سعاد مردم بك تحتفي بعالم السفر في معرض بالقاهرة

تحت شعار «جئت ورأيت وعشقت»

التّشكيلية السّورية سعاد مردم بك
التّشكيلية السّورية سعاد مردم بك
TT

سعاد مردم بك تحتفي بعالم السفر في معرض بالقاهرة

التّشكيلية السّورية سعاد مردم بك
التّشكيلية السّورية سعاد مردم بك

فكرة فلسفية عميقة يعكسها معرض الفنانة التشكيلية السورية القديرة سعاد مردم بك، استمدتها من المقولة التاريخية الشهيرة ليوليوس قيصر «جئت، ورأيت، وانتصرت»، إلّا أنّ الفنانة السورية بعد الغوص في ذاتها، ومرجعيتها الفلسفية اختارت صياغة بصرية قد تكون ذات اختلاف لفظي طفيف، لكنّها شديدة القرب في العمق والمعنى، وهي «جئت ورأيت وعشقت»، وما العشق إلّا أجمل انتصار للحياة وللنفس.
وتقدم سعاد في المعرض الذي يحتضنه غاليري الزّمالك للفن في مصر، ويستمر حتى 4 فبراير (شباط) المقبل، أعمالاً فنية تحتفي بالتنقل من أجل الانفتاح على عوالم جديدة، لم نكتشفها أو نرها من قبل، لكنّها عوالم ممكنة تدعونا إلى السّفر والتواصل والعشق. تقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «اخترت للمعرض عنواناً وجدت فيه قوة واختلاف، وهو (جئت ورأيت وعشقت) ليلامس العاطفة والفكر برفق».
ولذلك لا تمثل حركة شخوصها في فضاء اللوحات مجرد تغيير للمكان، أو حيز الوجود، لكنّها انطلاقة نحو العوالم المحفزة على الحوار والتواصل، فقد يكون السّفر إلى مكان آخر في لوحاتها عبر القطار أو الحصان أو الخيل أيضاً، أمّا الحقائب المتراصة بشكل لافت فقد تكون أمتعة ملموسة، وقد تكون أيضاً حقائب رمزية عاطفية تحمل المشاعر والأحلام.
تقول سعاد: «مثل يوليوس قيصر في غزواته واقتحاماته المختلفة للبلدان يكون الإنسان في تجاربه الحياتية وفي أسفاره، لديه الكثير ليشاهده وينتصر عليه ويعشقه، لكن يبقى ذلك مرهوناً بشرط أساسي، وهو الحركة والاقتحام من أجل التغيير، وعدم الوقوف محلك سر، وهو السبب وراء الحركة المفرطة لشخوصي في اللوحات».
استعانت سعاد أيضاً في لوحاتها بمجموعة من الرموز التي تعزّز فكرتها الفلسفية، ومن ذلك الحصان والثور، «فبينما يعد الحصان رمزاً للنبل والأصالة، إلى جانب أنّه وسيلة تنقل سريعة تنقلنا بسلاسة إلى عوالم أخرى، لا سيما عالم الأحلام كما في الحكايات والأساطير، يرمز الثور إلى القوة والتحدي، وما أحوجنا إليهما في أسفارنا المادية والمعنوية».
والمتأمل للّوحات يكتشف أنّ في ملامح الشّخوص ونظراتهم وحركاتهم ما يتّفق مع ما تريد الفنانة بثه من شفرات إنسانية واجتماعية، إلى الحدّ الذي لا تستطيع معه في بعض اللوحات أن تتبين نوعهم أو حتى تحدّد هل هم رجال أم نساء، ذلك أنّ للمعرض رسالة محددة موجهة إلى الإنسان بشكل عام، مفادها «دعوة للحياة». تقول سعاد: «هم يمثّلون الإنسان بصرف النّظر عن النّوع، رجلاً أو امرأة، في الماضي أم الآن، هنا أو هناك، لا يعنيني شيء من ذلك كله، فالجميع يحتاج إلى أن ينطلق ويرى ويواجه التحديات ويعيش الحياة». لذلك فإنّها حتى حين جعلت بعض شخوصها يجلسون على المقهى، فإنّهم كانوا في حالة انتظار وتأهّب للحركة، لا في حالة استرخاء أو استقرار. وتتابع: «في الحركة والسّفر نخوض تجارب جديدة، نتعرّف على حضارات وثقافات مختلفة، كما تتيح لنا فرصة زيارة أماكن لم تتسنّ لنا رؤيتها من قبل، لكن في أثناء ذلك نحتاج إلى الثّبات والقوة».
هذه الأفكار الفلسفية العميقة التي تطلقها سعاد مردم بك، لا تأتي من فراغ، أو قراءات أو تجارب سريعة مرّت بها، إنّما هي نتيجة طبيعية لدراستها المتخصّصة في الفلسفة، إضافة إلى حياتها المختلفة منذ الطفولة، وتضيف: «أنا دائمة الترحال والسّفر والتعلم منذ الصّغر، أمّا تجربتي الذّاتية الأهم، فكانت حين زرت مصر منذ سنوات طويلة، ورأيت الكثير فيها وعشقتها، فقرّرت البقاء، من دون أن يكون لي أي أقارب أو أصدقاء فيها. واجهتني مصاعب كأي مغترب، لكن بمرور الوقت تخطيتها واحتضنتني القاهرة إنسانياً وفنياً، وتزوجت فيها، وأصبحت لي دائرة واسعة من الأصدقاء». وعلى الرّغم من كل ذلك، فإنّ شخوصها لا تزال تتمتّع بالهدوء والسكون والروحانية، فالحركة والسّفر والتنقل كلها أشياء لم تستدعِ عندها القلق أو التوتر، لأنّ الغاية من وراء ذلك هو الإحساس بالسّعادة والاستقرار النفسي، وليس الصّراع، وتحتفظ اللوحات إلى حدٍّ كبير أيضاً بأجواء الحكايات والأساطير التي استدعتها من الحضارات والثقافات المختلفة، فكأنّما أرادت أن تأخذنا في سفر عبر الزّمن أيضاً، لنعيش مع إرثنا الثّقافي وجذورنا لنستلهم منها الكثير عند انطلاقنا إلى الحياة.
نظّمت سعاد معارض فردية لأعمالها في دول عديدة مثل فرنسا وكندا وأميركا وسوريا ولبنان ومصر والكويت، إلى جانب مشاركتها في الكثير من المعارض الجماعية حول العالم.



