القاهرة تريد تثبيت التهدئة وتتطلع إلى دفع مباحثات المصالحة

وفدها طمأن «حماس» بشأن تحويل الأموال لغزة وامتناع السلطة عن إجراءات جديدة

متظاهرون على شاطئ بيت لاهيا يرفعون الأعلام ويطالبون برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون على شاطئ بيت لاهيا يرفعون الأعلام ويطالبون برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة (أ.ف.ب)
TT

القاهرة تريد تثبيت التهدئة وتتطلع إلى دفع مباحثات المصالحة

متظاهرون على شاطئ بيت لاهيا يرفعون الأعلام ويطالبون برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة (أ.ف.ب)
متظاهرون على شاطئ بيت لاهيا يرفعون الأعلام ويطالبون برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة (أ.ف.ب)

التقى الوفد الأمني المصري، أمس الاثنين، قادة حركة حماس لساعات في قطاع غزة، ضمن زيارة خاطفة انتهت في اليوم نفسه.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد الذي يفترض أن يواصل جولات مكوكية في المنطقة، يستهدف تثبيت التهدئة ويتطلع إلى دفع مباحثات المصالحة.
ووصل الوفد الذي يرأسه اللواء أحمد عبد الخالق، مدير الملف الفلسطيني، إلى غزة، عبر معبر بيت حانون (إيرز) الإسرائيلي، بعد يوم على التوصل إلى اتفاق تهدئة بين «حماس» وإسرائيل، والتقى فوراً قيادة الحركة التي تسيطر على القطاع قبل أن يغادر ثانية.
وأبلغ الوفد قيادة «حماس»، أنه جرى الاتفاق مع إسرائيل على تواصل الهدوء وتحسين الوضع في القطاع، والبحث عن آلية لتحويل الأموال القطرية، وأن إسرائيل لا تمانع في ذلك، وإنما يجب استمرار الهدوء. وجاءت الزيارة المصرية بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة.
ونجح السيسي في إقناع عباس بإعطاء فرصة لجهود إنقاذ المصالحة، وعدم اتخاذ أي إجراءات جديدة ضد قطاع غزة.
وطمأن السيسي، عباس، أن ما حدث مجرد تفاهمات ميدانية لنزع فتيل أزمة، لكن اتفاق التهدئة لن يوقع إلا عبر السلطة الفلسطينية، بعد التوصل إلى اتفاق مصالحة.
وقالت إذاعة «كان» الإسرائيلية، إن عباس أصر على أن تسلم «حماس» قطاع غزة للسلطة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، إلى جانب الجباية والمعابر والوزارات وسلطات الأراضي والقضاء.
وأكدت مصادر فلسطينية أن الوفد المصري أطلع قادة «حماس» على هذه التفاصيل، وبحث إمكانية دفع جهود المصالحة إلى الأمام لكي يتم إنجاز اتفاق التهدئة بشكل نهائي.
وقالت المصادر إن الوفد أبلغ «حماس» أن عباس لن يأخذ إجراءات جديدة ضد القطاع، ولكن يجب تمكين الحكومة. لكن «حماس» أصرت على تراجعه عن إجراءاته الحالية، وهي النقطة التي لم يتم الاتفاق حولها. وكانت إسرائيل توصلت إلى اتفاق مع «حماس» برعاية مصرية، على تفاهمات تستند إلى اتفاق 2014 الذي وقع في مصر بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، منهياً 51 يوماً من الحرب الأطول والأعنف على القطاع خلال فترة حكم «حماس».
ويقوم الاتفاق على قاعدة هدوء يقابله هدوء، مع السماح بإدخال الوقود القطري، إضافة إلى منحة قطرية مخصصة لرواتب موظفي حركة حماس.
وأكد السيسي لعباس، أن التفاهمات مؤقتة إلى حين عقد اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس، يجري بعدها توقيع اتفاق هدنة رسمي وطويل.
ويشمل الاتفاق الأولي، السماح باستمرار إدخال الوقود الصناعي لمحطة كهرباء غزة، وتحويل إسرائيل أموال المنحة القطرية المخصصة لرواتب موظفي «حماس»، بشكل يستمر حتى تحقيق مصالحة (حتى 6 شهور)، على أن يخضع تحويل الأموال لآلية رقابة أمنية، مقابل وقف المسيرات والهجمات المتبادلة، بما في ذلك البالونات الحارقة، مع استمرار عمل معبري رفح للمواطنين وكرم أبو سالم للبضائع، إضافة إلى توسيع مساحة الصيد إلى 9 أميال، ثم 12 ميلاً بحرياً إذا استمر الهدوء.
أما المرحلة الثانية، فيفترض التوصل خلالها إلى صفقة حول الجنود والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس»، قبل أن تسمح بإعادة إعمار القطاع وفتح جميع معابره بشكل كامل.
وناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذه التفاصيل أمس الاثنين، مع مندوب الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات.
وكان غرينبلات وصل في نهاية الأسبوع الماضي إلى إسرائيل، في زيارة جاءت على خلفية تقديرات بنية إدارة ترمب عرض خطة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قريباً.
وكان غرينبلات اجتمع السبت مع رئيسة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني، في بيت السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان.
ونشر غرينبلات: «كلي تقدير للمناقشة الصريحة التي جرت مع أصدقاء فلسطينيين بالأمس، للحديث عن الطريق للسلام. نحن ملتزمون بالاستماع إلى جميع الشركاء الذين يشاركوننا هذا الهدف». ولم يتضح من هم الذين اجتمع بهم غرينبلات، في وقت تقاطع فيه السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية. وحتى الآن، اختبر الغزيون بوادر إيجابية للتهدئة، عبر هدوء غير مسبوق، وزيادة كبيرة في ساعات وصل الكهرباء، لكن أي تغييرات فيما يخص عمل المعابر، أو التقييدات الإسرائيلية الخاصة بالحصار، لم تحدث.
وأكد النائب جمال الخضري، رئيس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار»، أن الاحتلال لا يزال يمنع مرور 200 صنف من احتياجات القطاع الصناعي والتجاري لقطاع غزة.
وشدد الخضري في تصريح صحافي، أمس، على أن رفع الحظر عن هذه الأصناف (مواد خام للصناعات)، يُمثل متطلباً رئيسياً لإنعاش الاقتصاد المنهك بفعل الحصار منذ 11 عاماً.
وقال إن «تقييد العمل على المعبر التجاري الوحيد (كرم أبو سالم)، وحظر دخول أصناف أساسية يرتكز عليها الاقتصاد الفلسطيني صناعياً وتجارياً، والعمل بنظام قوائم منع السلع، بحجة الاستخدام المزدوج، هو أحد أبرز أوجه الحصار الإسرائيلي».
وأكد الخضري أن أهم الأصناف التي يمنع الاحتلال مرورها لغزة، عبر معبر كرم أبو سالم، المعبر الوحيد المفتوح جزئياً، هي المواد الخام اللازمة للصناعة، ما فاقم من معاناة القطاع الصناعي، ورفع معدلات البطالة، بسبب تراجع كبير في عملية الإنتاج لعدم توفر المواد الخام، وهذا ينعكس بشكل أساسي على معدلات الفقر والبطالة.
وأشار الخضري إلى أن نحو 85 في المائة من مصانع غزة أُغلقت بشكل جزئي أو كلي بسبب الحصار المستمر، الذي أحد أهم أهدافه الوصول إلى حالة الانهيار الاقتصادي، ما سينعكس سلباً على مجمل الحياة اليومية، حيث بلغت خسائر القطاع الصناعي والتجاري قرابة 50 مليون دولار شهرياً منذ الحصار. واعتبر الخضري أن أي حديث عن إنعاش اقتصادي في غزة وإيجاد مشروعات لتشغيل الأيدي العاملة، يتطلب ضمان فتح كامل لمعابر القطاع أمام الاستيراد والتصدير، ومن دون أي قيود إسرائيلية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.