ثلوج في الظهران الأسبوع المقبل!

فرقة «سلافا» العالمية تُعجل ببدء موسم الشتاء في السعودية

مشهد من عروض فرقة سلافا الثلجية
مشهد من عروض فرقة سلافا الثلجية
TT

ثلوج في الظهران الأسبوع المقبل!

مشهد من عروض فرقة سلافا الثلجية
مشهد من عروض فرقة سلافا الثلجية

رغم أن الثلج لم يسبق له السقوط على الظهران (شرق السعودية)، فإن ذلك بات ممكناً الآن، إذ جاءت عبارة «ستكون هناك ثلوج في الظهران» على لسان عبد الله الراشد، مدير البرامج التعليمية في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وهو يعلن قرب عروض فرقة سلافا الثلجية المزمع انطلاقها يوم الخميس المقبل، وذلك ضمن فعاليات موسم «تنوين» الصاخب بالإبداع، الذي أطلقته إثراء ويمتد إلى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وأوضح الراشد أن الثلوج ستغطي المسرح والجمهور في مساحة شاسعة، على مدى الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، وليس للأمر علاقة بالمتغيرات المناخية بل هو ثلج مصنوع يحاكي طقوس العرض، إذ يقول الراشد: «قصة جميلة سيعيشها الجمهور، في مسرح تفاعلي وبشكل مختلف»، علماً بأن عرض فرقة سلافا الثلجي هو عرض ملهم حاز على إعجاب وقبول عالمي ويجمع بين الكوميديا والعواطف الجياشة، مدته 130 دقيقة. ويدور موضوع العرض، الذي ابتدعه المهرج الروسي الشهير سلافا بولنين، حول مجموعة صغيرة من المهرجين الذين يحاولون العثور على طريق عودتهم في الثلج. ويتيح هذا العرض الفرصة للكبار لإعادة اكتشاف براءة الطفولة وحب اللعب، ويلمس مشاعر مشاهديه من جميع الأعمار؛ إذ عمل سلافا بولنين على استكشاف إمكانيات فن التهريج الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ.
وعودة لحديث الراشد في الملتقى الإعلامي لإطلاق فعاليات موسم الإبداع (تنوين)، أوضح أن طموح إثراء هو جعل موسم «تنوين» قبلة للإبداع في المنطقة وليس السعودية فقط، مفيداً بأن الموسم يركز على الصناعة والابتكار وريادة الأعمال والتصميم والفنون.
وأشار الراشد إلى أن «إثراء» تطمح للخروج بنتائج مبهرة من الورش والفعاليات، من ذلك إيجاد خط عربي سعودي خاص على الإنترنت، بالتنسيق مع خبير متخصص في هذا المجال.
وكان المهندس أمين الناصر، رئيس «أرامكو السعودية»، وكبير إدارييها التنفيذيين، أطلق، مساء الخميس الماضي، فعاليات موسم الإبداع (تنوين)، التي ينظمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ويُعد أضخم حدث إبداعي على مستوى السعودية، إذ يهدف «تنوين» لإحداث تغيير إيجابي في قطاعات الموضة والأزياء، والتواصل، والتصنيع، والعلوم، وخلق بيئة مناسبة لشباب الوطن تتوافق مع احتياجات المستقبل وتطلعات رؤية المملكة 2030.
وقال الناصر خلال تدشين «تنوين» إن «العالم من حولنا، قد شهد تغيرات هائلة فيما يتعلق بتطوير المنتجات والخدمات، بدءاً من الكيميائيات المتطورة وانتهاءً بالهواتف الذكية وشبكة الإنترنت، ومنبع ذلك كله هو الابتكار والأفكار الجديدة والتقنيات التي جعلت من عالمنا مكاناً أفضل، وزادت الاقتصاد قوة وجعلت الشركات أكثر قدرة على تحقيق الأرباح».
كما ذكر أن كلاً من لم يسارعوا في مسيرة الابتكار سيجدون أنفسهم وقد تخلفوا عن الركب.
وأكد الناصر أن «روح الابتكار موجودة لدى كل منا، ولا تتميز الدول المتقدمة عن غيرها في امتلاك هذه الروح، وإنما نجد في دول العالم النامي رجالاً ونساءً لا يقلون تميزاً عن غيرهم؛ فالسر إذن يتمثل في إيجاد البيئة المشجعة التي يزدهر الابتكار فيها. ولهذا السبب فإننا في (أرامكو السعودية) نشجع الفكر الابتكاري، وما موسم إثراء للإبداع (تنوين) إلا مثال ساطع على مدى تركيز الشركة على هذا العنصر المهم من عناصر نجاح الأفراد والمؤسسات والمجتمعات في المستقبل».
ويضم «تنوين»، الذي يستهدف 100 ألف زائر في «إثراء»، 61 متحدثاً من مختلف دول العالم، و45 ورشة عمل متنوعة يقدمها مجموعة من المؤسسات العالمية، من أبرزها مؤسسة «سميثسونيان»، و«غوغل»، و«معهد ماساتشوستس للتقنية» (MIT)، بالإضافة إلى ندوات مع متخصّصين في مجالات العلوم، والفنون، والموضة، والاتصالات، التي هي جزء من مستقبل في المملكة، كما يسعى إلى تشجيع الناس على فهم الاضطراب في حياتهم من خلال مفهوم «الزعزعة»، ومدى قدرتهم على تطويعه واستخدامه بشكل إيجابي في حياتهم وحياة الآخرين.
ويعرض الحدث 25 عملاً بارزاً في مجالات الفنون، التي تم عرضها تحت شعار «العقل والعاطفة»، لتشجيع الزوّار على اكتشاف وجهات نظر جديدة، وتقديم تجارب مميّزة عن التصاميم المعاصرة، كما يقدم الموسم مجموعة من القصص الملهمة التي تصف مشاعر الأمل، والخوف، والمفاجأة، ليُسهِم في الوصول إلى مجتمع واعٍ علمياً وفكرياً في مجالات الثقافة والإبداع.
الجدير بالذكر أن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) يسعى إلى وضع معايير جديدة للتميزّ في المملكة في مجال قطاع الثقافة والإبداع، وذلك بهدف تطوير وتقديم منتجات معرفية مبتكرة، بالإضافة إلى خلق القيمة المضافة المرجوّة من خلال علاقاته مع الشركاء والزوّار عن طريق تحفيز استدامة المجتمعات الإبداعية والثقافية.


مقالات ذات صلة

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)