الأطعمة المضادة للالتهابات تقلل من وفيات أمراض القلب والسرطان

من أمثلتها زيت الزيتون والمكسرات والقهوة والشاي والحبوب والبقول والأسماك والبيض

الأطعمة المضادة للالتهابات تقلل من وفيات أمراض القلب والسرطان
TT
20

الأطعمة المضادة للالتهابات تقلل من وفيات أمراض القلب والسرطان

الأطعمة المضادة للالتهابات تقلل من وفيات أمراض القلب والسرطان

حينما نتذكر أن 70 في المائة من خلايا جهاز مناعة الجسم توجد في الجهاز الهضمي، وحينما نتذكر أيضاً أن المساحة السطحية لالتقاء الطعام مع بطانة أجزاء الجهاز الهضمي الطويل هي 150 ضعف مساحة سطح الجلد، ندرك أن هناك علاقة وثيقة بين «نوعية» الطعام من جهة، و«درجة شدة» نشاط جهاز مناعة الجسم من جهة أخرى. وبالتالي، فإن لتلك العلاقة تأثيرات واضحة وبعيدة المدى على صحة الإنسان، وذلك حسب درجة التفاعل فيما بين نوع الطعام وجهاز مناعة الجسم.
وخلال السنوات الماضية تبين للباحثين الطبيين أن انتقاء أحدنا تناول أنواع من الأطعمة المضادة للالتهابات هي إحدى الوسائل الغذائية للحد من نشاط جهاز مناعة الجسم في عمليات الالتهاب، مثل تلك التي تحصل في حالات أمراض الشرايين القلبية والأوعية الدموية وأمراض السرطان والتهابات المفاصل والجلد، وغيرها من الحالات المرضية التي تتميز بأن فيها يحصل زيادة نشاط عمليات الالتهابات.
وبالمقابل، فإن إفراط أحدنا في تناول الأطعمة المهيجة، والمحفّزة لنشاط الالتهابات في الجسم، سيكون له تأثيرات سلبية على تلك الحالات المرضية. والأهم، أنه حينما تكون لدى الإنسان عوامل غير غذائية ذات تأثيرات ضارة في نشاط عمليات الالتهابات، كالتدخين مثلاً، فإن الحرص على تناول أنواع الأطعمة المضادة للالتهابات، هو وسيلة غذائية لتخفيف الآثار السلبية لتلك العوامل الضارة بصحة الجسم.

الأطعمة والالتهاب

هذا بالضبط هو ما دلّت عليه نتائج الدراسة الحديثة لمجموعة باحثين من السويد وبولندا والولايات المتحدة، التي تم نشرها ضمن عدد 12 سبتمبر (أيلول) من مجلة «الطب الباطني» (Journal of Internal Medicine)، وهي المجلة العلمية العريقة التي تصدر من السويد منذ العام 1863. وكان عنوان الدراسة «تأثير نظام غذائي مضاد للالتهابات والتدخين على الوفيات والبقاء عند الرجال والنساء».
واليوم، ثمة مصطلح طبي لوصف الأطعمة حسب مقدار تأثيرها على مدى تفاقم وانتشار ونشاط عمليات الالتهابات في الجسم، ولذا هناك «نظام غذائي مضاد للالتهابات» (Anti - Inflammatory Diet)، و«نظام غذائي محفّز للالتهابات» (Pro – Inflammatory Diet)، وذلك تبعاً لمدى ارتفاع أو انخفاض مستوى مؤشر قوة قدرتها على مقاومة الالتهابات (Anti‐Inflammatory Diet Index)، وهو ما يُختصر بـ«AIDI».
وعليه، هناك أطعمة ومنتجات غذائية ذات قيمة مرتفعة في مؤشرها ذاك، وأخرى منخفضة فيه. ولتوضيح هذا، قال الباحثون إن الأطعمة المضادة للالتهابات تشمل الفواكه والخضراوات والشاي والقهوة وخبز الحبوب الكاملة وأنواع الحبوب والبقول والجبن وزيت الزيتون وزيت الكانولا الطبيعي والمكسرات والشوكولاته والأسماك والبيض. والأطعمة المحفّزة للالتهابات من أمثلتها اللحوم الحمراء المُصّنعة (Processed Red Meat) ورقائق المقرمشات المقلية والمشروبات الغازية وأنواع المقليات وغيرها من أنواع الأطعمة السريعة.
وأفاد الباحثون، في نتائج دراستهم، بأن الالتزام بتناول نظام غذائي مضاد للالتهابات يرتبط على المدى البعيد بانخفاض خطورة الوفاة لأي سبب مرضي. ومن بين جميع الأسباب المحتملة للوفيات، يرتبط الالتزام باتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات بانخفاض احتمالات الوفاة، بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية (Cardiovascular Mortality)، وكذلك يرتبط بانخفاض الوفيات بسبب الأمراض السرطانية (Cancer Mortality). كما لاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أن المدخنين بالذات كانوا أعلى استفادة من الالتزام بتناول نظام غذائي مضاد للالتهابات، مقارنة بالمدخنين الذين لم يحرصوا على تناول الأطعمة المضادة للالتهابات.

نظام غذائي

كان الباحثون في دراستهم هذه قد تابعوا لمدة 16 سنة نوعية النظام الغذائي لنحو 70 ألف شخص في السويد، ممنْ تراوحت أعمارهم ما بين 45 و83 سنة، وتأثيرات ذلك على جوانب صحية عدة لديهم. وتم تقسيم المشمولين في الدراسة إلى فئات وفق مدى الالتزام بتناول نظام غذائي مضاد للالتهابات. وتبين للباحثين أن معدل الوفيات كان أقل بنسبة 18 في المائة لدى فئة الأشخاص الذين كانوا أعلى التزاماً بتناول الأطعمة والمنتجات الغذائية المضاد للالتهابات، وذلك بالمقارنة مع فئة الأشخاص الذين لا يحرصون على تناول تلك النوعيات الصحية من المنتجات الغذائية. وبشكل أكثر دقة وتحديداً، كان خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية أقل بنسبة 20 في المائة لدى الحريصين على تناول نظام غذائي مضاد للالتهابات، ولديهم أيضاً انخفض معدل الوفيات بسبب الأمراض السرطانية بنسبة 13 في المائة، كل هذا بالمقارنة مع الأشخاص الأقل التزاماً بالحرص على تناول الأطعمة المضادة للالتهابات.
وعلّقت الدكتورة جوانا كالوزا، الباحثة الرئيسية في الدراسة من جامعة وارسو للعلوم الحياتية في بولندا، بالقول: «تحليلنا لعلاقة مقدار الجرعة بمدى الاستجابة (Dose - Response Analysis) أظهر أن الالتزام بنظام غذائي مضاد للالتهابات يوفر فوائد صحية».



أدوية إنقاص الوزن قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب

أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
TT
20

أدوية إنقاص الوزن قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب

أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)
أقلام دواء السكري «أوزيمبيك» موضوعة على خط إنتاج لتعبئتها بموقع شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في هيليرود (رويترز)

قد تكون أدوية إنقاص الوزن الرائجة، مثل أوزيمبيك وويغوفي، فعّالة جداً في معالجة السمنة، لكن هل تحمل أيضاً آثاراً جانبية أكثر خطورة على المدى الطويل؟ أظهرت دراسة جديدة أن هذه الأدوية قد تُسبب تغيرات دماغية مرتبطة بالاكتئاب.

ويُعرَف كلٌّ من أوزيمبيك وويغوفي باسم مُنشِّطات مستقبِلات الببتيد-1، الشبيهة بالجلوكاجون (أدوية جي-إل-بي-1)، وقد سُمّيا بهذا الاسم لأنهما يُحاكيان هرمون «جي-إل-بي-1» الطبيعي الموجود في الدماغ والأمعاء والبنكرياس. ويساعد هذا الهرمون على التحكم في نسبة السكر بالدم والشهية، تماماً مثل الهرمون الطبيعي.

وتؤثر أدوية «جي-إل-بي-1» على أجزاء من الدماغ غنية بالدوبامين؛ وهي مادة كيميائية أساسية في الشعور بالمتعة والمكافأة، ويُنظَر إليها بالفعل بوصفها طرقاً لعلاج إدمان الكحول والمخدرات، بالإضافة إلى السمنة وداء السكري.

وفي هذه الورقة البحثية المنشورة حديثاً، ربط فريق دولي من الباحثين اضطراب الدوبامين الناتج عن أدوية «جي-إل-بي-1» باحتمالية الإصابة بالاكتئاب والتفكير في الانتحار لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لنقص الدوبامين، أي انخفاض وظيفة الدوبامين.

وفي هذا الصدد، يقول الطبيب النفسي مارك جولد، من كلية الطب بجامعة واشنطن: «تقدم هذه الورقة البحثية أدلة حاسمة لإعادة تقييم الاستخدام الواسع النطاق لأدوية (جي-إل-بي-1)». وتابع أنه ينبغي على إدارة الغذاء والدواء الأميركية «إف دي إيه» والهيئات التنظيمية الأخرى دراسة نتائجنا بعناية عند تصنيف هذه الأدوية ومراقبتها.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تعتمد على النمذجة الحاسوبية: لم تُجرَ أي اختبارات معملية أو تجارب سريرية. وبدلاً من ذلك، أجرى الباحثون تحليلاً للمسارات الجينية لدواء «جي-إل-بي-1» المرتبطة بالاكتئاب وخطر الانتحار.

ووجدوا تفاعلاً مع نشاط جينات معينة، بما في ذلك DRD3، وBDNF، وCREB1، وCRH، وIL6، وDPP4. وتتحقق هذه الجينات في أمرين، فهي مرتبطة بإشارات الدوبامين والمزاج، ويمكن لأدوية «جي-إل-بي-1» أن تؤثر على سلوكهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُربط فيها هذا الأمر، إذ تُجري وكالة الأدوية الأوروبية تحقيقاً بالفعل في كيفية زيادة أفكار الانتحار وإيذاء النفس لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية بها هرمون «جي-إل-بي-1»، وذلك بناءً على تقارير من اختصاصيي الرعاية الصحية في أيسلندا، وفق موقع «ساينس أليرت».

وفي عام 2024، وجدت مراجعة للآثار الجانبية لأدوية «جي-إل-بي-1» أن 1.2 في المائة منها كانت آثاراً نفسية سلبية، وكان الاكتئاب هو الأكثر شيوعاً، يليه القلق والأفكار الانتحارية.

ولا تزال هذه العلاجات حديثة العهد نسبياً، ومع كل بحث جديد يحاول العلماء فهم كيفية تأثير استخدام أدوية إنقاص الوزن على الصحة على المدى الطويل، سواءً من حيث قدرتها على الحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام أم تقديم فوائد صحية للقلب والأوعية الدموية.

يقول الطبيب النفسي إيغور إلمان، من جامعة هارفارد: «في حين أن أدوية إنقاص الوزن واعدة في علاج الاضطرابات الإدمانية والسلوكية، يجب أن نبقى متيقظين بشأن أضرارها المحتملة». ويضيف: «لا تهدف هذه الدراسة إلى تبديد آمالنا، بل إلى زيادة الحيطة والحذر في وصفها بشكل مفرط». ونُشر البحث في مجلة «Current Neuropharmacology».