مصر تبدأ أعمال ترميم وتطوير متحفي أسوان والنوبة

متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تبدأ أعمال ترميم وتطوير متحفي أسوان والنوبة

متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدأت مصر مشروع ترميم وإعادة تأهيل متحفي أسوان والنوبة بجنوب البلاد، لتحسين التجربة السياحية بهما.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي الأحد، على أهمية هذين المشروعين، حيث يعملان على إعادة إحياء اثنين من أهم المتاحف المصرية بمحافظة أسوان، لافتاً إلى أن المجلس الأعلى للآثار يولي هذين المشروعين أولوية كبيرة للانتهاء منهما على الوجه الأمثل بما يتناسب وأهميتهما التاريخية والأثرية وما يضمان من كنوز أثرية مهمة من مختلف الحقب التاريخية، لا سيما تاريخ أسوان.

جولة تفقدية بآثار أسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتشمل أعمال ترميم متحف أسوان؛ المبنى الرئيس للمتحف، والسور المحيط بالمتحف، بالإضافة إلى تطوير شبكة الكهرباء والتغذية الجديدة، وعمل منظومات الأعمال الميكانيكية، فضلاً عن مشروع تطوير منظومة الإضاءة داخل المتحف والمنطقة المحيطة به، إلى جانب تزويده بمنظومة تأمين شاملة، وفق العميد هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار.

كما تشمل أعمال التطوير أيضاً «إعداد سيناريو جديد للعرض المتحفي بحيث يستعرض، من خلال القطع الأثرية، تاريخ محافظة أسوان وجزيرة فيلة على مر العصور القديمة، بالإضافة إلى سرد نظم وأنماط الحياة اليومية التي كانت موجودة على الجزيرة، والحياة العسكرية بها منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر الإسلامي»، بحسب الدكتور علي عمر العميد الأسبق لكلية «السياحة والفنادق»، رئيس اللجنة العليا لسيناريو العرض المتحفي.

مسؤولو وزارة السياحة والآثار في جولة تفقدية بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومن المقرر أن تتضمن أعمال تطوير متحف النوبة، إثراء سيناريو العرض المتحفي من خلال تزويده بمجموعة متنوعة من القطع الأثرية من المخازن بأسوان بما يتسق وسيناريو العرض الجديد الذي تعمل لجنة السيناريو على تنفيذه خلال الفترة الحالية. كما تشمل الأعمال تطوير منظومة إضاءة القاعات وفتارين العرض لتواكب نظم الإضاءة الحديثة على غرار نظيرتها بالمتاحف الإقليمية، بالإضافة إلى تزويد الحديقة المتحفية له بعدد من الخدمات لتحسين التجربة السياحية به، مثل الكافيتريات، وبازارات لبيع الهدايا التذكارية والحرف التراثية الخاصة بالنوبة، وفق مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار.

متحف النوبة من أشهر معالم مدينة أسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويعد متحف النوبة من أهم المتاحف التاريخية الإقليمية في مصر وأشهر المعالم السياحية في أسوان، وبدأت فكرة إنشاء المتحف وافتتاحه عام 1997 بواسطة منظمة «اليونيسكو»، ليضم نتاج أعمال الحفائر في مناطق معابد النوبة، مستعرضاً العادات والتقاليد واللغة النوبية منذ بداية عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، وقد تم تصميم مبنى المتحف على غرار المعمار التقليدي للقرية النوبية، وتم إنهاء التصميم بالحجر الرملي والجرانيت الوردي، وقد فاز المبنى عام 2001 بجائزة «أغاخان للعمارة».

ويتكون المتحف النوبي من ثلاثة طوابق تضم عدداً من القطع الأثرية، من أبرزها تمثال للملك رمسيس الثاني من عصر الأسرة التاسعة عشرة، وهيكل عظمي من عصر ما قبل التاريخ، وعدد من الأسلحة الحديدية، وتيجان مصنوعة من الفضة ومرصعة بالعقيق، وسروج خيل، وحلي فضية، ومجموعة من الأواني الفخارية.

متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

فيما يعد متحف أسوان واحداً من أهم وأقدم المتاحف الإقليمية في مصر، حيث تم إنشاؤه عام 1898 في الجزء الشرقي من الجزيرة، استراحة للمهندس الإنجليزي السير ويليام ويكلوكس الذي صمم خزان أسوان. وبعد الانتهاء من بناء الخزان عام 1912 تم تحويل المبنى لمتحف، وتم افتتاحه رسمياً عام 1917 ثم تم إغلاقه عام 2010. وفي عام 2017 أعيد افتتاح الملحق الخاص بالمتحف فقط، إلا أن مبنى المتحف لا يزال مغلقاً حتى الآن.