الجيش الليبي وتطهير الجنوب

الجيش الليبي يسيطر على قاعدة تمنهنت الجوية؛ كبرى القواعد العسكرية في الجنوب الليبي، والتي كانت خارج سيطرة الدولة، ويطلق عملية عسكرية كبيرة لملاحقة الجماعات الإرهابية والمرتزقة، لتحقيق الاستقرار المنشود في الجنوب منذ سنوات.
تحركت القوات المسلحة العربية الليبية لتحرير الجنوب وتطهيره وضبط النظام وإنهاء حالة الفوضى والتهريب والابتزاز، التي تمارسها الميليشيات والمرتزقة المتسللة عبر الحدود الليبية، يقع ضمن واجبات الجيش الليبي بحماية البلاد، فالجيش الليبي الذي استطاع، رغم ظروف الحظر الدولي على التسليح، أن ينهض ويحقق الانتصارات على الإرهاب والإرهابيين داخل المدن، وتحييد المدنيين، لن يعجز عن ملاحقة فلول «داعش» والمرتزقة في الصحراء، في ظل استشعار أهمية ضبط الأمن في الجنوب الليبي.
الجنوب الليبي الغني بالثروات والذي يعدّ منجماً خصباً لم يستثمر بعد، دفع بكثير من الأطراف إلى التدخل فيه عقب فبراير (شباط) 2011 لتسهيل نهب الثروات، من ذهب ويورانيوم وفوسفات ونفط، واستخدام الجنوب بوابة لتهريب البشر والسلاح والمخدرات.
الجنوب الليبي الذي أصبح قاعدة لحركات التمرد الأفريقية، والهجرة غير القانونية، التي تعدّ ليبيا بلد عبور فيها، يشكل أهمية؛ ليس فقط للأمن القومي الليبي، بل يشكل أهمية إقليمية ودولية في ظل وجود تسونامي الهجرة غير القانونية، فبالتالي أمن الجنوب الليبي مصلحة محلية وإقليمية ودولية.
وجود أكثر من ميليشيا مسلحة من فصائل المعارضة التشادية والسودانية الممولة قَطَريّاً في الجنوب الليبي، يشكل خطراً على الأمن والسيادة الوطنية، وبالتالي تحرك الجيش الليبي يأتي في توقيت مهم رغم صعوبة المهمة نظراً للمساحة الشاسعة، ولكن في ظل وجود دعم قبلي محلي رحبت قبائل الجنوب بتحرك الجيش الليبي وانطلاق عملية التحرير وضبط النظام وتحقيق الأمن، وهذا الترحيب سيدفع بشباب القبائل من أبناء الجنوب من منتسبي الجيش الليبي إلى اللحاق بعملية تحرير الجنوب من عبث الميليشيات، بعد أن اكتوى بنيرانها الجميع.
الجنوب الليبي تتجمع فيه سرايا المتطرفين وبقايا «القاعدة» الهاربة من بنغازي، «سرايا الدفاع» التي يتزعمها المطلوب لـ«الرباعية» إسماعيل الصلابي؛ الأخ الأصغر لعراب الجماعات الإسلامية علي الصلابي، ومطلوب آخر لـ«الرباعية العربية»، صحبة ضابط مفصول من الخدمة العسكرية... «السرايا» التي يتم تمويلها قَطَريّاً بالسلاح والمال والعتاد، وحتى شراء المرتزقة عبر عميل قطر المتمرد التشادي تيمان اردمي، زعيم المعارضة التشادية، وإن كان لا يحظى بقبول عند جميع فصائل المعارضة التشادية.
استغلال الأزمة من بعض الأطراف الدولية لإحداث مسبب لوجود عسكري لها في مناطق الجنوب الليبي تحت حجة التصدّي للهجرة غير القانونية؛ ومنها إيطاليا وفرنسا اللتان تتنافسان؛ بل وتتصارعان على ثروات الجنوب، حتى وصل الأمر لإحداث صراع متجدد بين قبائل الجنوب لإحداث تغيير ديمغرافي يخدم مصالح المتصارعين... يعدّ من بين مشكلات الجنوب الليبي.
الجيش الليبي سيطر على قاعدة تمنهنت؛ كبرى القواعد في الجنوب الليبي، والتي كانت خارج سيطرة الدولة وتستخدمها ميليشيات الإسلام السياسي مهبطاً لطائرات قطر المحملة بالسلاح والمال والعتاد للمتطرفين، كغيرها من قواعد الجنوب، مثل قاعدة الجفرة التي كانت مهبطاً غير شرعي للطائرات العسكرية القطرية، المحملة بعتاد الإرهاب.
الجيش الليبي يطلق عمليات لتطهير البلاد من فلول الإرهابيين، في ظل استمرار الحظر الذي يفرضه مجلس الأمن والخمسة الكبار على تسليح الجيش الوطني الليبي، بينما السلاح يتدفق على الجماعات الإرهابية، من كل حدب وصوب، وليس آخره قوافل السفن التركية المحملة بالسلاح والتي ضبطت في الموانئ الليبية، مما يطرح تساؤلات عن جدية مجلس الأمن حول تحقيق الاستقرار في ليبيا، دون ملاحقة داعمي الإرهاب في ليبيا؛ وعلى رأسهم دويلة قطر.
عملية التطهير وفرض القانون في الجنوب الليبي، التي أطلقها الجيش الليبي، ضد الجماعات الإرهابية وعصابات الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية، سيكون لها حتماً أثر كبير في تحقيق الاستقرار في الجنوب.