«طقس بيروت» انطوائي في مسرحية عايدة صبرا

على خشبة «مسرح مونو» حيث مقعد وحديقة

رودريغ سليمان وإيلي نجم في مشهد من المسرحية
رودريغ سليمان وإيلي نجم في مشهد من المسرحية
TT

«طقس بيروت» انطوائي في مسرحية عايدة صبرا

رودريغ سليمان وإيلي نجم في مشهد من المسرحية
رودريغ سليمان وإيلي نجم في مشهد من المسرحية

تعود الفنانة عايدة صبرا إلى خشبة المسرح هذه المرة كمخرجة لعمل جديد، من دون أن نراها تؤدي دوراً تمثيلياً على الخشبة، بطريقتها الطريفة والجادة في وقت واحد، حيث تدير مسرحيتها «Meteo Beyrouth» أو «طقس بيروت» التي كتبت نصها، وتبدأ عروضها مساء اليوم وتستمر حتى السادس عشر من الشهر الحالي.
مقعد خشبي يجمعهما تكراراً من دون أن يتحدث أحدهما إلى الآخر، إلى أن يأخذ واحد منهما تلك المبادرة الجريئة ويسأل «شايف شو حلو الطقس اليوم؟». الطبيب البيطري رودريغ سليمان الذي تقدم في السن قليلاً، ومرّ بتجارب كثيرة وعسيرة، لكنّه لا يزال مصرّاً على الاستمرار ووضع الصّعاب وراء ظهره، والمصور الفوتوغرافي إيلي نجم الذي عاش طفولة قاسية خلال الحرب، ومن حينها وهو عالق هناك، غير قادر على تخطّي تلك المرحلة السوداء. الحوار بين الرجلين، يكاد يكون غير متسق. إنّه يشبه هذيانات متواترة، وكأنّما أحدهما لا يجيب الآخر بقدر ما يتكلّم فقط كي يتكلم. لعب على نهايات المقاطع لبناء جمل جديدة، ومحاولات تواصل تبقى متكسرة، حتى نكاد نسأل، هل نحن أمام حوار أم تصادم بين شخصين؟ فالحوار لا يفضي إلى شيء كثير. فهي أحاديث لا تخلو من الحذر والتوتر والضحك والشك والخوف والتروي والغضب.
الإحالة قوية في المسرحية إلى ما آلت إليه حال أهالي بيروت من غربة فيما بينهم وصعوبة في إعادة وصل ما انقطع. كل واحد من الشّخصين كان في انتظار الآخر ليبوح بمعاناته في مدينة أضنتها الحرب، وبدلت أحوال الناس ومعاشهم؟ ولكن ما الذي دفع بالمصور الفوتوغرافي إلى المبادرة في خوض مغامرة مجهولة النتائج؟ إنّه البحث عن أمل ما، حتى في أتفه الأمور. فهو في محاولة دائمة على الرّغم من الخيبات الكبيرة لفتح كوة في الجدار. هل نجح يا ترى؟
نفهم أنّ الحديقة التي يجلس فيها الشخصان، ويتكشف لنا اسماهما تدريجياً، ليست حديقة حقيقة، تماماً كما أن حوارهما الذي يبدو هلامياً، لعبة سينوغرافية تعتمد الفك والتركيب، لتصبح كل مكونات المكان قابلة للاختفاء والحضور. تقول عايدة صبرا «فكرة الجنينة ليست اعتباطية أيضاً. فهي افتراضية أكثر منها واقعية. فنحن لم نعد نملك رفاهية الحدائق أو العيش الكريم، ما بين النفايات والتلوث والمشكلات السياسية، فقدنا حقنا في بديهيات كثيرة. والمسرحية تحكي عن هذا اللاموجود في معاشنا».
ساعة وخمس دقائق يقضيها المتفرج أمام موضوعات متقطعة لكنها مرتبطة بخيط خفي. «هذا نوع من اللعب على الحوار» تقول عايدة صبرا، التي تفتح الحكاية عندها الباب على حكاية غيرها. فقد استغرقها النص سنة كاملة من الكتابة. «أخذت وقتي لأطور الشّخصيات، كي أحبك الموضوع. كنت أتوقف عند الجملة وأعيد كتابتها. حرصت أن ألتقط مشاهداتي بروية. أراقب ما يحدث حولي. أركّب فكرتي على مهل. كتبت بعيني مخرجة، وكأنني أرى المشاهد وأنا أسطر عباراتي». ثم إن عايدة صبرا متقنة، تشعر دائماً أن نقصاً ما يشوب عملها، وأنه محال أن يكتمل كما تريد له أن يكون. «لجأت إلى سيناريست صديق أقرأته ما كتبت. كنت بحاجة لرأي آخر». فهي لا تطرح نفسها كاتبة على الرّغم من تجربتها الطويلة في الكتابة للمسرح. يبقى الشك سيداً في الفنون، والحذر منجاة.
تقول صبرا عن الممثلين الذين تتقاسم معهما العمل: «قبضايات الشباب. فقد عملنا معاً وتحاورنا ونحن نركب الشخصيات على المسرح، وبتنا وحدة متناغمة، يفهم كل منا ما يريد الآخر».
جاءت الفكرة للفنانة عايدة صبرا من نص الفرنسي لوي كالافيرت «غني وثلاثة فقراء»، حين لفتها مشهدان من المسرحية، فقررت أن تبني عليهما مسرحيتها. عند كالافيرت يلتقي رجلان في مكان غير محدد الملامح بالصدفة، وكما يفعل الفرنسيون دائماً حين يلتقون ولا يجدون ما يتحدثون عنه، فإنّهم لا يرون غير الطقس مادة للحوار. وجدت صبرا أنّ الرجلين في لقائهما، حيث يبقى واحدهما غريباً عن الآخر، شبيهاً بما بات يعيشه الناس في بيروت. لم تكن أحوالنا كذلك، تقول عايدة صبرا: «العمل يتساءل عمّا فعلناه بأنفسنا، وعنا نحن الذين بتنا نلتقي ولا نتعاطى مع بعضنا البعض، كل منا منغلق على همومه ومشكلاته، والمسافة تكبر والهوة تتعمق».


مقالات ذات صلة

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.