قال صندوق النقد الدولي، أمس، إنه من المتوقع أن يستمر النمو بمعدل متواضع في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، مسجلاً 4.5% في عام 2018، قبل أن ينخفض مرة أخرى إلى 4% في عام 2019، مشيراً إلى توقعه أن يكتسب النمو «قوة طفيفة على المدى المتوسط».
ورغم صعود معدل النمو من مستوى بلغ 4.1% في عام 2017، فإن الصندوق يرى أن «النمو غير متوازن، وسيظل على الأرجح منخفضاً مقارنةً بالاتجاهات العامة السابقة، مع بقاء معدلات البطالة مرتفعة... حيث يُتوقع أن يقل النمو عن 5% على المدى المتوسط في نحو ثلاثة أرباع البلدان المستوردة للنفط، وهو معدل منخفض جداً لا يسمح بالتصدي للتحديات على صعيد العمالة وسد احتياجات التنمية في المنطقة... كذلك أدى ارتفاع أسعار النفط إلى محايدة أثر بعض التحسينات الأساسية في حسابات هذه الدول الخارجية والمالية العامة».
وأرجع صندوق النقد في تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان»، الصادر أمس، استمرار النمو بوتيرة معتدلة في المنطقة بشكل عام إلى الإصلاحات الجارية واستمرار الطلب الخارجي. مشيراً -في ما يخص البلدان المستوردة للنفط في المنطقة- إلى أن «ارتفاع أسعار النفط لا يزال يلقي بأعبائه على أرصدة المالية العامة والحسابات الخارجية. وتتزايد الغيوم التي تخيّم على هذه التوقعات نتيجة تضييق الأوضاع المالية العالمية، ونوبات تقلب الأسواق المالية، وتصاعد التوترات التجارية العالمية... لذلك تتعين مواصلة تقوية أطر السياسة للحدّ من مواطن الخطر وتعزيز الصلابة الاقتصادية في مواجهة المخاطر المتزايدة».
وتابع التقرير أنه «علاوة على ذلك، فإن تحقيق نمو أعلى واسع النطاق وقابل للاستمرار يقتضي من بلدان المنطقة مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية الرامية إلى زيادة القدرة التنافسية، وإعطاء دفعة للاستثمار والإنتاجية، وتشجيع القطاع الخاص الديناميكي القادر على توفير فرص العمل».
وأكد الصندوق أن استمرار النمو القوي في مصر وباكستان في 2018 يمثل القوة المحركة وراء ارتفاع النمو الكلي في المنطقة، ما يحجب النمو الضعيف والأكثر هشاشة في البلدان الأخرى، لا سيما البلدان المتأثرة بالصراعات أو تداعياتها.
وتوقع التقرير أن يسجل متوسط المعدل السنوي لأسعار المستهلكين في المنطقة نحو 10.3% خلال عامي 2018 و2019، متراجعاً من نسبة 14.4% في 2017.
وأشار التقرير إلى ارتفاع طفيف في متوسط عجز المالية العامة في البلدان المستوردة للنفط في المنطقة من مستوى 6.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2017، إلى 6.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018، على أن يعاود التراجع إلى 6.3% في 2019.
إلا أن التقرير أظهر تراجعاً ملحوظاً في عجز الحساب الجاري للدول المستوردة للنفط كنسبة مشاركته في إجمالي الناتج المحلي، من مستوى 6.6% عام 2017 إلى 6.5% في 2018، على أن يسجل انخفاضاً إلى مستوى 6.1% في 2019.
وأكد التقرير أهمية مواصلة الإصلاحات التي تدعم الصلابة الاقتصادية، وتعزيز التعافي لتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواءً للجميع، يهدف إلى الحد من البطالة وعدم المساواة. ولفت إلى أن الحفاظ على نظام سعر صرف مرن يجعل الدول التي تتمتع بمرونة أكبر في سعر الصرف أقدر على استيعاب الصدمات الخارجية مقارنةً بالبلدان التي تعتمد نظم صرف مدارة بإحكام.
