سرطان المريء... التشخيص والعلاج

سرطان المريء... التشخيص والعلاج
TT

سرطان المريء... التشخيص والعلاج

سرطان المريء... التشخيص والعلاج

يعتبر سرطان المريء واحداً من أكثر السرطانات شيوعاً في العالم، وهو السادس بين مسببات الموت بالسرطان، ومع ذلك فكثير من الناس غير مدركين مدى خطورته. وغالباً ما يتم تجاهل الأعراض التي يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عنه، وكنتيجة لذلك، يتم تشخيصه دائماً في مرحلة متقدمة، ولذا فإن نحو 15 في المائة فقط من الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان المريء يظلون على قيد الحياة بعد خمس سنوات.
يبدأ سرطان المريء في الخلايا التي تبطن داخل المريء، ويحدث في أي مكان منه. وتتفاوت معدلات الإصابة حسب المناطق الجغرافية، ففي بعضها تعزى الإصابة إلى تعاطي التبغ والكحول أو إلى اتباع عادات غذائية معينة والسمنة. ويعد الرجال أكثر عرضة للإصابة بسرطان المريء من النساء.

- الأسباب
ليس هناك أسباب واضحة ومحددة لسرطان المريء، ومن المؤكد أنه يحدث نتيجة أخطاء (طفرات) في الحمض النووي (DNA) للخلايا فتنمو وتنقسم لا إراديا مكونة أوراما في المريء يمكن أن تنمو لتجتاح البنى القريبة وتنتشر في أجزاء أخرى من الجسم.
ووفقا لمؤسسة مايو كلينيك، فإن التهيج المزمن للمريء قد يساهم في حدوث تلك التغييرات التي تسبب سرطان المريء، إضافة إلى مجموعة من العوامل التي تسبب هذا التهيج وتزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء، تشمل ما يلي:
* الارتجاع المعدي المريئي (GERD)
* التدخين
* حدوث تغييرات سابقة للسرطان في خلايا المريء (مريء باريت) وسوف نتعرف عليه لاحقا.
* السمنة
* شرب الكحوليات
* الارتجاع المراري
* صعوبة البلع بسبب العضلة العاصرة بالمريء التي لن تهدأ (تعذّر الارتخاء)
* التعود على شرب السوائل الساخنة للغاية
* عدم تناول فواكه وخضراوات كافية
* الخضوع للعلاج الإشعاعي للصدر أو الجزء العلوي من البطن

- التشخيص
* أولا: ملاحظة الأعراض، صعوبة البلع - فقدان الوزن - ألم بالصدر - تفاقم عسر الهضم أو حرقة في المعدة - السعال أو بحة في الصوت - نزيف من المريء. وعادة لا يظهر سرطان المريء المبكر أي علامات.
* ثانيا: التنظير وأخذ عينة (خزعة)، باستخدام منظار المعدة للبحث عن الورم أو أماكن التهيج، ثم أخذ عينة من الأنسجة المشتبه فيها، وفحصها بالمختبر للكشف عن الخلايا السرطانية.
* ثالثا: تقنية سايتوسبونج، التي تم تطويرها في وحدة السرطان بمجلس البحوث الطبية في جامعة كمبردج. وتوفر هذه التقنية وسيلة سهلة وآمنة لالتقاط الخلايا الشاذة في جدار المريء.
وسايتوسبونج (Cytosponge) هو جهاز (من صنع شركة ميدترونيك Medtronic) يستخدم مرة واحدة لجمع الخلايا من بطانة المريء. ويتكون من شبكة إسفنجية صغيرة، قطرها نحو 30 ملم، داخل كبسولة جيلاتينية موصلة بخيط. يبتلع المريض الكبسولة بالماء فيذوب طلاء الجيلاتين بمجرد وصوله إلى المعدة. وبعد نحو خمس دقائق، يُسحب الخيط لاستعادة الإسفنجة المتمددة. عند استرجاعها، تجمع الشبكة الكاشطة الخلايا على طول المريء. يتم تحليل الخلايا التي تم جمعها للكشف عن المؤشر الحيوي لمريء باريت BE.
وتقول البروفسورة ريبيكا فيتزجيرالد من وحدة السرطان في مركز أبحاث السرطان في جامعة كمبردج، إن هذه الإسفنجة تحتوي على نحو نصف مليون خلية، وإن هذه التقنية تجمع مجموعة من الخلايا الأكثر تمثيلاً وشمولية في المريء من عملية المنظار، وإنها دقيقة بنسبة 80 إلى 90 في المائة. وقد تم اختبار سايتوسبونج على أكثر من ألف شخص، ووجد أن أكثر من 94 في المائة من المرضى الذين ابتلعوا الإسفنجة لم يبلغوا عن أي آثار جانبية خطيرة، إضافة إلى أن تقنية الإسفنج تكلف أقل من مائة دولار، بينما تبلغ تكاليف التنظير التقليدي نحو 900 دولار لكل إجراء. وقد صرحت جمعية السرطان البريطانية الخيرية لأبحاث السرطان بأن نتائج اختبارها مشجعة للغاية.

- «مريء باريت»
غالباً ما يسبق سرطان المريء حدوث تغيرات في الخلايا داخل بطانة المريء تسمى (مريء باريت Barrett’s esophagus)، فيتغير شكلها وتنمو بشكل غير طبيعي. وسبب هذه التغيرات الخلوية ارتجاع الحمض الصفراوي - أي عودة عصارة المعدة إلى الأعلى (المريء). ويصاب بسرطان المريء 1 - 5 أشخاص من كل 100 لديهم «مريء باريت»، وهو شكل من أشكال السرطان التي يمكن أن تكون صعبة العلاج، لا سيما إذا لم يتم اكتشافها في وقت مبكر بما فيه الكفاية.
وتوضح البروفسورة فيتزجيرالد أن مشكلة «مريء باريت» هي أنها تبدو طبيعية فقد تمتد على طول 10 سم في المريء. ولقد تم إنشاء خريطة للطفرات لدى المريض الذي يعاني من هذه الحالة ووجد أنه ضمن هذا الامتداد، هناك قدر كبير من الاختلاف بين الخلايا، الطبيعية والشاذة.
* مريء باريت يمكن أن يكون مؤشرا لسرطان المريء من النوع adenocarcinoma - وهو النوع الأكثر شيوعا من سرطان المريء في كندا.
* تحديد الناس المصابين بمريء باريت يتيح فرصة مراقبة الحالة، وعند الضرورة، تتم المعالجة لإزالة الخلايا غير الطبيعية وتقليل خطر الإصابة بسرطان المريء.
* التنظير والخزعة، وهما الوسائل التقليدية لتشخيص الحالة، وهو إجراء مكلف وغير مريح للمرضى، يتطلب التخدير، ويحمل بعض المخاطر. بينما سايتوسبونج عبارة عن شبكة إسفنجية صغيرة داخل كبسولة جيلاتينية قابلة للذوبان يمكن أن تدار بأمان في أماكن الرعاية الأولية لجمع خلايا المريء للتحليل، فتساعد في اكتشاف سرطان المريء في مرحلة مبكرة، وتجنب المريض الخزعات والاختبارات المختلفة.
* سايتوسبونج يتميز بحساسية sensitivity وخصوصية جيدين للكشف عن وجود مريء باريت.
* يمكن أن يحسِّن استخدام سايتوسبونج مع تحليل المؤشر الحيوي نسبة التعرف على الأفراد المصابين بـBE من خلال اختبار أقل شدة للمرضى من التنظير الداخلي، وأقل تكلفة.

- العلاج
يعتمد نوع العلاج على مرحلة السرطان ونوع الخلايا السرطانية والصحة العامة للمريض. ويشمل
* الجراحة، سواء لإزالة السرطان وحده أو لاستئصال جزء من المريء أو لاستئصال جزء من المريء مع الجزء العلوي من المعدة.
* العلاج الكيميائي، سواء إعطاؤه قبل الجراحة أو بعدها وذلك في حالة الإصابة بالسرطان في مراحله المتقدمة.
* العلاج الإشعاعي، سواء الذي يعطى من خارج الجسم أو الذي يوضع داخل الجسم بالقرب من المنطقة المصابة بالسرطان (المعالجة الكثيبة).

- علاج جيني
يعتقد باحثون من جامعة كمبردج في دراسة نشرت في مجلة المعهد الوطني للسرطان عام 2016 أن العلاجات الدوائية القائمة على اكتشافهم يمكن أن تساعد ما يصل إلى 15 في المائة من إجمالي 8500 شخص يتم تشخيص إصابتهم بسرطان المريء في المملكة المتحدة كل عام. ومع التقدم في أبحاث الحمض النووي، أصبح الباحثون قادرين، بشكل أفضل، على تحديد الجينات المرتبطة بالأمراض، إلا أن كون وظيفة الجين غير معروفة، في أغلب الأحيان، فيكون من الصعب تطوير علاج يعتمد على اكتشافها.
وما هو هذا الجين جديد؟ لقد وجد في نتائج دراسة كمبردج أن الجين المسمى (TRIM44) يلعب دورا رئيسيا في تطوير سرطان المريء وأيضا اكتشفت طريقة تكوين هذا الجين للمرض. ويكشف هذا البحث، أيضا، أن الإفراط في نشاطه (عند وجود نسخ متعددة) يؤدي إلى زيادة نشاط الجين (mTOR)، الذي ينظم نمو الخلايا وتقسيمها - وهي عمليات تصبح غير خاضعة للسيطرة في حالة السرطان.
أشادت البروفسورة ريبيكا فيتزجيرالد بمدى فعالية العلاجات التي تستهدف الجينات، وأشارت إلى نجاح هرسبتين Herceptin مثلا لعلاج في سرطان الثدي وسرطان المعدة، واعتبرت ذلك أملا في اكتشاف علاجات جديدة لسرطان المريء في غضون السنوات الخمس المقبلة، طالما أن هناك بالفعل عددا من الأدوية التي تستهدف (mTOR).
ووجد الباحثون بالفعل أنهم عندما يعالجون الأورام في الفئران التي لديها الجين (TRIM44) مع مثبطات (mTOR)، فإنها تتناقص في الحجم. ومن المثير للاهتمام، أن هذه التجارب نفسها قد أجريت مع خلايا من سرطان الثدي البشري، ووجدت نفس النتائج، مما يشير إلى أنه يمكن أيضاً تطبيق هذه النتائج على أنواع أخرى من السرطان.

- طفرات في الجينوم
أجرت البروفسورة فيتزجيرالد وزملاؤها فحصا لسلسلة كاملة من الجينوم لتحليل عينات «مريء باريت» من 23 مريضاً، بالإضافة إلى 73 عينة تم أخذها خلال فترة ثلاث سنوات من مريض واحد لديه مريء باريت. ووجدت أنماطا من الطفرات في الجينوم، حيث يمكن أن تتغير قطعة صغيرة من الحمض النووي إلى أخرى، على سبيل المثال من C إلى T التي توفر «بصمة» لأسباب السرطان. وقد تم عمل مماثل في السابق في سرطان الرئة، حيث تبين أن السجائر تترك بصماتها في الحمض النووي للفرد. وجد فريق كمبردج بصمات يُعتقد أنها من المحتمل أن تكون بسبب التلف الذي أصاب بطانة المريء بسبب رش حمض المعدة على جدرانه. ويمكن رؤية نفس البصمات في كل من سرطان المريء ومريء باريت (Barrett’s esophagus)، تشير إلى أن هذه التغييرات تحدث في وقت مبكر جداً من المرض.
وحتى في مناطق من مريء باريت دون وجود سرطان، فقد وجد الباحثون عدداً كبيراً من الطفرات في الأنسجة - في المتوسط 12000 طفرة / شخص (مقارنةً بمتوسط 18 ألف طفرة في حالة السرطان). ومن المرجح أن الكثير منها كان «منتظرا التغير bystanders»، طفرات جينية حدثت على طول الطريق ولكن لم تكن متورطة بالفعل في السرطان.
ولا يعرف العلماء إلا القليل جدا عن كيفية الانتقال من مرحلة ما قبل السرطان إلى السرطان - وهذا هو الحال على وجه الخصوص في سرطان المريء. فمريء باريت والسرطان يشتركان في كثير من الطفرات، مما جعل الباحثين أقرب إلى فهم الطفرات المهمة التي تؤدي إلى انتقال المرض إلى شكل من أشكال السرطان المميت.


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال