«جمعة مقاومة التطبيع»... وعشرات المصابين بمواجهات في غزة والضفة

مخربون مجهولون يقتحمون مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية الرسمية في القطاع

فلسطينيون يتظاهرون أمام السياج الإسرائيلي الفاصل على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون أمام السياج الإسرائيلي الفاصل على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«جمعة مقاومة التطبيع»... وعشرات المصابين بمواجهات في غزة والضفة

فلسطينيون يتظاهرون أمام السياج الإسرائيلي الفاصل على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون أمام السياج الإسرائيلي الفاصل على حدود قطاع غزة (أ.ف.ب)

أصيب عدد من الفلسطينيين بالرصاص والاختناق أمس الجمعة، في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في شرق قطاع غزة والضفة الغربية. وبدأت المواجهات بين مئات الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي على أطراف شرق قطاع غزة ضمن الجمعة رقم 41 في «احتجاجات مسيرات العودة».
وأعلن مسعفون عن عدد من الإصابات بالرصاص الحي والمطاطي والاختناق، بينهم صحافي أصيب بالرصاص الحي جراء قمع الجيش الإسرائيلي متظاهرين اقتربوا من السياج الحدودي شرق قطاع غزة.
وبدأ آلاف الفلسطينيين بعد صلاة ظهر أمس، بالتوافد إلى خيام العودة المقامة على أطراف شرق قطاع غزة قرب السياج الحدودي مع إسرائيل.
ودعت الهيئة العليا لمسيرات العودة في غزة إلى أوسع مشاركة شعبية في احتجاجات اليوم تحت شعار «مقاومة التطبيع». ومنذ انطلاقها في 30 مارس (آذار) الماضي، قتل في «احتجاجات مسيرات العودة» أكثر من 220 فلسطينيا وأصيب 24 ألفا آخرون بجروح وحالات اختناق، بحسب إحصائيات فلسطينية. وتطالب الاحتجاجات برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أواسط عام 2007.

- اقتحام الإذاعة
واقتحم مجهولون «هيئة إذاعة وتلفزيون فلسطين» الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة غزة الجمعة، وقاموا بتحطيم معدات وأدوات أحد الاستوديوهات، كما أكد مسؤولون فلسطينيون ووكالة «وفا» للأنباء.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء على المقر، لكن مسؤولين فلسطينيين حملوا حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة مسؤولية ذلك. وقال بيان رسمي بثته وكالة أنباء «وفا» إن «ملثمين مجهولين اقتحموا قبيل ظهر اليوم الجمعة مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية في حي تل الهوا غرب مدينة غزة واعتدوا على العاملين فيها وأحدثوا خرابا ودمارا في المعدات والأجهزة الخاصة بالتلفزيون».
وقال أحد الموظفين إن «خمسة أشخاص على الأقل اقتحموا المبنى وكسروا باب الإذاعة ودمروا الاستوديو الرئيسي فيها كلياً بما في ذلك كاميرات ومعدات وأثاث وأجهزة البث». وذكر أن الأشخاص «المعتدين كانوا يحملون أدوات حادة، خصوصاً بلطات، استخدموها في عملية تحطيم أقفال الأبواب وتدمير المعدات والأجهزة». وأوضح الموظف أن «حجم الخسائر المادية لما تم تخريبه وتدميره يزيد عن مائة وخمسين ألف دولار».
وقال أحمد عساف المشرف العام على هيئة الإذاعة والتلفزيون: «نحمل سلطة حماس المسؤولية الكاملة عن جريمة اقتحام المقر وتدميره بالكامل». وأضاف: «هذا اعتداء بحق أهلنا في غزة. قاموا بتكسير هذه الأجهزة والكاميرات والشعب الفلسطيني بريء منهم. لن تمر هذه الجريمة مرور الكرام». وقال رأفت القدرة مدير عام الهيئة في قطاع غزة: «هذا الاعتداء محاولة لإسكاتنا. أشعر بمرارة أن يقوم بهذا الدمار من يسمون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني».
وقال سلامة معروف مدير المكتب الإعلامي الذي تديره «حماس» في بيان: «تواصلنا مع إدارة تلفزيون فلسطين في غزة وعبرنا لهم عن إدانتنا لهذا السلوك المرفوض وعن وقوفنا إلى جانبهم». وأشار إلى متابعته «الأمر مع جهات التحقيق المختصة وصولا للكشف عن الجناة».
ونظمت نقابة الصحافيين الفلسطينيين وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الصحافيين، أمام مبنى التلفزيون لاستنكار اقتحام المبنى. وطالب نائب أمين سر «المجلس الثوري لحركة فتح» فايز أبو عيطة، «حماس» بصفتها «القائمة على الأمن في غزة بالكشف عن الجناة في حادث اقتحام تلفزيون فلسطين بأسرع وقت».
وفي تصريح صحافي قالت وزارة الداخلية التي تديرها «حماس» في غزة: «نستنكر الاعتداء على تلفزيون فلسطين وتخريب بعض ممتلكاته، هذا فعل مرفوض»، في حين أفاد مسؤولون في التلفزيون عن وصول قوة من مباحث الشرطة للتحقيق في الاعتداء.
واتهم الناطق باسم الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية اللواء عدنان الضميري في بيان «حماس» بأنها «هي من تحرّض ضد تلفزيون فلسطين في غزة». ودان مركز غزة لحرية الإعلام في بيان «الاعتداء الآثم» داعياً أجهزة الأمن إلى «التحقيق الفوري وتقديم الجناة للعدالة».
يشار إلى أن تلفزيون فلسطين توقف عن العمل كليا في قطاع غزة إثر سيطرة «حماس» بالقوة على القطاع في صيف 2007. لكنه استأنف العمل مجددا بشكل جزئي في عام 2011. ويعمل نحو خمسمائة موظف في الإذاعة والتلفزيون في قطاع غزة.

- الضفة
وفي الضفة الغربية أعلنت مصادر فلسطينية عن إصابة أربعة فلسطينيين بجروح والعشرات بحالات اختناق في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، في مواقع متفرقة من الضفة الغربية المحتلة. وبحسب المصادر، أصيب فلسطيني بالرصاص الحي وثلاثة بالرصاص المطاطي، إضافة إلى العشرات بالاختناق في مواجهات في مناطق متفرقة من رام الله، وذلك عقب مظاهرات أسبوعية تندد بالاستيطان الإسرائيلي. وفي قرية المغير شرق رام الله، أصيب 4 مواطنين بالرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، خلال قمع قوات الاحتلال للمشاركين في صلاة الجمعة على الأراضي المهددة بالاستيطان ونقلت سيارات الإسعاف المصابين إلى المستشفيات للعلاج.
وما أن أنهى المواطنون صلاة الجمعة في أراضيهم المهددة بالمصادرة شرق القرية، حتى هاجمتهم قوات الاحتلال بقنابل الغاز السام والرصاص المعدني والحي. وتعمدت قوات الاحتلال إطلاق قنابل الغاز من الجيبات العسكرية لإيصالها لأماكن بعيدة وإيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف المواطنين.
وأصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق عقب قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية كفر قدوم، شرق محافظة قلقيلية السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والتي خرجت إحياء للذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة حركة فتح، أمس الجمعة. وقال منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي إن قوات الاحتلال اقتحمت القرية واعتلت أسطح المنازل، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، ما أدى لإصابة العشرات بالاختناق، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت منزل المواطن عبد الرزاق عامر واحتجزت عائلته في غرفة وفتشت محتويات المنزل.
‎وأكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف دعم توجهات القيادة الفلسطينية في مساعيها الرامية لإفشال صفقة القرن وكل المؤامرات التي تستهدف المشروع الوطني والقضية الفلسطينية. وطالب عساف، خلال مشاركته في المسيرة، بتصعيد المقاومة الشعبية لتحقيق آمال شعبنا وتطلعاته في الاستقلال، مشيدا بتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى، موضحا أن نموذج كفر قدوم الذي صمد طيلة 7 سنوات رغم التصعيد، يستحق أن يكون مثالا يحتذى في كل المواقع.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم