تشهد السوق الرقمية للإعلام عدة تجارب تهتم بخلق مساحات متخصصة للصحافة العلمية، في الوقت الذي تنشط فيه تلك الصحافة المعتمدة على تبسيط العلوم للقراء و«أنسنتها». وفي هذا السياق، كانت الصحافة العلمية موضوعاً للمناقشة في منتدى إعلام مصر الأول، الذي اختُتمت فاعليته، أمس (الاثنين).
وفي محاضرة قدمها الصحافي العلمي محمد يحيى، رئيس الاتحاد العالمي للصحافيين العلميين، قال إن الصحافة العلمية تواجه صعوبة خاصة في مصر، مثل أنه لا توجد أي كلية أو جامعة لتأهيل صحافي علمي لسوق العمل.
واعتبر يحيى أنه لا توجد في مصر «صحافة علمية»، وإنما خريجون من كليات العلوم يتجهون إلى الصحافة بلا خلفية عن الاتصال، أو صحافيون يتجهون إلى الصحافة العلمية بلا دراسة لمبادئ تؤهلهم للممارسة العلمية في المجال، ويقع على عاتقهم عبء تطوير مهاراتهم لمواكبة العمل.
وأكد الشاب الثلاثيني، والمحرر التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط بمجموعة «نيتشر للأبحاث»، أن الصحافي العلمي عليه بذل المزيد من الجهد من أجل صقل موهبته، بتحسين لغته الأجنبية، كونها اللغة الأساسية للبحوث المنشورة، فضلاً عن الاطلاع الدائم.
وتابع: «من المهم أيضاً أنه على الصحافي العلمي أن يقدم قصة توضح تأثير العلوم على حياة الناس، لا معنى إن قدمت للقارئ أرقاماً صلبة عن التغير المناخي، يجب أن يرى الناس في القصة الصحافية كيف سيؤثر هذا التغير على حياتهم».
وحول معوقات المهنة، اعتبر يحيى أن الكثير من المؤسسات الصحافية في مصر لا تهتم بالعلوم، إلا في تغطية نمطية للأخبار، مؤكداً أن هذا يتنافى مع حاجة الناس إلى معرفة العلوم حولهم بشكل مبسط لا يخلّ بالعلم.
وفي هذا الصدد، يقول أحمد حسن، المحرر بالنسخة العربية بمجلة «ساينتفيك أميركان»، إن الصحف المصرية تعطي أخبار الترفيه والرياضة أولوية عن العلوم، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن الصحافة العلمية تأتي في ذيل قائمة الصحافة المتخصصة في مصر.
ولفت حسن الانتباه إلى تجارب مصرية، مثل إصدار «العربي العلمي» و«الفيصل العلمي» أو صفحات علمية متخصصة في الصحف المصرية، كانت واعدة في البداية لكنها لم تستمر بسبب التمويل، وأن أي أزمة تواجه أي مؤسسة إعلامية يتم التخلي عن «القسم العلمي» بها.
وينقل حسن، الذي يعمل بمجال الصحافة العلمية منذ 22 عاماً، تجربته بأن الصحافي العلمي هو الأكثر احتياجاً إلى التدريب والتمرس؛ إذ إن المصطلحات العلمية تحتاج إلى المزيد من الجهد، من أجل تأكيد الدقة في نقل المعلومات.
ورغبت الصحافية المصرية رحمة ضياء منذ عدة سنوات التركيز على الصحافة العلمية في عملها، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الكثير من الصحافيين بمصر ركزوا على الفضاء السياسي والاجتماعي في الآونة الأخيرة، بينما تحتاج القضايا العلمية إلى التفات إعلامي معمق.
وترى رحمة ضياء، الحاصلة على جائزة التميز الصحافي من منتدى الإعلام، أمس، عن تحقيق «شهيق أسود» حول إيجاز الحكومة المصرية استخدام الفحم في الصناعة، أن أهم المعوقات التي تواجه الصحافي العلمي هو إيجاد مؤسسة تساعده على خلق قصص علمية معمقة ونشرها.
وتضيف ضياء أنها واجهت صعوبة في البحث والتحري عن المصطلحات العلمية وحدها، موجهة النصيحة إلى الجيل الجديد من الصحافيين المحبين للعلوم بضرورة الاطلاع المستمر على الدراسات، وتقوية اللغة الأجنبية.
ورغم تلك المعوقات، اعتبر أحمد حسن أن الصحافة العلمية واعدة جداً في مصر، خصوصاً في العالم الإعلامي الرقمي، الذي شهد في الآونة الأخيرة مبادرات من مؤسسات أجنبية تلبّي احتياجات الجمهور العربي، مثل موقع «للعِلم»، الذي بدأ في سبتمبر (أيلول) عام 2016، وأطلقته مجلة «ساينتفيك أميركان»، وهي مجلة علمية متخصصة تأسست عام 1845، وتصدر عن دار نشر «نيتشر».
واختتم محمد يحيى كلمته عن الصحافة العلمية بمقولة للعالم البريطاني مارك ويلبرت، اعتبرها رسالة مهمة لكل صحافي علمي: «العلم لا ينتهي حتى يتم إيصاله إلى الناس».
ما معوقات الصحافة العلمية في مصر؟
ما معوقات الصحافة العلمية في مصر؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة