كتاب «الخوف»... روايات متناقضة من داخل البيت الأبيض

مؤلفه بوب وودوارد لا يزال يعاني من «متلازمة ووترغيت»

الرئيس الأميركي (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي (إ.ب.أ)
TT

كتاب «الخوف»... روايات متناقضة من داخل البيت الأبيض

الرئيس الأميركي (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي (إ.ب.أ)

يوصَف كتاب بوب وودوارد الأخير الذي يحمل عنوان «الخوف: دونالد ترمب داخل البيت الأبيض»، والذي احتل قائمة أفضل الكتب مبيعاً في الولايات المتحدة أخيراً، بأنه من الكتب الغريبة للغاية؛ فمن ناحية، يبدو الكتاب أقرب إلى الأدب القصصي (الرواية) في صورة السرد الغارق في الدراما الغالبة عليه لمحة الحوار المسرحي، لا سيما عندما يكون بطلا الرواية شخصين مختلفين تماماً تجمعهما مناقشة مفروض عليها غطاء من السرية. ومن ناحية أخرى، يطرح الكتاب ملخصات موجزة، وربما مقتضبة، للحوارات السياسية داخل إدارة الرئيس دونالد ترمب بأسلوب سهل للغاية لا تتيسر صياغته على هذا النحو إلا لدى صحافي مخضرم من أصحاب الخبرة الكبيرة، مثل السيد وودوارد نفسه.

صنع وودوارد اسمه الصحافي أول الأمر بوصفه جزءاً من فريق الإبلاغ الصحافي المكون من شخصين اثنين فقط، إبان فضيحة ووترغيت السياسية، ذائعة الصيت في سبعينات القرن الماضي. وبعد مرور ما يقرب من نصف قرن، لا يزال الرجل يعاني مما يمكن تسميته «متلازمة ووترغيت»، أو ما نعرفه نحن باسم «أعراض الصحافة الاستقصائية اللازمة»، التي تستند إلى الاعتقاد بأن المهمة الأولى والأخيرة للصحافي أو المراسل هي الكشف عن بعض الأسرار التي يمكنها العصف بأركان الأقوياء في مراكز الحكم.
وخلال فترة «ووترغيت» عجز وودوارد عن إدراك أنه، وزميله وقتذاك، كانا قيد الاستغلال من قبل مصدر مجهول يدير أجندة أعمال خفية وشديدة الخصوصية. وكانت الأسرار التي تمكَّنا من الكشف عنها عبر التقارير الصحافية قد تسربت إليهما، القطعة تلو الأخرى، بغية القضاء على إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون ورئاسته للبلاد. ومن دون مصدر التغذية «المعلوماتي» هذا، لم يكن للتحقيقات الصحافية الاستقصائية التي عكف عليها، رفقة زميله آنذاك، أن تقطع الشوط الطويل الذي قطعته بالفعل.
وعلى مرِّ العقود الماضية، استعان وودوارد بالأسلوب ذاته في عمله، وهو محاولة العثور على «مصادر» التغذية الصحافية التي ساعدته على إنتاج أكثر من اثني عشر كتاباً من المفترض لدى الجميع أنها تمكّنت من الكشف عن كثير من الأمور الخفية عن هذا الركن أو ذاك من الحياة السياسية الأميركية المفعمة بالغموض.
ومع ذلك، فإن العثور على «المصادر» الجاهزة، أو القادرة على إمدادك بما تريد صياغته في كتابك ليس بالأمر الهين على الدوام؛ فما من أحد لديه الرغبة الدائمة للإفصاح وتوزيع الأسرار العميقة المثيرة للغليان والغضب السياسي على غرار فضيحة «ووترغيت». لذا، ما الذي ينبغي فعله في حالة كهذه؟ إحدى السبل «اختراع» الأسرار اختراعاً، حتى وإن كان الأمر يعني اقتباس الحكايات والأقاصيص المثيرة للجماهير، وإعادة تغليفها بهالة من الغموض والريبة. وهناك أسلوب آخر يتمثل في الارتكان على عامل الإثارة والتشكك في كل شيء لدى القراء وصياغة الروايات المباشرة المستندة إلى «بعض» الحقائق.
وفي حالة السيد وودوارد، المراسل الصحافي المميَّز حال تعامله مع الحقائق الفعلية، فإن كل ما تقدَّم يبعث على الأسف والأسى. فهو يستطيع إنتاج المادة الصحافية الممتازة من دون اللجوء إلى الأسرار الحقيقية أو المتصوَّرة أو الاستعانة بالمصادر الحقيقية أو المفتعلة. ويشعر المرء بالحرج الشديد عندما يقرأ لوودوارد عبارة تقول: «تستند هذه المعلومات على مقابلات شخصية ذات خلفيات عميقة»، أو تراه يستخدم عبارات من شاكلة «وفقاً لمصادر عالية الاطلاع»، أو «مصادر قريبة من المسألة قيد التحقيق»، أو الأسوأ من كل ذلك، «الزميل الحائز على معرفة واطلاع بالأمر».
في بعض الأحيان، لا يمكن لأي مقياس من مقاييس «التوقف والإنكار» أن يحول دون إذعان القارئ للمزيد من الشكوك. ومن الأمثلة على ذلك، عندما يحيل وودوارد الكلام على محادثة سرية جرت بين جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، وألكسندر بورتنيكوف، مدير جهاز الاستخبارات الروسي.
وكتاب بوب وودوارد الأخير، الذي يقع في 420 صفحة، ينقسم إلى 42 فصلاً، في شكل مقالات صحافية موجزة يتمحور كل مقال منها حول قضية بعينها. وتتراوح هذه القضايا من العلاقات الشخصية داخل الإدارة الأميركية إلى مسائل تتعلق بالسياسات الخارجية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وعنوان الكتاب «الخوف» لا يعبر بأي حال من الأحوال عن مضمون المقالات التي يحملها بين دفتيه، ويظهر دونالد جيه ترمب في صورة شخصية طفولية أكثر منها ناضجة، تنتابها نوبات غضب عارمة، بدلاً من الديكتاتور الاستبدادي من القرون الوسطى المخيف لحاشيته. كما يحاول الكتاب كذلك أن يطرح تصوراً للبيت الأبيض في عهد ترمب بأنه ساحة تغمرها الفوضى وعدم التنسيق وغياب الاتساق. ورغم ذلك، ينتهي الأمر بالسيد وودوارد متظاهراً بطرح رؤى مغايرة لكل ما تقدم بين يدينا.
فإننا نرى دونالد ترمب متشبثاً على الدوام بتنفيذ وعوده الانتخابية، وغالباً ما يفعل ذلك في مواجهة المعارضة القوية من بعض أقرب معاونيه في الإدارة. وفي حالة الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه باراك أوباما مع إيران، على سبيل المثال، تغلب دونالد ترمب في هذه المسألة على آراء وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون، ووزير دفاعه الحالي جيمس ماتيس، ومستشاره للأمن القومي ماكماستر. ولدى تناوله قضية التعامل مع الصين ومواجهة اختلالهم التجاري مقارنة مع الولايات المتحدة الأميركية، تجاهل ترمب عامداً آراء وزيره للخزانة ستيفن مينوشين، وكبير مستشاريه الاقتصاديين غاري كوهن.
ومن المثير للاهتمام، أن السيد وودوارد يصوِّر إدارة الرئيس ترمب بانفتاحها غير المعتاد على الحوار والمجادلات السياسية، على النقيض تماماً من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، التي كان الرئيس خلالها يتخذ القرارات أولاً ثم ينزع لمشاورة معاونيه فيما بعد. وتمثل الجانب السلبي في هذا الانفتاح على الحوار والمجادلات السياسية في ارتفاع معدل استبدال الموظفين داخل البيت الأبيض.
وقرّر الرئيس ترمب تغيير وزير خارجيته، ومستشاره للأمن القومي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش، بل وكبير مخططيه الاستراتيجيين حتى قبل أن يبلغ منتصف ولايته الرئاسية الأولى.
ويفتتح وودوارد كتابه باستهلال يثير الإعجاب يزعم بين سطوره أن بعض مساعدي دونالد ترمب يستخدمون تشكيلة متنوعة من أفعال المراوغة والحيل المتقنة للحيلولة دون تحويل الرئيس أفكاره إلى واقع ملموس في الحياة.
ويستشهد وودوارد على ذلك بمثال للمستشار الاقتصادي غاري كوهن الذي يسرق رسالة من على منضدة الرئيس في المكتب البيضاوي ويخفيها تماماً لمنع إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية، الأمر الذي يمكن أن يشكل خطراً داهماً على الأمن القومي للولايات المتحدة. وينقل وودوارد عن كوهن قوله: «لم يلحظ الرئيس قط اختفاء هذا الخطاب من على مكتبه».
وتكمن المشكلة في أنه بعد الولوج لمسافة 100 صفحة بين دفتي الكتاب، أي عند الصفحة 107 تحديداً، يتناسى السيد وودوارد استهلاله الافتتاحي تماماً ويخبرنا بأنه كانت هناك نسخ أخرى من الرسالة المختَلَسة، وأن حكومتي واشنطن وسيول قد شرعتا فعلياً في التفاوض بشأن اتفاقية التجارية الثنائية الجديدة. وبعبارة أخرى، فإن مقدمة الكتاب الدراماتيكية إما أنها كانت مقدمة كاذبة أو منبتة الصلة تماماً بموضوع الكتاب. ومع ذلك، يدعي السيد وودوارد أن بوب بورتر، وهو من مساعدي الرئيس ترمب، ومساعدين آخرين من الإدارة نفسها كانوا قد سرقوا بعض الوثائق وقالوا لزملائهم إنهم اضطروا لفعل ذلك من أجل وقف تنفيذ «الأفكار الخطيرة» التي تشتعل في رأس الرئيس ترمب.
يقول وودوارد إن كتابه الجديد مبني على مئات المقابلات الشخصية. وفي الكتب ذات النمط الصحافي، فإن لفظة «المئات» تعني في الواقع ما يتراوح بين 200 و1000 مقابلة. وإن أخذنا المتوسط لذلك، وهو 500 مقابلة، وخصصنا نحو ساعتين من الزمن لكل مقابلة، فسوف يكون بين أيدينا نحو 1000 ساعة تقريبا من المقابلات الشخصية. وهذا رقم كبير للغاية بالنسبة للمقابلات الشخصية التي يمكن إجراؤها قبل دخول دونالد ترمب عامه الثاني من الولاية الرئاسية.
وإن قبلنا ذلك، فإن الفصول الخمسة الأولى من الكتاب تغطي حملة ترمب الانتخابية، ويتناول فصلان آخران الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها دونالد ترمب إلى موسكو في عام 2013، واستأجر لأجلها جناحاً فندقياً فاخراً نزل فيه قبله الرئيس أوباما برفقة قرينته.
وفي كتابه المعنون «الولاء الأرقى»، استشهد جيمس كومي، الرئيس السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالية المُقال من منصبه في عهد الرئيس ترمب، بمصادر تزعم أن دونالد ترمب استخدم الجناح الفندقي المشار إليه في ترتيب حفلة من الحفلات الماجنة على الفراش ذاته الذي استلقى عليه الرئيس الأسبق وقرينته إبان زيارتهما الرسمية السابقة إلى العاصمة الروسية. ومع ذلك، يرفض بوب وودوارد قصة جيمس كومي بأكملها ويصفها بـ«القمامة الصحافية»، تاركاً القارئ متسائلاً عن السبب الحقيقي لإفراد هذا القدر من الكتاب لذكر القصة التي يرفضها في المقام الأول!
ويظهر وودوارد مدى تمسك ترمب بأدواته وأسلحته، وفرض وعوده الانتخابية فرضاً، بل وتحويلها إلى سياسات لازمة التنفيذ. لقد عصف بالاتفاق النووي مع إيران، ونقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وانسحب تماماً من اتفاق باريس للتغييرات المناخية، وفرض إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية مع المكسيك وكندا، وفرض الرسوم الجمركية على واردات السلع من الصين والاتحاد الأوروبي، وأجبر حلف شمال الأطلسي على زيادة الإنفاق الدفاعي، وأخيراً وليس آخراً، كما يبدو، استحدث أكبر خطة لخفض الضرائب في تاريخ الولايات المتحدة.
وهناك بطبيعة الحال مجالات لم يحالف دونالد ترمب النجاح فيها، ومن أبرزها تدشين المشروع الطموح للبنية التحتية في البلاد، وتشييد الجدار العازل على الحدود الجنوبية مع المكسيك، والقضاء الكامل على برنامج الرعاية الصحية الوطني المعروف إعلامياً باسم برنامج «أوباما كير».
يوصف أداء الرئيس ترمب في ملفات السياسة الخارجية بأنه أداء مختلط؛ فلقد نجح في جلب كوريا الشمالية، المارقة بكل امتياز، إلى عملية تفاوضية قلَّلت كثيراً من حدة التوترات في شمال شرقي آسيا، وربما تسفر عن نزع حقيقي للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية التي مزقتها حروب الماضي الضروس.
ويكشف وودوارد في كتابه أن دونالد ترمب، عندما كان لا يزال مواطناً يتمتع بقدر من الخصوصية، قد حض على إجراء المباحثات مع كوريا الشمالية بدءاً من عام 1999، في الوقت الذي فتح فيه حوارا بنّاءً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان قد أفضى، أو لم يُفضِ، إلى تعديلات معينة في السلوكيات الروسية في بعض المجالات ذات الحساسية السياسية مثل أوروبا والشرق الأوسط.
ويخصص وودوارد فصلاً كاملاً من الكتاب لتغطية استراتيجية دونالد ترمب لتكوين علاقة خاصة مع المملكة العربية السعودية، باعتبارها جوهراً لاستراتيجية أكبر تهدف إلى تعزيز الاستقرار في ربوع الشرق الأوسط. وتجاهل ترمب أقرب مساعديه، تيلرسون، وماتيس، ودعا الأمير محمد بن سلمان، الذي كان ولي ولي العهد في ذلك الوقت، إلى مأدبة غداء رئاسية رسمية، ضارباً عرض الحائط بالبروتوكولات الرئاسية الراسخة.
وفي معرض النزاع القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي وإحدى الدول الأعضاء في المجلس، قطر، أُزيل على نحو سريع من واجهة الأحداث أحد الاتفاقات التي كان قد أبرمها كل من ريكس تيلرسون وجيمس ماتيس مع إمارة قطر جراء ذلك.
وكان الرئيس ترمب مصرّاً وبشدة على إدراج اسم إيران على رأس قائمة «الدول المثيرة للقلق» مع الأنشطة الخارجية التي تمارسها خارج حدودها الوطنية.
وفي تقرير خاص من إعداد وزارة الدفاع الأميركية بشأن الفرع اللبناني من تنظيم حزب الله الشيعي الموالي لإيران، وصف التقرير التنظيم بأنه أكبر الشبكات الإرهابية في العالم، مشيراً إلى ضرورة وضع سيناريوهات عاجلة للتعامل معه. وبحسب ما ورد من تقارير، يتلقى تنظيم «حزب الله» نحو مليار دولار من إيران سنوياً لتغطية تكاليف قوته القتالية التي يبلغ قوامها نحو 48 ألف مقاتل في لبنان إلى جانب 8 آلاف مقاتل آخرين في سوريا. ويتحكم القادة الإيرانيون، في كل الحالات تقريبا، في آلة الحرب التي يديرها التنظيم. وأقام التنظيم كذلك مكاتب تمثيل خارجية غير رسمية في كل من كولومبيا، وفنزويلا، وجنوب أفريقيا، وموزمبيق، وكينيا، في حين حافظ على عدد من الخلايا النائمة في كثير من البلدان الأوروبية.
ويتولى «حزب الله» أيضاً إمداد الجماعات الموالية في العراق، والبحرين، واليمن بالأموال والسلاح، في الوقت الذي ينفق فيه المبالغ الطائلة على شراء ولاءات الشخصيات البارزة في جميع مناحي المجتمع اللبناني.
وفي حين أن التقرير الأميركي يعتبر «حزب الله» تهديداً قائماً بذاته، فإن تحليل السيد ترمب يقول إن «محرك الدمية» هي طهران، التي ينبغي أن تكون هي الهدف الحقيقي. وإذا كان هناك تغيير في طهران، فمن شأن «حزب الله» والجماعات الإرهابية المصغرة في كل مكان أن تتبخر وتتلاشى تلقائياً تماماً كما اختفت كل الأحزاب الشيوعية من الوجود بمجرد انهيار العائل الوحيد لها، أي الاتحاد السوفياتي القديم.
ومن أجل كل ذلك، توضح رواية وودوارد أن منهج دونالد ترمب «الشخصوي» للغاية حيال السياسات الخارجية للولايات المتحدة، وولعه بإبرام الصفقات السياسية هنا وهناك، لم يسفرا عن صياغة استراتيجية عالمية ملموسة ومتماسكة. وبعد سنوات من التراخي والخمول، التي فرضتها رئاسة باراك أوباما فرضاً، أصبحت الولايات المتحدة الأميركية أكثر نشاطاً على المسرح الدولي من دون تحقيق أي نتائج حقيقية وملموسة. وقد يرجع ذلك في جزء منه إلى الازدواجية والتناقض اللتين يعاني منهما دونالد ترمب نفسه.
ففي بعض الأوقات تراه يتحدث مثل الدعاة التقليديين المناهضين للحرب، وهو يقول عن أفغانستان، على سبيل المثال: «إنها كارثة، لن تكون هناك ديمقراطية ناجحة أبداً. لا بد أن ننسحب منها فحسب». ولكن في اجتماعه مع القادة العسكريين الذين يطالبون بنشر المزيد من القوات في أفغانستان، يسأل الرئيس: «كم عدد الوفيات؟ وكم عدد الأطراف المفقودة لقواتنا؟».
ومع ذلك، فهو يوافق في وقت لاحق على زيادة الوجود العسكري الأميركي هناك ويغير من مهمة الجنرال جون نيكلسون، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، من: «استمر هناك»، الأمر الذي تلقاه من باراك أوباما، إلى: «اكسب هذه الحرب»!
ويكرِّس وودوارد العديد من فصول كتابه للتحقيقات التي يجريها المستشار الخاص روبرت موللر بشأن المحاولات الروسية المزعومة للتدخل في (والتأثير في) مجريات الانتخابات الرئاسية الأميركية. وفي بعض الأحيان تبدو هذه الفصول مثل روايات الجاسوسية المسلية للبعض. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن تحقيقات موللر الواسعة لم تسفر عن إثبات أي شيء على الإطلاق يتعلق بالتدخل الروسي الفعلي في الانتخابات، ناهيكم بأي تدخل من هذا القبيل كان قد أثَّر في نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية من الأساس.
ويحوي كتاب وودوارد بعض الرؤى التي، إن تم التحقق منها، قد تكون ذات أهمية على المدى البعيد. على سبيل المثال، يزعم أنه في مرحلة من المراحل، فكر ترمب في اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد. وإن صح القول في ذلك، فسوف يعني أن ترمب كان على استعداد لخرق القانون الأميركي، الصادر في سبعينات القرن الماضي، الذي يقضي بحظر اغتيال زعماء الدول الأجنبية.
ومن الرؤى الأخرى التي طرحها وودوارد في كتابه أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قد هاتف الرئيس دونالد ترمب لدعم عملية إطلاق الصواريخ ضد قواعد بشار الأسد العسكرية في رده على استخدام الأخير للأسلحة الكيميائية ضد شعبه. وإن كان ذلك صحيحاً، فسوف يعني استياء الصين من السياسات الروسية المتمثلة في إبقاء بشار الأسد على رأس السلطة في بعض أجزاء سوريا. ووفقاً إلى وودوارد، فإن هناك أكثر من 100 رئيس أجنبي آخر قد أجروا مكالمات هاتفية مع دونالد ترمب بشأن الإعراب عن دعمهم للضربات الصاروخية ضد قواعد بشار الأسد، الأمر الذي يُعد دليلاً على أن السياسة الروسية إزاء سوريا تفتقر إلى الدعم الموثوق فيه على الساحة الدولية.
ويكشف وودوارد في كتابه أيضاً أن ترمب قد أصدر الأوامر لوزير الدفاع جيمس ماتيس بمعرفة كيفية حصول المتمردين الحوثيين في اليمن على الأسلحة، واتخاذ الخطوات الجادة لوقف تدفقات الأسلحة إليهم. وينقل وودوارد عن ماتيس رده الغامض: «إن السواحل اليمنية طويلة للغاية!».
وهذا يدعو للمزيد من الاستغراب لأن المتمردين الحوثيين لا يسيطرون إلا على شريط محدود المساحة من الساحل اليمني إلى الغرب من خليج عدن على مقربة من مضيق باب المندب. والقناة الوحيدة الأخرى التي يمكن تهريب الأسلحة إليهم من خلالها هي سلطنة عمان عبر خليج هوف. وفي كلتا الحالتين، فإن إيقاف تدفق الأسلحة إلى الحوثيين لا يبدو مهمةً يستحيل تنفيذها من الناحية العسكرية بأي حال من الأحوال.
وفي بعض الأحيان، يتساءل وودوارد: لماذا يتصرف دونالد ترمب بهذه الطريقة؟! مما يعني أنه على خلاف الرؤساء السبعة السابقين عليه الذين خبرهم المراسل الكبير وتقابل معهم في غير مناسبة بشأن كتبه ومقالاته المختلفة. ولقد رفض ترمب، رغم كل شيء، منح بوب وودوارد الحق في إجراء مقابلة شخصية معه، إذ يعتبره من الناحية الضمنية عنصراً معادياً في وسائل الإعلام السائدة التي أعلنت الحرب على رئاسة ترمب للبلاد.
وهذا أمر، كما أعتقد، يجانب الإنصاف إذ إن كتاب وودوارد الأخير ينتهي به المطاف لأن يشي بلمحة إيجابية حول ترمب نفسه، ويكشف عن أنه سياسي نادر التكرر ذلك الذي يصر على احترام تعهداته أمام جمهور الناخبين. وعقد المقارنات التاريخية دائماً ما يسفر عن إشكاليات سياسية كبيرة. ومع ذلك، يمكن مقارنة شخصية ترمب إلى شخصية الرئيس الراحل ثيودور روزفلت، الذي أعرب عن مخاوف كثير من المواطنين الأميركيين المتأثرين بسرعة وتيرة التصنيع في بداية القرن الماضي، تماماً كما يعبر ترمب عن آمال، ومخاوف، وتطلعات، وربما تحيزات أولئك الذين يعانون كثيراً من فيضان العولمة الذي أغرق العالم بأسره.
وفي مشهد واحد يؤكد على الإيجابية، يذكر بوب وودوارد الحوار بين ترمب وكبار مستشاريه الاقتصاديين، الذين اتضح أنهم جميعهم من كبار المصرفيين السابقين، بشأن التجارة الدولية. ويستشهد المعاونون للرئيس ترمب بكل كلمة وعبارة حول كيف أن الاقتصاد العالمي الآن موجَّه تماماً نحو الخدمات، وكيف أن المتاجر التقليدية، والمصانع القديمة قد حلت محلها وحدات «خدمية» حديثة على غرار مقاهي «ستاربكس»، وصالونات تصفيف الشعر للرجال والنساء. كما أنهم يقولون إن الولايات المتحدة في حاجة ماسَّة إلى المزيد والمزيد من المهاجرين من أجل توفير الأيدي العاملة الرخيصة حتى تتمكن الشركات من تقليل النفقات والتكاليف وزيادة الأرباح.
ومن الواضح أن المستشارين الاقتصاديين يعتبرون أن الغاية الحتمية والأكيدة لأي اقتصاد هي جني المزيد من الأموال، لا سيما من خلال التجارة الدولية، حتى وإن كان ذلك يعني تفكيك النمط الكامل لحياة البشر في وقت موجز وقصير. ومن خلال الاستماع إلى هذه المناقشات، كان دونالد ترمب يسجل هذه الملاحظات على مذكرة ورقية أمامه تحت عنوان مريع: «التجارة سيئة للغاية»!
وبعبارة أخرى، يدرك القطب الرأسمالي العقاري الكبير أن الاقتصاد لا بد أن يتعلق بأكثر من مجرد كسب الأموال، بيد أن وودوارد لا يذكر ذلك على نحو صريح في كتابه. ولكن هذا هو السبب الحقيقي في التناقض الذي تمثله شخصية دونالد ترمب الحقيقية.


