الدستور المصري والتعديلات... قصة سياسية عمرها 140 سنة

عرفته البلاد للمرة الأولى عام 1879

الدستور المصري والتعديلات... قصة سياسية عمرها 140 سنة
TT
20

الدستور المصري والتعديلات... قصة سياسية عمرها 140 سنة

الدستور المصري والتعديلات... قصة سياسية عمرها 140 سنة

منذ عرفت مصر الدستور للمرة الأولى قبل 140 سنة تقريباً، دارت من حوله وباستخدام مواده معارك سياسية عدة، تركت أثرها في وجه البلاد حتى اليوم، وسجلت فصول التاريخ قصصاً سياسية ومآلات درامية، وأحياناً مأساوية، تتعلق جميعها بنصوص الوثيقة الأهم، والمرجع الوحيد لحكم الدولة.
وتبدو الظروف المحيطة بإقرار النسخة الأولى من دستور 1879 كاشفة إلى حد بعيد، للملابسات اللافتة التي تحيط بالدساتير في مصر، إذ إن حاكم مصر حينها، الخديوي إسماعيل، لم تعرض عليه نصوصه، إذ تواكب إقراره مع أزمة خلعه من منصبه بموجب قرار من السلطان العثماني، الذي كانت مصر تخضع لولايته آنذاك. وصدر الدستور بموجب قرار من مجلس النواب الذي عُد الجمعية التأسيسية للدستور، وبات المجلس بموجبه مالكاً لسلطة التشريع.
في عام 1882، عرفت مصر صورة جديدة من الدستور، وكان ذلك في أعقاب التحركات التي قادها الزعيم المصري أحمد عرابي، وعرفت فيما بعد بـ«الثورة العرابية». وكذلك جاء دستور 1923 بعد ثورة 1919، التي استجاب الملك فؤاد لمطالبها بتشكيل لجنة لصياغة دستور. وتباينت النصوص بين توسعة بعض سلطات الملك في مواد، ومنها منحه سلطة حل البرلمان، وتقييد سلطات أخرى.
وبسبب التفاعلات السياسية المختلفة في مصر آنذاك، والخلافات بين الملك فؤاد وحكومات الأغلبية، قرر حاكم مصر صياغة دستور جديد، عدّه المؤرخون ارتداداً عن النسخة السابقة، خصوصاً أنه قلص من صلاحيات مجلس النواب، ورفع نسبة الأعضاء المعينين فيه إلى ما فوق الأغلبية، وازدادت حمى الرفض والمعارضة لتلك النصوص، إلى أن أجبروا الملك عام 1935 على استئناف العمل بدستور 1923.
في صورتها الجديدة كجمهورية في أعقاب «ثورة 23 يوليو (تموز) 1952»، باتت مصر على موعد مع دستور 1956. وبموجب التوجهات القومية العربية للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وإعلان قيام الوحدة بين مصر وسوريا، جاء دستور جديد في عام 1958، وهو ما عُرف بـ«دستور الوحدة».
وبعد انهيار تجربة الوحدة بين القاهرة ودمشق، جاءت تجربة دستور 1964 المؤقت، الذي ظل قائماً إلى أن تولى الرئيس المصري الراحل أنور السادات سدة الحكم، فبدأ عهده بدستور جديد عرف بدستور 1971، أو «الدستور الدائم» الذي ظل سارياً لنحو 40 عاماً، وإن أجريت عليه تعديلات مختلفة، وكانت المرة الأولى عندما طرح السادات في مايو (أيار) 1980 على المواطنين الاستفتاء على التعديل الدستوري، الذي تم بموجبه إلغاء القيد على حظر ترشيحه لأكثر من فترتين رئاسيتين. وحظي التعديل بموافقة بلغت 98 في المائة، غير أن واقعة اغتياله في أكتوبر (تشرين الأول) 1981 حالت دون خوضه استفتاءً آخر، واستفاد سلفه حسني مبارك من التعديل، ما مكنه من دخول استفتاءات مختلفة للبقاء في السلطة.
في السنوات الأخيرة من عهد مبارك، طرح في عام 2005 تعديل الدستور لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، شمل تعديلات للمادة 76 التي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر، ثم أجري استفتاء عليها في عام 2007، وشملت التعديلات حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، وغيرها من التعديلات المتعلقة بانتخاب الرئيس.
وفي أعقاب «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»، أجريت بعض التعديلات الدستورية، ونالت موافقة المواطنين، ثم صدر إعلان دستوري، وتم تعطيل العمل بدستور 1971. ومع تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي للسلطة، أصدر إعلاناً دستورياً مثيراً للجدل، منحه سلطات غير مسبوقة، لكن سرعان ما تم إصدار دستور جديد عُرف بدستور 2012، تم إقراره بموافقة نحو 64 في المائة، واعتراض 36 في المائة.
وبخروج الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان من الحكم، بدأت مصر في إجراء تعديلات على الدستور الذي أقر في عهده. وقدمت لجنة التعديل 42 مادة مستحدثة، حتى بات الأمر أشبه بدستور جديد، وعرف جراء ذلك بدستور 2014، رغم أنه كان تعديلاً على دستور كُتب قبل ذلك بعامين.

