ترحيب غربي بنتيجة استفتاء مقدونيا رغم العزوف الكبير

المصادقة على تغيير اسم البلاد مرهونة بدعم 10 نواب معارضين

مقدونيون يدعون لمقاطعة الاستفتاء في سكوبيي مساء أول من أمس (رويترز)
مقدونيون يدعون لمقاطعة الاستفتاء في سكوبيي مساء أول من أمس (رويترز)
TT

ترحيب غربي بنتيجة استفتاء مقدونيا رغم العزوف الكبير

مقدونيون يدعون لمقاطعة الاستفتاء في سكوبيي مساء أول من أمس (رويترز)
مقدونيون يدعون لمقاطعة الاستفتاء في سكوبيي مساء أول من أمس (رويترز)

رحبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أمس، بنتيجة الاستفتاء في مقدونيا الذي وافق فيه الناخبون على تغيير اسم بلادهم، رغم المشاركة الضعيفة التي لم تتجاوز ثلث الناخبين.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، في بيان إن «الولايات المتحدة تدعم بقوة التطبيق الكامل للاتفاق الذي يسمح لمقدونيا بأن تأخذ مكانها الصحيح في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وتساهم بذلك في الاستقرار والأمن والرخاء الإقليمي». ودعت نويرت أعضاء البرلمان المقدوني إلى «الترفع عن السياسات الحزبية وانتهاز الفرصة التاريخية لضمان مستقبل أفضل للبلاد بمشاركتها الكاملة في المؤسسات الغربية».
وجاء ترحيب الغرب بنتيجة الاستفتاء على أمل أن ينهي الخلاف بين مقدونيا واليونان؛ البلدين الواقعين في البلقان.
وتفيد النتائج شبه النهائية للتصويت، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، بأن 91.93 في المائة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء وافقوا على تغيير اسم مقدونيا، ليصبح «جمهورية مقدونيا الشمالية». وقال 5.71 في المائة إنهم يرفضون تغيير اسم البلاد، لكن نحو ثلثي الناخبين المسجلين لم يشاركوا في التصويت، مما يضعف موقف رئيس الوزراء زوران زايف.
وقرأت السلطة والمعارضة المقدونية النتائج بطريقتين مختلفتين. فمؤيدو «نعم» يشددون على أن أكثر من 90 في المائة من الذين صوتوا وافقوا على التغيير، بينما يركز معارضوه على نسبة الامتناع الكبيرة.
وأعلن رئيس الحكومة الاشتراكي الديمقراطي زايف خلال مؤتمر صحافي: «أعتقد أنّ الغالبية الساحقة للمواطنين صوّتت لصالح الطريق الأوروبية». إلا إنه لم يتطرّق إلى نسبة الامتناع الكبيرة التي كانت بحدود الثلثين قبل نصف ساعة من إقفال مكاتب الاقتراع، حسب آخر الأرقام التي قدّمتها اللجنة الانتخابية.
ولإقرار نتيجة الاستفتاء ذي الطابع الاستشاري، لا بُدّ من موافقة أكثريّة ثلثي النواب. وهذا يعني أنه لن يكون بالإمكان الحصول على هذه الأكثرية من دون موافقة 10 نوّاب من اليمين على نتيجة الاستفتاء، إضافة إلى النوّاب المؤيدين لرئيس الحكومة. وقال زايف لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ «أكثر من 90 في المائة» من الناخبين وافقوا من خلال الاستفتاء على هذا الاتفاق مع اليونان. وأضاف أنه يجب على البرلمان أن «يُثبّت إرادة الغالبية».
من جهته، أعرب رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أول من أمس، عن دعمه زوران زايف من أجل تطبيق الاتفاق المبرم بين بلديهما. وأشاد تسيبراس خلال اتصال هاتفي بـ«شجاعة وتصميم» نظيره على «مواصلة تنفيذ هذا الاتفاق».
بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى «احترام» نتائج الاستفتاء. وقال المفوّض الأوروبي المسؤول عن شؤون التوسيع، يوهانس هان: «أتوقّع من جميع الزعماء السياسيّين احترام هذا القرار والمضي قدماً عبر إظهار المسؤولية والوحدة».
ورحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بالتصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، وقال: «أدعو جميع القادة السياسيين إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية على نحو بنّاء ومسؤول». وأضاف أن «بوابة حلف شمال الأطلسي مفتوحة».
وكان نحو 300 شخص من أنصار دعاة مقاطعة الاستفتاء قد تجمّعوا مساء الأحد الماضي أمام البرلمان بعد ساعة ونصف ساعة على إقفال مكاتب الاقتراع. وعدّت آنّا بوبينكوفا، أستاذة الفلسفة (47 عاما)، أنّ «المشكلة ليست في الاسم أو الهوّية... المشكلة هي في قيام طرف آخر بفرضه علينا».
وتأمل مقدونيا، البلد الفقير الواقع في البلقان الذي دفع ثمناً باهظاً لعزلته، في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي، وهو أمر يعده كثيرون خطوةً نحو استقرار البلاد وازدهارها. ومنذ استقلال هذه الجمهوريّة اليوغوسلافية السابقة في عام 1991، اعترضت أثينا على احتفاظها باسم مقدونيا، لأنه اسم إقليم في شمال اليونان. كما أنّها ترى في ذلك استيلاءً على إرثها التاريخي، خصوصاً الملك الإسكندر الأكبر، وتشتبه في أنّ جارتها الصغيرة لديها نيات توسعية.
وشهدت سنوات حكم اليمين القومي المقدوني الممثّل في «المنظمة الثوريّة الداخلية المقدونية - الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية لمقدونيا»، التي انتهت في 2017، مزيداً من التوتر. وفي تلك الفترة انتشرت في البلاد تماثيل الإسكندر الأكبر وفيليبوس المقدوني، مما أثار غضب اليونان.
لكن في يونيو (حزيران) الماضي، توصّل رئيس الوزراء الجديد الاشتراكي الديمقراطي زايف إلى اتفاق تاريخي مع نظيره اليوناني تسيبراس، يقضي بأن تتوقّف أثينا عن تعطيل انضمام البلاد إلى الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، إذا وافقت على اعتماد اسم «جمهورية مقدونيا الشمالية».
ومن خلال إدلائهم بأصواتهم الأحد الماضي في هذا الاستفتاء، اتخذ المقدونيّون «قراراً تاريخياً» من أجل إنهاء نزاع مع اليونان والتقرّب من الاتحاد الأوروبي.
وبسبب اعتراض أثينا، عطّل هذا النزاع انضمام مقدونيا إلى الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. لذلك ركّزت سلطات سكوبيي على هذه النقطة. وعلى جدران سكوبيي، كُتب على لوحات إعلانيّة بأحرف حمراء: «نعم لمقدونيا أوروبية»، فضلاً عن دعوات إلى اتخاذ «قرار تاريخي». لكنّ اسم «مقدونيا الشمالية» لم يظهر في السؤال المطروح في الاستفتاء، والذي جاء بصيغة: «هل أنت موافق على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي بقبولك الاتفاق مع اليونان؟».
وصرّح عابدين ميميتي، عضو الأقلّية الألبانيّة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أتفهّم ما يشعر به المقدونيّون (...) إنه ابتزاز». وأضاف الشاب، الذي قال إنه سيُصوّت بـ«نعم» مثل الغالبيّة العظمى لأفراد مجموعته: «لكنّ الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي أهم بالنسبة إلينا جميعاً». ويُشكّل الألبان ما بين 20 و25 في المائة من سكّان مقدونيا الذين يبلغ عددهم 2.1 مليون نسمة. وقالت دانيكا تانيسكا (55 عاماً): «لستُ سعيدة، وأعرف أنّ هذا الاتفاق لا يسرّ أحداً»، مشيرةً إلى أنّها ستُصوّت بـ«لا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».