مقالات ذات صلة

الشرطة الأميركية توقف شخصاً للتحقيق في إطلاق النار بجامعة براون

الولايات المتحدة​ الشرطة الأميركية في موقع إطلاق النار بجامعة براون (أ.ب) play-circle

الشرطة الأميركية توقف شخصاً للتحقيق في إطلاق النار بجامعة براون

أوقفت الشرطة الأميركية شخصاً، الأحد، في إطار التحقيق بحادث إطلاق النار الذي وقع في جامعة براون بمدينة بروفيدنس، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يصل إلى مقر إقامته في برلين (د.ب.أ) play-circle

ويتكوف وكوشنر في برلين لإجراء محادثات حول أوكرانيا بحضور زيلينسكي

وصل مبعوثان أميركيان، الأحد، إلى ألمانيا لإجراء جولة جديدة من المحادثات التي تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، بحضور الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب عن قراراته الاقتصادية: لا أعرف متى سيبدأ ظهور تأثير كل هذه الأموال

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه ليس واثقاً بأن الجمهوريين سيحتفظون بالسيطرة على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي المقررة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن السورية (أ.ف.ب) play-circle

«هجوم تدمر»... توقيف أكثر من 11 عنصراً أمنياً للتحقيق

أكد مصدر أمني أن منفذ هجوم تدمر في وسط سوريا كان عنصراً في جهاز الأمن العام، بينما أوقفت السلطات أكثر من 11 عنصراً وأحالتهم للتحقيق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا فريق الإنقاذ التايلاندي ينقل جثة إلى سيارة بعد قصف مدفعي كمبودي في مقاطعة سيسكيت اليوم (أ.ب) play-circle

تايلاند تعلن سقوط أول قتيل مدني في النزاع مع كمبوديا

أعلنت تايلاند حظر تجول في إقليم ترات بجنوب شرقي البلاد، اليوم (الأحد)، مع امتداد القتال مع كمبوديا إلى الأماكن الساحلية في منطقة حدودية متنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)

مسؤول إسرائيلي يتهم إيران بالوقوف وراء هجوم شاطئ بوندي

عناصر من الشرطة الأسترالية في موقع الهجوم (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الأسترالية في موقع الهجوم (أ.ف.ب)
TT

مسؤول إسرائيلي يتهم إيران بالوقوف وراء هجوم شاطئ بوندي

عناصر من الشرطة الأسترالية في موقع الهجوم (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الأسترالية في موقع الهجوم (أ.ف.ب)

تُجري السلطات الإسرائيلية تحقيقاً لمعرفة الجهة المسؤولة عن الهجوم الدامي الذي وقع في شاطئ بوندي اليوم، خلال احتفالات «عيد الأنوار اليهودي» (حانوكا)، وسط مخاوف متزايدة من احتمال تدبيره من قِبل دولة أو جماعة بعينها.

وفي حال تورط دولة في الهجوم، تُعتبر إيران المشتبه به الرئيسي، بحسب موقع «واي نت» العبري.

ومع ذلك، يفحص المسؤولون أيضاً احتمالية تورط جماعات مسلحة، بما في ذلك «حزب الله»، و«حماس»، و«جماعة عسكر طيبة الباكستانية» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في الهجوم.

وفي السياق ذاته، اتهم مسؤول أمني إسرائيلي إيران بتنفيذ الهجوم، مشيراً إلى أن «طهران ووكلاءها كثفوا جهودهم لاستهداف مواقع إسرائيلية ويهودية حول العالم».

وقال المسؤول لصحيفة «إسرائيل هيوم»: «شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في نشاط إيران لتدبير هجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أنحاء العالم. وهذا يشمل أستراليا، حيث اتخذت الحكومة، بناءً على تحذيرات استخباراتية محددة، إجراءات جزئية ضد السفارة الإيرانية، بما في ذلك طرد السفير».

وأضاف: «لا شك أن توجيه الهجوم انطلق من طهران».

وقتل 12 شخصاً وأصيب العشرات بينهم شرطيان في إطلاق نار وقع في شاطئ بوندي اليوم، خلال احتفالات «عيد الأنوار اليهودي» (حانوكا).

وذكرت الشرطة أن أحد المهاجمين من بين القتلى بينما الآخر مصاب وفي حالة خطيرة.

وفي الأشهر الأخيرة، حذرت إسرائيل من أن إيران تستعد لاستهداف الجالية اليهودية والمؤسسات اليهودية في الخارج.

وذكرت تقارير استخباراتية أن إيران «تقوم بتهريب الأسلحة وإنشاء خلايا تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج المزيد من الهجمات».

واتهم رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، إيران بالوقوف وراء هجومين معاديين للسامية في البلاد مطلع هذا العام، وأعلن قطع أستراليا علاقاتها الدبلوماسية مع طهران رداً على ذلك.

وصرح ألبانيز بأن جهاز الاستخبارات الأمنية الأسترالي (ASIO) توصل إلى أن الحكومة الإيرانية هي من أمرت بإحراق مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بالإضافة إلى حريق كنيس إسرائيلي في ملبورن في ديسمبر (كانون الأول).


نتنياهو تعليقاً على «هجوم سيدني»: سياسة أستراليا «غذت معاداة السامية»

انتشار مكثف للشرطة الأسترالية في محيط شاطئ بوندي في سيدني (أ.ب)
انتشار مكثف للشرطة الأسترالية في محيط شاطئ بوندي في سيدني (أ.ب)
TT

نتنياهو تعليقاً على «هجوم سيدني»: سياسة أستراليا «غذت معاداة السامية»

انتشار مكثف للشرطة الأسترالية في محيط شاطئ بوندي في سيدني (أ.ب)
انتشار مكثف للشرطة الأسترالية في محيط شاطئ بوندي في سيدني (أ.ب)

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حادث إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني بأستراليا خلال احتفالات «عيد الأنوار اليهودي» (حانوكا)، والذي أوقع 11 قتيلاً، بأنه هجوم «مروع» و«جريمة قتل بدم بارد»، متهمياً الحكومة الأسترالية بتغذية معاداة السامية.

وأشار نتنياهو إلى أنه أرسل رسالة في أغسطس (آب) إلى رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، متهماً كانبرا فيها بصب الزيت على نار معاداة السامية.