برلمان مصر يخطو باتجاه زيادة مدة حكم السيسي



أميركا تمدّ ضرباتها على الحوثيين من صعدة إلى جزيرة كمران

آثار قصف أميركي استهدف موقعاً خاضعاً للحوثيين في صعدة شمال اليمن (أ.ف.ب)
آثار قصف أميركي استهدف موقعاً خاضعاً للحوثيين في صعدة شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

أميركا تمدّ ضرباتها على الحوثيين من صعدة إلى جزيرة كمران

آثار قصف أميركي استهدف موقعاً خاضعاً للحوثيين في صعدة شمال اليمن (أ.ف.ب)
آثار قصف أميركي استهدف موقعاً خاضعاً للحوثيين في صعدة شمال اليمن (أ.ف.ب)

في سياق الحملة الأميركية المستمرة للأسبوع الرابع ضد الجماعة الحوثية في اليمن، ضربت الغارات الجوية ليل السبت-الأحد مواقع في معقل الجماعة بمحافظة صعدة شمالاً، وأهدافاً أخرى في جزيرة كمران قبالة مدينة الحديدة على البحر الأحمر ليل السبت وألحقتها بضربات أخرى مساء الأحد، وسط مزاعم حوثية عن هجمات جديدة استهدفت حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع البحرية المرافقة لها.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر بشن حملة ضد الحوثيين بدأت في 15 مارس (آذار) الماضي، متوعداً إياهم بـ«القوة المميتة» و«القضاء عليهم تماماً»، حيث تلقت الجماعة خلال ثلاثة أسابيع نحو 320 غارة جوية وضربة بحرية، ركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة، خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة.

وطالت الضربات -بدرجة أقل- مواقع وتحصينات ومستودعات وقدرات عسكرية متنوعة في محافظات الجوف، وحجة، ومأرب، والبيضاء، وذمار، وإب، وسط تكتم من الجماعة المدعومة من إيران على حجم خسائرها، مكتفية بذكر أرقام لضحايا تزعم أنهم من المدنيين.

وذكر إعلام الجماعة أن أربع غارات جوية ليلية استهدفت مواقع غرب مدينة صعدة، زاعماً أنها طالت منزلاً ومحلاً لبيع منظومات الطاقة الشمسية، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين.

إحدى الغارات الأميركية ضربت منزلاً في صعدة خاضع للحوثيين (أ.ف.ب)
إحدى الغارات الأميركية ضربت منزلاً في صعدة خاضع للحوثيين (أ.ف.ب)

وفي جزيرة كمران قبالة الحديدة، أفاد إعلام الحوثيين بأن خمس غارات استهدفت مواقع في الجزيرة، دون الإشارة إلى أي خسائر مدنية أو عسكرية.

ويُرجح مراقبون أن الضربات استهدفت قدرات بحرية عسكرية، نظراً لاتخاذ الجماعة الجزيرة قاعدة متقدمة لشن الهجمات البحرية. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها استهداف الجزيرة خلال حملة ترمب.

عمليات مستمرة

لم يصدر تعليق من الجيش الأميركي بشأن تفاصيل الضربات الأخيرة، واكتفت القيادة المركزية بتغريدة على منصة «إكس» مرفقة بمقاطع فيديو، أكدت فيها أن «أفراد مجموعة حاملة الطائرات (هاري إس ترومان) موجودون في مواقعهم، ويقومون بعمليات مستمرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ضد الحوثيين المدعومين من إيران».

وأقر القطاع الصحي الخاضع لسيطرة الحوثيين بأن الضربات التي أمر بها ترمب حتى الآن أدت إلى مقتل 65 شخصاً وإصابة نحو 145 آخرين، بينهم أطفال ونساء، ليُضافوا إلى 250 قتيلاً و714 مصاباً خلال الضربات التي تلقّتها الجماعة في عهد الرئيس جو بايدن، وهي أرقام لم تُؤكّد من مصادر مستقلة.

وتُضاف ضربات ترمب إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية كانت الجماعة قد تلقتها خلال عام كامل من إدارة بايدن، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى توقيع هدنة غزة بين «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.

وكانت إدارة بايدن قد توقفت عن ضرب الحوثيين بعد بدء سريان الهدنة في غزة، كما توقفت الجماعة عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجدداً للتهديد بشن هجمات جديدة بعد تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة.

مزاعم عن هجمات

في ظل هذه الضربات الأميركية، تحاول الجماعة الحوثية رفع معنويات أتباعها بتبني هجمات متواصلة ضد حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها، إضافة إلى تبنّي نحو 12 هجوماً صاروخياً وبطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي.

وزعم المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز الأحد، أن جماعته هاجمت حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع البحرية المصاحبة لها باستخدام صواريخ مجنحة ومسيرات، كما استهدفت بصاروخ باليستي سفينة إمداد تابعة للحاملة.

حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تتولى الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» تتولى الحملة ضد الحوثيين من شمال البحر الأحمر (أ.ب)

وفي حين لم يعلّق الجيش الأميركي على هذه المزاعم، يرى مراقبون يمنيون أن الحملة الجوية وحدها غير كافية لإنهاء التهديد الحوثي، مشيرين إلى ضرورة تحرك ميداني تقوده القوات الحكومية لاستعادة السيطرة على الحديدة وصنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة.

وكان الحوثيون قد دخلوا خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري كبير، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.

كما تبنت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدى إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل أربعة بحارة.

وردّت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، واستهدفت مواني الحديدة، ومستودعات الوقود، ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، إضافة إلى مطار صنعاء.