مسجد المارداني الأثري في القاهرة يطوي مرحلة النسيان ويبرز روعة العمارة الإسلامية

كلفة ترميمه تصل إلى 30 مليون جنيه بتمويل أوروبي

محراب المسجد النادر
محراب المسجد النادر
TT

مسجد المارداني الأثري في القاهرة يطوي مرحلة النسيان ويبرز روعة العمارة الإسلامية

محراب المسجد النادر
محراب المسجد النادر

يزين مسجد الطنبغا المارداني بطرازه المعماري الفريد ونقوشه المميزة منطقة الدرب الأحمر التاريخية التي تضم بين طياتها أكثر من 65 أثراً إسلاميا، وعلى الرغم من ما تعرض له المسجد من وقائع إهمال ونسيان في العقود الماضية، فإنه سيكون على موعد جديد من التألق والازدهار، بعد انتهاء أعمال الترميم التي تجريها وزارة الآثار المصرية بالتعاون مع مؤسسة أغاخان، والمقرر الانتهاء منها بعد نحو عامين.
ويحظى مسجد المارداني بشهرة واسعة في مصر، لا سيما وأنه يعد أحد أهم المساجد الأثرية العريقة في مصر القديمة، ويبلغ عمره أكثر من 900 عام، لكن بسبب الأخبار التي كانت تتحدث عن سرقة منبره وأعمدته الأثرية، قبل أن يدخل مجددا في دائرة اهتمام السلطات المصرية المعنية بتطوير الأماكن الأثرية.
وأخيرا تفقد وزير الآثار المصري الدكتور خالد عناني، أعمال مشروع تأهيل المسجد ضمن مشروع تنمية آثار منطقة الدرب الأحمر وباب الوزير وترميم مجموعة من المباني الأثرية في المنطقة بالتعاون بين وزارة الآثار ومؤسسة أغاخان للخدمات الثقافية في مصر.
وقال الدكتور العناني خلال جولته التفقدية في المسجد: «إن آخر أعمال ترميم نفذت في مسجد المارداني كانت منذ عام 1898 على يد لجنة حفظ الآثار، لذا فهو في حالة سيئة من الحفظ، وحالته المعمارية والأسقف متدهورة جدا، كما أنه يعاني من مشكلات تتعلق بتسرب مياه الصرف الصحي نتيجة موقعه وسط مجمعات سكنية وضمن النسيج العمراني للمنطقة».
وأكد الدكتور العناني على أهمية التعاون مع مؤسسة الأغاخان كشريك أساسي لإعادة إحياء المسجد من جديد بتمويل من الاتحاد الأوروبي، حيث بدأت أعمال الترميم في يونيو (حزيران) الماضي، ومن المتوقع أن تنتهي الأعمال في عام 2020».
وأوضح وزير الآثار المصري أن «تكلفة أعمال الترميم تصل إلى 30 مليون جنيه، وتشمل الإيوان الشرقي للمسجد فقط»، ولفت إلى تطلعه للحصول على تمويل إضافي لترميم الصحن والميضأة الأثرية وباقي أروقة المسجد، مع مراعاة الحفاظ على طابعه الأثري والتاريخي».
ويرجع تاريخ إنشاء مسجد طنبغا المارداني إلى العصر المملوكي، إذ أنشأه الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني الساقي، المعروف بالطنبغا المارداني أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 1340م، ويُعد جامع المارداني من أجمل جوامع القاهرة، ويتكون من صحن مكشوف مستطيل يحيط به 4 إيوانات أكبرها إيوان القبلة الذي يتكون من أربعة أروقة.
بدوره، قال الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في الوزارة، إن «مشروع ترميم المسجد هو استكمال للتعاون القائم بين مؤسسة أغا خان ووزارة الآثار، الذي بدأ بمشروع تنمية الدرب الأحمر وباب الوزير وترميم مجموعة من المباني الأثرية في المنطقة شملت مسجد أم السلطان شعبان، ومجمع خاير بك، وقصر الأمير آلين آق الحسامي، ورباط زاوية أزدمر، وقبة طراباي الشريفي، ومسجد أصلم السلحدار، وجزء من السور الأيوبي الشرقي لمدينة القاهرة، والجامع الأزرق، بالإضافة إلى حديقة الأزهر، بالإضافة إلى مشروع الصيانة الوقائية لمجموعة الآثار التي رُممت في المنطقة بالكامل».
ويتميز إيوان القبلة بمسجد المارداني بالزخارف والعناصر المعمارية الدقيقة، فعقوده محمولة على أعمدة من الرخام والغرانيت الأحمر، والسقف عليه زخارف ملونة مملوكية الطراز، وكسيت الجدران إلى ارتفاع نحو ثلاثة أمتار بوزرة مكونة من أشرطة من الرخام ومن قطع صغيرة من الرخام والصدف وعلى يسار المدخل الرئيسي مئذنة مكونة من ثلاث دورات تمثل قمة تطور المآذن من المربع إلى المثمن من ثم الدائرة.
ويعد محراب الجامع من المحاريب النادرة، حيث كسيت جدرانه بالرخام الدقيق والصدف مكونة زخارف هندسية دقيقة، ويعلو المحراب قبة كبيرة ترتكز على ثمانية أعمدة من الغرانيت الأحمر ومقرنصاتها من الخشب الملون. إلى جوار المحراب منبر من الخشب بحشوات مطعمة بالعاج.
في السياق نفسه، قال محمد عبد العزيز، مدير عام مشروع القاهرة التاريخية: «إن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي وشركة أغاخان بتكلفة نحو 30 مليون جنيه، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من المشروع خلال عامين، حيث تم البدء في أعمال التوثيق الفوتوغرافي والتوثيق المعماري وأخذ عينات لترميم الأعمدة الغرانيتية والأعمدة الرخامية، كما تم أخذ شريحة طولية عرض 50 سم من السقف مروراً بالإزار الخشبي والشباك الجصي والبياض، وإزار رخامي وبلاطات رخامية، وترميمها كعينة لتحديد الأسلوب الأمثل للترميم، بجانب تحديد أسلوب العزل للأسقف، بالإضافة إلى عمل عينات نظافة للواجهات الخارجية بجوار المدخل الرئيسي شاملة الأحجار والرخام».
وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «مخطط أعمال الترميم للمرحلة الأولى من مسجد الطنبغا المارداني (إيوان القبلة) يشمل عمل الدراسات الإنشائية والمعمارية الخاصة بالمسجد، مع عمل ترميم كامل لإيوان القبلة؛ ليضم القبة الداخلية أعلى الإيوان والأعمدة الرخامية والحوائط والأسقف الخشبية والحجاب الخشبي للإيوان ودكة المبلغ، وأيضاً ترميم القبة الرئيسية من الخارج، وترميم الواجهة الخارجية والمدخل الشرقي الرئيسي للجامع والمئذنة.
وتهدف وزارة الآثار إلى جذب عدد أكبر من السياح الأجانب والزوار المحليين لزيارة المنطقة، عبر تخصيص مسارات محددة تبدأ من الطرف الشمالي لـ«حديقة الأزهر» و«مركز الزوار» من ثم منطقة «الدرب الأحمر»، و«سور القاهرة الأيوبي» منتهية بـ«حديقة الأزهر» مرة أخرى من خلال بوابة «باب الوزير».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.