وأضاف أن سياسات ألبانيز، التي تشمل الاعتراف بدولة فلسطينية، تشجع «كراهية اليهود» و«معاداة السامية»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وتابع نتنياهو في تصريحات سبقت الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: «للأسف، يتزايد عدد الضحايا كل دقيقة. لقد رأينا أقصى درجات الشر، ورأينا أيضاً ذروة البطولة اليهودية»، في إشارة إلى أحد المارة، الذي قال إنه يهودي، والذي صُوّر وهو ينتزع سلاحاً من يد أحد المهاجمين.

بدوره، عدّ الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إطلاق النار على شاطئ بوندي هجوماً على الجالية اليهودية.

وأضاف في بيان صادر من مكتبه، الأحد، أنه «في هذه اللحظة، شقيقاتنا وأشقاؤنا في سيدني يتعرضون لهجوم من جانب إرهابيين في هجوم وحشي للغاية على اليهود، الذين ذهبوا لإشعال أول شمعة لعيد الحانوكا على شاطئ بوندي».

وأشار هرتسوغ إلى أن إسرائيل دائماً ما دعت إلى اتخاذ إجراء لمواجهة ما وصفه بـ«الموجة الضخمة» من معاداة السامية التي تُؤثر على المجتمع الأسترالي.

بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن واقعة إطلاق النار في أستراليا تأتي «نتيجة أعمال العنف المعادية للسامية هناك خلال العامين الماضيين»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف ساعر أن «على حكومة أستراليا، التي تلقت عدداً لا يُحصى من إشارات التحذير، أن تعود إلى رشدها».

وأكّدت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية أن 10 أشخاص، من بينهم أحد مطلقي النار، لقوا حتفهم في الهجوم على شاطئ بوندي.

وأفادت الشرطة بأن مطلق نار آخر بات قيد الاحتجاز، لكن حالته الصحية غير معروفة.

كما أُصيب 12 بجروح، من بينهم شرطيان أصيبا بطلقات نارية.

وأضافت الشرطة أنه تم العثور على عبوة ناسفة بدائية الصنع، ويجري التعامل معها حالياً من قبل وحدة تفكيك المتفجرات.


عشرات القتلى والجرحى بإطلاق نار خلال احتفالات يهودية في سيدني (فيديو)

TT

عشرات القتلى والجرحى بإطلاق نار خلال احتفالات يهودية في سيدني (فيديو)

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)
صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)

أعلنت الشرطة الأسترالية مقتل 12 شخصاً وإصابة 30 آخرين على الأقل، في واقعة إطلاق نار خلال احتفالات بعيد يهودي على شاطئ بوندي في سيدني الأحد.

وقالت شرطة نيو ساوث ويلز في وقت سابق إن عشرة أشخاص قتلوا بينهم المهاجم، فيما قال رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني ألبانيز إن المشاهد في شاطئ بوندي «صادمة ومؤلمة».

وأضاف في بيان: «تحدثت للتو مع مفوض الشرطة الاتحادية الأسترالية، وكذلك مع رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز. نعمل بالتنسيق مع شرطة نيو ساوث ويلز، وسنوافيكم بمزيد من التحديثات فور تأكيد المزيد من المعلومات».

وفي وقت لاحق، قال ألبانيز إن إطلاق النار هو «عمل إرهابي» و«هجوم مباشر على الجالية اليهودية». وأكد أن الشرطة ووكالات الأمن تعمل على تحديد كل المتورطين في الهجوم.

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر أشخاص يفرون من شاطئ بوندي في سيدني خلال واقعة إطلاق النار (أ.ف.ب)

وذكرت تقارير صحافية أن إطلاق النار وقع في أثناء الاحتفال بعيد يهودي.

وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني يعد هجوماً على الجالية اليهودية. وأضاف في بيان صادر من مكتبه بالقدس: «في هذه اللحظة، شقيقاتنا وأشقاؤنا في سيدني في أستراليا يتعرضون لهجوم من جانب إرهابيين في هجوم وحشي للغاية على اليهود، الذين ذهبوا لإشعال أول شمعة لعيد الحانوكا على شاطئ بوندي».

وقال هرتسوغ إن إسرائيل طالما دعت لاتخاذ إجراء لمواجهة ما وصفه بـ«الموجة الضخمة» من معادة السامية التي تؤثر على المجتمع الأسترالي.

وأعلن مسعفون أستراليون الأحد أنهم نقلوا ثمانية أشخاص إلى المستشفيات، عقب إطلاق نار في شاطئ بوندي الشهير في سيدني.

صورة نشرتها وسائل إعلام أسترالية لأحد منفذي الهجوم

وقال متحدث باسم خدمة إسعاف ولاية نيو ساوث ويلز لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نستطيع أن نبلغكم بأننا قدّمنا العلاج لعدد من الأشخاص في موقع الحادث، ونقلنا في هذه المرحلة ثمانية أشخاص إلى مستشفيات مختلفة في سيدني».

وأطلق مسلحون النار على المشاركين في حفلة «عيد الأنوار» اليهودي (حانوكا) في سيدني بأستراليا الأحد، وتحدثت تقارير أولية عن سقوط 10 قتلى ونحو 60 جريحاً في الحادث.

وقالت الشرطة الأسترالية الأحد إنها اعتقلت شخصين بعد بلاغات وردت عن إطلاق أعيرة نارية عند شاطئ بوندي في سيدني، مما أسفر عن قتلى وإصابات. وقالت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز في بيان على «إكس»: «عملية الشرطة لا تزال جارية ونواصل حث الناس على تجنب المنطقة».

تفاصيل هجوم سيدني

ووقع الهجوم بينما حضر نحو ألفي شخص من أبناء الجالية اليهودية احتفالات حانوكا («عيد الأنوار») في شاطئ بوندي في سيدني.

وأفاد شهود عيان بأن مجهولاً ترجَّل من سيارة بالقرب من مكان الاحتفال وأطلق النار.

وبحسب تقارير، فقد جرى إطلاق النار من جسر قريب. وأظهرت لقطات من الموقع حشوداً مذعورة تفر في جميع الاتجاهات بينما يتقدم نحوهم مسلحون بأسلحة طويلة.

وأظهرت فيديوهات بعض الأشخاص على العشب وسط فوضى عارمة. ووصف أحد المشاركين اليهود في الاحتفال المشهد بأنه «كارثة» للجالية.

وذكرت صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد أن الواقعة أسفرت عن عدة إصابات، وبثت شبكتا «سكاي» و«إيه بي سي» لقطات تظهر أشخاصاً راقدين على الأرض. وقال هاري ويلسون (30 عاماً) والذي شهد الواقعة للصحيفة «رأيت 10 على الأقل راقدين على الأرض والدماء في كل مكان».7

انتشار مكثف للشرطة الأسترالية في محيط شاطئ بوندي في سيدني (أ.ب)

وأفادت قناة «سكاي نيوز أستراليا» بمقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص في إطلاق النار الجماعي على شاطئ بوندي.

وأفادت منظمة «زاكا» للاستجابة للطوارئ المجتمعية في إسرائيل بإصابة نحو 60 شخصاً، وتأكد مقتل 10 على الأقل في إطلاق النار على شاطئ بوندي، الذي قالت المنظمة إنه يعامل على أنه هجوم إرهابي استهدف الجالية اليهودية. أعلنت الشرطة المحلية في سيدني عن اعتقال شخصين مشتبه بتنفيذهما الهجوم في شاطئ بوندي.

وذكر أليكس ريفيتشين الرئيس التنفيذي المشارك للمجلس التنفيذي لليهود الأستراليين في مقابلة مع «سكاي نيوز» أن إطلاق النار وقع في أثناء احتفال بعيد الأنوار اليهودي بدأ مع غروب الشمس هناك. وقال: «يتجمع أفراد من اليهود في أبهى صورة للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة. إذا تم استهدافنا عمداً بتلك الطريقة فهو نطاق يفوق إدراك أي منا. هذا أمر مروع».

وأضاف أن مستشاره الإعلامي أصيب في الهجوم. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على «إكس» أشخاصاً في شاطئ بوندي يتفرقون على وقع دوي إطلاق نار وصفارات إنذار الشرطة.

عاملة صحية تدفع نقالة بعد حادثة إطلاق نار على شاطئ بوندي في سيدني بتاريخ 14 ديسمبر الحالي. وأعلنت الشرطة الأسترالية عن احتجاز شخصين بعد ورود بلاغات عن إطلاق نار كثيف على شاطئ بوندي الشهير في سيدني وحثت الجمهور على الاحتماء (أ.ف.ب)

وأظهر مقطع فيديو آخر رجلين تجبرهما الشرطة على الاستسلام على جسر للمارة. ولم تتمكن «رويترز» من التحقق من صحة هذه اللقطات بعد.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي: «نحن على دراية بوجود وضع أمني لا يزال جارياً في بوندي. نحث الناس في محيط المنطقة على متابعة المعلومات الصادرة عن شرطة نيو ساوث ويلز».

وذكرت هيئة البث الأسترالية (إيه بي سي) أن الشرطة طالبت المواطنين بتجنب الذهاب إلى المنطقة، وأكدت الشرطة أنها ألقت القبض على شخصين. وأوضحت الشرطة أن هناك عدة وفيات نجمت عن الواقعة.

وقال مراسل الهيئة ديجبي ويرثمولر الذي وجد في موقع إطلاق النار، وتحدث مع رجال الشرطة في قطاع الإعلام: «لقد أخبروني أنه تم تحييد مطلقي النار، وأنه لا يوجد تهديد حالياً على المواطنين في بوندي».

عمال الإنقاذ ينقلون شخصاً على نقالة بعد الإبلاغ عن إطلاق نار في شاطئ بوندي في سيدني الأحد 14 ديسمبر الحالي (أ.ب)

بدوره، ندد مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي، وهو أكبر هيئة إسلامية في البلاد، بإطلاق النار «المروّع» الذي وقع عند شاطئ بوندي.

وقال المجلس في بيان: «قلوبنا وأفكارنا وصلواتنا مع الضحايا وعائلاتهم، ومع كل من شهد أو تأثر بهذا الهجوم الصادم عميق الأثر». وأضاف: «إنها لحظة لجميع الأستراليين، بمن فيهم الجالية المسلمة الأسترالية، للوقوف معاً بروح الوحدة والتعاطف والتضامن».