صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

توقعات بتراجع التضخم إلى 4.2 % هذا العام

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

توقّع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي المقبل، وهو ما يتماشى بوجه عام مع الاتجاهات العالمية التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في النمو منذ ما قبل جائحة «كوفيد-19». وفي المقابل، يُتوقع أن ينخفض التضخم إلى 4.2 في المائة هذا العام (2025)، و3.5 في المائة في العام المقبل (2026)؛ مما يقترب من أهداف البنوك المركزية ويتيح لها المزيد من المرونة في السياسة النقدية. وأشار الصندوق، في تحديثه لتقرير «آفاق الاقتصاد العالمي»، إلى أن هذا الاتجاه من شأنه إنهاء الاضطرابات الاقتصادية التي طغت على السنوات الأخيرة، بما في ذلك تأثيرات الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا، التي أسفرت عن أكبر زيادة في التضخم منذ أربعة عقود.

الاقتصاد الأميركي وأزمة منطقة اليورو

وحسب المستشار الاقتصادي، مدير إدارة البحوث في الصندوق، بيير أوليفييه غورينشا، أوضح أنه على الرغم من أن توقعات النمو العالمي لم تشهد تغييرات كبيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، فإن الفجوات بين البلدان تتسع بشكل ملحوظ. ففيما يخص الاقتصادات المتقدمة، تبرز الولايات المتحدة بصفتها أحد أبرز الاستثناءات، حيث أظهرت أداءً أقوى من المتوقع بفضل استمرار قوة الطلب المحلي. وبناءً على ذلك، رفع الصندوق توقعاته للنمو الأميركي هذا العام بمقدار 0.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 2.7 في المائة.

في المقابل، من المتوقع أن يشهد النمو في منطقة اليورو زيادة متواضعة فقط، حيث يُتوقع أن يرتفع إلى 1 في المائة مقارنة بـ0.8 في المائة في عام 2024. وتشهد منطقة اليورو تراجعاً في الزخم الاقتصادي، خصوصاً في قطاع التصنيع، مع انخفاض ثقة المستهلك وتأثير صدمات أسعار الطاقة؛ حيث تظل أسعار الغاز في أوروبا أعلى خمس مرات من الولايات المتحدة، مما يزيد العبء الاقتصادي مقارنة بما قبل الجائحة.

أعلام خارج مركز مؤتمرات يستضيف اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش (أ.ب)

اقتصادات الأسواق الناشئة

وفي اقتصادات الأسواق الناشئة، ظلّت توقعات النمو ثابتة إلى حد كبير؛ حيث يُتوقع أن يسجل النمو 4.2 في المائة هذا العام و4.3 في المائة في العام المقبل. وتُسهم حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التجارة والسياسات في ضعف الطلب في الكثير من البلدان، ولكن من المرجح أن ينتعش النشاط الاقتصادي مع تراجع هذه الحالة من عدم اليقين. ويشمل ذلك الصين؛ حيث يتوقع الصندوق الآن نمواً بنسبة 4.5 في المائة العام المقبل، بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة.

التباين بين الاقتصادات الكبرى

ووفقاً لغورينشا، هناك تباين بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث يعمل الاقتصاد الأميركي فوق إمكاناته، في حين تعمل أوروبا والصين دونها. كما ارتفع مستوى عدم اليقين في السياسات الاقتصادية، خصوصاً بعد الانتخابات التي جرت في الكثير من البلدان في عام 2024. وتشمل توقعات الصندوق التطورات الأخيرة في الأسواق وتأثير زيادة عدم اليقين في السياسات التجارية، الذي يُفترض أنه مؤقت. ومع ذلك، امتنع الصندوق عن تقديم افتراضات حول التغييرات المحتملة في السياسات التي لا تزال قيد المناقشة العامة.

وعلى المدى القريب، قد تتفاقم التباينات الاقتصادية بسبب عدة مخاطر. وقد يشهد الاقتصاد الأوروبي تباطؤاً أكبر إذا تزايدت المخاوف بشأن استدامة الدين العام، مما يضع السياسات النقدية والمالية في مأزق. وفي الصين، قد يؤدي ضعف التدابير المالية والنقدية إلى ركود ناتج عن انكماش الدين، مما يعمّق ضعف النشاط الاقتصادي. وتشير الانخفاضات في عائدات السندات الصينية إلى قلق المستثمرين، وقد تؤدي هذه العوامل في الصين وأوروبا إلى انخفاض التضخم والنمو الاقتصادي.

وعلى النقيض، رغم صعوبة التنبّؤ بالتحولات السياسية في الإدارة الأميركية المقبلة فمن المرجح أن تُسهم هذه التغييرات في زيادة التضخم على المدى القريب. وقد تحفّز بعض السياسات مثل التيسير المالي أو تخفيف القيود التنظيمية الطلب الكلي وتزيد التضخم من خلال رفع الإنفاق والاستثمار. في المقابل، قد تؤدي سياسات أخرى، مثل زيادة الرسوم الجمركية أو فرض قيود على الهجرة، إلى صدمات في العرض، مما يقلّل الناتج الاقتصادي مع زيادة ضغوط الأسعار. هذا المزيج من الطلب المرتفع والعرض المحدود قد يُعيد إشعال ضغوط التضخم في الولايات المتحدة، رغم أن التأثير في الناتج الاقتصادي في الأمد القريب لا يزال غير واضح.

ومن شأن ارتفاع التضخم أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، وربما يتطلّب الأمر رفعها، مما يعزّز من قيمة الدولار ويوسّع العجز الخارجي الأميركي. وسيؤدي الجمع بين السياسة النقدية الأكثر صرامة والدولار الأقوى إلى تشديد الظروف المالية، خصوصاً في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وقد بدأ المستثمرون تسعير هذا الاحتمال، حيث ارتفع الدولار بنسبة 4 في المائة منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني).

اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية خلال اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي (من موقع الصندوق)

المخاطر والتحديات الاقتصادية

وعلى المدى المتوسط، قد تتبدّد الآثار الإيجابية للصدمة المالية الأميركية إذا تفاقمت نقاط الضعف المالية، كما قد تتفاقم المخاطر الاقتصادية بسبب السياسات التجارية التقييدية وقيود الهجرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضغوط التضخم المتجددة قد تؤثر في التوقعات، مما يستدعي من السياسات النقدية أن تكون أكثر مرونة واستباقية، في حين يجب أن تظل السياسات المالية يقظة لتجنّب تراكم المخاطر المالية.

ومن المرجح أن تتفاقم هذه القضية في اقتصادات الأسواق الناشئة بسبب تذبذب أسعار صرف الدولار وضعف النمو في الصين. ويجب على هذه الاقتصادات السماح للعملات بالانخفاض عند الحاجة مع تعديل السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار.

وبالنسبة للكثير من البلدان، تأخرت جهود السياسة المالية أو كانت غير كافية لمعالجة ديناميكيات الدين. وبات من الضروري الآن استعادة الاستدامة المالية قبل فوات الأوان وبناء احتياطيات كافية للتعامل مع الصدمات المستقبلية التي قد تكون كبيرة ومتكررة. وأي تأخيرات إضافية قد تؤدي إلى دوامة مقلقة، حيث تستمر تكاليف الاقتراض في الارتفاع وفقدان الثقة في الأسواق، مما يفاقم الحاجة إلى التعديلات المالية.

وتؤكد الضغوط الأخيرة في أسواق البرازيل والمملكة المتحدة كيف يمكن أن تتدهور ظروف التمويل فجأة. ورغم أن الضبط المالي قد يُثقل النشاط الاقتصادي، يجب على البلدان التركيز على الحفاظ على النمو، مثل تقليص التحويلات والإعانات غير المستهدفة، بدلاً من تقليص الإنفاق الاستثماري الحكومي.

ولتحقيق هذا الهدف، يجب التركيز على الإصلاحات البنيوية لتعزيز النمو، مثل تحسين تخصيص الموارد، زيادة الإيرادات الحكومية، وجذب رأس المال، فضلاً عن تحسين المؤسسات المتعددة الأطراف لدعم اقتصاد عالمي أكثر مرونة واستدامة. كما أن السياسات الأحادية التي تشوّه المنافسة، مثل التعريفات الجمركية والإعانات، نادراً ما تحسّن الآفاق المحلية وقد تضر بالشركاء التجاريين وتحفّز ردود فعل انتقامية وتزيد الوضع سوءاً.


مقالات ذات صلة

السعودية تعزز تعاونها مع القطاع الخاص في منتدى «صندوق الاستثمارات العامة»

الاقتصاد جانب من النسخة الثانية لـ«منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص» (الموقع الإلكتروني)

السعودية تعزز تعاونها مع القطاع الخاص في منتدى «صندوق الاستثمارات العامة»

تسعى السعودية لزيادة مساهمة القطاع الخاص في اقتصادها، ويلعب «صندوق الاستثمارات العامة» دوراً أساسياً في دفع هذه الجهود من خلال «منتدى القطاع الخاص 2025».

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد غورغييفا أثناء جلسة الحوار التي أدارها مذيع «سي إن إن» ريتشارد كويست خلال القمة العالمية للحكومات في دبي (إ.ب.أ)

غورغييفا: «التكيف السريع» مفتاح النجاح في الاقتصاد العالمي

أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن الاقتصاد العالمي يشهد تحولات عميقة مدفوعة بالتغيرات التكنولوجية والجيوسياسية.

مساعد الزياني (دبي)
الاقتصاد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تشارك في الجلسة الرئيسية ضمن المنتدى التاسع للمالية العامة لدى الدول العربية بمشاركة عدد من المسؤولين العرب (وام)

صندوق النقد الدولي ينبّه إلى معاودة التضخم ارتفاعه في بعض الدول

توقع صندوق النقد الدولي أن يسجّل الاقتصاد العالمي نمواً بنسبة 3.3 % خلال عام 2025.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد صورة من مدينة الكويت (رويترز)

الكويت مستعدة للعودة إلى أسواق الدين الدولية

قالت وزيرة المالية الكويتية نورة الفصام إن الكويت مستعدة لطرق أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى بعد مضي 8 سنوات على غيابها.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد غورغييفا خلال زيارة لها إلى أثيوبيا يوم الأحد (رويترز)

صندوق النقد الدولي: نية أميركا واضحة بشأن التجارة والقيود التنظيمية

قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن الولايات المتحدة واضحة في نيتها اتخاذ إجراءات بمجالات التجارة والضرائب والإنفاق العام وتحرير التجارة

«الشرق الأوسط» (دبي)

«السعودية للكهرباء» تعلن استكمال طرح صكوك بقيمة 2.75 مليار دولار

مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (واس)
مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (واس)
TT

«السعودية للكهرباء» تعلن استكمال طرح صكوك بقيمة 2.75 مليار دولار

مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (واس)
مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» (واس)

نجحت «الشركة السعودية للكهرباء» في تسعير إصدار دولي لصكوك ثنائية الشريحة، بقيمة إجمالية 2.75 مليار دولار، ضمن برنامجها للصكوك الدولية. ويتضمن الإصدار شريحتين: الأولى هي عبارة عن صكوك خضراء بقيمة 1.25 مليار دولار لمدة 10 سنوات بهامش ربح 5.489 في المائة، والثانية صكوك اعتيادية لمدة 5 سنوات بقيمة 1.5 مليار دولار بهامش ربح سنوي 5.225 في المائة.

والشريحة الخضراء ضمن هذا الإصدار هي رابع شريحة من الصكوك الخضراء التي تصدرها الشركة وفق إطارها الخاص بالصكوك الخضراء؛ حيث ستستخدم متحصلاتها لتمويل أو إعادة تمويل محفظة مشاريعها الخضراء المؤهلة في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

ومنذ عام 2020، جمعت الشركة ما مجموعه 3.75 مليار دولار من خلال إصدارات الصكوك الخضراء، مما يعزز التزامها بتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوسيع محفظتها من المشاريع الخضراء، ويتماشى هذا مع أهدافها الاستراتيجية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ودعم التحول الوطني نحو الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وفق «رؤية المملكة 2030».

وفي 10 فبراير (شباط) الجاري، نظّمت الشركة حملة ترويجية افتراضية للمستثمرين، حظيت بإقبال واهتمام واسع من مستثمرين في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. وفي اليوم التالي تم تسعير الإصدار بنجاح في صفقة تمت خلال يوم واحد؛ حيث تجاوز دفتر الطلبات عند الإغلاق 12 مليار دولار بنسبة تغطية بلغت 4.3 ضعف.

وتحظى «الشركة السعودية للكهرباء» بتصنيفات ائتمانية عالية من الدرجة الاستثمارية من وكالات التصنيف العالمية؛ حيث حصلت على تصنيف «إيه إيه 3» مع نظرة «مستقرة» من وكالة «موديز»، وتصنيف «إيه +» مع نظرة «مستقرة» من وكالة «فيتش»، وتصنيف «إيه» مع نظرة إيجابية من وكالة «ستاندرد أند بورز».

وفي تعليق له، قال الرئيس التنفيذي المكلف للشركة المهندس خالد بن سالم الغامدي، إن هذا الإصدار يؤكد قدرة الشركة على استقطاب اهتمام المستثمرين الدوليين، بفضل مكانتها الائتمانية القوية، ودورها المحوري في تقديم حلول طاقة مستدامة وعالية الموثوقية، مما يسهم في دعم التحول بقطاع الطاقة ليكون أكثر استدامة وفقاً لمستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وأشار إلى أن الإصدار «يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق تطلعاتنا الطموحة لمواصلة النمو والتوسع عبر ضخ مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية لشبكة الكهرباء، ودمج مصادر الطاقة المتجددة، إضافة إلى تسريع مبادرات الرقمنة والأتمتة، مما يسهم في استمرارانا في تقديم خدمات كهربائية عالية الجودة والموثوقية، ويلبي تطلعات عملائنا ومساهمينا».