وفي ما يخص مصر، توقع الصندوق أن يسجل اقتصادها نمواً بواقع 5.3% خلال العام الحالي، على أن يرتفع إلى 5.5% في 2019، صعوداً من 4.2% في 2017.
وتوقع التقرير أن يسجل متوسط معدلات التضخم السنوي 13.9 و12.6% في 2018 و2019 على التوالي، هبوطاً من 29.5% في 2017.
كما شملت التوقعات أن يصل عجز الحساب الجاري لنحو 2.6% كنسبة داخل إجمالي الناتج المحلي، مقابل عجز بلغ 6.3% العام الماضي، ويستمر في التراجع ليبلغ 2.4% في 2019.
وأرجع التقرير تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري إلى انحسار الاختلالات الاقتصادية خلال فترة 2016-2017 وتحسن بيئة الأعمال، وتعافي قطاع السياحة واستئناف رحلات الطيران المباشرة من روسيا وانخفاض سعر الصرف، كما ساهم النمو في أوروبا في دعم الصادرات عبر المنطقة ككل.
ولفت إلى أن الحفاظ على نظام سعر صرف مرن يجعل الدول التي تتمتع بمرونة أكبر في سعر الصرف أقدر على استيعاب الصدمات الخارجية، مقارنةً بالبلدان التي تعتمد نظم صرف مدارة بإحكام. وأشاد بالتقدم المهم الذي أحرزته مصر في إعادة هيكلة منظومة الدعم، الأمر الذي أسهم في تحسين صلابة المالية العامة، وكذلك ربط إصلاحات الدعم بتقوية شبكات الأمان الاجتماعي الموجّهة إلى المستحقين من أجل تعزيز عدالة الإصلاح ودعم النمو.
كما ثمّن الإجراءات الحكومية الرامية إلى إعادة هيكلة الشركات الخاسرة، وتيسير الحصول على الأراضي الصناعية، وإعلان الحكومة عن مشروع لطرح نسبة أقلية في خمس شركات حكومية للتداول في البورصة خلال العام المالي الجاري.
وأوضح الصندوق أن تحويلات المصريين في الخارج وزيادة المنح ستستمر في دعم زيادة الاستهلاك الخاص، مؤكداً أن تحسن مستويات الثقة بالاقتصاد المصري ستدعم نمو الاستثمار الخاص.
وأكد ضرورة مواصلة جهود الإصلاح الهيكلي لتعزيز صلابة التعافي وغرس بذور النمو الأعلى على المدى المتوسط، لافتاً إلى أن ثقة مجتمع الأعمال سوف تزداد عند استكمال إصلاحات نظام الدعم، وتحسين نظم الحوكمة، وزيادة القدرة التنافسية، وتعزيز بيئة الأعمال.
وشدد التقرير على ضرورة محافظة البنك المركزي المصري على سياسة نقدية محايدة أو تقييدية، مع استمرار مراقبة معدلات التضخم والتأهب لتثبيت التوقعات التضخمية إذا ما تحققت الآثار غير المباشرة لارتفاع الأسعار نتيجة لإصلاحات دعم الطاقة. وحث مصر على العمل على إدخال قطاع الاقتصاد غير الرسمي ضمن منظومة الاقتصاد الرسمي، الذي لا يمثل إلا نحو ثلثي إجمالي التوظيف، لتحقيق الاستفادة الكبرى من هذا القطاع الذي يضم منشآت أعمال تضم خمسة موظفين أو أقل تمثل نحو 60% من الاقتصاد.
نمو متواضع «تحت الضغوط» في دول المنطقة المستوردة للنفط
ارتفاع أسعار النفط أدى إلى محايدة أثر الإيجابيات
نمو متواضع «تحت الضغوط» في دول المنطقة المستوردة للنفط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة