلى السور المحيط بالمجموعة الجنائزية.
بدوره، قال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، «إن أي منطقة أثرية يكون حولها آثار»، معرباً عن أمله في «ألا يعتدي المواطنون على الآثار حفاظاً على المصلحة العامة»؛ خاصة أن «ما تم اكتشافه حتى الآن لا يتعدى 40 في المائة من الآثار المصرية».
وحول مدى تكرار الحفائر في هذه المنطقة، قال حواس: «لا أتذكر أنه كانت هناك حفائر خلسة أو محاولات للتنقيب غير الشرعي بالمنطقة في الماضي؛ لكن في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 وتحول كثير من مبانيها لفنادق غير قانونية». ورغم معرفة الأثريين بأن المنطقة مقامة على أنقاض منطقة أثرية، فإنه حتى الآن لم يصدر قرار بإزالتها، وضمها لحرم المنطقة الأثرية.
وأوضح حواس أن «إخلاء المنطقة من سكانها يحتاج لقرار سيادي؛ لأنه أمر صعب التنفيذ»، مشيراً إلى أنه «تعرض لحملات شديدة وهجوم من جانب سكان المنطقة خلال فترة توليه مسؤولية الآثار، نتيجة مطالبته بإخلاء المنطقة»، وأشار إلى أن «الحفائر التي قام بها عام 1977 في مقابر سن العجوز، كانت بجوار المنطقة صاحبة الكشف الأخير».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».